|
المخرج الإيراني محمد شيرواني للحوار المتمدن: السينما هي الذاكرة، والتلفاز هو السلطة في البلدان التي لا تحترم الذاكرة المرئية
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1617 - 2006 / 7 / 20 - 12:02
المحور:
مقابلات و حوارات
ينحدر المخرج الإيراني محمد شيرواني من عائلة دينية محافظة، تتميّز بنظامها الحياتي الصارم. فأبوه كان رجلاً عسكرياً متشدداً في حياته برمتها. وحينما إندلعت الحرب العراقية- الإيرانية كان عمر محمد سبع سنوات لا غير، فهو من مواليد طهران عام 1973. وكان والده يدرك جيداً أن يد المنون تختطف الآلاف المؤلفة من الرجال وهم في ريعان شبابهم في جبهات القتال، لذلك سارع إلى تسجيله في مدرسة التصنيع العسكري العليا علّه ينقذه من المصير الغامض الذي ينتظره في المناطق الحدودية المُلتهبة شرط أن يخدم في هذا الصنف مدة عشر سنوات! ولأن محمد شيرواني كائناً مطيعاً وخجولاً فقد رضخ لرغبة أبيه، وتطوّع في هذه المدرسة العسكرية، وبقي في طهران، المدينة الأكثر أمناً من كل المدن الإيرانية الغربية المحاذية للحدود العراقية. ولم تتوقف صرامة أسرته عند هذا الحد حسب، بل أجبروه على زواج تقليدي يرضي رغبة الوالدين فقط من دون أية مراعاة لمشاعره الداخلية، وقلبه الذي قد ينبض لفتاة أخرى صادفها هنا أو هناك. غير أن هذه الضغوط القاسية قد فجّرت في أعماقه ما لم يتوقعه الأب الذي يريد أن يرسم خارطة لمستقبل ابنه على هواه ومزاجه، فقد هرب الإبن بعد سبع سنوات من الخدمة العسكرية المتواصلة ، وتوجه إلى دراسة الفن التشكيلي في أكاديمية الفنون الجميلة، وإنغمس في التشكيل لمدة من الزمن، لكنه إكتشف أن فضاء اللوحة التشكيلية ضيّق، وأن جمهور الفن التشكيلي محدود عموماً، ومقتصراً على النخبة، بينما كان همّه الداخلي مخاطبة جمهور أكبر حجماً وأوسع إنتشاراً، لذلك فكّر في السينما بوصفها فناً بصرياً واسع الإنتشار، وقد يفتح له كوّة إلى العالم الخارجي حيث تنتظره الجوائز العالمية، وتترقبه السجّادة الحمراء. جائزة " كان " أنقذته من عقوبة الهروب من الخدمة العسكرية في عام 1988 كانت الحرب العراقية- الإيرانية قد وضعت أوزارها، لكن الأجهزة الأمنية ظلت يقظة تحاسب الناس على هفواتهم وأخطائهم، وترسم لهم مصائرهم أيضاً. ولأنه " هارب من خدمة الوطن " فلابد للأجهزة الأمنية أن تقبض عليه، وتودعه في " سجونها الإصلاحية! ". كان محمد شيرواني في عام 1999 بالذات منهمكاً في إنجاز فيلمه الأول " الدائرة "، وحينما وضع لمساته الأخيرة عليه بعثه إلى باريس بهدف المشاركة في مهرجان " كان " السينمائي، وظل ينتظر ساعي البريد لكي يحمل له الخبر المفاجئ الذي سيقلب حياته رأساً على عقب. وفعلاً جاء منْ يطرق على الباب، لكنه لم يكن ساعي البريد، بل كانوا زمرة من العناصر الأمنية التي كبّلت أحلام محمد أو يديه، وإقتادته إلى أقرب مركز بوليسي للتحقيق في جريمة هروبه من " خدمة العلم ". وضمن مراحل سير التحقيق صادف أن تظهر الموافقة الرسمية على مشاركة فيلمه التسجيلي القصير " الدائرة " في مهرجان " كان " ذائع الصيت، وخشية من فضائح الصحافة العالمية التي قد تنشر غسيل المخابرات الإيرانية في وسائل الميديا العالمية، أطلقوا سراحه، ومنحوه إذناً بالسفر إلى باريس شرط أن يتحدث عن " الدائرة " وألا يخرج عن مساحتها الضيقة المرسومة بالخط الأحمر. لم يُدهش محمد شيرواني حينما إنتزع فيلمه الأول جائزة النقاد " فيبريسي " فهو الأدرى بإمكانياته الفنية التي تؤرقه ليل نهار، ويعرف أن منجم أعماقه غزير بالعطاءات القادمة. فواصل مسيرته الإخراجية بأفلام تنتمي إلى المجازفة والتجريب " والعالم الجوّني " إن صح التعبير، ملامساً المناطق المحرّمة أو المحجوبة أو المسكوت عنها فأنجز في عام 2000 فيلم " المرشح "، وفي عام 2001 أنجز فيلمي " الموافقة " و " هدية تذكارية " وفي عام 2002 أثار فيلمه " الكرز المعلّب " ضجة في المشهد الثقافي السينمائي. وفي عام 2004 تبعه بفيلم " Conserve Iranian " وفي العام ذاته أنجز شيرواني فيلمه الروائي الأول " السرّة " والذي ينطوي على جرأة نادرة بحيث تلقفته المهرجانات العالمية ومن بينها مهرجان الفيلم العالمي في روتردام الذي إحتفى بعرضه عرضاً عالمياً أول مرة لافتاً إليه إهتمام النقاد والجمهور متعدد الجنسيات بحيث صار محبوه ومؤازره يترقبون عروضه القادمة. السخرية المرّة وروح الدعابة في عام 2005 أنجز شيرواني فيلمه التسجيلي الطويل الأول، والذي إنضوى تحت عنوان " الرئيس مير قنبر " وقد بلغ شيرواني في هذا الفيلم بالسخرية إلى أقصاها حينما تناول شخصية موظف حكومي متقاعد، طاعن في السن، يرشح نفسه للإنتخابات الرئاسية لإيران من قريته النائية في إقليم أذربيجان، يساعده فريق عمل مؤلف من رجل واحد يدعى سيف الله، معوّق يمتطي حماراً يجر وراءه عربة بدائية جداً، ويوزع منشوراته الدعائية المستنسخة على الرعاة والفلاحين. وقد وعده الرئيس المرتقب بإسناد وزارة الصحة إليه في حال فوزه بالحملة الإنتخابية. ويذكر أن مير قنبر حيدري قد رشح نفسه سابقاً للإنتخابات البرلمانية خمس مرات، وللإنتخابات الرئاسية ثلاث مرات، لكنه لم يحصد من كل مشاركاته السابقة إلا بضع مئات من الاصوات التي لم توصله إلى سدة الحكم. والمفارقة الكبرى أن هذا الرئيس المرتقب ينوي تنظيف شوارع إيران برمتها في حال وصوله إلى السلطة لإستقبال المهدي المنتظر الذي سيقضي على الظلم والجور، ويملأ الدنيا عدلاً وإحساناً. وقد فاز هذا الفيلم مؤخراً بجائزة " ياماغاتا " التي يمنحها مهرجان ياماغاتا للفيلم التسجيلي العالمي في اليابان. يمكن القول إن السيرة الإبداعية للمخرج الإيراني محمد شيرواني لن تقتصر على الأفلام العشرة التي أنجزها بين عام 1999 وحتى الآن، وإنما ستتوسع بالتأكيد، وتتطور لمصلحة تجربته الإخراجية التي تدور في فلك التجريب، وخرق المألوف، والتحرّش بالمناطق المختفية. وخلال هذه المدة القصيرة زمنياً اشترك شيرواني في سبعين مهرجاناً محلياً وعالمياً، ونال " 26 " جائزة وطنية، و " 6 " جوائز عالمية. الذاكرة المرئية وفي أثناء مشاركته في مهرجان الفيلم العالمي في روتردام وللمرة الثانية إلتقيته لأثير في أعماقه بعض الأسئلة التي تتعلق بتجربته الفنية. وقد ساهم في ترجمة هذا الحوار مشكوراً المترجم العراقي محمد الأمين " وهو من أصل إيراني " ويتقن اللغة الفارسية جيداً، الأمر الذي ساعدنا في الكشف عن المناطق الغامضة في حياة هذا المخرج السينمائي الذي سيحقق حضوراً كبيراً وفاعلاً في السنوات القادمة. وحينما بادرته بالسؤال عن مدى إقتناعة بمقولة غودار التي تؤكد على أن " السينما هي الذاكرة، والتفزيون هو النسيان. " أجاب إجابة ذكية تنطبق على الكثير من دول العالم الثالث الشمولية حيث قال " صحيح أن السينما هي الذاكرة، ولكن التلفاز هو السلطة!" في البلدان التي لا تحترم الذاكرة المرئية. وقبل أن نمضي في نثر أسئلتنا في فضاء ذاكرته قال إنه يفضل الحديث عن الأفلام الإيرانية التي عالجت الحرب العراقية- الإيرانية من منظور إنساني سواء له أو لغيره من المخرجين الإيرانيين وخصوصاً أولئك الذين إكتووا بنارها، أو عانوا منها بشكل غير مباشر. وعندما سألناه عن السبب الذي دفعه لإنجاز فيلم عن الأسرى العراقيين الذين ظلوا محتجزين في إيران لعقدين من الزمان أجاب: "في أحد أفلامي المعروفة وهو " الكرز المعلّب " حاولت أن أقدّم رؤية إنسانية شاملة للأسرى العراقيين في إيران من خلال رسالة يكتبها أسير عراقي لمولوده الذي بلغ من العمر " 18 " عاما من دون أن يعرف الأب الأسير إن كان المولود ذكراً أو أنثى، وقد شارك هذا الفيلم في عشرات المهرجانات العالمية، ونال إستحسان النقاد والمشاهدين على حد سواء. " كما توقف عند فيلم " الأسير والإنتظار " للمخرج الإيراني محمد الأحمدي والذي ساهم شيرواني في مَنْْتجته حيث قال " إن هذا الفيلم يتحدث عن مجموعة كبيرة من الأسرى العراقيين المُحتجزين في أحد معسكرات الأسر في إيران حيث أمضوا فيه نحو عشرين عاماً، وكانوا خلال هذه المدة الطويلة يتوقون للحظة التي يتحررون فيها من قيود الأسر الثقيلة. ويبدو من خلال هذا الفيلم أن العالم برمته قد نسي هؤلاء الأسرى، وأن الطيور هي الكائنات الوحيدة التي لم تنسَهم، بل كانت تبدد وحشتهم في ظلمة الأسر، وتخفف عنهم وطأة الأجواء الكابوسية المريرة.". وطالما أن المخرج ينتمي إلى " الموجة الجديدة " في إيران، هذه الموجة التي لم تنسجم مع أطاريح النظام الإسلامي الذي لا يترك للسينمائيين الحرية في العمل الفني سألناه عن الجهات الداعمة لأفلامه، خصوصاً وأن فيلمي " السرّة " و " الرئيس مير قنبر " قد حصلا على دعم من صندوق هوبيرت بالس الهولندي، فأجاب: " أنا مخرج مستقل، وأحاول جهد الإمكان أن أعبّر عن وجهة نظري الشخصية كفنان، وقد واجهت خلال السنوات السبع الماضية صعوبات كبيرة سبّبتها لي الجهات الرسمية، لذلك لم أحصل على دعم رسمي من إيران، وقد حصلت على دعم لفيلمين من أفلامي القصيرة من مؤسسات شبه حكومية، أما بقية أفلامي فقد حصلت على تمويل داخلي مستقل، وتمويل خارجي هولندي، كما ورد في متن سؤالك. وأكثر من ذلك فلم أحصل على ترخيص لعرض بعض أفلامي داخل إيران، ومن المؤسف أن اعرض أفلامي خارج إيران ولا أتمكن من عرضها للجمهور الإيراني. ". ومن المعروف أن محمد شيرواني مولع بالعمل السينمائي الروائي والتسجيلي، ولكنه يسعى لترسيخ نوع جديد من السينما التي تمزج بين الفيلم الروائي والتسجيلي في آنٍ معاً، وقد سبق له أن حدّد هدف هذا النوع الهجين وهو البحث عن " الحقيقة الثانية " حيث قال: " إن الفيلم التسجيلي يحّد من قدرتي على التخيّل، وأن الفيلم الروائي يقلل من إمكانية التوثيق. ما أبحث عنه هو الإمساك بـ " الحقيقة الثانية " التي أشار إليها تاركوفسكي ذات مرة. " وبوصفنا متابعين للمشهد السينمائي الإيراني فقد طلبنا منه أن يحدد طبيعة العلاقة بينه وبين المخرجين الكبار أمثال عباس كياروستمي ومحسن مخملباف وغيرهما فأجاب: " أغلب المخرجين الإيرانيين الكبار ينتمون إلى تيارات ومدارس سينمائية مختلفة، خلافاً لي ولأقراني من تيار " الموجة الجديدة " الذي لم ينسجم مع الرؤى والتوجهات السياسية للبلد بعد الثورة الإسلامية عام 1979. ولا بد من الإشارة إلى أن هؤلاء المخرجين الكبار أمثال كياروستمي ومخملباف، وبهرام بيضائي، وشوهراب شهيد ساليس، كانوا شجعاناً بما فيه الكفاية، لأنهم كسروا الحواجز التي كانت تقف بوجه السينما الإيرانية، وخصوصاً تلك القيود التي فرضتها هيمنة نظام ديني له شروطه، وقناعاته الفكرية التي أوجدت مقص الرقيب الذي لا يمرّر افلاماً تتنافى مع القيم الإسلامية. لذلك يجب التنوية دائماً إلى أهمية الدور الذي لعبه المخرجون الأسبقون الذين مهّدوا الطريق للموجة الجديدة والتي ننسبها لهم، لكننا ننسب إلينا فكرة الذهاب بالمغامرة إلى أقصاها، ومن هنا فقد تكون موضوعاتنا أكثر جرأة من موضوعاتهم، ولهذا السبب أقول إننا لم نكن محافظين بالقدر الذي كانوا هم عليه. نحن لم ننشغل بالكليشهات القديمة، بل ذهبنا إلى الأمكنة الجديدة التي أفرزت بالضرورة إبداعات جديدة ممتعة وغير مكررة كما هو حال أفلامي الجريئة " السرّة " أو " المرشح " أو " الكرز المعلّب " أو " الرئيس مير قنبر " أو أي فيلم آخر من أفلامي التي تعالج عوالم " جوّانية " أو سرّية إن شئت لم يتعاطَ معها المخرجون المحافظون. ربما لدي ملاحظة سلبية واحدة وخطيرة على بعض الأسماء الفنية الجديدة وهي أنهم يسعون وبلا هوادة لإتباع خطوات الاستاذة الكبار الذي أشرنا لهم آنفاً، فلو ذهب كياروستمي إلى كردستان وصوّر فيلماً عن المنطقة الساخنة هناك فأن أغلب المخرجين الشباب يذهبون إلى هناك، ويفعلوا مثلما فعل مستوحين الروح الإيقاعية للفيلم، أو لو ذهب مخملباف إلى أفغانستان فأنه سيغري الشباب بالذهاب إلى هناك ويحفزّهم لتصوير أفلام مماثلة لا تنجو من بصماته أو تاثيره الفني بشكل عام. ". وعن حجم المشاركة الإيرانية في مهرجان الفيلم العالمي في روتردام سألنا المخرج محمد شيرواني عن الأسباب الكامنة وراء الحضور الطاغي للفيلم الإيراني، ومبررات وجوده القوي على الرغم من خروجه من رحم نظام ديني أقل ما يقال عنه أنه متشدد أو أصولي، فأجاب: " إن السينما الإيرانية لم تتوقف بعد مجيء الثورة الإسلامية، وربما يعود الفضل الأكبر إلى المخرجين الأكبر سناً منا، والذين رفضوا أي شكل من أشكال القيود على الإنتاج السينمائي. وهذا لا يعني أنه ليست هناك رقابة على الفيلم الإيراني، بل أوكد لك بأن الرقابة كانت سابقاً موجودة على الفيلم الروائي بقوة لأنه يتعاطى مع موضوعات من قبيل الحياة والحب وما إلى ذلك، أما الآن فإن هناك رقابة حتى على الفيلم التسجيلي، ولكن الصراع بين السلطة من جهة، والسينمائيين من جهة أخرى ما يزال موجوداً وقائماً على اشده، وكل يشد الحبل بإتجاهه، غير أن بلداً كبيراً مثل إيران فيه طاقات سينمائية كبيرة. وأستطيع القول إن هناك نحو " 5000 " شخص في إيران يعملون في مجال إنتاج الفيلم الوثائقي، كما أن هناك الجامعات والمعاهد الفنية المتخصصة في مختلف الحقول السينمائية، لذلك فإن نسبة إنتاجنا للأفلام الوثائقية والروائية تفوق بلداناً كثيرة في العالم، فلا غرابة أن نشترك في هذا المهرجان بسبعة أفلام روائية ووثائقية. كما ساهمت الكاميرا الرقمية في في توسيع التصوير السينمائي، وإنتاج ما يسمى بالأفلام المنزلية التي تصور مباشرة بواسطة الكاميرا الديجيتال، وتمنتج على شاشة الكومبيوتر بكلف مادية ضئيلة جداً. ولك أن تتصور أنا من عائلة دينية محافظة، هربت من الخدمة العسكرية لألتحق بالحقل السينمائي الذي شفع لي وأنقذني من عقوبة قاسية لأنني أنجزت فيلم " الدائرة " الذي فاز بجائزة النقاد في مهرجان " كان " وقد ألغت السلطات الإيرانية العقوبة التي كانت مترتبة على هروبي من أداء الخدمة العسكرية بسبب هذه الجائزة العالمية ". فرض الحجاب، وتنظيف شوارع إيران لإستقبال المهدي المنتظر وعن فيلمه " الرئيس مير قنبر " المثير للجدل والسخرية في آن معاً سألناه عن السبب الذي دفعه لتبني هذا الحجم الكبير من الدعابة، والتهكم، والسخرية، والكوميديا السوداء فأجاب: " يتناول فيلمي الجديد " الرئيس مير قنبر " والذي حصل على دعم هولندي، شخصية دونكيشوتية، وهو مير قنبر حيدري الذي تمكن بعد خمس وعشرين عاماً من إجتياز إمتحان الكونكر الذي يؤهله للدخول إلى الجامعة، وقد دخل إليها وهو الآن أكبر طالب جامعي سناً. وقد خاض عدداً من الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية ولم يحصل إلا على نسبة ضئيلة من الأصوات، ولكنه يعتقد أن العناية الإلهية ستشمله ليتولى منصب رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران. وقد قدّم تصوراته وآراءه عن مهامه القادمة كرئيس للدولة في مجمل الشؤون الأساسية مثل حقوق الإنسان، وطبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مع التأكيد على العلاقة بين الشعبين الأمريكي والإيراني لا تشوبها أية شائبة، والإشكال قائم مع الإدارة الأمريكية فقط، كما بيّن وجهة نظره بحقوق المرأة الإيرانية. وقد آزره في هذه الحملة الإنتخابية لرئاسة الجمهورية شخص معاق وعده المرشح قنبر بمنصب وزير الصحة في حال فوزه في الحملة الإنتخابية. ولا تخفى على المشاهد أوجه المقارنة بين مير قنبر ومساعده سيف الله، ودون كيشوت ومرافقه سانشو بانزا. ولا شك في أنني أريد القول بأن هناك شخصيات غير طبيعية تسعى للوصول إلى أعلى المناصب الحكومية. وقد حظي هذا الفيلم بإعجاب الكثير من المشاهدين في العديد من بلدان العالم التي عرض فيها هذا الفيلم." وحينما سألناه عن سبب إختياره لشخوص غير محترفين في فن التمثيل سواء في هذا الفيلم أو أفلام سابقة له فأجاب: " أنا أحب العمل مع الشخصيات غير المحترفة، فهي طريفة في كل شيء، وتستطيع أن تتلمس الحقيقة من آرائها، وتوجهاتها، فهم يظهرون حقيقة ما في أعماقهم. وفي فيلم " الرئيس مير قنبر " هناك الكثير من الحقائق التي لا يجرؤ البعض على التصريح بها، بينما الناس البسطاء لا يضمرون شيئاً من هذا القبيل. فحينما سألته في جينيف عن رأيه في الفيلم قال بصراحة متناهية: " أن إعتراضي الوحيد على مدة الفيلم الذي كنت أتمنى أن يستمر عرضه لمدة ثلاث أو أربع ساعات، لأنه كان يعتقد أن مدة التصوير الطويلة التي إستغرقها الفيلم ستعرض كلها على الشاشة الكبيرة". وحينما سالوه عن الإجراءات التي سيتخذها عندما يصبح رئيساً للجمهورية أجاب بوضوح قائلاً: " سافرض الحجاب الإسلامي على المرأة، وسأصدر أوامر للمواطنين بتنظيف شوارع إيران تمهيداً لظهور المهدي المنتظر بعد غيبته الطويلة. ". رفض القوالب والصيغ الجامدة ولكون التجريب صفة مميزة في المنجز الفني لشيرواني فقد سألناه عن قدرته في إحتواء المتغيرات الكثيرة التي تطرأ على عالم السينما فأجاب: " إن معركة التجديد بين القديم والجديد في السينما وفي اي عمل إبداعي مستمرة، ولا أعتقد أنها ستتوقف ذات يوم. كل ما في الأمر أنا لا أحب الصيغ والقوالب الجامدة، لأن الصيغة تجعل الفن يشبه " سندويجة الماكدونالد " المتشابهة التي تجبر الشخص على أن يأكلها وهي ساخنة، ثم تنتهي بسرعة من دون أن تخلّف طعماً أو نكهة مستديمة. الفن السينمائي الراقي من وجهة نظري ليس صحيفة تولد اليوم لتموت غداً، وأنا أريد أن أصنع أفلاماً سينمائية تبقى لمدة طويلة من الزمن، وتتعاطى مع القضايا الإنسانية التي تصمد كلما تقادمت الأيام والسنوات. أنا اشعر بأن بعض الأفلام تغيّرت وراثياً، وأصبحت خفيفة لا وزن لها، تماماً كما الصحيفة اليومية التي تولد وتموت بعد ليلة واحدة من الحياة. أريد أن اصنع وأرى أيضاً أفلاماً منبثقة من أعماق الإنسان، جديدة، ومحرّكة للمشاعر، ومتمردة على الصيغ الثابتة. "
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كولم تويبن يفوز بجائزة إمباك الأدبية عن رواية المعلّم
-
العدد الثالث من مجلة - سومر - والإحتفاء برائد التنوير التركم
...
-
الفنان طلال عبد الرحمن قائد فرقة سومر الموسيقية: الغربيون يغ
...
-
باسم العزاوي الفائز بالجائزة الذهبية يتحدث عن صناعة الصورة ا
...
-
اليميني المحافظ فيليبي كالديرون، زعيم حزب الحركة الوطنية
-
الفنان العراقي كريم حسين يخرج من عزلته التي دامت عشر سنوات ف
...
-
عازف العود المنفرد أحمد مختار: الموسيقى من وجهة نظري عنصر أس
...
-
أسبوع الموسيقى العراقية في لندن
-
ظلال الصمت لعبد الله المحيسن وإشكالية الريادة الزمنية: هيمنة
...
-
أضرار لاحقة للمخرج المصري الألماني سمير نصر: العربي ليس حزام
...
-
شريط- ماروك - لليلى مراكشي: تقنيات ناجحة، وأداء متميز، ونهاي
...
-
في فيلمه الجديد انتقم ولكن من أجل عين واحدة المخرج الإسرائيل
...
-
المخرج رشيد مشهراوي يبدد قسوة الإنتظار الثقيل بالكوميديا الس
...
-
اختتام الدورة السادسة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
-
تجليات الأسلوب اليوغند ستيلي في - أصابع كاووش - التعبيرية
-
عدد جديد من مجلة - عمّان - الثقافية
-
إعتقال المفكر الإيراني المعروف رامين جهانبكلو وإتهامه بالتجس
...
-
مهرجان الفيلم العربي في روتردام يحتفي بربيعه السادس
-
بنية الإنسان المكبوت في مسرحية - الصفعة - لإيخون فان إنكْ: ا
...
-
إستذكارات - كاميران رؤوف: تتأرجح بين الأداء الكاريزماتي وتأج
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|