|
أسباب تفشي الفساد الإداري في الاقتصاد العراقي
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6786 - 2021 / 1 / 12 - 10:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاقتصاد العراقي لم يشهد خطة عملية وواقعية للإصلاح بعد الاحتلال الأمريكي عام/ 2003 وإنما تعامل السياسيون العراقيون معه بطريقة عشوائية حيث كانت تلك القوى مخزونة بنيات سيئة وخبيثة من أجل الإثراء بوحشية على الخراب والتدمير على ما خلفه نظام صدام الذي شن الحروب المدمرة التي أزاحته من سلطة الحكم وكان المؤمل بالقوى السياسية التي تولت الحكم بعد عام/ 2003 من تعمير ما خربه ذلك النظام المقبور بل بالعكس حيث باشرت القوى السياسية معتمدة على المحاصصة الطائفية من تولي السلطة الذين كانوا يتحدثون عن بناء (اقتصاد السوق) وتفكيك النظام السابق الذي كان يعتمده صدام حسين وفتح المجال للقطاع الخاص في الاستثمار. وقد أغرقت مؤسسات القطاع العام بالموظفين الفائضين عن الحاجة والفضائيين البطالة المقنعة حتى بلغ عددهم في السنوات التالية حوالي (ستة ملايين موظف) في مقابل تراجع كبير بمعدلات الإنتاج في مختلف المجالات وتعطل لأغلب مشاريع الدولة الإنتاجية الموروثة عن العهود السابقة وفي مقابل ذلك بقيت فكرة دعم القطاع الخاص أسيرة للمصالح الاقتصادية الضيقة للقابضين على سلطة القرار في الدولة من حيتان الفساد الإداري. مما فرض على المستثمرين كلفاً إضافية للمشاريع تدقع على شكل ولاءات أو رشاوي وهدايا مهذبة وحصص بنسب متفق عليها سلفاً تقدم إلى من بيدهم القرار في منح هذه المشاريع وإن هذا السبب من جملة أسباب أخرى كانت من بين الأسباب التي جعلت حيتان الفساد الإداري في الدولة يتفقون مع المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال على الاكتفاء بالمشاريع الصغيرة وكان معظمها في قطاع التجارة والخدمات. ولم يدشنوا مشاريع إنتاجية استراتيجية (صناعية أو زراعية) لأنه يحتاج إلى رأس مال طويل إضافة إلى حاجتها إلى رؤوس أموال كبيرة أيضاً مما يتطلب استقراراً أمنياً وإدارياً وقانونياً بقي غير متوفر بنسب كبيرة في عراق ما بعد عام/ 2003. إن بنية الاقتصاد العراقي بعد عام/ 2003 بنية فاسدة في معظم وجوهها إن لم يكن في جميعها، تنقلت بين اقتصاديات الحصار ومافيات لتترعرع في ظل اقتصاد الاحتلال وسياسات الحواسم والنهب المنظم التي أصبحت السمة الأبرز لاقتصاد حكومات ما بعد عام/ 2003 حيث أصبح الاقتصاد العراقي برمته بأنه اقتصاد الفساد الإداري. وحينما ترصد ملامح الاقتصاد العراقي في الفترة ما قبل عام/ 2003 كانت فترة الحصار التي أصبح فيها الاقتصاد العراقي ذو صبغة مافوية محصورة بين أعضاء النظام وعائلة صدام حسين المقربين لها وكانت بكسر حواجز الحصار والتهرب من عيون الرقيب الدولي الرشوة أو غيرها الذي على ضوئها تتواصل إدامة الحياة الاقتصادية في العراق .. وهذه المنظومة لم تنته بنهاية النظام عام/ 2003 بل استطاعت أن تتسلل إلى النظام الجديد بعد عام/ 2003 وتنخرط به وتلبس لباس الطائفية بواسطة الأحزاب المهيمنة على سلطة الحكم التي ساعدت كثيراً في خلق طبقة اقتصادية واجتماعية أثرت على حساب النهب العام وتهريب الآثار وتفكيك المنشآت العامة وبيعها في أسواق مشبوهة لدى دول الجوار الجغرافي، حتى تمكنت فيها هذه القوى من أن تبني علاقات ومصالح مشتركة مع تلك الدول كان لها تأثير كبير على رسم الكثير من السياسات المستقبلية للعراق ومن المرجح أن ما شهده العراق من تردد وتراجع كبيرين في قطاع الصناعة والزراعة وخصوصاً إنتاج الطاقة الكهربائية كان بتأثير من هذه الدول التي آثرت أن يبقى العراق مستهلكاً لما تنتجه دول الإقليم عن طريق ما تستورده هذه المافيات إضافة إلى سياسات نهب الموازنات المخصصة لهذا القطاع والتي بلغت أكثر من أربعين مليار دولار، ومن غرائب السياسة الاستثمارية في العراق أن تصرف ملايين الدولارات لصبغ وشراء أثاث لمعامل ومنشآت عراقية تعاني أصلاً من التقادم في خطوط الإنتاج والعطل في بعض المراحل الإنتاجية التي تسببت في توقف كامل أو جزئي للمعمل وإصرار إدارات هذه المعامل على عدم تحديثها أو إصلاحها الاكتفاء بعمل الصبغ وتحديث الأثاث !!؟؟ مما يدل دلالة واضحة على نيات مبيتة لتعطيل هذه المشاريع تمهيداً لبيعها بأثمان زهيدة ضمن الخصخصة أو تفكيكها وبيعها خردة .. كما أن من المفارقات المثيرة للاستغراب أن معظم القوى السياسية في العراق إن لم يكن كلها لا زالت تتفق في خطاباتها الإعلامية على نهج المحاصصة الطائفية الذي ترك آثاره السلبية على الحياة السياسية والاقتصادية في العراق وتأثيرها على مفاصل الدولة ولأجل الاستنتاج عن ظاهرة المحاصصة الطائفية وتأثيرها في إقرار الفساد الإداري نلاحظ أن العلاقة بينهما جدلية ومترابطة ومتلازمة في التجربة العراقية بعد عام/ 2003 بالرغم من أن الفساد الإداري كان مستشري في حكومات الأحقاب الماضية إلا أنه لم يكن بهذا العنف والقوة بعد عام/ 2003 وقد كانت المحاصصة الطائفية كنتيجة حتمية لوجود الفساد الإداري والراعية والحامية لأساطينه كما أثبت الواقع وأكدته التجارب ومن الدلائل على ذلك السكوت المتقابل للكتل السياسية عن ملفات الفساد المفضوحة وعدم تفعيل إجراءات المحاسبة ضدها وتأثير الكتل السياسية والتوافقية بينها أثرت وعطلت الدور الرقابي للبرلمان باعتباره الصوت والفعل المدافع عن حقوق الشعب ومصالحه لأكثر من دورتين انتخابيتين كما أثرت وعطلت دور المدعي العام باعتباره المدافع عن الحق العام إضافة إلى تسييس القضاء والهيئات المستقلة المتحاصصة أيضاً مع الأحزاب.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرار القاطع .. والحذر من الجياع والفقراء والمظلومين الذين
...
-
بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجيش العراقي الباسل
-
ما هي ستراتيجية الفوضى البناءة ؟
-
الضرائب + تخفيض العملة = تدمير الشعب العراقي
-
أولويات العراق في عام/ 2021 الأمن والفساد والإصلاح
-
بمناسبة عيد الميلاد المجيد .. العلاقة بين أهل المذهب الشيعي
...
-
النزاهة والفساد الإداري ظاهرتان متناقضتان ومتضاربتان لا يمكن
...
-
السلبيات التي تفرزها وصفة صندوق النقد الدولي
-
لو أن ... الكاظمي ..!!؟؟
-
من أجل بناء الاقتصاد العراقي
-
مواطن يسأل نواب الشعب ..!!؟؟
-
حول تكريم المبدعين العراقيين
-
المخدرات وآثارها المدمرة على الشعب العراقي
-
الكاظمي والصدمة المالية وجهاز الدولة العراقية
-
الإصلاح مشروع فكري والتطبيق عمل وبناء
-
تجربة سلطة الحكم في العراق
-
الكاظمي والقرار الصعب
-
بمناسبة مرور عام على مسلسل الموت لثورة الجوع والغضب التشريني
...
-
الكاظمي ومشروعه الإصلاحي الفاشل
-
الجذور النضالية لمدينة الناصرية الباسلة
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|