نوري شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 05:34
المحور:
الادب والفن
في بلاد الشام وتركيا وبلاد فارس كانت ولادة المسرح متأخرة بينهم وذلك يعود إلى طغيان الأفكار السياسية والحروب عليهم بالإضافة إلى حياتهم الغير مستقرة / بداوة- ورعاة/ حيث تم الإشارة ~إلى فن المسرح في كتاب / الدياران / للشابستي حين يهدد أحدهم الآخر بأن يخرج أمة في لعبة خيال الظل، يذكر أيضا أنه في مرحلة الخلافة العباسية كان الخليفة المتوكل هو أول من أدخل الألعاب والمسليات والرقص والموسيقى على البلاط وكان يهوى التمثيل ويحبذ مشاهدة العروض الفكاهة أو التي يؤديها المقلدون وكانت له محاولات إخراجية في مجال المسرح، بقي سرعة تطور المسرح بطيئاً بينهم بل مقتصراً على خيال الظل والحكواتيون والرقص والموسيقى والمقلدون حتى بداية القرن التاسع عشر حيث كانت مصر من الدول المهيأة من بين الدول الشرقية لتقبل فكرة المسرح لا سيما الفرق المسرحية الأوربية كانت مداومة على الاستمرار لمثل هذه العلوم الإنسانية وكان الفضل الأول يعود إلى نابليون بونابرت، فقد جلب معه الكثير من مستلزمات الرفاهية ومنها الفرق المسرحية، وأختار مكاناً للعروض المسرحية في الأزبكية، أرسل فيما بعد مجموعة من الشباب المصرين ليدوسوا في فرنسا أشكالاً مختلفة من العلوم ومنها فن المسرح ومن مصر ولدت لعبة الظل ونقلت فنونها إلى تركيا عن طريق السلطان سليم الأول وبسبب حكم العثمانيون على منطقة بلاد الشام وما حولها، فقد امتدت لعبة الظل إلى جميع مستعمرات.
فماذا عن الكرد ومتى عرفوا هذا الفن، وهل معرفتهم لفن المسرح كان قبل ميلاد أم بعده، ى عرفوها قبل اعتناقهم للإسلام أم بعده، عرفوه قبل القرن التاسع عشر أم بعده، سنبدأ من الحقيقة التي يعرفها كل مهتم بفن المسرح وهي أن ولادة المسرح كانت في عصر الفراعنة والحقيقة الثانية التي يذكرها التاريخ هي علاقة الفراعنة الحميمة مع الميتانيين وأدت فيما بعد إلى عقد بروتوكولات تجارية واتفاقات مشتركة ضد الطامعين، وتطور الأمر بين الإمبراطورتين إلى عقد صفقات زواج بينهم وعلى مستوى الأسر الحاكمة، حيث تزوجت ابنة الحاكم الميتاني من أبن الحاكم الفرعوني وسميت لذى الفراعنة (نفرتيتي ) واتي لعبت دوراً هاما في عصرها، بالإضافة إلى تبادل العلمي والثقافي ن فلقد وصل الميتانيين فن النقش وتلوين الزجاج إلى الفراعنة، فهل من المعقول أن لا يكون فن المسرح قد وصل إلى الميتانيون بعد كل تلك العلاقات لا سيما كان المسرح آنذاك مصدراً لتقوية الروح المعنوية لذى المقاتلين، ولكي نتأكد من ضعف أو قوة هذه النظرية ما علينا فعله هو انتظار قوة عظمة تنظف الأتربة المتراكمة طيلة القرون بائسة على أنقاض الامبرطورية الميتانية والتي كان لها الدور إيجابياً فيما بعد هي الامبرطورية الميدية والكاشية وغيرها من الأمارات والدويلات الكردية في حياة الشعوب والأقوام التي توالت، حيث كانوا عناصر جادة في تناول كل العلوم الإنسانية حيث دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه ولم يكنوا يوماً عناصر مهمشة بعيدة عن مسار التطور والبناء الحضاري
آمن الكرد بالدين الإسلامي طواعية وكانت مناطقهم منتجة للثقافة ولبقية الفنون الإنسانية ، وكانوا يحتفلون بأعيادهم القومية بأشكال عدة ، حيث كانت الأفراح تقام لعدة أيام ويحضرها المقلدون ويقدمون عروضهم في سياق التقليد بشكل مبدع وملفت للنظر ، وقد كان عيد نوروز خير مثال لذلك وتبث من خلاله وجود المسرح الكردي حيث يذكر الشابشتي في كتابه الديارات هذه الحقيقة إذ يقول بأن الخليفة المتوكل قد سمح في العيد النوروز لفرق / الممثلين/ بأن يقدموا عرضاً مسرحياً كوميدياً لقاء بعض من الدراهم ويذكر الكتاب أيضا بأن خلافاً حصل بين المتوكل ووزيره بسبب تلك الفرق ، لأن الوزير كان ينظر إليهم بعين غير مستحبة عكس المتوكل الذي ذكرنا فيما سبق بأنه يهوى فن التمثيل وكانت له محاولات إخراجية .
وللذكر كان أعضاء تلك الفرق من الأكراد يعرضون ما لديهم من حكايا وطرائف وحكم وأمثال في أطار تمثيلي، ويذكر/ الفريزي / مقارناً بين إحدى الاحتفالات التي قامت في مصر أثناء ممارسة الأكراد لطقس من طقوسهم في عيد النوروز، حيث يقول كانوا بأهل الأسواق وعملوا فيها عيد النوروز وخرجوا إلى القاهرة بألعابهم ولعبوا ثلاثة أيام أضهر بها السماجات براعتهم الفنية في تلك الأيام.
وبعدها مرت على الأكراد أوضاع مأساوية شملت حضارتهم وعلومهم الإنسانية وتم تجريدهم من كل تلك العلوم، كما تم أضارهم بمظهر الرعاة لا استقرار لهم كما لا توجد أي حضارة لديهم فطمرت علومهم وثقافتهم في بحار مظلمة وعاش الأكراد في طوق من العتمة والحرمان يتسولون بقايا حضارتهم وحريتهم في محطات يغلب عليها الصراع والقوة ومنة جانب أخر ظل المفكرين والمؤرخين والمهتمين بأمور الأدب والثقافة من الأكراد في لهاث دائم للحاق بركب العصر وعدم التخلف عنه قدر المستطاع ومحاولة نبش القبر الذي قبر بها حضارتهم والبحث عن بقايا تلك الحضارة المطمورة بين التاريخ الإنساني ظل الأكراد على ذلك الحال حيث أصبح وطنهم عرضاً للطامعين بسبب ثرواتهم وأراضيهم ساحة للمعارك الضارية حتى تم تقسيم بشك رسمي عام /1536/م بين العثمانيون والصفو يون وتلاها التقسيم الثاني في عام /1916 / بذلك تم توزيع الأكراد بين أربع دول ، لكن رغم ذلك لم يتوقف الشعب الكردي على المثابرة للحاق بوكب الحضارة والتقدم فكانوا يناضلون من أجل تحررهم وكانوا بالمقابل يحاولون الإلمام بشتى صنوف العلوم والأدب ويذكر بأن أول عرض مسرحي شهدته كردستان العراق كان عرض / ممو –زين/ عام 1919 والعرض الثاني كان عام 1925 بعنوان / العلم – الجهل / وأثناء قيام جمهورية مها باد 1946 حاول الشعب الكردي جاهداً أن يفرغ كل ما لديه لإنجاح تجربتهم الفنية فقاموا بعرض مسرحية أم الوطن وذلك في شهر آذار 1945 والمعرف أن مسرحية ام الوطن كانت مسرحية غنائية أو بالا حرى أوبرت وليس بعمل السهل ويحتاج إلى إمكانياتي واختصاصات هائلة وإلى كوادر فنية متمكنة لها طاقات مسرحية غنائية حتى يتمكن الممثلين من تقديم مثل العرض الكبير
#نوري_شوقي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟