أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - راوية شاتيلا.. دموع لا تجف














المزيد.....

راوية شاتيلا.. دموع لا تجف


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 17:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


سميّة، ما تزال شمس شاتيلا والجليل تشرق من مشرقها، وأنت على الضفاف تضعين الروح باقة ورد على الأكف لكل من تحبين هدية وتلمين خيوط الشمس فوق البيوت التي تعبت من فقرها لتصنعي منها مواويل وأغان للصغار وللكبار. فيك عطر مدينة مسحورة.

سميّة، كنت التقيها في غرفتها النظيفة، المرتّبة، في زواريب المخيم، الغرفة حتى الآن حزينة جداً، صامتة جداً. صاحبتها رحلت وتركتها مع ذكرياتها.

عوّدتنا الحياة على الخسارات ولم تعوّدنا ولو مرة كيف يكون الربحُ، فالطريق ما زالت ممتدة والليل، ليل الغربة طويل، وللموت إيقاع يشدُّ المرء إليه ويعصف به. فإذا كان الزوال ضرورة لكل الكائنات الحيّة فما تركته أم ناظم هذه الأم إنما هو دفاع ضد التلاشي. وما يبقى في ذهن المناضل الفلسطيني هو الأم المجاهدة المقاتلة المضحية والضحية. تلك ذخيرة وفرادة نجتاز بها صحراء القيظ والزمن المحدود للأحياء ليبقى فعلاً فاعلاً.

ما أقسى أن يموت الإنسان بعيداً عن وطنه وغريباً عنه.. وهو شاهدٌ على عصره ومؤرخ لأحداثه وباعثُ الجذوة في صغاره، إن الحديث عن شخصية من هذا النوع ليس بالسهل، إنها أشبه ما تكون بالحكواتي، فتاريخ فلسطين التي قطّعت أوصالها وشعبها الذي توزعت قبور أبنائه في أصقاع الأرض تجدها حكايا طرية على لسانها، فكم حدثتني عن فلسطين، حكايتها ظلت عالقة كالوشم في ذاكرتي. سمية أحمد إسماعيل (أم ناظم) 1936 مواليد الكابري - قضاء عكا، لم تجلس على مقاعد الدراسة يوماً، ولا تجيد القراءة والكتابة، منحتها الطبيعة ميزة امتلاك موهبة فن الخطابة، نقدها حاد، لذلك كانت تخشاها معظم القيادات الفلسطينية. تحتفظ بذاكرتها الشابة الطرية باثني عشرة سنة الأولى من عمرها فقط. سميّة أحمد إسماعيل (أم ناظم)، تلك التي ما بخلت يوماً على الثورة الفلسطينية فقدمت ثلاثة من أحبائها شهداء (محمد في تل الزعتر عام 1976، أحمد في حرب المخيمات عام 1985 في شاتيلا، وفيها كذلك خسرت زوجها صالح هاشم). انتظرت 29 عاماً كي تكتمل فرحة العمر برؤية ولدها ناظم العائد من السجون السورية، لكنها رحلت دون أن تراه !. كانت نموذجاً للمرأة الكادحة المناضلة، التي تفتخر بانتمائها للشعب الجبار العظيم صاحب التضحيات، شعب فلسطين. غادرت إلى مثواها الأخير يوم الأربعاء 9/1/2008 في مخيم شاتيلا بعد إصابتها بمرض عضال في الحنجرة.

فماتت وهي تعرف أن هذا الطريق لا بد أن تسلكه يوماً دون خوف ولا تردد. إن يكن أحد قد خسر في موتها شيئاً، فالشعب الفلسطيني وأهل شاتيلا وجدوا في موتها الخسارة التي من الصعب تعويضها في زمن التهافت هذا. لم تتخلف مرةً عن المشاركة في أحزان الفلسطينيين ومصائبهم، كانت هي القاسم الأعظم في ذلك. فمن بدء النكبة إلى الهجرة إلى حرب المخيمات كانت شاهد عصرها على ما يدور خلف كواليس السياسة وكيف تباع الضمائر وتشترى.

اليوم، من سيزور قبور الشهداء الكثيرين يا سميّة. سميّة اسماعيل (أم ناظم)، ترقد بسلام في مقبرة شهداء الثورة الفلسطينية في شاتيلا.

سميّة رحلت، بعد أن بكت شهداء كثيرين !!!

لا الدمعُ بعدك يجديني ولا الألمُ ---- ما فاتَ فاتَ فماذا ينفعُ الندمُ.

لن نَنسى يوماً بنتَ فلسطينَ ، وسَتبقى ذكراها خالدة في نفوسنا ما حَيينا.

وداعاً (أم ناظم)، فالكلُّ يأتونَ بعدكِ، وما هي إلاّ فترةُ انتظارٍ بسيطة.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنيس صايغ... الغائب الحاضر
- فلسطينيو مخيمات لبنان... ذاكرةُ الألم !!!
- سليمان الشيخ - عناقٌ خلفَ أسلاك المخيم !!
- رنا بشارة : فتاة الصبّار الفلسطيني
- فلسطينيو المخيمات... ذاكرةُ الألم !!!
- أمير الشعراء والبدوية ريحانة مزعل
- مواقع مهمة في أرض عشائر قضاء عكا - فلسطين
- اللاجئون من سورية إلى أوروبا.. رحلة الموت لاكتشاف المجهول!!!
- المستوطنات الصهيونية التي أُقيمت في قضاء عكا قبل وبعد نكبة 1 ...
- مشاهدٌ من مجزرة عرب المواسي في عيلبون
- عن وداع( أبو ذياب ) من بعيد - خطفه الموت باكراً -
- من التراث الشعبي البدوي.. ثقافة القهوة التي نشربها
- ذاكرةُ الثّلجِ : أوراق من على رصيف الذاكرة!
- الشهيد مرعي حسن الحسين: أول شهيد فلسطيني من مخيمات جنوب لبنا ...
- ناجي العلي: عن أقدم لوحة معروفة!
- -نعمات قدورة- حكاية من حكايات تل الزعتر !!!.
- عشائر عرب فلسطين يفتتحون المقاومة اللبنانية بعد الاجتياح
- عن وداع قائد العمل الإنساني في مخيم شاتيلا
- عملية ميونيخ 1972.. الوقائع والأشخاص وتفاصيل الخديعة
- الحِبرُ جَفَّ


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - راوية شاتيلا.. دموع لا تجف