احمد ضحية
الحوار المتمدن-العدد: 1619 - 2006 / 7 / 22 - 14:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
(ا – 5):
قبل أن أتناول موضوع هذه الحلقة (الكتلة التاريخية والمركزية الاثنية )ثمة موضع يفرض نفسه بالإشارة إليه ..أعني : الحملة الدعائية التي شنها ويشنها حزب الأمة على حكومة المؤتمر الوطني على قرار ( توازن الخوف)الذي أقامه المؤتمر الشعبي مع المؤتمر الوطني ب(العدالة والمساواة) لتدشين - كما زعم حزب الأمة - غد تشيع فيه الإنقاذ إلى "حثالة التاريخ" ..
إذا كانت هذه الحملة تنطوي فيما تنطوي عليه من دلالات على رسالة موجهة للحركة الشعبية لاستهلال غد يتعاون فيه الكبار (الأمة- الاتحادي –الحركة الشعبية)على حساب المثقفين والقوى الصغيرة التي خاضت تجربة الصراع المرير ضد الحركة الإسلامية (الإنقاذ).فان هذا المعطى يطرح وقفة جادة لقوى السودان الجديد مع ذاتها في سبيل انجاز مشروع السودان الجديد قبل أن يتم تفريغه من محتواه تحت ضغط التوازنات التي يطرحها تعاون (الكبار) خصما عليه.
ما يعيد طرح:مسألة الوحدة.. وحدة قوى السودان الجديد وإبرازها مجددا فقوى السودان الجديد بمختلف تصنيفاتها تجد ما يبررها في واقع السودان ولهذا السبب تمتلك شرعيه الوجود والنهوض في كتلة تاريخية عبرت عنها خطاباتها سلفا . فهذه هي الضمانة المانعة لتفريغ مشروع السودان الجديد من محتواه.
إذا استصحبنا تجربه الدولة السودانية منذ1956م وسلوكها الإيديولوجي القائم على تعتيم الواقع باعتماده على خطابات مخلخلة قامت بتحريف قصدي أو غير قصدي للطبيعة الواقعية للسودان .وأدت إلى حجب تنوعه وتمايزاته وتعداداته وتبايناته..
إذا استصحبنا هذه التجربة في قراءة النظم المتعاقبة منذ1956م نلاحظ أن القوى المركزية في السودان (في طليعتها حزب الأمة بالطبع ) كانت إيديولوجيتها التقليدية احد الآليات الاساسيه لهذا التحريف واسع النطاق,
فحزب الأمة يعتمد على حضور الثقافة التقليدية في وعى الجماهير بغرض تعبئة هذه الجماهير للاصطفاف حول برامجه التحريفيه للواقع انطلاقا من الاعتماد على ذاكرة الناس . لا عقولهم وغنى عن القول : عندما يتوقف العقل تعمل الذاكرة , فالأمة كطائفة تراثية _كذلك الاتحادي _تتعامل مع مجتمع تراثي فكره بديلا عن واقعه وماضيه المهدوي ممتد فوق حاضره المعقد الذي لايكف عن طرح قضية التنوع والمواطنة والتي لا يملك لمجابهتها سوى تحريف الواقع ومعكوس هذه الفكرة أيضا هو ما يدفع بالمؤتمر الوطني إلى توحيد مركزه الاسلاموعربي بتفتيت الأطراف (الهامش) وبالطبع هذا لايتم إلا بتحويل السودان إلى فسيفساء طائفية عرقية وهكذا تلتقي القوتين في المشروع الايديولوجى المركزي ..
هذا الواقع الشائك والمعقد يفرض على قوى السودان الجديد ضرورة أن يقوم وعيها على وعى تاريخي أولى خطواته الإسراع في تشكيل الكتلة التاريخية التي اشرنا إليها سلفا ,وامثل طريق يؤدى إلى تشكيل الكتلة التاريخية هو اعتماد مؤتمر عام يجمع قوى السودان الجديد و قوى الهامش والمثقفين والقوى الديمقراطية الجديدة بميثاق وطني وحدوي له دلالته في وجود الدولة السودانية الديمقراطية الموحدة التي يتحول فيها شعار (التنوع في إطار الوحدة) إلى واقع حقيقي ..
هذه الدولة المدنية التي نتحدث عنها , لن تستطيع الحركة الشعبية وحدها دون تحالف مع المثقفين وقوى السودان الجديد والقوى الديمقراطية الجديدة على إنفاذها فنيفاشا وحده ليس ضمانة كافيه . خاصة إن أيديولوجية الحركة الشعبية - والتي هي اقل أيديولوجية من غيرها - اعتمدت على شخص الزعيم قرنق الذي صحيح أنه استطاع في حياته إعادة طرح "السودانوية" بصورة قويه لإشعال إحساس المواطن السوداني بكيانيته وبوجوده المستقل ومن هنا كان إلهاب المشاعر في الهامش ليتمخض عن "حركات ثوريه" مثل حركة داود بولاد المجهضة في مطلع تسعينات القرن الماضي وحركه يوسف كوة ثم تحرير السودان وقبل ذلك الحركة المسلحة لمؤتمر البجا ..لكن الرابط بين كل هذه الحركات التي الهم بعضها مشروع الزعيم قرنق هو التهميش فقط بحيث صار "منطق "التهميش أيديولوجيا بديلة لبناء سودان موحد ,وهو ضعف كبير يمكن النفاذ منه لضرب مشروع السودان الجديد ,هذا إذا لم تنحصر قوى هذا المشروع في جزر معزولة.. فمن الممكن أن تستمر هذه الحركات كأطر تنظيميه محددة ومحدودة. لكنها لن تكون موجودة كإطار كبير ومنظم يشمل السودان ككل. وبذلك تفتح الباب لمحاصرتها وضربها خاصة أنها مجرد حركات "تجريبية" لم تتبن خطابا فكريا سياسيا سودانيا محددا وواضحا فقد حاصرت نفسها في الهامش الضيق الذي تمثله _ البجا لا يفكرون في سوى أنهم بجا مهشمون كذلك الدارفوريون والجنوبيون وهذا من أكثر العوامل التي أدت إلى تقوية النزوع الانفصالي لدى البعض سواء في الشمال أو في الجنوب كما أن الرحيل المفاجئ للزعيم قرنق وضع هذه الحركات جميعها في امتحان صعب يهدد مشروعها بالتصفية وهذه التصفية لن تكون من جهة المؤتمر الوطني فحسب بل من قبل الثقافة التقليدية التي هي قوام عقل مركزي ظل يحكم السودان لعقود طويلة ولذلك ثمة ضرورة تحتم وعى قوى الهامش بعضها البعض, فتلك خطوة ضرورية لتشكيل كتله تاريخيه فاعله.. فوعي الهامش لصورته كما تقوم في وعى المركز خاصة أن لدينا هوامش وليس هامشا واحدا..هوامش بحاجة أيضا لتصحيح صورتها في بعضها البعض. لحظتها فقط سيكتشف الجميع انه مختلف عما يقال عنه ومن هذا الاختلاف نكتشف مخايل لا أساس لها غير الأساس الذي تدعيه أو يدعى لها فيصبح هذا الاختلاف خطوة بالإتجاة الصحيح في إدراك مصيرنا المشترك وحاجتنا لبناء سودان موحد يعي عناصر التنوع والخصوصية في ذاته .. والغاية هنا ربط الثقافة السودانية في مركز السودان وأطرافه بعضها البعض.. جعل آخرها زمنا لا زيلا لبدايتها بل تجاوزا لها وتدشينا لبداية جديدة تمنح للأولى تاريخا بان تجعلها تدخل التاريخ هذا من ناحية التاريخ أما من ناحية الجغرافيا فدارفور وجبال النوبة والشرق والجنوب وطن واحد, في كل شبر منه نجد جنوب وشمال وشرق وغرب فالخصوصية في كل هذه الثقافات إنما تمنحها التميز والغنى والقوة(1)..
(2 -5):
صحيح أن للمؤتمر الوطني جماهيره , لكن الصحيح أيضا أن الحركة الشعبية بإمكانها أن تتحول إلى حركة أكثر جماهيرية , إذا اندرجت ضمن الكتلة التاريخية (تحالف قوى السودان الجديد) فحين تكون حركة جماهيرية لا نزال تغلي , مثل هذا الغليان الاثني الذي تمظهر في تشكيل حكومة جبال النوبة مؤخرا , لا يكون من الصعب الإطاحة بتقابل ثنائي تبسيطي كالتقابل بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني , أو المؤتمر الوطني وقوى السودان القديم , التي هي آخر بالنسبة للمؤتمر الوطني (ذات) .. هذه الذات التي يسبغ عليها أنصارها أنها هي من استخرج البترول والذهب وبنت الجسور , وطرق الإسفلت – لكنهم لا يذكرون أنها سيرت الجنجويد والد بابين والدفاع الشعبي , الخ – على الرغم من أن هؤلاء الأنصار يعرفون تماما الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها شعب السودان – لا الحركة الإسلامية - , ويعرفون تماما أنهم يدعمون نظاما فاسدا يغش في كل شيء حتى المقدسات ..كما أن قدرة القوى القديمة على تغيير هذا النظام تنبع على وجه التحديد من كونها تلعب دورا مركزيا فيه ..
لذلك الأكثر جدوى من كل ذلك هو نهوض تحالف قوى السودان الجديد , هذه الكتلة التي بإمكانها أن تصنع واقعا جديدا فعليا , وهكذا الكتلة التاريخية طرح يفرضه واقع فهم الهامش أخيرا لشروطه الظالمة , التي شرع في تغييرها سواء بالحركات الثورية أو القوى المدنية و تغيير المفاهيم التي لازمت عملية إدارة الدولة ..ولكي يحقق هذا الهامش تحرره وشراكته في السودان الكبير لابد له من فهم النحو الذي يتداخل به وضعه الخاص مع سياق أوسع هو المركز , الذي يساعد منطقه على تقرير مصيره , بحيث لا يعود هناك مركز وهامش , فقط شركاء في الوطن الواحد ..
وتحالف قوى السودان الجديد ليس بحاجة إلى نظرية معقدة , كيما تدرك الأطراف المختلفة أن الكرة في ملعبها لو توحدت , وان الواقع الراهن بائس بالقدر الذي يقتضي أن تعمل هذه الكيانات التي توحدت على تغييره .... وهذا التغيير احد شروطه بالطبع الحاجة التي تحسها القوى القديمة ذاتها لإعادة صياغة عقائدها النظرية ورغباتها السياسية , إذ لم يعد السودان بحدوده المعروفة ملك لآل فلان أو علان .., ونشؤ تحالف قوى السودان الجديد يسهم بفعالية في إعادة الصياغة هذه التي تسهم في عمليات الإصلاح الحزبي ..وهذا أمر تشكر عليه قوى السودان الجديد مستقبلا فلولاها – لما كان ثمة حديث عن الحاجة للإصلاح الحزبي وعدم قيام الأحزاب على أساس ديني - ولولا ضغط الهامش الذي ما كان ليحس بحاجة للثورة وما كانت ثورته لتنجح ما لم تكن قائمة على هذا الوعي بالذات وبالآخر العائق(القوى القديمة) وما لم تكن– قوى الهامش - مسلحة بأهداف محددة ومتطابقة مع ذاتها بما يكفي لتحقيق هذه الأهداف, لولا كل هذه الأمور لما كان هذا الحوار عن وحدة السودان, وإعادة البناء . . وهذا لا يعني بحال من الأحوال الانغماس في أثنية شاملة, كرد فعل لممارسات المؤتمر الوطني المضادة..
إن الإسلام السياسي الذي شيد السودان القديم في اللحظات الفارقة من تاريخه(سنار – المهدية – " الصراع في البرلمان حول الجمهورية الإسلامية والدستور الإسلامي في الديمقراطية الثانية " – تجربة 83- 1985-(89 – حتى ميشاكوس )يجب أن يتم النظر إليه على انه ينتمي للقوى القديمة , التي يجب أن تكون ممتنة لقوى السودان الجديد بان تكف عن توظيف الدين في السياسة في السودان الذي – في تقديري – لن يجد خلاصه إلا في تحالف القوى الديمقراطية السودانية الجديدة والمثقفين والحركة الشعبية وحركات الهامش , الخ .. عندها تتغير الموازين فعلا , وربما ينزاح عن كاهل الاسلامويين عبء قناعاتهم بمكاسبهم الاسلاربوية ولذاتهم الدنيوية ويشعرون بأنهم أحرار فعلا في الحديث عن الموسيقى واللون والشعر . أشياء جميلة فعلا لا علاقة لها بالدبابين والجنجويد ..
بالطبع لن يروق هذا الحديث للكثيرين من عشاق فقهاء الظلام . فالاختلاف هو حال البشر ما يعني أن ما من حال محدد على الإطلاق , وإذا ما كنا سنتمكن من القبض على هذه الحقيقة ما أن نسلخ عنا عبء مفاهيمنا التي تضفي التجانس والتماثل ونطرح ما لدينا من سرديات كبرى منذ عصر الفونج والمهدية ألا نجد عندها سبيلا للتوصل إلى الحال الذي ينبغي أن نعيش عليه من الحال الذي نجد عليه الأشياء , قافزين من الوصف إلى الوصفة ؟؟ التي تقتضي علينا – خاصة بعد نيفاشا – الاحتفاء السياسي بالاختلاف والتعدد والتنوع ..
لقد كان الإصغاء المرهف إلى السياق التاريخي والى دور الثقافة في صياغة الذات والى اخفت أصوات التراث الإسلامي العربي مقررا إجباريا على كل السودانيين . الآن السودانيين المهشمين يصغون إلى اخفت أصوات تراثهم هم بكل ما تتسم به خصوصية واقعهم المحلي من قوة.. أنهم يستمعون الآن إلى سردية مختلفة عن السر ديات المركزية..ويستمعون إلى جانبها إلى سردية تقول:
"كان يا ما كان في سالف العصر والأوان , مرت على السودان حقبة الحركة الاسلاموية التي وظفت الإسلام الكريم لخدمة أهدافها المنحطة , وسلوكياتها السياسية العنيفة . وكانت هذه الحركة الاسلاموية ترى انه من الممكن أن تسوغ أفعالها الطفيلية عن طريق حجج عقلانية حينا وخزعبلات حينا آخر ’ حيث تضوع رائحة المسك في ركام الخراب والدم ؟ وكانت ثمة معايير معينة ومشتركة للوصف والتقويم تستخلص منها مبرراتها للحرب والقمع وتصدير الإرهاب و "الثورة الإسلامية" , وفقه الاغتيالات .. والتهميش , الخ .. وبنجاحها في دمج تنظيمها في جهاز الدولة تمكنت من استعمار العباد ولم تكتف بذلك إذ عملت على أثننه الاثنيات ووظفتهم ضد بعضهم البعض , وكان ذلك هو كل ما يفهمه فقهائها حول مسألة جهاز الدولة وتقسيم العمل ..و ."..
(3 – 5 ) :
ما هو مطمئن أن تحالف قوى السودان الجديد إذا أنجز فعلا من خلال مؤتمر عام , سيكون أي نقد يوجه له مضطر للتواطؤ معه كتحالف, إذ لن يكون نقدا جوهريا , سيكون نقدا بمجابهة استقرار السودان وتقدمه ..بالتالي لا يعدو أن يكون مثل "انتباهه " الطيب مصطفى للتدخل والمشاركة من زاوية اثنيه مركزية اسلامو عربية .ولذا فان النقد الذي على شاكلة انتباهه الطيب مصطفى لا يمثل تحديا لقوى السودان الجديد إلا بقدر ما يمكن لنعيق غراب أن يمثل تحديا للكتلة التاريخية التي قوامها " الهامش – سابقا " الشركاء حاليا. والقوى الجديدة والحركة الشعبية.
( 4 – 5 ) :
الحديث عن سودان الديمقراطية الليبرالية , كمخرج وحيد لأزمتنا , يستتبعه بالضرورة حديث عن الليبرالية الديمقراطية , التي استطاعت أن تخلق أعظم تراكم في القوى المنتجة شهده التاريخ .إذ جعلت من الملكية لأول مرة أن يحلم الإنسان بنظام اجتماعي خال من الحاجة والكدح بوصفها أول أسلوب عالمي للحياة وللإنتاج يجتث من الجذور كل العقبات ذات الأفق الضيق مما يقف في وجه التواصل الانسانى وتهيئة الشروط اللازمة للسلام والتنمية والحرية والعدالة وتكافؤ الفرص ولذلك تظل الديمقراطية الليبرالية شرطا أساسيا لتحقيق السودان الجديد . بمجتمعة الحر المجتمع الذي لا مكان فيه للإسلام السياسي أو العنصرية أو المستغلين والطفيليين وهذا لايعنى أن يتم تعليق كل هؤلاء المرضى من كواحلهم على مآذن المساجد أو أبراج الكنائس أو إرسالهم إلى الكجور لمعاقبتهم بقدراته الروحية .
المجتمع التعددى لايمكن أن يتم إلا بعداء حازم تجاه أعداءه والفشل في إدراك ذلك يعنى إسقاط المستقبل التعددى ,على الحاضر المتصارع علية وفقا لمبدأ المنزلة بين المنزلتين والتوفيق والتلفيق بالتالي تعريض هذا المستقبل إلى خطر الحصار والانسداد التام ..
(5 -5 ) :
إن احد الأسباب التي تستدعى تكوين كتلة تاريخية من قوى السودان الجديد وقوى الهامش هو: لان هذه الكتلة تمثل احد الضمانات لعدم تحول قوى الهامش إلى مركزيات أثنية . هذا يعنى أن نعمل على بناء ثقافة مشتركة بمعنى الإسهام الفعلي للهامش في هذه الثقافة المركزية الإسلامية العربية عبر مؤسسات الديمقراطية فان ثمرة ذلك ثقافة اشد تنوعا وتغايرا بكثير من ثقافة تجمعهما معا رؤية العالم مشتركة. ويجب ألا نخشى من تعددية القيم وأشكال الحياة التي من المحتمل أن تنتجها مثل هذه الثقافة المشتركة فلطالما كان مزعجا للهامش انه مصاغ ومقلوب من قبل قوى المركز العربي الاسلامى التي تعمل على تحديده دون هوادة, إن لم يكن بالحرب المنظمة مثلما في الجنوب فعن طريق الجنجويد والجيش النظامي في دارفور . انه الوضع الذي جعل الهامش يشعر بالخوف على تاريخه المحلي وثقافته وتراثه وأرضه وثرواته..
إذن نحن نتحدث بصورة غير مباشرة عن النسبية الثقافية . بما هي تصور أن للثقافات المختلفة مشروعيتها الذاتية الكاملة لكن ذلك لايعنى أنها غير قابلة للقياس باى وحدات مشتركة فهناك نوع من العقلانية مشتركة بين ثقافات السودان ومن الواجب دعمها كأساس مشترك . الواحد منا لايجد صعوبة عندما يصادف سوداني آخر ينتمي لثقافة أخرى في التعامل معه لذلك يجب أن تكف الثقافة التي لطالما كانت مركزية عن غطرستها الامبريالية بإصدار أحكام على أية ثقافة أخرى وهو الوضع ذاته الذي ينطبق على الثقافات الأخرى يجب ألا تصدر أحكاما على ثقافتنا العربية الإسلامية وهذا لايعنى أن نكف عن القول لهم ويكفوا عن القول لنا يجب أن نتفهم ثقافاتنا المختلفة لأنها المدخل لمناهضة المركزية الاثنية . وحتى لا نفكك دون وعى بعض الأفكار التي يمكن أن تكون مفيدة للجميع فيما كان مركز أو هامش مثل فكرة المصير المشترك والوحدة الوطنية. خاصة أن الصراع بين المركز والهامش الجوهري فيه هو السعي للهيمنة السياسية ورفع مستوى المعيشة اى صراع على السلطة والثروة في التحليل النهائي ..في خضم ذلك تم استغلال الاثنيات والدين ,الخ .عدا ذلك فان قوى السودان الجديد جميعها لاتزال مجابهة بخطر الإسلام السياسي . كيف تواجه ذلك؟..
لاشك أن أعمالها الخصبة حول المركز والهامش والهوية إلى جانب التبصرات العميقة في مكر القوة المسلحة ودهائها سيمثل قيمة كبيرة إذا حلت محلة أفكار التضامن والتنظيم المنضبط والوحدة الوطنية بمعنى تحالف الكتلة التاريخية المنظم المستند على نظرية واقعية في مسائل القوة والسلطة السياسة وإلا سيكون كل ذلك التنظير عن الهوية والمركز والهامش والعمل المسلح , ضد هذه الكتلة التاريخية وضد الهامش وضد السودان الجديد وضد كل الديمقراطيين الذين لطالما حلموا بوطن المواطنة العادل والجميل بحكم النسبية الثقافية ذاتها . إنها بحاجة الآن أكثر من اى وقت مضى ( مواجهة خصومها السياسيين وفقا لأسس معنوية فكرية متينة حيث لا شيء اقل من ذلك أن يوفر لها الموارد السياسية التي تحتاجها..
- يتبع –
هوامش :
(1) - أنظر : د حسن حنفي – د محمد عابد الجابري – حوار المشرق والمغرب – رؤية للنشر – القاهرة 2005
- أنظر : تيري انغيلتون . أوهام ما بعد الحداثة – ترجمة ثائر أديب – دار الحوار اللاذقية الطبعة الأولى 2001
#احمد_ضحية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟