|
الشاعر فهيم أبو ركن في ديوانه -أستلُّ عطرًا-
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6775 - 2020 / 12 / 30 - 21:49
المحور:
الادب والفن
الشاعر فهيم أبو ركن في ديوانه "أَستلُّ عطرًا" وصلني من الصديق الشاعر والكاتب الكرملي فهيم أبو ركن، ديوانه الشعري "أَستلُّ عطرًا"، الصادر في العام 2019 عن دار الحديث التي يديرها ويشرف عليها، وجاء في 130 صفحة من الحجم المتوسط، بطباعة فاخرة وانيقة جدًا، وبتصميم جميل للفنانة الشاعرة ملكة زاهر. يشتمل الديوان على استهلال للشاعر، ودراسة أكاديمية للدكتورة جهينة الخطيب، عن الأساليب الإنشائية في الشعر- مواقعها ودلالتها، فهيم أبو ركن انموذجا. وجاء في إهداء الشاعر:" إلى كل من بحمل في قلبه قبسًا من نور المحبة، يترجمه سلوكًا إنسانيًا حضاريًا راقيًا. إلى زوجتي، بناتي، ابني، أنسبائي شركائي في درب الحياة، وجميع الأصدقاء. شكرًا للدكتورة جهينة الخطيب على الدراسة الأكاديمية التي خصتني بها، ولصديقيَّ الشاعرين، وهيب نديم وهبة وزياد شاهين على إبداء رأيهما في المجموعة". تتنوع قصائد ديوان فهيم أبو ركن "أَستلُّ عطرًا" ما بين الوطنيات والوجدانيات والرثائيات، وجاءت بعض القصائد من ناحية الشكل موزونة، وفي قصائد أخرى اعتمدت موسيقى اللفظ بعض القوافي وبعض الايقاعات التلقائية. وفي وجدانياته نجد شاعرنا فهيم أبو ركن عاشقًا نابضًا بالحُبّ، جياش المشاعر، دفاق العواطف، مفتونًا بالمرأة والجمال، التي تشكل بالنسبة له دنيا من سحر وجمال أخاذ. وفي الوطنيات نراه محبًا لوطنه وأرضه وشعبه وكرمله، مسكونًا بالطبيعة، بكل ما فيها من صفاء وسحر وهدوء وخضرة، مهمومًا بقضايا مجتمعه الحارقة، مفجرًا حنقه وغضبه على ما يجري ويحدث في مجتمعنا العربي من ظواهر سلبية مدمرة كالعنف والفساد والنفاق ومسح الجوخ والتعصب الأعمى وغياب القيم الاخلاقية والجمالية حد التلاشي. أما في المراثي فيتجلى الصدق الإنساني والوفاء الكبير والتقدير العميق، وتبدو مشاعر الحزن والأسى على رحيل شاعر المنابر الوطنية سميح القاسم، والشاعر لاعب النرد محمود درويش، الذي يصبح الاولمبياد، وصديقه الإعلامي نزيه حلبي، طيب اللـه ثراهم. قصائد "أستلُّ عطرًا" لفهيم أبو ركن بالمجمل العام ذات نزعة إنسانية ووجدانية وصبغة رومانسية، وفي غاية التلقائية والشفافية، وبمنتهى الروعة والجمال، تحفل بكثير من الصور الشعرية الإيحائية والاستعارات المدهشة، التي تكرسها خفقات ونبضات قلبه وسكرات الحُبّ العفيف النقي الصافي. وما يسمها متانة اللغة والصياغة، والبنى الدلالية، وأناقة الأسلوب، والرصانة، والصور المبتكرة، والجمالية الفنية التعبيرية، والسلاسة الشفافة، والغنائية والموسيقى اللفظية ذات الإيقاعات الشجية العذبة، فضلًا عن استخدام التناص. لنسمعه يقول في قصيدته "اعترفي" المليئة بالمشاعر والأحاسيس الدفاقة: البُعْدُ عَنْكِ شُجُونٌ وَالقُرْبُ مِنْكِ جُنُونٌ يَا أرِيجَ الحَرْفِ وَالكَلَام ِ لَمْ تَتْرُكي نَفْحَةً مِنَ الأحْلامِ وَغَدَا حَزينًا وَجْهُ الصَّبَاحِ فَتَحْتِ كُلَّ الجِرَاحِ نَزَفَتْ شَوَاطئُ اللَّوْعَةِ وَأَمْسَى عَذَابُ القَلبِ إعْصَارُ رِيَاحِ فَدَعِيني أسيرْ يَا أميرَة المِلَاحِ وَاتْرُكِينِي أرْكُضُ أو أطِيرُ لَا تَقُصّي لِيَ رِيشَةَّ الجَنَاحِ ********* أَحْلَامُكِ لَنْ تَعرِفَ الذُبُولُ مَا دُمْتُ شِعْرًا فِيكِ أقُولُ وقصيدته "زيارة طيف" تمثل نموذجًا للكتابة الوجدانية الراقية الصادقة، بما فيها من بوح وغزل رهيف وشفيف يلامس شغاف القلب ويدغدغ المشاعر، وإيقاعية حبلى بالصور الشعرية الواصفة وصفًا دقيقًا، والمعبرة عن عواطف عميقة حميمة، وتوظيف المعاني المجازية والاستعارية، التي تدل على الخيال الخصب الخلّاق لدى شاعرنا فهيم أبو ركن.. فيقول: افترقنا في المساءِ وفجأةً باغتني طيفُكَ بزيارةٍ ... هلْ هربَ منكَ إليَّ أم أن قلبي أوحى إليهِ أن يتبعني ؟! أنا الآنَ أُسامِرُهُ أشربُ مَعَهُ بُنَّ الليلِ أرتشفُ رحيقَ السعادةِ وها هو يُحادِثُني يفشي لي بأسراركَ نسينا نفسينا معًا ونسيناكَ ... طيفُكَ قرّرَ أن يبقى معي حتى الصباحْ والفجرُ لاحْ تألَّقَ في مُقلتيْكَ عادَ إليكَ فوَجَدني انتظرُهُ بين يديْكَ .. ! فهيم أبو ركن شاعر صاحب إرث شعري جمالي، بوحه صادق أنيق، وحرفه مختلف بشفافيته ورقته وسحره، وقصيدته تعبق بعطر الكلمات وجمال المعاني وعذوبة الألفاظ، تحاكي وتخاطب القلب والروح وأعماق الوجدان، وتدهشنا لوحاته التصويرية وبراعته في التصوير والتعبير، وفنه الإبداعي الملهم الإيحائي، وقريحته الخصبة، وخياله واسع الآفاق، والتناغم الحاصل بين الشكل والمعنى. ويمكننا القول، فهيم أبو ركن صاحب تجربة شعرية وكتابية ثرية، يمتلك أدواته الفنية والشعرية، ويمتلك جمالية اللغة والثقافة التاريخية والتراثية، وتنم كتابته الشعرية عن شاعر متمرس له حضوره في المشهد الإبداعي الفلسطيني. لقد استمتعت حقًا بقراءة نصوص "أَستلُّ عطرًا" لفهيم أبو ركن، ذات الألوان والأصباغ والأغراض الشعرية المتنوعة، حيث يحلِّق بكلماته وحروفه ومعانيه في محراب الشعر بكل الصدق والعفوية والتلقائية والطلاوة والبساطة والجزالة الشعرية، بعيدًا عن الحشو والتكرار والمبالغة والمباشرة الفجة. ألف تحية للصديق العريق الشاعر والكاتب فهيم أبو ركن، متمنيًا له وافر الصحة والعمر المديد، والمزيد من العطاء والسطوع والتألق المتجدد.
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يسقط نتنياهو في الانتخابات المقبلة؟!
-
-العوسج- رواية جديدة للكاتب الفلسطيني عبد اللطيف مهنا
-
كلمات بحق القيادي الفلسطيني الراحل عبد الرحيم الملوح
-
مي الصايغ ويوميات الحصار
-
انتخابات رابعة في اسرائيل ..!!
-
الشاعر الفلسطيني محمد علوش في ديوانه -مسافرٌ إليكِ-
-
جبرا إبراهيم جبرا و-البئر الأولى-
-
صدور عدد كانون الأول من مجلة -الإصلاح- الثقافية
-
التطبيع المغربي
-
مجتمعنا العربي واختلاط الأوراق ..!
-
حوار مع الكاتبة والأديبة والمربية لفلسطينية رحاب يوسف
-
-ثيمات السرد.. مقاربات نقدية في نصوص أدبية فلسطينية - كتاب ن
...
-
استقالة جدعون ساعر ..!
-
33 عامًا على الانتفاضة الفلسطينية المجيدة
-
تحية لرجل المواقف الشيخ محمد رمال (أبو خضر)
-
نبضُ قلبي .. إلى ابنتي - عدن - في يومِ ميلادِها الجميل
-
عاشق من الروحة .. الى شاكر فريد حسن
-
هل إسرائيل على أبواب انتخابات جديدة؟
-
فلورندا مصلح ومجموعتها القصصية - الصقعة الثانية -
-
ترنيمة للوطن
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|