أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - الخطيئة الاصلية لوجود الدولة الامبريالية الاميركية















المزيد.....

الخطيئة الاصلية لوجود الدولة الامبريالية الاميركية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6797 - 2021 / 1 / 24 - 14:19
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إعداد: جورج حداد*


كانت الحرب العالمية الثانية مأساة مروّعة هي الاكبر في تاريخ الحروب البشرية حتى اليوم. ولكن تلك التراجيديا الانسانية كانت اضخم "مشروع استثماري ناجح" للامبريالية الاميركية. وقد خرجت الدولة الامبريالية الاميركية من تلك الحرب، كأقوى وأغنى دولة في العالم، تنتشر قواتها المسلحة في كل ارجاء المعمورة (باستثناء المنظومة السوفياتية السابقة والصين)، ويوازي اقتصادها المالي ـ الريعي والتجاري اقتصادات جميع دول العالم قاطبة، بما في ذلك روسيا والصين حتى ذلك التاريخ. واستنادا الى هذا الوضع المميز، شنت الولايات المتحدة الاميركية حربها العالمية الشاملة (جيوسياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واعلاميا ودبلوماسيا) لفرض هيمنتها الامبريالية المطلقة على دول وشعوب العالم بأسره. وقد حققت اميركا انتصارات، ومنيت بهزائم، في هذه الحرب الشاملة. ولكن في العقود الاخيرة فإن موجة العولمة الامبريالية الاميركية للهيمنة على العالم اصطدمت بـ"كاسر امواج" راسخ، ردها على اعقابها، وتمثل موضوعيا في "محور شرقي جديد" تألف موضوعيا من روسيا والصين وايران. والان، وبحكم قوانين الطبيعة ذاتها، الفيزيائية والمجتمعية، فإن الموجة الامبريالية العالمية ترتد الى مصدرها بالذات، لتفجر جميع التناقضات الوجودية للدولة الامبريالية الاميركية.
ونحاول فيما يلي ان نلقي نظرة موجزة على الخطيئة الاصلية لوجود الدولة الامبريالية الاميركية، التي تمثل الخلفية الاساسية لجميع التناقضات الداخلية والخارجية لاميركا. ونحن ننطلق من الفكرة المنطقية بأن ما يجري في اميركا بعد اليوم سيكون له اكبر الاثر على مصائر جميع الاوضاع والانظمة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية لجميع دول وشعوب العالم:
ان الغالبية الساحقة من دول العالم، كبيرها وصغيرها، تتشكل من شعب تكوّن بنتيجة اندماج تاريخي ـ حضاري لاثنيتين او قوميتين او اكثر، مع غلبة ثقافية ـ حضارية لاحدى القوميات او الاثنيات السابقة التي تشكل منها ذلك الشعب. وهناك العديد من الدول ـ الامم، تشكلت بنتيجة الاندماج التاريخي ـ الحضاري بين شعب تم غزوه واحتلاله، وبين المحتلين انفسهم. ولكن توجد على الخريطة العالمية ثلاث دول قامت على اغتصاب ارض شعب آخر، وابادته وتشريده، وانشاء دولة اغتصابية مصطنعة على ارضه. وهذه الدول هي:
ـ1ـ اسرائيل: التي قامت على الارض المغتصبة للفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، العرب، الذين تسميهم "التوراة" اليهودية: "الكنعانيين" الذين لعنهم "اله اسرائيل" ودعا الى ابادتهم عن بكرة ابيهم هم وحيواناتهم.
ـ2ـ تركيا: التي قامت بنتيجة غزو وابادة وتشريد المسيحيين الشرقيين القدماء: الارمن والسريان والاشوريين والعرب واليونانيين (الذين وصفوا بأنهم ""ياغور" او "كفار"، لكل من يقتلهم ويغتصب نساءهم ثواب وحوريات في الجنة!). وقد اقيمت الدولة التركية على الاراضي المغتصبة لاولئك "الكفار"، بتأييد ودعم الدول الاستعمارية الغربية والبابوية الرومانية. وكل شبر في الاراضي "التركية" المزعومة هو ارض مغتصبة من قبل العثمانيين والاتاتوركيين ـ الطورانيين ـ أبناء عمومة المغول والتتار.
ـ3ـ والدولة الاغتصابية الثالثة، واكبرها، هي الولايات المتحدة الاميركية: التي تتشدق دائما بشعارات "الدمقراطية" و"الحرية" و"العدالة" و"حقوق الانسان" و"حق تقرير المصير للامم والشعوب"، من اجل تغطية جرائمها التاريخية العظمى السابقة ضد الانسانية، وتغطية سياستها الامبريالية الوحشية الهادفة الى غزو العالم، كما غزا "الاميركيون الاوائل" ـ اليهود والتوراتيون المتهودون ـ الارض المسماة "اميركية"، واغتصبوها من سكانها الاصليين وابادوهم، وبنوا فوق جماجمهم الدولة "الدمقراطية" الاميركية، التي هي افظع لطخة عار في تاريخ البشرية.
ان كل شبر في الارض "الاميركية" هو ارض مغتصبة بالحديد والنار، وكل حجر وكل قبضة تراب في "اميركا" هما مجبولان بدماء السكان الاصليين لما سمي "اميركا". وان ارواح 112 مليون "هندي احمر" الذين قطعت رؤوسهم، والذين مزقت اجسادهم بالسيوف او بالبنادق الاوروبية الحديثة، او وشمت اجسادهم ثم سلخت وهم احياء، لدبغ جلودهم الموشومة واستخدامها لاجل الزينة، ثم رميت جثثهم لتأكلها الغربان والكلاب الشاردة (وحتى اليوم لا تزل بعض عائلات اللوردات الانكليز تحتفظ في اقبية قصورها بالجلود الموشومة للهنود الحمر، بوصفها "تحفا فنية" موروثة من اجداد العائلة النبلاء الانكليز العظام!).
ان ارواح هؤلاء المظلومين لا تزال تحوم فوق تمثال الحرية في نيويورك ومبنى الكابيتول في واشنطن، وتستنزل اللعنات على اليهوديين والتوراتيين المتهودين الذين باركوا باسم "الههم" ابادة "الهنود الحمر" الذين سموهم في حينه "كنعانيين" من اجل تبرير ابادتهم باسم "الرب"!
واليوم، فأن كل اميركي معاصر يسير في اي شارع، واي طريق، في المدن او الارياف الاميركية، انما يدوس بقدميه، عن وعي او غير وعي، على جماجم "الهنود الحمر" المظلومين، الذين ليست لهم قبور، والذين زرعت عظامهم في جميع ارجاء ما يسمى "اميركا" و"الولايات المتحدة الاميركية".
لقد كان الشعار الرئيسي لمؤسسي "الولايات المتحدة الاميركية": "ان افضل هندي احمر هو الهندي الاحمر الميت!". وان الابادة الكاملة لشعب او شعوب الهنود الحمر في "اميركا" هي اكبر وافظع ابادة جماعية في تاريخ البشرية، وهي اضخم بمرتين من ضحايا الحربين العالميتين الاولى والثانية مجتمعتين، واضخم بحوالي عشرين مرة من الهولوكوست ضد اليهود اللاصهيونيين على ايدي النازيين، عملاء اميركا السريين، في الحرب العالمية الثانية. وفي اعقاب تلك الحرب بنيت "هيئة الامم المتحدة"، التي صدرت عنها ""شرعة حقوق الانسان"، بهدف اساسي هو التمويه واسدال الستار على الماضي الفظيع لتأسيس اميركا، ووضع قناع "حقوقي ودمقراطي" على الوجه البشع للوحش المخيف المسمى "الدولة الاميركية"، ومنع نصب قوس العدالة واجراء محاكمة دولية تاريخية لتلك "الدولة ـ الوحش".
وفي رأينا المتواضع ان التاريخ البشري لن يستقيم الا بمحاكمة دولية للدول الاغتصابية الثلاث: اميركا وتركيا واسرائيل؛ واصدار الحكم بتفكيك تلك الدول.
وبكلمات اخرى نقول: ان الدولة الاميركية الاغتصابية ـ العنصرية ـ الدينية (اليهودية والتواراتية)، وجدت وبنيت على: التعصب المميت (الابيض، اليهودي والمتهود)، والعنصرية والاغتصاب. وبدون التعصب والعنصرية والاغتصاب لا وجود لاميركا. ولا تغير هذه الحقيقة التاريخية، في شيء، ان يلبس الذئب جلد حمل. او ان يضع الغاصب والمستبد والسفاح بعض ضحاياه من "الملونين" في واجهة "السلطة الاميركية" لاجل خدمة اهدافه العنصرية وتسهيل افتراس جميع شعوب العالم.
وان النزعة العنصرية ـ الاغتصابية هي "الخطيئة الاصلية" لوجود اميركا، وهي تدخل في التكوين الجيني للدولة الاميركية، ولجميع "مؤسسي" اميركا من العنصريين الاوروبيين البيض واحفادهم. وهذه النزعة تطبع تماما السياستين الخارجية والداخلية لاميركا، كما تطبع اخلاق وسلوكية "الاميركيين الحقيقيين!!!" و"الاصليين!!!"، تجاه الاميركيين الوافدين او الطارئين و"الملونين"، وتجاه بعضهم البعض كذلك. فكل "اميركي" هو ذئب في مواجهة كل "اميركي" اخر.
وان الدولة الاميركية تنظر الى جميع شعوب العالم كـ"هنود حمر" وقطعان ماشية، محللة للافتراس، لا اكثر ولا اقل. وكل "اميركي اصيل!!!" ينظر الى كل ما عداه كضحية محللة له.
وفي المرحلة التاريخية التي اعقبت الحرب العالمية الثانية، كانت روسيا والصين واوروبا لا تزال تلعق جراحها، وكانت الولايات المتحدة الاميركية تنفّس عن نزعتها الاغتصابية ـ العنصرية، في التوسع الخارجي وتحقيق النجاحات على مختلف الصعد، خاصة المالية والتجارية والاقتصادية، الى درجة انها اصبحت تنهب الجميع، وتحولت الى دولة طفيلية تعيش على حساب جميع شعوب العالم، ولم تعد تعتمد على انتاجها الداخلي، وصار قطاع الانتاج الاميركي يمثل اقل من 20% من الناتج الاميركي القائم او الدخل القومي الاميركي. والنهب الاميركي لشعوب العالم هو "الاساس الاقتصادي" للازدهار الاميركي، الذي لعب دوره في تخدير "الشعب الاميركي" و"التنويم" المؤقت للتناقضات الوجودية لاميركا.
ولكن مع اصطدام موجة التوسع العالمي لاميركا بجدار المقاومة الروسي ـ الصيني ـ الايراني، فإن عصر التوسع الخارجي لاميركا ولى الى غير رجعة، وبدأت الموجة التوسعية الاميركية في الانحسار، والارتداد الى الداخل الاميركي بالذات.
وان هذا الارتداد سيؤدي الى احتدام جميع التناقضات الاميركية الداخلية، والى الصراع بين جميع القطاعات الاقتصادية: الانتاجية والتجارية والمالية، وبين جميع الفئات والتكتلات: السياسية والدينية والعنصرية والاتنية والاعلامية والامنية والعسكرية و"الشعبية" والمافياوية، الاميركية، وحتى الى صراع الديوك على المزابل في الاحياء والزواريب الفقيرة.
وكل محاولات "التسوية" و"المصالحة" على مستوى النخبة الحزبية الاميركية الحاكمة، "الدمقراطية" و"الجمهورية"، لن تكون اكثر من قنبلة دخانية تغطي مؤقتا التناقضات الحادة في المجتمع الاميركي القائم على التعصب والاغتصاب، وربما تسهم في تأجيل ولكنها لن تلغي الانفجار الحتمي الكبير للدولة الاميركية المصطنعة، القائمة على جماجم المظلومين، والمغتصبة لارضهم بالذات! ولم يعد بعيدا اليوم الذي تأكل فيه الذئاب الاميركية بعضها بعضا!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا: الوحش الامبريالي العالمي المهزوم
- الصراع التاريخي بين -روما- الاستعمارية الغربية والشرق
- نتائج عكسية لحرب العقوبات ضد روسيا
- اختلال التوازن الوجودي للعالم والدور التاريخي الجذري لروسيا ...
- ارمينيا الصغيرة تقطع الطريق على مشروع -تركيا الكبرى الاسلامو ...
- اميركا الامبريالية اليهودية تنحدر نحو هاوية الانسحاب من الع ...
- الامبراطورية الامبريالية العالمية لاميركا ...الى الانهيار
- اميركا المهندس الاكبر للدور الجيوستراتيجي التوسعي لتركيا
- لبنان في طور الخروج من طوق الهيمنة الاميركية
- ناغورني قره باغ: مغامرة جديدة للتوسع التركي وتجديد ابادة الش ...
- جذور نظام البلطجة المالية الاميركية اليهودية على العالم
- اميركا دولة طفيلية تبتز حلفاءها بتجارة -تصدير الامن-
- التعاون العسكري الروسي الصيني الايراني يقلب الوضعية الجيوس ...
- بيلاروسيا حلقة جديدة في الصراع الغربي ضد روسيا
- كيان -دولة لبنان الكبير- من غورو الى ماكرون
- الامبراطورية الامبريالية الاميركية اليهودية في طور التآكل ا ...
- الصراع الدولي على لبنان وحتمية انتصار محور المقاومة
- تركيا الاردوغانية تريد بعث خلافة عثمانية جديدة بوصاية اميركي ...
- تفجير بيروت هو استمرار لحرب تموز 2006
- اوروبا المؤمركة تتجه بسرعة نحو الافلاس والفوضى


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - الخطيئة الاصلية لوجود الدولة الامبريالية الاميركية