أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سفيان عادل الضمور - كيف نواه الموت من قصيدة - لا تسر وديعا في ذلك الليل الجميل- ديلان توماس














المزيد.....

كيف نواه الموت من قصيدة - لا تسر وديعا في ذلك الليل الجميل- ديلان توماس


سفيان عادل الضمور

الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 03:02
المحور: الادب والفن
    


هل يمنحنا الموت الحرية كلما اقتربنا منه؟ و هل تستحق الحياة كل هذا العناء لنقاتل من أجلها؟ و ما هي الطريقة الانسب للمواجهة عند الاحتضار؟ في قصيدته "لا تسر وديعا في ذلك الليل الجميل" يعترف ديلان توماس بأن الموت أمر حتمي و لا مفر منه - فالجميع يموتون عاجلاً أم آجلاً. لكن هذا لا يعني أن يستسلموا للموت فبدلاً من ذلك ، يجب أن يقاتلوا بشراسة وبشجاعة .
تعتبر هذه القصيدة من أجمل ما كتب في الأدب الإنجليزي في النصف الأول من القرن العشرين. فقد خطت القصيدة في تجربة قاسية عاشها ديلان توماس مع و الده الذي كان يعيش لحظاته الأخيرة عندما بدأ يفقد بصره في لحظات الاحتضار ، وكان يشتكي له دائماً أنه يفقد الضوء. لذلك ،كان توماس ديلان يشجع والده على الغضب (اغضب، اغضب ضد انطفئ الضوء)و مواجهة الموت بكرامة. حيث يفسر ضعف الإنسان و معاناته كنتيجة حتمية لضعفه و هشاشته وعدم قدرته على المواجهة.
لقد اصبحت الحياة فخ و الوجود مؤلم ومضر بسبب أنواع الألم التي نتعرض لها فهنالك المرض ,احتمالات الموت ,و غيرها من الألآم الجسدية والنفسية. فثنائية الموت و الحياة ليست إلا معضلة تواجه الموجودون. بالنسبة لتوماس ، إن أفضل طريقة للعيش هي مواجهة الموت بقوة ، مثل الأبطال و الأساطير في الميثولوجيا القديمة مما يسمح للمحتضرين باحتضان الطاقة النارية للحياة مرة أخيرة ، ويقدم وسيلة صغيرة لانتصار شيء ليس لديهم سيطرة عليه في النهاية. فإذا كنت لا تستطيع تجنب الموت ، فمن الأفضل أن تخوض القتال بدلاً من عدم القتال على الإطلاق! فقد ناضل هو كثيرًا مع الفقر والزواج غير السعيد ، و وقع فريسة لإدمان الكحول وتوفي وفاة مبكرة في سن 39.
في ثنايا القصيدة يقسم ديلان الرجال إلى أربعة أصناف: الرجال الحكماء ، الرجال الصالحون ، الرجال الجامحين ، والرجال الشيوخ الموشكون على الموت. يفهم الحكماء أن الموت أمر لا مفر منه ، لكنهم ما زالوا يعانون منه. و يعيش الرجال الجامحين حياة خالية من الهم و يتعلمون متأخرا جدا أنهم ليسوا مدعمين ضد الموت. فيما يبكي الصالحون على الأشياء التي لم يحققوها في حياتهم و يعيش الرجال المتوحشون حياة خالية من الهم ويتعلمون متأخرًا جدًا أنهم ليسوا محصنين ضد الموت .أما الموشكون على الموت كوالد توماس, يكتسبون البصيرة عند الاقتراب منه لانهم يعودون إلى نقطة قد جاؤوا منها قبل الحياة فهي فرصتهم الأخيرة لذلك يدعو الشاعر والده للثورة ضد هذه الليلة الجميلة فالموت كما جاء على لسان البأس جان فالجان " ليس شيء رهيب الرهيب هو أن لا نغتنم الفرصة و نعيش". قد يتساءل البعض لماذا وصفت الليلة التي يرجو والده للثورة عليها "بالجميلة" و ما فائدة هذا التناقض في القصيدة؟ يبدو أن المغزى من ذلك أنه بمجرد موت الوالد المريض ,يتحرر الابن من الحزن و الهم و الحرقة اليومية التي يعيشها مع والده ,ثم العودة للإيقاع اليومي للحياة.
إن التحرر الحقيقي من المعاناة لا يأتي إلا بالموت وحده و قبول تغلب الالم على المتعة فإذا وضعنا في اعتبارنا أن الموت هو الخلاص، وإذا كُنا ندرك تمامًا أن وجودنا ينتهي بالاندثار، سنقترب من الهدوء والصفاء الذي بشر به توماس والده، سوف ندرك أنه لا يوجد شيء في هذا العالم يُهم حقًا بعد الآن .فنحن مثلا عند ليو تولستوي :"قد خلقنا لنتألم ,ونحن نعلم ذلك و نسعى لكتمانه عن أنفسنا ". إن استخدام الاستعارة "تلك الليلة الجميلة" يعطي الانطباع بأن توماس كان يعلم أن الموت كان حق بدلاً من مصطلح مروع آخر للموت. ومع ذلك ، يسميه أيضًا "موت النور" مما يوحي باستسلام سلمي لهذه الحقيقة.
كابن لهذا الكهل الدي يواجه الموت, يرغب ديلان في أن يعيش والده لفترة أطول بسبب حب الصداقة والحاجة ، فلا يزال يشعر بتأثيره ، والرغبة التي يشعر بها لوالده في البقاء في حياته تصاعد الخوف والألم الذي سيعانيه من موت والده. فما زال الابن ليس مستعدًا لتركه ، ليس مستعدًا لفقد أحد الركائز المؤثرة في حياته ، وهو غير مستعد لمواجهة وفاته و قد تجنب استخدام كلمة "الموت" ، كما لو أن الكاتب لم يرغب في تذكر كلمة "الموت". وبدلاً من ذلك ، استعان "بالليل" و "الظلام" كرموز للموت مقابل "النور" و "المشرق" للحياة.
إنه الموت ، الثابت الوحيد في حياتنا. فنحن مجرد كائنات تعيش نحو الموت. نحاول أن نغض الطرف عنه ونتناسى خوفنا منه لكننا في النهاية نخاف. البعض منا يخشى ذلك حتى يتحول الرعب إلى رهاب. المفارقة هي أننا نقترب منه أكثر مع كل يوم يمر ولكن نحاول تجنبه قدر الإمكان ، وهذا يشكل صراعًا داخليًا نعيش فيه باستمرار ، كلما واجهنا المرض أو قرب الموت. نسأل عن جدوى الحياة والجهد المبذول فيها.



#سفيان_عادل_الضمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التداوي بالعزلة و اللجوء للطبيعة من منظور ديفيد هنري ثورو


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سفيان عادل الضمور - كيف نواه الموت من قصيدة - لا تسر وديعا في ذلك الليل الجميل- ديلان توماس