|
ترامب والترامبية والنظام الامريكي !
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 6781 - 2021 / 1 / 7 - 22:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
--------------------------------------
والان ، رغم ان الوقت مازال مبكرا جدا على اطلاق التقييمات او الاحكام او التوصل الى خلاصات جدية مفيدة، ما اهمية ما حصل بالامس في واشنطن بالنسبة لنا ؟ وهل سننتفع منه في الشماته او كيل الشتائم او القول بان النظام الامريكي لا يختلف عن انظمتنا كثيرا وان ما يحصل لديهم الان هو صورة لا تختلف في الجوهرعما حصل ويحصل لدينا ؟ هل نبحث عن شفاء غليلنا ام ان هناك امر آخر اكثر اهمية بما لا يقاس علينا استشفافه والغورفيه، هو بالتاكيد ما ينفعنا ويجب بذل الوسع في فهمه ؟ اعتقد ان السؤال الاهم ، الان ،هو هل ان ترامب والترامبية وما حصل بالامس في واشنطن وتداعياته اللاحقة الممكنة او تداعياته التي لم تحصل وكان يمكن ان تقود الى عواقب اوخم هي ظاهرة استثنائية ، واحداث ووقائع شاذة ، عن النظام الامريكي كنظام اقتصادي اجتماعي وعن بنيته السياسية وآلياته الضابطة وما تتيحه ، ام انه ممكن من ممكنات هذا النظام وافراز طبيعي ووجه محتمل وتطور كامن يمكن ان تقود اليه تلك الاليات نفسها ؟ هل ان شخص ترامب نفسه ، بتكوينه الاخلاقي ومنطقه وافكاره وممارساته ، المعروفة ، سواءا على صعيد السياسة الخارجية مثل البلطجة والقتل والابتزاز التي تحولت في عهده الى سياسات رسمية معتمدة لها امثلتها المعروفة او السياسة الداخلية التي تجلى فيها ايضا استهتاره بحقوق المواطن الامريكي او تهربه الضريبي او اصدار الاعفاءات العامة والشاملة عن مرتكبين لجرائم حقيقية في القانون الامريكي او غيرها يمثل حالة طارئة ومرفوضة من قبل القيم الامريكية اوالممارسة السياسية الامريكية على الاقل ، ام انه صورة من صورها وان كانت اكثر تطرفا مما شهدنا من امثلة طوال عقود ؟! اعتقد ان الشماته او الشتائم لا تنفعنا كثيرا هنا ، اما القول بان ماحصل لديهم لا يختلف جوهريا عما حصل ويحصل لدينا فهو قول لا يستند الى منطق ولا يدعمه علم ، لان الاسساس الاقتصادي والاجتماعي وطبيعة الصراعات وبالتالي انعكاساتها وتعبيراتها السياسية مختلفه كل الاختلاف ... يبقى لدينا السؤال الاهم وهو هل ان ترامب والترامبية وما حصل من تداعيات بالامس امر غريب وشاذ ولا يمكن ان يصدر عن طبيعة النظام الامريكي ام انه احدى نتائجه المحتملة ووجه ممكن من وجوهه ؟ اذكركم فقط ، بان بلطجة ترامب وابتزازه علنا لحكام الخليج واستحواذه على ملياراتهم دون مقابل ، مثلا ، لم تستدع اعتراضا واضحا او استنكارا ملموسا ويعتد به من الاوساط المؤثرة في النظام السياسي الامريكي بل على العكس كان سببا من اسباب تنامي شعبيته وقبوله وكذلك كان امر تحويل الاغتيالات وجرائم القتل الى سياسة دولة دون خجل او وجل مما يعتبر " قيما امريكية" ثابته ومعلنه وكذلك المطالبة بالاستحواذ على نفط العراق وانكار وجود شعبه او الاستحواذ الفعلي على نفط سوريا ...الخ وباعتبار ان السياسة الخارجية ، دائما او في معظم الاحيان ، هي امتداد اوانعكاس للسياسة الداخلية فلم تكن سياسة ترامب الداخلية لتختلف كثيرا عن ذلك خصوصا بحق احترام حقوق المواطن الامريكي او حياته او قيم الديمقراطية الامريكية ، سواء في القوانين التي عارض اصدارها او الاعفاءات التي استصدرها لمجرمين محكومين او متهمين يتعين مثولهم امام المحاكم او ذلك الفشل المشهود والمروع في العجز امام وباء كورونا الذي تجاوزت الاصابات فيه الملايين والوفيات مئات الالوف في اغنى بلدان العالم مالا وتجهيزات وقدرات ! لقد هوجم الكونكرس من جماعات منظمة وميليشيات ترفع اعلامها الخاصة وثمة معلومات ومشاهد تداولتها الوكالات العالمية ، قبل ذلك ، ان هذه الميليشيات مسلحة وانها كانت تواصل تدريباتها علنا قبل وقائع الامس ، وبحسب المعلومات فان الدستور الامريكي نفسه يسمح بوجود مثل هذه الميليشات كرديف للقوات المسلحة في حماية النظام الديمقراطي اتجاه اي " تهديد " محتمل ! واذا كان المشرع الامريكي يتيح للجماعات المسلحة وجودا قانونيا فان معظم الانظمة الديمقراطية الغربية يحتفظ بمثل هذه الامكانية على شكل جماعات يمينية متطرفه او جماعات فاشية شبه مسلحة يمكن نفخها والتمكين لها ساعة الحاجة وحينما تجد نفسها امام " تهديد " محتمل او مصلحة مصيرية وهي تواصل تغذيتها بمواد الكراهيةالسياسية والعنصرية يوميا ،ومثال صعود النازية والتمكين لهتلر والمجزرة العالمية التي واجهتها البشرية جراء ذلك ليس ببعيد بحيث ينسى ...اما الاستهتار بارواح البشر واستباحة البلدان والاستخفاف بقيم السيادة والحرية فامثلته اليومية حاضرة وملموسة في حين ان امثلته القديمة لم تنس بعد ، لانها احدثت جروحا لا تندمل في قلب وذاكرة البشرية رغم الذرائع المتهاوية التي حاولوا ويحاولون سترها بها عبر جهد الاعلام العالمي المطلق الهيمنة من خلال امتلاك احدث التقنيات والتوفر على ترليونات الدولارات وتجنيد جيوش من الاّفاقين والكذابين ومجرمي الكلمة و الرأي عن سابق تصور وتصميم والذين لم يخجلوا حتى عن ان يجدوا الذريعة لقتل مئات الالوف دفعة واحدة في هيروشيما وناكازاكي وبالقنابل النووية تحت ذريعة اضطرار ادارة ترومان الى فعل ذلك ... حقناً للدماء !
وليس معنى ما تقدم هو ان امريكا كلها شر او قصد تسويد صفحة النظام الامريكي بالنظرالى نصف الكأس الملطخ بالدماء والسخام وانما ما يعنينا هنا هو التأكيد بان النظام الامريكي عاجز تماما عن تقديم امثولة حسنة للاقتداء بحكم طبيعته ذاتها ، وهو اعجز عن ان يقدم للاخرين حلولا لمشكلاتهم او منهجا يساعدهم في البناء والتطور ، وان ما حصل بالامس من هجوم للغوغاء الترامبية على رمز امريكي هو الاشهر للديمقراطية والدستورية لم يكن الاول ولن يكون الاخيرمن نوعه عالميا ، فعبر السنوات والعقود السابقة شهد العالم عشرات الهجمات الغوغائية المسلحة الدامية على مؤسسات ورموز للديمقراطية والدستور والحكم الوطني المستقل في العديد من البلدان بتدبير واسناد امريكي فعال ادت الى مجازر واريقت فيها دماء المئات ان لم يكن الالوف من اجل مصالح القلة في ادارة امريكا وحلفائها ، والامثلة اكثر من ان تذكر ، من ايران مصدق الى عراق شباط 1963حتى شيلي سلفادور اليندي وروسيا يلسين وغيرها حتى امثلة اليوم الذي تجند فيه الدهماء في تنظيمات دموية او" منظمات ديمقراطية مدنية " او يجري دعم واسناد حكومات عسكرية او حكومات " رشيدة " تابعة وحليفة للعبث بامن واستقلال وسيادة واستقرار الدول والشعوب تحقيقا للغايات الشريرة ذاتها ! ان صورة ترامب التي رأينا ونرى فيها اليوم ،الجنون والبشاعة والبعد عن المنطق في سبيل المصالح الذاتية هي صورة امريكية بامتياز وان ترامب ليس سوى احدى تجلياتها الممكنة !
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انا ... الفلسطيني !
-
المُولِد الصيني : هل سيخرج منه العراق بلا حمص ؟
-
ثورة 14 تموز ... ماضٍ ام مستقبل ؟!
-
لعبة الطرد خارج الحلبة والعودة في شوط آخر !
-
مالذي جرى ويجري ؟ ....محاولة اولية في قراءة الوقائع ...(2)
-
مالذي جرى ويجري ؟ ....محاولة اولية في قراءة الوقائع ...(1)
-
الحاكم وطني مخلص والشعب خائن وجاهل منذ 1991 حتى 2019 !
-
تقرير اللجنه الوزارية : اراد ان يكون - متوازنا - ففقد التواز
...
-
ثورة 14 تموز 1958 ...ثورة الامل المغدور !
-
لا اظنهم يجهلون ما يفعلون !
-
لا قطاع خاص طفيلي ومخّرب ولا قطاع عام فاسد وطفيلي ....
-
اخرجوا رؤوسكم من الرمال ياسادة .. قد يرى الناس صورة صدام في
...
-
الخشقجة الصغرى والخشقجة الكبرى ..وما بينهما !
-
رئيس وزراء صادق وشعبٌ كذّاب !
-
ترامب ومحميات الخليج : سحق الأصدقاء قبل الأعداء !
-
جوق الإنشاد ، من - ابن الرافدين - الى ادرعي وكوهين !
-
قصة الطفل المعجزة ساسون حسقيل !
-
فرهود اليهود ....هل كان مذبحة عنصرية ؟ !
-
هل يخرج العراقي من الباب ليدخل الإسرائيلي من الشباك ...شبهات
...
-
مع إيران ام مع أمريكا ترامب ؟
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|