أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - يوميات نصراوي: بداياتي مع الفلسفة














المزيد.....


يوميات نصراوي: بداياتي مع الفلسفة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 6806 - 2021 / 2 / 5 - 16:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نبيل عودة

شاركت وانا في نهاية المرحلة الابتدائية، وبداية دراستي الثانوية، بدورة دراسية فلسفية في إطار الشبيبة الشيوعية في الناصرة، اذكر ان المحاضر للموضوع هو الكاتب الفلسطيني المرحوم اميل حبيبي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاسرائيلي وعضو الكنيست في وقته، سحرتني الفلسفة من وقتها بعالمها غير المحدود والمتحرر من كل القيود الفكرية الموروثة والبالية، ومن تحرك وعينا نحو التحرر من التقليد والتكرار لمقولات لا تقول شيئا عمليا، أقرب للصياغة اللغوية التي لا تقدم ولا تؤخر. من يومها صرت اسيرا للفلسفة، وبت استعمل اصطلاحاتها، حتى بعدم فهمي الكامل لها، في تفسيراتي للكثير من مواضيع الدراسة والسياسة والأدب اذ كنت كاتبا قصصيا ناشئا، نُشرت اول قصة لي وانا بجيل الخامسة عشر بمجلة الجديد التي كانت تعتبر نافذة ثقافية وفكرية على الثقافة العربية في فترة الحصار الثقافي الذي فرضته حكومات إسرائيل على الأقلية الفلسطيني الباقية في وطنها بعد النكبة. كنت استعمل أحيانا استعمل بعض الجمل الفكرية بلا فهم كامل لمضمونها الو القدرة على تفسيرها بوضوح، ولكني اجتهد لأفسر لنفسي على الأقل المضامين الفكرية لما نسمعه في المحاضرات الفلسفية. بسبب ذلك تعرضت للسخرية من بعض زملائي الطلاب، ولكن الأمر لم يتوقف عندهم، إذ انتقدني أحد المعلمين بعد ان تفلسفت امامه بذكر مقولة عن دور الفلسفة في تنمية الوعي، بقوله ان الكتابة والحديث عن الفلسفة لا تخدم ثقافة الجيل الناشئ، لأنها ثرثرة بلا مضمون ومضيعة للوقت. صدمني ولم اعرف كيف اجيبه ولم أكن على دراية كاملة أيضا بما ذكرته كطالب، ولكني على قناعة ان الفلسفة هي العقل وهي الفكر وهي التقدم. واثرت الصمت على مضض احتراما له، ولأفهم بشكل جيد من المحاضر تفسيرا لما طرحته ولم يعجب المعلم.
. عبرت عن رفضي لرأيه، واني ما زلت اشارك في دورة للفلسفة، وانا على قناعة ان الفلسفة هي في صميم التفكير ومجمل العلوم. فلم أجد من جواب منه الا ان يسخر مني ويُضحك بعض زملائي الطلاب بوصفي ب “الفيلسوف الذي لا يفقه ما يقول ويعيش بأحلام بعيدة عن الواقع”. ونصحني ان اعود الى عقلي ووعيي، وان اهتم بدروسي وابتعد عن الفلسفة والثرثرة.
اعترف أني غرقت بالصمت والتفكير لفهم عقلية مربي أجيال يجهل قيمة الفلسفة بخلق جيل حر ومفكر ومتحرر من الخرافات والأوهام. لم أكن قادرا على تفسير موضوع الفلسفة كما شرحه لنا المحاضر. بتأكيده ان الفلسفة ضرورة لجيل ينشد العقل والعلم والمعرفة من اجل احداث نهضة فكرية واجتماعية وعلمية في مجتمعنا الذي يعاني من ظواهر مقلقة من التطرف الديني المناقض فلسفيا لجوهر الدين، ومن الجرائم التي ترتكب بمجتمعنا والتي اراها نهجا غير نظيف يلقى التجاهل النسبي من السلطة، ومن القصور الرهيب في التربية السليمة!!
رغم أني كنت من أبرز طلاب الصف بكل المواضيع. الا ان المعلم واصل قوله بان واجبي الاهتمام بدروسي وترك السفسطة التي اسميها فلسفة، ووصفني ب "الفيلسوف الجاهل والمدعي" ضاحكا ومضحكا الطلاب من جهلي. كرر ذلك مرات عديدة خلال دروسه بطريقة استفزازية، اخبرت والدي، قال لي ان القرار للرد بيدي، ومن حقي ان اقتنع بما اراه أقرب لوعيي، وانه لن يتدخل ويجب ان اختار الصيغة الصحيحة والعقلانية لأخرس المعلم عن سخريته مني، لكن إذا تطور الوضع باتجاه غير صحيح سأتدخل!!
والدي لم يكن ملما لا بالفلسفة ولا بالأدب، لكنه وفر لي كل الشروط للتطور الثقافي والفكري والعلمي، ولم يبخل بتجهيزي بمكتبة شملت تقريبا كل ما كان ينشر من كتب أدبية في تلك السنوات العجاف من النشر والرقابة العسكرية من السلطة على كل كتاب ينشر.
بعد تردد وجدت الصيغة وانتظرت الوقت المناسب. قال للطلاب لا تقلدوا نبيل بما يتفلسف به دون دراية بما يقول، فورا طلبت الاذن بالكلام وكنت أشعر بجرح عميق لكرامتي. تمالكت اعصابي وأجبت المعلم بكل هدوء ووضوح: من اجل مستقبل طلابك قدم استقالتك من التعليم!!
حل صمت عميق على الطلاب والمعلم. تفاجأ حضرته من قولي وتفاجأ الطلاب من جرأتي. عبس وتجاهلني، ولم يعد بعدها لإزعاجي!!
بالتلخيص، شكرا لذلك المعلم الذي جعلني احول الفلسفة الى موضوعي المفضل، تركت دراسة هندسة الميكانيكيات بعد سنتين من الدراسة في المعهد التكنولوجي (التخنيون) في حيفا، وسافرت الى موسكو عاصمة الاتحاد السوفييتي آنذاك، وذلك عام 1968 لدراسة الفلسفة في المدرسة الحزبية، وأخطأت لأني لم اواصل الدراسة الجامعية للحصول على اللقب الجامعي الثاني لأني كنت متحمسا ان انقل ما تعلمته للكوادر الشبابية!!
منذ ذلك الوقت تحولت الفلسفة الى قاعدة ثقافية وادبية وفكرية ومقياسا لكل تصرف وإنتاج ادبي او سياسي او فلسفي اصيغه، ومن عشقي للموضوع وتعريف الشباب على مضامين الفلسفة، بدأت مشروعا كبيرا في حياتي، ان أقدم الفلسفة بأسلوب سهل وممتع فكتبت عشرات كثيرة من المقالات ضمن إطار "الفلسفة المبسطة" مرفقا المواد بقصص تعبيرية تفسر الموضوع الفلسفي. صدر الكتاب الأول عن طريق دار نشر عربية مقرها المانيا ولها مكتب في نيويورك (نور للنشر- NOOR PUBLISHNG)-الكتاب "فلسفة مبسطة: وقصص تعبيرية فلسفية ساخرة "يباع دوليا بشركة الأمازون بسعر (58-$-) للنسخة، وصدر كتاب ثاني طباعة محلية ولدي كتابان آخران جاهزان للنشر عن الفلسفة المبسطة!!



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: لغز الإدراك
- الشاعرة عايدة خطيب تتألق بشعرها للأطفال
- الفكر غير العقلاني طريق للكوارث
- كتاب -عيلبون – التاريخ المنسي والمفقود-
- حقائق مذهلة من المهم ان يعرفها المواطن العربي
- نظريات الدكتور منير قصة فلسفية
- هل تطورت -قومية عربية-؟!
- مأساة أطفال فلسطين تحت حراب الاحتلال
- يوميات نصراوي: كيف شارك الحكم العسكري بشنق نفسه؟
- الناقد نبيل عودة مارون عبود آخر... وشِعر الكلسات
- فلسفة مبسطة: وحدة الأخلاق والفن
- يوميات نصراوي: عن الشعر والكلسات البيضاء
- يوميات نصراوي: مآسي هدم المنازل العربية
- أهمية العنوان في الإبداع وقضايا نقدية أخرى
- يوميات نصراوي
- ثلاث قصص من الأدب الساخر
- وداعا للشاعر الكاتب والمناضل حنا إبراهيم
- التشابه الجزئي
- رسالة للقائمة المشتركة حول مستقبلها كممثلة للجماهير العربية ...
- فلسفة السياسة: بين الهيمنة كنظام حكم والحل الوسط والمساوة


المزيد.....




- صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش ...
- شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال ...
- سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو ...
- من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
- تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام ...
- الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا ...
- إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
- للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح ...
- رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
- مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل عودة - يوميات نصراوي: بداياتي مع الفلسفة