أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد إدريس - أغبى أمة أُخرجت للناس













المزيد.....

أغبى أمة أُخرجت للناس


أحمد إدريس

الحوار المتمدن-العدد: 6801 - 2021 / 1 / 28 - 18:37
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الكلام الآتي يرجع تاريخ كتابته إلى سنين مضت و هو مُقتبَس من كتابي "صرخة قلب من مسلم مقيم في الغرب - أفكار و تأملات من أجل ربيع عربي حقيقي" (دار الماهر للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر، 2019 ؛ قريباً طبعة جديدة بإذن الله).


« إنني لم أُعكِّر صَفْوَ حياتهم أبداً، إنني فقط أُخبِرهم بالحقيقة، فيرونها جحيماً. » (هاري ترومان)

« إنَّ الشعوب التي لا تُبصِر بِعُيونها سَوْفَ تحتاج إلى هذه العيون لِتَبكي طويلاً. » (محمد علي الغتِّيت)

« معظم الناس يُفضِّلون الموت على التفكير - و في الحقيقة فإنَّ هذا ما يفعلونه. » (برتراند راسل)


لقد نجحت قوى الظلام و التآمر على البشر ببساطة غريبة في إيقاعنا في فخ رهيب، و يَحِق للعالَم بأسره أن يرى فينا معـشر العرب أغبى مَن في الأرض على الإطلاق ! فبينما نحن غارقون في التناحُر و الشِّقاق و التقاتُل فيما بيننا دون انقطاع، هي ماضية بخطى سريعة نحو تحقيق حلمها المنشود و هدفها النِّهائي، و هو بسطُ و فرضُ سيطرةٍ كاملةٍ مطلقةٍ شاملةٍ على كافة سكان الأرض.

أعداء أمتنا الساذِجة اكتفوا بالضغط على زِر يعرفون جيداً أنه نقطةُ ضعفِها الأبرز، تلك الخاصِّية التي سَتُودي بنا إلى هلاكٍ أكيدٍ مُحَقَّق إن لم تُضبَط بلجام العقل، و هي الإنجراف المُفرِط مع العواطف و الإنسياق بسهولةٍ مُلفِتة وراء تُجار الأوهام. هؤلاء القوم لهم عقول و استعمالُها يُمكِّنهم من تخطِّي و تجاوُزِ خلافاتهم و التعاملِ معها بأسلوب ذكي و بالتالي غيرِ همجي بَيْنما خلافاتُنا نحن سَيْطَرَتْ علينا و أنهكتنا و أوهنتنا و جعلتنا أشتاتاً ضائعة… و الطَّريفُ في هذا المقام بل المضحك المبكي في آنٍ واحد هو أنَّ كافة هؤلاء المُتطاحِنين المُتناحِرين المُتشاحِنين يعتقدون أنَّهم على النَّهج الأبلَج الجلِيِّ المؤدِّي مباشرة إلى الفِرْدَوس السَّماوي. يعتقدون و يُعلنون بكل فخر أنهم على نهج مَن مات على ما سواه خسر الحياة الأبدية. كل طائفة مِنهم تختزل الدين في طريقتها، تُكفر الأطراف الأخرى تماماً مِثلما تُكفر مُعتنِقي باقي مِلَل و نِحَل الدنيا، مدَّعية أنها من دون سواها الفِرقة الناجية : أي ترى أنها تُجسِّد المشروعية الدينية، فأتباعها هم فقط المهتدون، وحدهم يمشون على الصراط المستقيم.

للأسف نجحت تلك القوى الظلامية التي ما أرادت لِغيرها الخير و الهناء و الإستِقرار يوماً في تَرْويضهم و توظيفهم من أجل تحقيقِ مصالحها و خِدمةِ أهدافها و تنفيذِ مشاريعها و هذه الحقيقة المُرَّة باتت مكشوفة. هم الآن مُنهمِكون في تدمير بُلدانهم على نَحْوٍ مُمَنْهَجٍ بسبب عملية البرمجة و غسل الدماغ الجماعي التي حَوَّلَتهُم إلى مُرتزِقة أوفياء للعدو…

هزيمة العقل عندنا أنتجت أمساخاً بشرية تتحرك دون وعي و على غير بصيرة، قد نبذت كل القِيَم السماوية و الإنسانية و مع ذلك تزعم أنها وحدها تُمثِّل الإسلام. الفكر الديني المُزيَّف الشائع عندنا خلق جيلاً مُشوَّهاً مُهلِكاً لنفسه و للمجتمعات التي يحيا فيها، يكاد لا يُميِّز بين الخير و الشر بل لقد أثبت مِراراً و تَكراراً أنه لا يُفرِّق بين الصديق و العدو. لذا سَهُل على هذا الأخير أن يجعل منه سلاحَ دمارٍ مُسلَّطٍ على العديد من دُوَلِنا التي تعطَّلت كلُّ مشاريعها التنموية بسبب صِبيان مسلوبي العقول : زَرْعُ الموت هو مشروع العمر بالنسبة لهم، و نشرُ الدمار هدفُهم الأسمى في هذه الحياة. هؤلاء المسعورون يعتبرون ما يُمارسونه خِدمة جليلة يُقدِّمونها لأمة لم تطلُب منهم شيئاً و هي في غِنى عنهم لِتحيا وَفق التعاليم الحقَّة للإسلام. شر هؤلاء لم يتوقَّف بل تفاقم لأنه لا رادِع إطلاقاً للقوم. تراهم يُعربِدون بلا هوادة و لا يكاد يُفارق ألْسنتَهم لفظُ الجلالة - و لسنا ندري أيَّ إلهٍ يعبد مَن آدمِيَّتُه هي مَوْضِعُ تساؤل و رِيبَة…

وضعُ الأمة إذاً غير مُفرح و هذا أقل ما يُمكن قوْلُه بهذا المضمار. و لْنَكُن صُرَحاء أكثر، فلقد بلغ السَّيْل الزُّبى : الأمة اليوم هِيَ في حالةٍ تعيسة جداً و مُقرِفة للغاية أيضاً فأبناؤُها منشغلون بِتدمير بل إبادة بعضهم البعض بِأسلحةٍ يُوَفِّرُها المُستفيدون مِن اقتِتَالِهم الدَّامي و تُسدِّدُ ثمنَها دُوَل ثرِيَّة محسوبة على الأمة. إنه تدمير و إفساد بل نَسف من الأساس لِحاضر و مُستقبل هذه الأمة - المسكينة - و مع ذلك ما زال البعض يتحدَّث و بِلا خجل عن ربيع مُبارَك للأمة.

الدُّوَل التي اجتاحها الإعصار المُسمَّى بالربيع العربي، هي اليوم تَغُص بسماسِرة و محترفي صناعة الفوضى و الخراب ؛ لأن أمنها القومي قد تمَّ اختراقُه بصورة مَهولة، و باتت مرتعاً لجماعات الشر و الجريمة المنظمة و لكل مُخابرات العالَم. لقد تبَيَّن الرشد من الغَيِّ بعدما حَصْحَص الحق، و لم يَعُد مُستساغاً الأخذ و الرد في هذا المجال… أحسن وصف للحال الراهن للأمة، هو هذه التغريدة لأحد شباب الأمة : « العرب هم الأمة الوحيدة التي يتنافس أفرادها على إغراق سفينة هم جميعاً على ظهرها في بحر متلاطم الأمواج. »


« إنه لَمِنْ سوء الحظ ألاَّ نُدرك ما يُراد بنا، فَنُصرَف عمَّا ينبغي أن نُفكِّر فيه كأفراد و مجتمعات، فَيُصيب غيرُنا الهدف، و نحن لا نشعر ! » (علي شريعتي)



#أحمد_إدريس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة تمجيد و تفعيل ثقافة التسامح و المحبة
- لا بد من ثورة فكرية يحمل لواءَها رجال دين !
- الخطوة الأولى على طريق الإصلاح
- مَن هو المُتديِّن الحق ؟
- تشغيل العقل فريضة دينية
- المنبع الأول للإرهاب التكفيري
- ألا قاتل الله هذا الفكر !
- المعتقد الذي عليه ألقى الله…
- فلسفة المخلِّص المنتظَر أو المأمول كما أراها
- تنصلح الأمور و الأحوال عندما تنصلح العقول و الأفكار
- مَن يستحق فعلاً صفة المسلم ؟
- هل هذه الأمة المعطوبة قابلة للإصلاح ؟ لا زلنا نأمل و نَنشُد ...
- من أجل خلاص العالَم
- الدين الحق يبعث الحياة مِن جديد و يجعل الآدمي مستحقاً لإسم إ ...
- ثالث خطوات تجديد الفكر الديني في الإسلام : كفى خضوعاً لِجَبْ ...
- ثاني خطوات تجديد الفكر الديني في الإسلام : كفى ادعاءً لإمتِل ...
- أولى خطوات تجديد الفكر الديني في الإسلام : كفى ترهيباً للخلا ...
- لا دين لفاقد الضمير، و لو كان رجل دين
- لستُ باللَّعان و لكِنْ...
- عودة إلى المسألة الرئيسة بالنسبة إلَيَّ (-الكفر-) عبر خطاب م ...


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - أحمد إدريس - أغبى أمة أُخرجت للناس