|
موقف بلا عمود فقري، لا يخدم الشعب اللبناني - تعقيب على بيان الحزب الشيوعي اللبناني
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 10:11
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
قرأت وأعدت قراءة بيان الحزب الشيوعي اللبناني (نشر في موقع "الحوار المتمدن") حول العدوان الاسرائيلي على لبنان، وللأسف اقول اني لم اصل الا الى استنتاج واحد، الاصرار على الانتحار مع حزب الله، وجر لبنان وراء هذا الصمود – الانتحار !!
الحزب الشيوعي اللبناني يصر في بيانه على تأكيد لبنانية المواجهة. هل كان خيار المواجهة خيارا لبنانيا؟ وهل الدولة اللبنانية جاهزة عسكريا واقتصاديا لمثل هذه المواجهة؟
المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الاسرائيلي للجنوب، والذي خاضت غماره القوى الوطنية اللبنانية، وعلى رأسها الحزب الشيوعي اللبناني، قبل اغلا ق المقاومة وتفريغها من مضمونها الوطني على يد السوريين، وجعلها ملكية خاصة لحزب يأتمر بالارادة السورية والايرانية، كانت حقا خيارا لبنانيا، حتى بتجاوزها للشرعية الرسمية في وقته ...
الواقع السياسي اللبناني اليوم مختلف. خيار المواجهة لم يعد خيارا فئويا، وما يسميه الحزب الشيوعي اللبناني بالمقاومة، ترتفع فوقها الكثير من الاعلام السوداء، لبنانيا وعربيا... وما هو اوسع من لبنان ومن العالم العربي. ومن الغباء التجاهل ان بعضه يخص الدولة العدوانية ايضا، خاصة ما يتعلق بتطبيق قرار (1559) واهم شروطه بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية، تماما كما يبسط النظام السوري سلطته على كامل الاراضي السورية، ويمنع اي تصرف وطني سوري (او حزب الله مثلا) لتحرير الجولان من الاحتلال الاسرائيلي، وليس مزارع شبعا فقط !!
الم يلاحظ رفاقي الشيوعيون في لبنان، واسرائيل ايضا، ان ما يسمونه بالمقاومة في لبنان، اسمها الرسمي "المقاومة الاسلامية"، بمعنى ان الثوابت التى تحركها وتتحكم بقراراتها ليست ثوابت الوطنية اللبنانية او الاجماع الوطني اللبناني او الثوابت القومية العربية مثلا ؟
المغامرة التي نفذها حزب الله يدفع ثمنها الكارثي الذين لم يُستشاروا بالمغامرة. ومن المؤكد ما كانوا يسمحون بها ضمن الوضع السياسي اللبناني والعربي والدولي السائد اليوم. اي مسؤول عقلاني كان يستطيع توقع رد الفعل الهستيري لاسرائيل. ولكن حسابات المغامرين في طهران والنظام البعثي الدائر في فلكهم لا تحكمها العقلانية السياسية، والشهادات على ذلك كثيرة، ومن يعرفها احسن من اللبنانيين؟
هل يتوهم احد بقدرة حزب الله على مواجهة الآلة الحربية المتطورة للمعتدين الاسرائيليين؟ هل سيصمد حزب الله على حساب دم المواطنين الابرياء، وتدمير لبنان او ما ظل بلا تدمير؟
نعم، كلنا نرفض العدوان الهمجي، ونتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب، لكن من سيسمع شكوانا؟ من سينصت لصرخات الالم ونظرات الرعب لضحايا العدوان؟ ومن قرر ان تحرير أسيرين او عشرة يستحق هذا الثمن الانساني الرهيب؟
حقا حزب الله غيّر معادلات سياسية كثيرة، وابرز عهر الواقع العربي وغياب الدور العربي، الا اذا سمينا الاستجداء دورا. ولكنه اثبت امرا بالغ الخطورة: انه ذراع لقوى لا ترى بلبنان الا ولاية تابعة لمصالحها، وما زالت تطمع باعادة عجلة التاريخ الى الوراء، حتى بطريق التصفيات الشخصية والمؤامرات والمغامرات السياسية والعسكرية التي تبقيها لاعبا خلفيا مخفيا .
البيان يا رفاقي الاعزاء مثير للأسف، بعجزه الواضح عن قول الحقيقة، مهما كانت مرة وقاسية، وتميز باللف والدوران دون الجرأة لطرح موقف سياسي للمرحلة القادمة، الا اذا اعتبرنا مجموعة الشعارات في نهاية البيان موقفا سياسيا.
سعد الحريري حدد المسؤولين عن المغامرة – المقامرة. نفس الموقف اتخذه بجرأة وليد جنبلاط. وموقف رئيس الحكومة اللبنانية كان اجرأ من موقفكم واكثر وضوحا. هل حقا لا ترون الاصابع التي ورطت لبنان في النار والدمار وحمامات الدم؟
انا اعيش يا رفاقي في مدينة الناصرة العربية، "داخل الخط الاخضر" كما يحب العرب ان يقولوا ليتجاهلوا لفظ اسم اسرائيل. وكأن هذا التحايل على الذات، واستعمال تعابير تافهة اخرى مثل "عرب الداخل" او "عرب 48" يغيّر من الواقع او يجمله. ومساء الاربعاء ضربت "المقاومة" الناصرة بصاروخين، وقتلت 3 اطفال فلسطينيين، وحققت بذلك "انجازا عسكريا" ضد العدو الصهيوني. انا لا اميز بين دماء الابرياء، اليهود او العرب، منظر الاطفال القتلى والجرحى كان مرعبا، ويعكس صورة صغيرة جدا للفظائع التي يرتكبها الهمجيون في لبنان .المواجهة لم يختارها لبنان، فلماذا يدفع ثمنها اللبنانيون؟ لماذا لا تدفع ايران بشكل مباشر ثمن مغامرة حزبها في لبنان وما تزال تصر على عدم تجريده من السلاح. هل كانت تقبل ايران وضعا مشابها؟ هل يظن الملالي من القرون الوسطى ان اعادة اعمار الشبكات والبني التحتية ببضع مليارات من دولارات النفط (التي يجنون اضعافها من زيادة اسعار النفط فقط بعد المغامرة غير محسوبة العواقب) هو ثمن يستحق ان يموت من اجله الشعب اللبناني؟
الحزب الشيوعي يدعو الى تمتين الوحدة الوطنية وتعزيز الصمود الشعبي. هل حافظت اصلا "المقاومة الاسلامية" وحزبها على اي وحدة وطنية وصمود شعبي من اجل انهاء الاحتلال السوري للبنان مثلا؟ وهل الحفاظ على الوحدة الوطنية يكون بتوريط الشعب اللبناني في حرب كارثية لم يؤخذ رأيه فيها؟
هذه المواقف يا رفاقي استنفذت نفسها، وهذا الفكر الذي تنطلقون منه يحتاج الى مراجعة نقدية. حالتكم لا تختلف عن حالة الحزب الشيوعي الاسرائيلي ايضا، ولكن موقفه اكثر مفهوما. فهو من الجهة الاخرى (المعتدية)، يقف مدينا للعدوان وللجريمة، ولكن رؤيته السياسية لاوضاع لبنان الداخلية لا تقع بعيدا عن مفاهيمكم القومية - الانفعالية. الذي غامر يجب ان يدفع الثمن، ومهما كان الثمن سيكون ارخص كثيرا من الثمن الذي يدفعه لبنان ثمنا للمغامرة – المقامرة !!
المطروح انقاذ لبنان وشعبه وليس التهريج القومي العاجز .
[email protected]
* كاتب وصحفي – الناصرة
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين الثقافة والفكر
-
حتى لا نفقد الاتجاه من دروس مأساة لبنان
-
الفيتوري : في هذا الزمن الساقط ، يسقط حتى الشعراء
-
بصراحة مؤلمة : من يملك شرعية القرار في فلسطين ولبنان ؟
-
الكاتب سامي ميخائيل العراقي الذي صار اسرائيليا
-
كنت معها - قصة
-
حتى لا يدفع الابرياء ثمن الجنون السياسي !!
-
ذباب على موائد الادب
-
خلفية الاجتياح الاسرائيلي للقطاع
-
دراسة علمية رصينة حول اليهودية بقلم مفكر وناقد عربي
-
رسالة الى وزير الامن عمير بيرتس / سقوط امنون دانكنر
-
هل يتحول المجتمع العربي الى مجتمع لا ثقافي ؟
-
صحافة بلا تفكير وبلا تنوير لا مستقبل لها
-
الفجر يولد من جديد
-
على بساط البحث من يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربي
...
-
ماذا تبقى من ثقافتنا المحلية
-
من اجل صياغة برنامج فكري سياسي حديث
-
الحداثة كجذور للحضارة الانسانية
-
درس في النقد - 2
-
شاعر أصيل
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|