رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 19:58
المحور:
الادب والفن
أدب الومضة في كتاب نزار كربوط
"أحمري يبتلعه السواد"
لقد تأثر الأب بالزمن، بعصر السرعة والنت، وأخذت الومضة الأدبية تأخذ مكانتها في عالم الأب، وأصبح هناك مطبوعات أدبية، الجميل في عالم الومضة أنها تأتي بصورة مكثفة ومختزلة وضمن لغة مناسبة، في هذا الكتاب "أحمري يبتلعه السواد" نجد عالم والومضة وما فيه من جمالية رغم سواد الفكرة، جاء في "لحظات تغادرني":
"1
شقوق تجتاح ذاكرتي
نوازل حزن..
صواعد ألم...
وأشلاء المكان على كتفي
تقب عميق يسكنني
طوق العوسج يحاصر ظلي" ص35 ، إذا ما توفقنا عند الألفاظ المستخدمة سنجدها بمجملها سوداء وقاسية، ولم يقتصر السواد على اللفظ المفرد فحسب، بل طال لفظ الجمع أيضا: "شقوق، نوازل، صواعد"، وهذا يزيد من حجم الألم الذي يعانيه الشاعر.
والجميل في هذه الومضة ـ رغم سواد الفكرة والألفاظ ـ الحركة التي جاءت بصورة (مكبرة) "نوازل، صواعد" وأيضا التكامل بين الألفاظ والتواصل فيما بينها، فهناك علاقة بين "شقوق، نوازل، مكان، ثقب، عميق" فهذه الألفاظ بشكلها المجرد تُوصل فكرة الألم الذي يحمله الشاعر، كما أن هناك علاقة بين "مكان، يسكنني"، وتكامل بين "حزن، ألم" وهذا ما يجعل الومضة متكاملة ومتواصلة تتوحد فيها الألفاظ والمعنى لخدمة الفكرة.
من جمالية الأدب إحداث المتعة للمتلقي، وجعله يفرح بما يقدم له، فجمال النص لا يقاس بحجمه، بل بقدرته على إيصال الفكرة وباللغة التي تستخدم فيه، في ومضة "خصر" يوصل لنا الشاعر عناصر الفرح "المرأة، الطبيعة، الكتابة، من خلال تسع كلمات فقط:
"خصر
كلما زرعت حرفا
بنيت قوس قوح
قرب خصر الجميلة" ص98، فالألفاظ بمجملها جاءت بيضاء وناعمة، وهذا يؤكد على حالة الفرح التي أراد إيصالها، والتي نجدها في الطبيعة "زرعت، قوس قزح" وفي المرأة "خصر، الجميلة" وفي الكتابة " حرفا" فإذا ما توقف القارئ عند الألفاظ المجردة سيشعر أن هناك حالة من النشوة يمر بها الشاعر، لهذا استخدم عناصر الفرح كاملة مستثني "التمرد/الثورة"، والذي لا يزوم له بمثل هذا الموقف/الحال.
الكتاب من منشورات دار فضاءات لنشر والتوزيع، عمان الأردن، الطبعة الاولى 2010.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟