|
نهاية إحتكار الخطاب الديني والثقافي
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6791 - 2021 / 1 / 18 - 11:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في العصور المظلمة ، على خلفية حرب الثلاثين عاما ، التي سادت في أوربا ، تجرأ مارتن لوثر ( الألماني ) وكان رجل دين في الكنيسة ، وترجم الكتاب المقدس ، في زمن صكوك الغفران ، إعتراضه على نهج الكنسية أن المسيحي لا يحتاج لغفران الكنيسة ( تغفر له أولا ) لأن المسيح بدمه غفر للجميع . تزامن مع سياسة ( عقيدة ) صكوك الغفران ، إحتكار الخطاب الديني ( إحتكار الكتاب المقدس واللغة التي كتب بها ) وهي اللغة اللاتينية ، وليس كل رجال الكنسية يفهمون اللاتينية ، وهو إحتكار متعمد ، حتى يحتاج المسيحي إلى واسطة رجل الدين ، ليفهمه الخطاب الديني ، وقليل من الناس يتحدثون اللاتينية وهؤلاء إما هم مثقفو الكنيسة أو يخشون سطوتها فلا يعلمون الناس ، فجاء مارتن لوثر وكسر إحتكار السلطة الدينية للكتاب المقدس ، ترجمه إلى الألمانية ، وبعد ذلك ترجم إلى لغات منها الانكليزية . إحتكار الكاتب المقدس عند مجموعة من رجال الدين في الكنيسة ، أجبر المسيحيين لكي يصلوا إلى ربهم ، أن يتوسط لهم رجال الدين ، وهذا بثمن باهض ، ومن دون الوسيط الذي يعرف اللاتينية لايصل الناس إلى دينهم وربهم ، فلم يكن في حسابات الكنيسة ، أن مارتن لوثر يكسر النخبوية ، ويقضي على إحتكار الخطاب الديني ، وسجن الكتاب المقدس داخل مبنى الكنيسة . بعد إنتهاء إحتكار الكتاب المقدس والخطاب الديني على يد مارتن لوثر ، وضعت أوربا على جادة الثورة والحداثة ، فلولا شجاعة لوثر ، لبقيت أوربا تعيش الظلام مثلما يعيش شيعة العراق في وحل التخلف والظلام . نحن بحاجة إلى مارتن لوثر شيعي ، وهم كثر بفضل ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي ، وسنتحدث عن هذا الأمر فيما بعد . إحتكار الثقافة الثقافة عالميا كانت نخبوية ، أي منتج نخبوي ، محتكر لا يختلف عن إحتكار الكنيسة للخطاب الديني ، أو إحتكار مرجعيات الفرس للعقيدة الشيعية ، كانت النخبة الثقافية في العراق تمارس نوعا من السلطة على الناس ، ولذلك نجد أن الثقافة لم تكن سائدة في المجتمع العراقي ، وكذلك المجتمع البشري ، مثلما هي اليوم ، لان الانترنيت ألغت بل اسقطت الوسيط والمحتكر الأناني . نهاية إحتكار الخطاب الديني ، رافقتها نهاية إحتكار الخطاب الثقافي من قبل النخبة ( العصابة ) ، وبدأ عصر جديد من الثقافة ، كإنتاج وتلقي سائدة بطريقة لم يشهدها التأريخ على الإطلاق ، فعندما تفتح الإنترنيت ( جامعة بين يديك ) تدخل إلى كل العوالم بدون وسيط ولا محتكر يكون بينك وبينك ثقافتك . في بلد مثل العراق كان الخطاب الديني والثقافي فيه محتكرا ، من قبل المرجعيات الدينية والنخب الثقافية ، هو بحاجة إلى نهاية الإحتكار الديني والثقافي ، لأن رجل الدين والمثقف العراقي الأكثر فشلا لأن ينتجا ثقافة تحمي العراقيين من أن يذهبوا إلى حالة التردي والإرتداد في التأريخ إلى خيارات مظلمة ، كالتي يتبناها رجل الدين في زمن الاحتلالات المركبة . منتج الثقافة عراقيا أحوج لأن يسقط وينتهي ، لأن الثقافة النخبوية فشلت ، والفشل كبير جدا ، لم يحصن الإنسان العراقي بوجه تيارات التخلف والظلام ، التي تروج لثقافة المقبرة ، وما شاهدناه أن المثقف العراقي هرول ليشرع للمحتل وغلمانه ، ويدخل تحت عباءة رجل دين لا يتوفر على ثقافة لا دينية ولا معرفية . في زمن ثورة الإتصالات توفر في كل بيت مثقف عراقي ، ينتج ثقافة ويتلقى ثقافة ، ويقدم نتاجه الثقافي والفكري والمعرفي بدون وسيط ، ولا إحتكار ، و لا حاجة لتوسل محتكري الصحف لينشر عندهم . مثلا نأخذ أحد كبار مثقفي العراق وهو جمعة اللامي ( على سبيل المثال ) وهناك طبعا غيره من المثقفين ، الذين يسأل المتلقي العراقي عن قيمتهم في زمن الإرتدادات ؟. الجواب لا قيمة لهم ، لانهم فشلوا في تحصين المجتمع العراقي أمام الخطاب الديني المتردي ، ومنهم تحالف مع مختل عقليا ( مقتدى الصدر ) وتقديمنا لجمعة اللامي كمثال ، لأنه كان من أهم محتكري الخطاب الثقافي ، ولم يؤثر المثقف العراقي في توعية وتحصين الشعب العراقي ، فسقط أمام أبسط وأتفه خطاب ديني ، وتصح تسمية الحال ( إقطاعية الثقافة ) . بعد فشل ونهاية محتكري الثقافة ، أصبح العراق يتوفر على أعداد كبيرة من المثقفين الجدد ، يكتبون في فضاء مواقع التواصل الإجتماعي ، وهم أكثر وعيا من جميع المثفقين العراقيين ، الذين بايعوا المحتل وغلمانه . مقارنة صغيرة ومؤلمة أن جمعة اللامي الذي كنا نقرأ له ، قدم ولاءه لطفل معمم ( عمار الحكيم ) ، وتقودنا هذه المقارنة إلى الوقوف أمام المثقف العراقي ، وأمام شاب وقف أمام الرصاص في ساحة الحبوبي وساحة التحرير ، تلقى الرصاص وإستشهد ، فهو أكثر وعيا من كل مثقف عراقي ، ومن جميع محتكري الخطاب الثقافي والديني ، والسبب يعود إلى أن محتكري الثقافة لم يحصنوا أنفسهم ، مثلما حصن الشهيد في ساحات الثورة ، حصن نفسه ، لأن خلقت بداخله حصانة ضد الخيارات الوسخة التي سقط فيها الكثير مما يسمى ( المثقف ) . بينما الماركسي يقدم ولاءه للمحتل الامريكي الايراني الصهيوني ، ولأصحاب الخيارات التافهة ، مثل عمار الحكيم ومقتدى الصدر . تجربتي مع المثقفين العراقيين ، وجدتهم في حالة تكبر ، لا يختلفون عن تكبر رجال الدين ، يجلسون في بروج عاجية ، يحرصون على أن يبقى الانسان العراقي متخلفا أميا ، حتى لا ينافسهم ، ينظرون بلا فعل ، ويظنون أن تعلم المجتمع العراقي يضر بمكانتهم كما هو حال رجال الدين ، فإذا كثرت أعداد المثقفين ، فمن ينتقدون ، ومن يكون أدنى منهم ؟. الفشل كبير جدا ، أن المثقف العراقي لم يؤثر في المجتمع ، وهذه الحالة يشاركه فيها رجال الدين ، إحتكارا وأنانية .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدور الإيراني في العراق
-
سياسة الركض خلف السراب
-
تقليد مراجع الشيعة وعد بلفور الأول
-
العتبات واجهات الحرس الثوري الإيراني في العراق
-
فرق الموت الإيرانية في العراق
-
ما بين اللمبجي والتمثال المقدس
-
زيارة مصطفى كازمي للبيت الابيض
-
المشروع الوطني العراقي
-
نسألكم الدعاء مولاي ودعاؤكم أحوج
-
التدخلات الامريكية في الشأن العراقي
-
للعراقيين فقط : سري للغاية
-
من هم مراجع الدين ؟
-
نقد المرجعية الدينية في النجف
-
حكومة 9 نيسان الإستفزازية
-
الحديث عن حرب عالمية ثالثة
-
إغتيال النساء في العراق
-
الجهاد في زمن الاحتلال
-
صناعة داعش وأخواتها
-
إستبدال الدين بالتكنلوجيا
-
الاسلام السياسي والثقافة
المزيد.....
-
اضطر لاختصارها.. تامر حسني يعلق على التدافع في حفله الأخير ب
...
-
-أيقونية لحظة الختام- ليحيى السنوار.. متحدث الجيش الإسرائيلي
...
-
كاميرا RT ترصد آثار الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي في جنو
...
-
عشرات القتلى والجرحى في مجزرة مروعة في بيت لاهيا.. إسرائيل ت
...
-
لابيد عن محاولة استهداف نتنياهو: أمر شديد الخطورة وإيران ستد
...
-
مراسلنا: إطلاق رشقة صاروخية كبيرة من جنوب لبنان باتجاه شمال
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على 3 عناصر -بارزين في حزب الله
...
-
لافروف يؤكد ضرورة منح البرازيل والهند وإفريقيا عضوية دائمة ب
...
-
تحذير إسرائيلي على الرابعة صباحا سبق الغارات الكثيفة التي طا
...
-
إندبندنت: تفاعل واسع مع أميركية تصوت لأول مرة وعمرها 81
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|