|
قراءة في كتاب عليّ شريعتي.. (التشيع العلوي والتشيع الصفوي) بين الجد واللعب في العراق.
عادل الياسري
مؤرخ
(Adel Alyasiry)
الحوار المتمدن-العدد: 6787 - 2021 / 1 / 13 - 09:25
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ولدعليّ شريعتي في مشهد وتربى في كنف اسرة دينية (١٩٣٣) ومات غلا في لندن ١٩٧٧ عن عمر ٤٤ عام. ودفن في دمشق ورفض الشاه ان يدفن في بلاده. اعتبر لدى الكثير من المفكرين الايرانيين أنه "معلم الثورة". كان يلقى محاضراته من حسينية (الارشاد) في مدينة مشهد الايرانية واما اهم اعماله في هذه الحسينية تشكيل لجنة تصحيح منابع التراث الشيعي. وكانت أخطر محاضراته هي التشيع العلوي والشيع الصفوي وطبعت فيما بعد تحت عنوان (الشيع العلوي والتشيع الصفوي). في كتابه لم يتحدث عن الإسرائيليات والشيعة وانما فسر تفسيرا علميا كيف جعلت الدولة الصفوية تشيع عليّ ومسيرة ال البيت رهينة لمكاسب الشاه إسماعيل وغيرهم حتى وصل الى اخرهم محمد رضا بهلوي. فهو مفسرا علميا ومحللا دقيقا لهذا التشيع بشقيه وبجرأة نادرة وبعقل ثاقب. فكان جامعا في تحليله للسياسية والتاريخ وعلم الاجتماع لتلتفي في صومعة الدين وابعد من الطائفية السياسية. وقد عَرّفَ الروحانية الصفوية هي رديفة الى وعاظ السلاطين والروحاني الصفوي خبير بالحيل الشرعية. ان شريعتي تأثر بأسلوب عبد الرحمن الكواكبي (١٨٥٤ـ ١٩٠٢) وبأفكاره وبالذات طبائع الاستبداد. وان الكواكبي رأى السلطان العثماني المستبد يستوحي قوته من رجال الدين. وقتل غلا عن عمر٤٨ عام مثل شريعتي. ولد الكواكبي في حلب ومات في القاهرة. لنقف على الروحانية الصفوية ضمن مفاهيم ومنهج المفكر والباحث [عليّ شريعتي]. يقول جاء الصفويون ونزح التشيع من المسجد في القرية والمدينة الى مسجد شاه بجوار مقر إقامة السلطان في قصر (عالي قابو). ويعتبر ان التشيع الصفوي يحذر من الاقتراب من نهج البلاغة الا بعد تأويل النص وتجريده من مضمونه الحقيقي. وعن الخطباء الذي كانوا ولم يزالوا ذراع الصفوية الا ما رحم ربي ؛ وحيث يقول؛ ان السر يكمن في عدم تطرق علماء الصفوية وخطبائها الى حديث شكل حكومة عليّ؛ وطريقة كلامه ؛ وموقفه حيال الظلم ؛ ومواقفه من التملق والزور والتزوير والفقر والسرقة واغتصاب الحقوق واثارة الفتنة . وبدلا من ذلك يؤلفون المئات من الخطب والمجالس وينشدون الاشعار وينقلون القصص والحكايات في ان عليّا تمكّن من تحويل الرجل المنافق الى كلب على الفور ...! ويرى ان المسافة بين التشيع العلوي وبين التشيع الصفوي هي عين المسافة بين الجمال المطلق وبين القبح المطلق. وان اهم سمات البارزة في التشيع العلوي الذي يستمد جذوره من منطق عليّ أمام التشيع الحق؛ بينما يستمد التشيع الصفوي سماته وجذوره من منطق مؤسسة ابي سفيان وتساهم في ترسيخها اكثر واكثر أجهزة الحكم الوراثية لنظام الحكم السفياني . ويؤكد ان ذكاء ودهاء الحركة الصفوية اعتمدت على ركيزتين اولا " المذهب الشيعي ـ وثانيا القومية الايرانية " ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح وبقوة لماذا الشيعي العربي العراقي لديه الحساسية المفرطة من كلمة (صفوي) هل هو عربي ام إيراني...!؟ وبنفس الوقت كيف يكون الجواب إذا كان السؤال لماذا يتهم الشيعي العربي بالصفوي من قبل الاخرين؟ ولكن هل نستطيع ان نفك اللبس بين الاثنين من قبل الطرفين؟ ويضيف فالصفوية تريد ان تلعب الدور ذاته في مقابل مركز الخلافة الإسلامية ( اسطنبول ) وعليها اذن ان تسلك في تأجيج الشعور القومي واحياء السنن والعادات والأعراف الايرانية القديمة والتفاخر ببطولات الاسلاف وذلك كي يتسنى للدولة الصفوية ان توطد علاقاتها بالشعب الايراني عبر اثارة هذه المشاعر ولكي يستعيد الايراني نزعته الاستقلالية الانفصالية عن الجسد الإسلامي الكبير .
ويرى شريعتي كيف استطاعت الصفوية ان تنتج تشيعا يشبه التشيع في كل شيئ وليس فيه شيئ منه؟ ويعتبر "الكيمياء الصفوية" تحول المال الحرام الى حلال...! والتساؤل كم فاعلية وقدرة الكيمياء الصفوية في العراق منذ عام ٢٠٠٣ ليومنا هذا وبالذات لدى الأحزاب الدينية الشيعية؟ وعن الصفوية والإسلام يرى ان الصفوية تعمل من اجل بناء اسلام خال من الإسلام وإلغاء التشيع باسم التشيع. وتحول مذهب الامام الحسين الى مذهب الشاه حسين. ويضف في صفحات أخرى في العهد الصفوي اصطف رجال الدين الشيعي الى جوار الحكومة وأصبح يجالس الحكام ومن هنا بدأ المذهب الشيعي بتغير وجهته. ويرى ان التشيع نمطان في المجتمع تشيع حب وبغض وعاطفة وهو التشيع الصفوي واخر هو تشيع عقل ومنطق واستدلال وهو التشيع العلوي.
وان أخطر مظاهر الطائفية السياسية في التاريخ هي الحركة الصفوية في إيران برزت بوضوح والتي بدأت بحركة الشيخ صفي الدين الأردبيلي الصوفية وثم تتحول الى المناداة بمذهب التشيع وتنظيره واستطاع الشاه إسماعيل الصفوي أن يوحد إيران تحت قيادته ويفرض مذهب التشيع عنوة على الناس وثم احتل النجف وكربلاء في عام ١٥٠٨ م ٩١٤ هـ. وصارت الدولة العثمانية وخطبائها في المساجد تدعو الناس لمناصرة اخوانهم المضطهدين السنة على يد الشيعة الصفويين في العراق وإيران. وتناست الدولة العلية العثمانية الدعوة للإسلام ونشره في أوربا وغيرها من الشعارات الإسلامية البراقة وصار حديثهم عن السنة او صاروا هم السنة. وبلغ اوج الصراع الطائفي في عهد السلطان سليم والشاه إسماعيل عام ١٥١٥م. وكان العراق مرتع وملعب والضحية الكبرى لذاك الصراع الطائفي بين الدولتين وليس للعراقيين لا ناقة ولا جمل.
وتذكر الدراسات ان المحقق علي الكركي العاملي اللبناني (ت٩٤٠هـ ٣٤ ـ ١٥٣٣ م) اول علماء الامامية الكبار المهاجرين الى ايران الصفوية من العهد الصفوي الاول ودعاه الشاه إسماعيل. وكان له الدور الكبير في توطيد السلطة الصفوية. وقد بلغ فيه للنظام الجديد أن كتب رسالة يبيح فيها التقليد القديم بـ(السجود) امام الملوك. (التشيع والتحول في العصر الصفوي)
وختاما.. يقول شريعتي في باب التقليد.. ومن مهام الروحانية الصفوية على المقلد ان يستفتيه فيها ليجيبه جوابا فوريا صريحا فيقول له مثلا: اعطِ رأيك لفلان لأنه رجل صالح! ولا تنتخب فلانا من الناس لأنه انسان منحرف ...الخ. وهذا هو ما يجري في العراق اليوم في الانتخابات التي جرت تحت مسميات قائمة المرجعية وكانت عنوانا لكل مفسدة في العراق وبلاء مبين على الشعب.. انها التشيع الصفوي بعينه والصفوية بكل عناوينها. ويقول الكواكبي في فصل الاستبداد الديني ان أكثر اراء العلماء الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان على ان الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني. والبعض يقول إن لم يكن هناك توليد فهما اخوان أبوهما السيطرة وأمهما الرياسة أو هما صنوان قويان بينهما الحاجة على التعاون لإذلال الانسان. والمشكلة بينهما إنهما حاكمان في مملكة الاجسام والأخر في عالم القلوب. عادل الياسري. مؤرخ ـ أمريكا. Copyright ©2021 by Adel Alyasiry.
#عادل_الياسري (هاشتاغ)
Adel_Alyasiry#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة العراق 1920.. مرجعية كربلاء فجرتها.. ومرجعية النجف افشل
...
-
حزب الدعوة ومصائب العراق ومن حرق مقراتهم..!؟.
-
البراءة من شيوخ العشائر من عناوين الوطنية بين الامس واليوم..
...
-
مظلومية الشيعة خرافة سياسية صناعتها الأحزاب الشيعية.
-
المجاهد السيد نور الياسري والشيخ ضاري والعلاقة بينها في ثورة
...
-
المجاهد السيد نور الياسري والشيخ ضاري والعلاقة بينها في ثورة
...
-
نبوءة الملك الشريف الحسين بن علي بمذبحة قصر الرحاب في 14 تمو
...
-
الشيعة وثورة العشرين ( 1920 ) وامريكا .
-
ريتشارد دوكينز بالعربي و ثورة العراق 1920
-
مقدمة كتاب ( جهاد السيد نور السيد عزيز الياسري في ثورة العرا
...
-
الدعاء هو الوثيقة السريّة في القرآن .
-
الدعوجية والمرجعية
-
قتلت المدينة الفاضلة ونحن قعود ...!
-
العاشر من حزيران الخيانة الكبرى في العراق ..!
-
هل انتهاء الازمة في سوريا تعني الانتقال الى الاردن ؟
-
السستاني ضيّاع القدسية وقيادة البعث القومية
-
هل يصبح ال ياسر بوق مثقوب لحزب الدعوة الطائفي في الانتخابات
...
-
ملف8 آذارمارس يوم المرأة العالمي 2009 -أهمية وتأثير التمثيل
...
-
الانتخابات و السستاني و فاضل الشرطي
-
الوطنية العراقية في رسائل المس بيل
المزيد.....
-
رئيس الوزراء الفرنسي يدعو النواب لـ-التحلي بالمسؤولية- وحكوم
...
-
سوريا.. مدى تهديد فصائل المعارضة وتحركاتها السريعة على بقاء
...
-
أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم يعاقب إسرائيل
-
هل فعلا يجب شرب 8 أكواب من الماء يوميا؟
-
نصائح لتعزيز منظومة المناعة في الشتاء
-
مصر ترفع اسم ابنة رجل أعمال شهير من قائمة الإرهاب
-
عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
-
من تاباتشولا في المكسيك إلى الولايات المتحدة.. مهاجرون يبحثو
...
-
منطقة عازلة وتنازل عن الأراضي.. كيف يخطط ترامب لإنهاء الحرب
...
-
رغم العقوبات على موسكو.. الغاز الروسي مازال يتدفق على أوروبا
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|