أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلال عامر - ذكرياتى مع رجال يوليو














المزيد.....

ذكرياتى مع رجال يوليو


جلال عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1619 - 2006 / 7 / 22 - 14:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عبد الناصر قال لى يا إبنى
والسادات قال عنى الولد
ومبارك لم يقل لى شيئاً

عندما صنع المحتال ثوباً وهمياً للملك وزعم أن الثوب لن يراه سوى الأذكياء خجل الكبار من قول الحقيقة لكن طفلاً صغيراً نطق بها وقال أن الملك عريان,ومع أن الحقيقة بدون رتوش تأتى على ألسنة الصغار إلا أننا تعودنا على ألا نسمعهم- خصوصاً في الأحداث الجسام.. في حرب أكتوبر مثلاً سمعنا الفريق أركان حرب واللواء أركان حرب والعميد أركان حرب, كلهم حكوا عن ذكرياتهم وتاريخ حياتهم وعلاقتهم بأسرهم ولكننا لم نسمع الجندى الذي عبر ورفع العلم وأكتفينا بأن نسميه "محمد أفندى رفعنا العلم".. وهو ما حدث من قبل مع ثورة يوليو التى نحتفل بهاهذه الأيام, فقد سمعنا الكبار ولم نسمع جندياً صغيراً ممن شاركوا فيها أو حتى مواطن بسيط عايش أحداثها,ولهذا قررت أن أكسر هذا "التابو" المحظور وأكتب عن ذكرياتى عن ثورة يوليو.
شهدت مصر في بداية النصف الثانى من القرن العشرين حدثين أحدهما خطير هو قيام الثورة والثانى تافه هو مولدى, ولهذا كان على عندما ألتحقت بالمدرسة أن أعاصر البكباشى كمال الدين حسين, وهو أحد رجال الثورة, وزيراً للتعليم تطبيقاً لمبدأ أهل الثقة.. في هذه الفترة, منتصف الخمسينات, كان طبيعياً أن ترى معظم الناس حفاه وأن تشاهد مديراً أو موظفاً كبيراً يقف أمام مقهى ليجمعوا له النقود بمناسبة إحالته إلى المعاش; فنظام التأمينات لم يكن قد عُرف بعد, وكان طبيعياً أيضاً أن تسمع أن جارك قد أعتقلوه, لهذا لم نتعجب عندما أعتقلوا أبى لتشابه إسمه مع إسم قيادى أخوانى بارز ثم أفرجوا عنه بعد أسابيع عندما أكتشفوا هذا الخطأ.. ولما كنت أسكن قريباً من محطة الركاب البحرية فقد أتاح لى هذا فرصة رؤية عبد الناصر مع كبار زعماء هذا العصر, جواهر لال نهرو زعيم الهند وخليفة غاندى وجوزيف بروز تيتو زعيم يوغسلافيا وأول من تمرد على ستالين ونكرومازعيم غانا الذى تزوج فتاة تدعى "فتحية" من شبرا, وغيرهم كثيرون, سوكارنو زعيم أندونيسيا وسيكوتورى زعيم غينيا وآخرون, وأخيراً نيكيتا خروشوف زعيم الإتحاد السوفيتى الشهير الذي رفع حذاءه في الأمم المتحدة (قبل أن نسمع عن موضة رفع الأحذية هذه الأيام بنصف قرن).. ورغم تعاطفى مع الثورة إلا أن أول مظاهرة أشترك فيها كانت ضدها وبالتحديد عام 1968 عقب محاكمات الطيران والمسئولين عن النكسة والتى رأيناها أحكاماً هزيلة, وكانت هذه المظاهرات ضمن منظومة مظاهرات الشباب التى شملت العالم في هذا الوقت وعبرت عن تمرده ونجحت في تغيير العديد من الزعماء التاريخيين وإزاحتهم ومنهم زعيم فرنسا التاريخى ومحررها من الألمان شارل ديجول وغيره لكنها, كالعادة, لم تغير شيئاً في مصر وبقى الحال على ما هو عليه.. كانت حرب الإستنزاف بين مصر وإسرائيل على أشدها لذلك عندما إلتحقنا بالكلية الحربية رأووا أن ينقلونا بعيداً عن مرمى الطيران الإسرائيلى (لاحظ أن الطيران الإسرائيلى يمتد نشاطه حتى كتابة هذه السطور, فهو دائماً محلق في الأجواء العربية).. أنتقلنا إلى مدينة جبل الأولياء جنوب الخرطوم في السودان وهناك رأيت جمال عبد الناصر وجهاً لوجه, حضر إلينا بصحبةجعفر نميرى رئيس السودان وقتها في 15/5/1970 للإحتفال بعيد ثورة السودان, وكان يرتدى بنطلون مقلم وقميص أبيض نصف كم, جلس الرجل يتوسطنا ويسألنا عن مشكلاتنا, أخبرته أننا لم نرى أهلنا منذ شهور قال: "يا إبنى أنا شخصياً خدمت في هذه المنطقة وأعرف قسوة الحياة فيها وسأوفر لكم قريباً مجهوداً جوياً لتنزلوا مصر في أجازات".. بعد إنتهاء اللقاء تزاحم الطلبة حوله فأنتقلت إلى مكان هادئ بجوار الأشجار فوجدت أمامى حسين الشافعى نائب رئيس الجمهورية, تخيل طالب يجد نفسه وحيداً أمام نائب الرئيس, أرتبكت ونظرت إليه, شجعنى أدبه أن أقول له: "سلم لنا على مصر يا أفندم".. فقال الرجل المهذب: "حاضر".. بعدها بشهور قليلة مات جمال عبد الناصر وتولى أنور السادات.. في أول خطاب له أمام مجلس الشعب أنحنى السادات لتمثال عبد الناصر وكأنه كان يستأذنه أن يغير طريقه..
بعد أن عدنا من حرب أكتوبر كان كل شئ قد تغير.. مركز القيادة في مدينة القنطرة تحول إلى بوتيك, وتحولت الأوبرا القديمة التى أقامها الخديو إسماعيل إلى جاراج للسيارات, وكذلك المكان الذي أمم منه عبد الناصر قناة السويس, وتحولت المكتبات إلى أندية فيديو ومحلات أحذية وأنتشرت تجارة العملة, وعلا نجم تجار الخردة والمخدرات والأغذية الفاسدة, وجاء الإنفتاح السداح المداح الذي حرمنا الخبز ليوفر لهم التفاح.. وأحتقنت مصر وجاءت الفتنة الطائفية, ويشاء سوء حظى في هذا التوقيت بالذات أن أرتبط بفتاة مسيحية, ولأننى ضابط فقد أصبح موقفى حساساً, فأستدعيت إلى جهة سيادية للتحقيق في ظروف هذا الإرتباط وقيل لى أن شخصية كبيرة تريد أن تعرف الحقيقة.. بعدها بأيام خطب السادات وقال: "إحنا حققنا لقينا البنت بتحب الولد والولد بيحب البنت, يبقى إحنا مالنا".. وبعد أن مات السادات عام 1981 لم أقابل رؤساء حتى جاء عام 1998 عندما دعانا الرئيس مبارك إلى إحتفال بمناسبة اليوبيل الفضى لحرب أكتوبر, يومها لم يقل الرجل شيئاً; كان يفصلنا عنه الزجاج الواقى من الرصاص..
تريد أن تعرف الخلاصة؟ أرسلت إلى جمال عبد الناصر أريد شقة فرد الرجل بخطاب بالموافقة, وخرجت حرس شرف في قصر عابدين مع أنور السادات فأمر لى بمنحة, وفي الإحتفال باليوبيل الفضى لحرب أكتوبر أمر الرئيس مبارك بمنحى ميدالية مقاتلى أكتوبر.. وحتى الآن لم أتسلم شقة عبد الناصر ولا منحة السادات ولا ميدالية مبارك.



#جلال_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الست
- النصب بإسم كمال الشاذلى
- المرأه الساحره
- المرأه الحديديه
- السعد وعد يا عيني
- من ذاكرة الفساد -أول الهاربين
- خرجنا من عنق الزجاجه لندخل في ودن الفنجان
- حديث الأرقام
- علقه للسيد الوزير
- صواريخ أرض/ بنك
- مذكرات غلبان
- شخصيات تبحث عن مؤلف -مرشح الحزب
- شخصيات تبحث عن مؤلف -ريكا طاطا
- الوزير في هاواى
- صبية النار
- حدث في رمضان
- بلاش تعمل فيها حمقه
- برنامج صايم من غير سحور
- برنامج أنهار الخير
- التقيه النشطه


المزيد.....




- تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
- هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا ...
- كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا ...
- غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
- مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر ...
- عاجل .. صافرات الانذار تدوي في حيفا الآن وأنباء عن انفجارات ...
- أوستن: القوات الكورية الشمالية في روسيا ستحارب -قريبا- ضد أو ...
- ترامب يكشف أسماء جديدة رشحها لمناصب قيادية في إدارته المقبلة ...
- البيت الأبيض يبحث مع شركات الاتصال الاختراق الصيني المشتبه ب ...
- قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - جلال عامر - ذكرياتى مع رجال يوليو