أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - سيجارة اخيرة














المزيد.....

سيجارة اخيرة


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 1619 - 2006 / 7 / 22 - 14:48
المحور: الادب والفن
    


نفث دخانا من سيجارته ، تمدد على الأرض . عيناه شاخصتان لسماء وطنه،وطن أحبه دوما..
عشقه حدالثمالة، يحتضن الأرض، فتحتضنه بحنان أم ثكلى.. يعانق تربتها بشوق ابن جاب وديانها وشعابها، ثم عاد ليأوي إلى أحضانها ..
ينظر للسماء بعينين حالمتين..يتبسم بحزن . يتذكر كلاما أمه الذي لا يزال يرن في أذنيه:
- لا ترحل .. لمن تتركني ؟! ..الحياة مريرة لاترحل..
كلماتها توجعه . يغمض جفنيه عله ينسى ..صوتها المبحوح الشجي يلح عليه. يصم أذنيه ويغمض جفنيه من جديد ليهرب من رجاء أمه..تتراى له صورة رفيقته تطل عليه كحلم جميل استحال تحقيقه..يبتسم بسخرية متذكرا حديثهما ذاك المساء:

-أنا لست إلا بقايا إنسان جريح، لفظته الأقبية الباردة المظلمة بعد أن أصبحت عظامه هشة من برودة الدهاليز..إنسان لايرى إلا الظلام بعد أن أفقدته عتمة الزنازين نور عينيه، بقايا إنسان فقد وفقد.. فما تراك فاعلة به ؟! ...
يتذكر كلامها الدافئ..تدعوه للحياة.. تنتابه مشاعر مختلطة..صورة الأم الطيبة..يحن لصدرها.. يحلم بصورة رفيقته أيضاً..يشعر بالحصار .. عيناه تبحثان عن خلاص..عن أمل ما..أي قدر ساقك ذاك المساء المشؤوم إلى مدينة منسية على المحيط..؟ عشت عذابات مدينة جريحة....لفظتك الحياة سنينا طوالا فكيف تسمح لهاأن تهشمك..لا تنكسر أرجوك..تردّد هاته الكلمات عليك ..ترجوك بصوت دافئ طالما أسرك..
-رحيلك متعب، مرعب.. لا ترحل. كلماتها الجميلة عبر ابتسامة حزينة..دعنا نحلم بحياة أرقى وأسمى من نهاية مفجعة..الحياة تعاش مرة واحدة..عشها..
..تبتسم لها من جديدا تأخذ نفسا من سيجارتك..ينفث دخانا على وجهها صورة ضبابية بعد تألقها
تبادرها قائلا:
-بل تافهة..لا تستحق منا أن نذرف دمعة واحدة عليها..الحياة دخان في دخان مثل دخان سيجارتي هاته..تنظر إليك باستغراب تذكرك قائلة:
-انتظرت طويلا..حلمت يوما بك..بلقائك..بدفء حنانك....حلمت..وانتظرت..
فلما تحرمني متعة الحلم..متعة لقائي..متعة الانصهار معك..التوحد فيك..لماذا..؟..؟
كلمات تتسرب إليك بنشوة تكاد تضعف أمام كلماتها..تشعر بألم ما..تلوم نفسك..
يتذكر صوتها الشجي..صوتاً تخنقه أدمع طالما مسحها عن خدها الشاحب..يتذكر نظراتها الحزينة..شموخها..حلمها بغد أفضل..يردد كلماتها بصوت خافت..
لكنه يهب واقفا لحظتها..يشد على يديها، ويضغط على أناملها الرقيقة بحب..بدفء..يدعها في حيرة من أمرها، ويرحل..
متزودا بأعين دافئة حزينة..رحل بعيدا عنها..لفحته شمس الأصيل..تمدد على الأرض..نفث دخانا من سيجارته الأخيرة بعد أن وضع قبلة دافئة على ثغر أرضه الطيبة..
أرض أحبها..جاب وديانها..دندن بصوت شجي..شم رائحة الثرى المبتل..تمتم بصوت خافت:
-آه ياأرضا عشقتها دوما.. ياوطنا مدفوناً في رمال الصحراء..
مسك حفنة من تراب وطنه في كفه، قبلها بشوق مودعا..أغمض جفنيه ..تذكر صوتها..كلماتها ترن في أذنيه..
-.. مؤلم رحيلك هذا..موجع،مفجع.. يكسرني ..آه يا وجعا لم أشف منه بعد..ياجرحا..يا حزنا جميلا كان..يا حلما مغتالا..يا عينيه الدافئتين.. الشاخصتان للسماء..بحثا عن خلا ص ما..تراك ما حلمت لحظتها..بعد سيجارة أخيرة أطفأت شعلتها وأطفأت معها أخر بريق لنا..

البتول المحجوب- طنطان-المغرب-



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرثية رجل
- قالت اليمامة


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - سيجارة اخيرة