|
الوعد الخادع
محمود كرم
الحوار المتمدن-العدد: 1617 - 2006 / 7 / 20 - 11:31
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
حسناً ، الحرب الآن يا سيد حسن نصر الله أصبحت مفتوحة كما أعلنتها مدوية صريحة ، فكم من الضحايا والدماء والأرواح والخسائر تريد أن يدفعها شعبكَ وبلدكَ لبنان لكي تُشبع بها غرورك السياسي ونرجسيتك الدينية وسلطتك المقدسة ، وتعلن بعدها أنكَ انتصرت وهزمت إسرائيل وحررت الأسرى واعدت القدس ووعدكَ ( الصادق ) اقتربتَ من تنفيذه كاملاً بمباركة نورانية إلهية من إيران ومباركة عروبية متنرجسة من سوريا ..
الزرقاويون في حماس يهللون لك يا سيد حسن نصر الله ، والبعثيون في سوريا يصفقون لك ، والمعممون في إيران يقودنكَ إلى المجد والنصر المؤزر ، والصدريون في العراق يكبرون لك ، والقوميون في الفضائيات يلعلعون بأعلى حناجرهم لك والإخوانيون في مصر يؤيدونك ، وزد على تلك التوليفة ( الرهيبة ) مجموعة من الكويتيين المجانين من أنصارك ومحبيك وأتباعك يرفعون صورك ( البهية ) عالياً ويهتفون باسمك في الشوارع والمسيرات ومنهم مَن هو نائب في البرلمان دون أي اكتراث للحس الوطني والمسئولية السياسية ..
فماذا تريد أكثر من هذا يا سيد حسن ، المجاميع الغوغائية والأمة الخائبة تقف معك ، وتؤازرك في كل مغامرة وفي كل شعار وفي كل مرحلة ، ويريدون منك أن تثأر لكرامتهم المفقودة وتحرق إسرئيل عن بكرة أبيها وتدفع بشعبكَ المثخن بجراحات الحرب الأهلية والأوضاع السيئة في أتون النار والحروب المدمرة ..
استبشر خيراً يا سيد حسن نصر الله ، فمع كل صاروخ كاتيوشا تسقطها على شمال إسرائيل ، ستجد التهاليل تنطلق من أرض العرب بالنصر الأكيد لك ولحزبك المقدس ، ومع كل قذيفة تطلقها إسرائيل على رؤوس شعبك ستجد العرب والمسلمين يهتفون منتصرين منتشين : قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ..
أعرفُ جيداً كم هي أمتنا مولعة ومفتونة بحفنة من قادة الإسلام السياسي ، الذين يجيدون ارتكاب الحماقات والكوارث فقط ، ويعشقون المغامرات الكبرى ومتيمون بالشعارات حد الهوس ، ويمجدون الموت المجاني ويعبثون بإنسانية الإنسان ، ولا يعرفون العيش إلا بين التوترات ولهب النيران وعتاد الخطب الصوتية ، ومغرمون أبداً ودائماً بحماسيات التراث البلاغي العكاظي ، ومهووسون باستحضار البلاغيات الشعرية والمنبرية والدينية اللاهبة للمشاعر والعواطف ..
وقودهم دائماً في الحروب الخاسرة والرهانات الفاشلة الشعوب المغيّبة الهتافة الراضية لاستبدادهم الديني وشهوانيتهم التسلطية ، مادام أولئك القادة والملهمون من السماء يأخذونهم سريعاً إلى جنات الخلد والنعيم الأبدي وأحضان الحور العين ..
ولا توجد هناك كلمة دخلت قاموس العهر الثقافي والابتذال السلوكي مثل كلمة ( المقاومة ) ، ومن قبل كانت ( الشهادة ) هي الأخرى الجسر الذي امتطاه الكثيرون من أرباب القتل والتفجير وحولوها إلى مفردة تتسكع عارية متهتكة متفسخة في دروب أعمالهم الإجرامية التفجيرية حتى أسبغوا على الزرقاوي وبقية المجرمين لقب شهيد الأمة ..
الآن قواعد اللعبة تغيرت كما صرحت بذلك يا سيد حسن نصر الله ، ولكن كيف تغيرت ومَن استطاع أن يغيرها ومَن يدفع بها نحو التغيير ، ومَن بالتالي عليه أن يخضع لشروط تغيّر اللعبة ، أنتَ أم شعبك وبلدك ، أم العاملون عند ولاية الفقيه في إيران ، أم سدنة الحكم البعثي في سوريا ، أم الإسرائيليون الذين راقت لهم هذه اللعبة التي أوجدتها أنتَ وجعلتها تتراقص بين أيديهم ..
كل ما في الأمر يا سيد حسن إنها لعبة ، كما اشتهيتها ورغبت فيها ، ولعبة مسلية لكل الأطراف ، وكل فريق أصبح يستمتع بهذه اللعبة ، ولكن مَن سيخرج خاسراً من هذه اللعبة ومَن سيعلن انتصاره في نهاية المطـاف ..
وكيف تريد أن تكون نهاية المطاف يا سيد حسن ، أفي تتوجيكَ بطلاً جديداً لهذه الأمة بعد بطلها الأوحد عبد الناصر ، أم في تتويج حلمكَ الديني بنهاية إسرائيل أم بأخذكَ لشعبكَ إلى هاوية الدمار والموت ، أم بالعمر الذي يجب أن يفنيه اللبناني ما بين الدمار والتعمير في كل مرة ..
نعرفُ جيداً أن أفضل استثمار في السياسة هو الاستثمار بالقضية الفلسطينية ومَن يبرع جيداً في هذا المضمار ينال قدراً أكبر من التصفيق والهتاف والتمجيد ، وفي مقابل هذا الاستثمار كانت الشعوب تدفع كثيراً من مستقبلها وتنميتها واقتصادها لكي يبقى القائد والرمز والسيد وآية الله في مقدمة المنافحين عن ( شرف ) الأمة ، وكم واحد منذ نصف قرن عَرِف جيداً كيف يستثمر في هذه القضية ، وكلما كان الاستثمار يتأسس على البعد الديني كانت عوائده أعلى ، ولن يكون حسن نصر الله آخرهم وليس بالتأكيد أولهم ..
وفي وضع أليم على قلب كل محبٍ للبنان ، يعلن فؤاد السنيورة أن لبنان أصبح بلداً منكوباً ، يا سيادة الرئيس أنتَ تعرف أن لبنان منكوب بمن ، أليس بأمراء الحرب وبزعامات المافيا السياسية وبالقادة الدينيين وبشرعيتها المستباحة وبالأجندات المعدة سلفاً في سوريا وإيران ..
#محمود_كرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيطاليا ملَكت العالم
-
الصومال في المأزق الديني
-
الثقافة صانعة الحياة
-
الانتخابات الكويتية : المرأة خذلت المرأة
-
الإنسانيون وقيم الفرد
-
مجتمعات المعرفيات الفاعلة
-
الزرقاويون الحزانى
-
ألمانيا 2006 وسحر الحبيبات
-
التفكير فعلٌ في الخَلق
-
الفكر العقلاني والفاعلية التغييرية
-
كفرتُ بسحر الشرق
-
ما أصعب الكلام
-
فلسفة التحايل على الموت
-
ظاهرة الثقافة الشفهية
-
قراءات
-
بعض فنون الحب جنون
-
النووي الإيراني .. تتويج لأحلام القوة
-
العالم يسير بعكس أحلامي
-
جدلية التراث والحداثة
-
الاستبداد المشروع
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|