أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - مشياً بالمطر














المزيد.....

مشياً بالمطر


ساطع هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6768 - 2020 / 12 / 22 - 21:24
المحور: الادب والفن
    


لقد علمتني أنفاسها الداخلية، ان اكتب عندما يتملكني الجزع، وان اقرأ عندما لا يكون هناك شيء أقوم به، وان في كل نفس بشرية صوت يقول سوف تنتصر، ومنذ فارقتني اصبح العالم موحشاً وصادماً وكأنه اطرش ولا يبالي وغاب صوت النفس الذي سينتصر، وتلاشت الاضداد، (فعُدتُ الى حكم الزمان وحكمها).

سأقص عليك ذكرياتي قبل ان يقبل النسيان ويجتاح دماغي، ليس لانها رائعة او ذات مغزى ولكن لان كل شيء يحدث الان يذكرني بها، فقد كنت أُحِبُ أمرأة وقد غَسَلَت دماغي صورتها، كان هذا كله فيما مضى عندما اجتاح العالم مرض خطير اختطفها مني مثلما يخطف الالاف هذه الأيام، ثم تركتني وحيداً، (آه الموت، آهٍ من الموت، لن نهرب منه ابداً).

تحت اشعة الشمس وعلى بساط اخضر اراها، وانا معك في هذه الأمسية، تجلس امامي بفستانها البرتقالي ونقشات ورد ابيض تطرز نصفه الأعلى، وانا انظر الى فتنتها والى ساقيها، كان حُبنا عظيماً اجد صعوبة بالغة كلما حاولت وصفه الان حتى الى ذاتي المبعثرة.

كنت شاباً يافعاً مملوءاً بالنشاط، اشعر وكأن بأمكاني غزو العالم، وهي أيضا حيوية لكنها ذات حيوية داخلية عميقة، تجذب الأنظار بطريقة انثوية سحرية غامضة، لا ادري اذا ما كان هناك من كَتَبَ عن صفات هذا النوع من النساء ام انهم تركوا الامر لي وحدي في تدوين التفاصيل الناعمة للحركات والايمائات التي تزيدها الذكريات اليوم توقداً، بينما هي الان لاوجود لها.

لماذا تبدو المرأة مخلوقا أكثر عمقا من الرجل، أم هي أكثر خوفا وحذرا ليس إلا؟
قبل سنين عديدة اجرى بعض كبار خبراء اوروبا في علم النفس دراسة معمقة استغرقت حوالي السنتين لمحاولة معرفة هذه الخفايا والاعماق , وقد توصلوا الى نتيجة مفادها بان المرأة اكثر شجاعة من الرجل بشكل كبير , ولكن لأسباب بايلوجية بحتة فهي اكثر حذرا وخوفا (او تبدو هكذا) لأنها تعرف بان قدرتها على الانجاب محدودة الى عدد محدود خلال حياتها , وعليها ان لا تتأخر , لذلك فهي تساوم , لا خوفا او جبنا بل لأسباب تتعلق بحفظ النوع والصراع في سبيل البقاء , فالمرأة تفكر طويلا وعميقا قبل اتخاذ اي قرار , بينما الرجل يستطيع التكاثر الى اضعاف ذلك الرقم وحتى فترة متأخرة من حياته وبدون خوف.
هل كانت هي أكثر شجاعة مما كنت اعتقد؟
أرجح عقلا؟
اتخذت مكاني امام المنضدة وعليها مصباح متوهج مثل توهج وجنتيها، لم اكن هادئ النفس وقد تملكني حزن عميق، لم افكر بسر الحياة يوماً ما لكني غالباً ما افكر بالصراع في سبيل الحُب، والتعبير عن خلجات النفس، واندفاع العشاق والوجوه الباكية وبؤس العالم، وليس ذلك محبة بالناس بل في سعي مني لاستسقاء التجارب الحياتية.
اين اجد الكلمات التي تنير طريقي الان، بعدما اضعتها مني، في مكان ما تحت المطر، عندما لفّها الحزن وتقمصني التشظي، بينما كنا نقرأ لشاعر قديم وهو يواسي نفسه والناس ويبعث الاطمئنان في نفوسهم، ذلك الملعون الذي مقت الموت ورغب في تجديد العالم، كنا نقرأ له الاشعار سوية حتى ونحن تحت زخات المطر، فهناك نزوع فطري وغريزي عند النساء نحو الهارموني (الانسجام والتوافق لتحقيق الجمال) في كل شيء تقريبا من اختيار الملابس وترتيب المنازل وحتى تأثيث الادمغة والمدن والبلدان واختيار اللوحات والقصائد.
وقد غاب الان كل هذا بين سكان العالم، ومنذ فراقها امتلأ عالمي بالنجوم الخافتة التي لم اكن اراها قبلاً، لان الشمس كانت تطغي بضوئها عليها، اما الان وقد رحلت شمسي وراء الأفق وغمرني الظلام، بدأت من خلاله أرى اشباحي تتكاثر كالديدان حولي.



#ساطع_هاشم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللون الابيض
- احتفالا بالوداع
- دعونا نصاب بالجنون
- الثورة وكلماتها
- الفخ الديني
- استعداداً لتشرينية جديدة
- المناضلة ماري محمد
- العلمي والعاطفي
- الاختيار والاضطرار
- ثوار تشرين في عيدهم الاول
- الفانوس غير السحري
- القلق وسادة الفنان
- فن للتسلية فن للترقية
- دين وفن
- ساحل البحر
- فن النافذة وفن المرآة
- بيروت
- كارل ماركس
- صوت الالوان
- تائهاً في حجرة


المزيد.....




- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...
- -حرب إسرائيل على المعالم الأثرية- محاولة لإبادة هوية غزة الث ...
- سحب فيلم بطلته مجندة إسرائيلية من دور السينما الكويتية
- نجوم مصريون يوجهون رسائل للمستشار تركي آل الشيخ بعد إحصائية ...
- الوراقة المغربية وصناعة المخطوط.. من أسرار النساخ إلى تقنيات ...
- لبنان يحظر عرض «سنو وايت» في دور السينما بسبب مشاركة ممثلة إ ...
- فيديو.. -انتحاري- يقتحم المسرح خلال غناء سيرين عبد النور
- بين الأدب والسياسة.. ماريو فارغاس يوسا آخر أدباء أميركا اللا ...
- -هوماي- ظاهرة موسيقية تعيد إحياء التراث الباشكيري على الخريط ...
- السعودية تطلق مشروع -السياسات اللغوية في العالم-


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساطع هاشم - مشياً بالمطر