|
قمة الدول الصناعية الكبرى وأزمة الحرب بين إسرائيل ولبنان
عصام بلان
الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 09:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تزامن لقاء الدول الصناعية الثماني الكبار في سان بنروسبورغ (روسيا)، مع الأحداث الحربية المفاجئة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، منذ أيام بين إسرائيل وقوات المقاومة اللبنانية حزب الله، بعد أن قام هذا الأخير قبل حوالي الأسبوع، بعملية عسكرية على الحدود اللبنانية -الإسرائيلية استطاع من خلالها خطف جنديين إسرائيليين وقتل آخرين. لذلك قامت إسرائيل، كرد فعل على هذه العملية، بشن هجوم عنيف وعدواني جعلت سماء بيروت تمطر العديد من القذائف والصواريخ الإسرائيلية، مخلفا أعدادا هائلة من الضحايا بين المدنيين وأضرارا كبيرة تستغرق سنين كثيرة لإعادة بنائها، ما جعل حزب الله يرد هو الآخر بقذائف الكاتيوشا وبالصواريخ على مدينة حيفا، والمدن القريبة من الحدود اللبنانية ومدن الجليل الأعلى، مخلفا هو الآخر ضحايا مدنية وأضرارًا اقتصادية تضع المدن الإسرائيلية، وخصوصا حيفا، تحت مدق الهاون. وبما أن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم، وبما أن التهديدات من كلا الطرفين لا توعد بأيام مقبلة هادئة، تحركت الدول الثمانية عند لقائها في سان بيتروسبورغ ما جعلها تترك ملفات القضايا العالمية الأخرى، وخصوصا قضية ملف البرنامج النووي الإيراني، والتركيز على هذه الأحداث التي وصفوها "بالمقلقة" وخصوصا على حياة المدنيين. وللبدء بمعالجة هذه القضية المفاجئة، حسبما أتى من القمة، يجب "إعطاء الأمم المتحدة دورها الكامل لتصبح العامل المشترك والوحيد الذي باستطاعته إعادة الأوضاع إلى الطرق السلمية". فمواقف الدول العظمى تختلف من دولة لأخرى، هناك من يلتصق دائما بسياسة إسرائيل كالولايات المتحدة الأمريكية التي لا تمل من وصف العمليات العسكرية الإسرائيلية بأنها " الحق للدفاع عن نفسها من حزب الله الإرهابي الذي تتم مساعدته عن طريق دمشق وطهران"، بينما فرنسا وصفت ردة فعل تل أبيب على الأراضي اللبنانية بأنها "مبالغ بها"، وكذلك روسيا التي قالت ان انطباعها يحث على أن إسرائيل "لها أهداف في لبنان أبعادها أبعد من أن تكون مجرد ردة فعل على عملية خطف الجنديين"، بينما أفادت إيطاليا أنها تتفهم لحد ما الأسباب الإسرائيلية، ولكنها تتخوف بأن هذا سيسبب للبنان أضرارا ليس من الممكن إعادة إصلاحها"، أما بريطانيا فسياستها تشبه الى حد كبير السياسة الأمريكية ولكنها أقل شدة منها، إذ أنها تصف العمليات العسكرية الإسرائيلية "بالدفاع عن نفسها" ولكنها تنتقد نوعا ما الطريقة الشديدة التي تستخدمها حكومة تل أبيب، وأخيرا ألمانيا التي تعتقد أن الهدنة ووقف إطلاق النار في المنطقة يأتي إذا تم الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين، ونهاية قصف الأراضي الإسرائيلية من قبل حزب الله. لكن اختلاف المواقف لم يكن عائقا أمام الدول الكبرى لإصدار وثيقة مشتركة لوقف إطلاق النار، وللوصول إلى هدنة فورية بين الطرفين. حيث جاء فيها: 1. الإفراج عن الجنديين الإسرائيليين اللذين تم خطفهما قبل حوالي الأسبوع من قبل حزب الله، والجندي الإسرائيلي الذي خطف في غزة قبل حوالي الشهر. 2. نهاية قصف الأراضي الإسرائيلية من قبل حزب الله بشكل فوري. 3. وقف جميع العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان والأراضي الفلسطينية. 4. إطلاق سراح جميع الوزراء والبرلمانيين الفلسطينيين الذين قبضت عليهم إسرائيل كرد فعل على عملية خطف الجندي في غزة. من الواضح أن ردة فعل الدول الثماني العظمى تميل بسياستها إلى إسرائيل، وتتهم حزب الله وحماس بأنهما السبب من وراء الأزمة السياسية، بمجرد أن النقطة الأولى تحث على مبادرة حزب الله وحماس بإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين، كما وتطلب من حزب الله التوقف عن قصف المدن الإسرائيلية. ولكن أغلب هذه الدول لم توافق الولايات المتحدة الأمريكية على أن السبب من وراء هذه الحرب يعود إلى دور سوريا وإيران، من خلال دعمهما لحزب الله، عكس ما كانت تصبو إليه واشنطن، حيث أنها ما أن تنطق جملة تتعلق بالشرق الأوسط حتى تضع وتتهم دمشق وطهران إذ أنها تعتبرهما ممولتين للإرهاب الإسلامي في العالم. لكن في اليوم الأخير للقمة، عرضت إيطاليا دعمها الكامل عن طريق فم رئيس وزرائها، رومانو برودي (الذي تعهد لزملائه الزعماء الآخرين خلال القمة بأن يقتدي دور "المسهّل" بين الأطراف المعنية في الحرب، والذي قام بالاتصال منذ بدأ تدهور الأوضاع مع بيروت، دمشق، طهران وتل أبيب لتنشيط طريق يؤدي إلى حل المشكلة) للأمم المتحدة فكرة إرسال قوات حفظ السلام ذوي القبعات الزرق إلى جنوب لبنان لتهدئة الأوضاع. ومع أن هناك قوة تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان مكونة من 2000 شخص متواجدة منذ سنة 1978، والتي ساعدت بيروت على ترسيخ الأمن طيلة سنوات الحرب، فقد طلب أمين عام الأمم المتحدة، كوفي عنان، بزيادة العدد إلى 7000 آلاف جندي إضافي. هذه الفكرة أعجبت وزير الخارجية الإيطالي، ماسيمو داليما، الذي يرى أن على الأمم المتحدة الحفاظ على دور أساسي ومهم في الشرق الأوسط، وأن عليها توسيع إرسال قوات حفظ السلام لتشمل غزة أيضا. لكن هذه المبادرات لن تجد آذانا صاغية في الساحة الإسرائيلية، إذ أن رئيس الوزراء ايهود أولمرت أبلغ اللجنة المفوضة من قبل الأمم المتحدة لمتابعة الأزمة بأن تل أبيب، لا تنوي وقف العمليات العسكرية في لبنان ما دام الجنديان الإسرائيليان تحت ذمة حزب الله، ودون التأكيد من أن أمن الإسرائيليين ليس في خطر. لكن الأزمة ما زالت تتجه نحو الأسوأ وما زالت الطائرات الإسرائيلية تحلق في سماء لبنان وتقصف الأهداف الإستراتيجية والمدنية، حيث تسبب قتل العشرات كل يوم لتضغط على حزب الله الإفراج عن الجنديين، بينما القتلى الضحايا الأبرياء في بيروت والقرى والمدن اللبنانية، وضحايا محطة القطار في حيفا عن طريق القصف الذي قام به حزب الله،، ليس سببا كافيا بنظر إسرائيل لوقف الحرب. ويبقى السؤال للدول الثماني الصناعية: هل تعتقدون فعلا أن ما تقوم به إسرائيل هو "دفاعا عن النفس" من الإرهاب الفلسطيني أو اللبناني؟ وهل دماء الأطفال الفلسطينية واللبنانية أرخص من دماء باقي الأطفال؟ تحركوا، فأطفال لبنان وفلسطين والعراق بحاجة لكم لأن الدول العربية مشغولة بأمور أخرى اكثر أهمية من الدفاع عن أطفالهم!!!
(روما)
#عصام_بلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|