عبد الفتاح المطلبي
الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 23:58
المحور:
الادب والفن
عشرةٌ وربيعان مرتْ
يومَ كنتُ أجوبُ البساتين
أبحثُ عن هُدْهُدٍ
لا يخافُ البشَرْ
ولمّا مددتُ إليهِ يدي طارَ
خلّف لي ريشةً
فأودَعْتُها تربةَ القلبِ
أزرعها فيهِ
لعلّي سأحصدُ بلقيسَ
أو عرشَها
أو أرى لجةً من قواريرَ...
ممردةٍ ..
و بعد كثيرٍ من الصبر
سمعتُ نعيباً
رأيتُ الغُدافَ يحومُ
يصيحُ :(أوفيد)* ماذا فعلتْ
تُسربلُني بالسواد
أنا أبيضَ الريشِ كنتُ
لكنني لا أطيق الخيانةَ من عاشقٍ
ولا أستطيع السكوتْ
وما شأنُ نوح؟
ألستَ الذي ما وفى بالعهود؟
وما بشّرَ الناس يومَ السفينة بالغيضِ
فصبّ عليك الإلهُ سوادَ المُسوح
فكنتَ غُراباً غريباً
ومنك الجميعُ استرابْ
غرابْ....غرابْ
ونمتُ...ونمتُ
وازوَّرتِ الشمس عن مضجعي
نصفَ قرن
ولم يكُ من هدهدٍ
بلْ سَرابْ
حزمتُ حقائبَ صبري
ورحتُ أدجّنُ قلبي
تارةً بعصا الحبّ
أجلدهُ ثم أبكي عليه
ويوماً أقدمُ ضغثَ وردٍ إليه
حتى استكان
ومن ثُمَّ تاب
أعلمهُ كيفَ يكون البعيدُ قريباً
وكيف تمدّ المسافات أميالها
ويطيب السَفَر
وكيفَ يُغني الشجر
ورحتُ أجوبُ البلاد
ومنْ ضَفَةِ النهر
نهر المُشَرّح*
أخبرني طائرُ الغاق
عن شفقٍ فوقَ بغداد
يرقصُ في قرمزٍ من حرير
وقال هنا ربّما
هنا ربما تعيش الهداهدُ
وفي حلُمِ النوم شاهدتها
ربما ستأتي إليّ
تعلمني صيدَ هذي النجوم
نجمعُ ماءَ السماء
لنسقي البحارَ الظميئةَ منذ الأزلْ
ونُربّي القمَرْ
صغيراً يشبُّ على همسنا
فتنبتُ فيه أجنحةٌ ويطير
يطلُّ علينا بوجهٍ منير
ونسمعُ همهمة الريح
وهي تُغلّقُ أبوابَها
وتقدُّ قميصَ السحر
وحين تشظّى الصباح
كقارورةٍ العطرإذْ تنكسرْ
أتى الجند كلُّهموا يحلمون
وفي الحلم قد زرعوا بندقًا
في تراب البنادقِ
حتى استوتْ سوقُها
وبَرْعَمَ شاجورها
وضجّ البشر
أزهرَتْ ريشة الهدهدِ ألفا
وأوصى سليمان بالعرشِ للريح
ثمّ نامت عفاريتهُ في القماقمِ
وهي تشربُ كأسَ القَدَرْ
وأيقضني صوتُ ذاك الغراب
غداف ...غداف
أنا ...أنتَ
يا أيها المبتلى بالضجرْ
#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟