أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياس خضير الشمخاوي - تأملات في رواية يد القمر














المزيد.....

تأملات في رواية يد القمر


ياس خضير الشمخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 6766 - 2020 / 12 / 20 - 14:40
المحور: الادب والفن
    


عادة ما يبعدنا القصُّ الغرائبي عن رتابة السرد؛ ليعطي فسحة من التفكير لدى القارئ، وسعة في التخيل لدى الراوي والمتلقي على حدٍ سواء.
فهو من جهة- أي الأدب العجائبي- ينفتحُ على قراءات قد لا يصرِّح بها الكاتب- الأديب- نفسه؛ لأسباب كثيرة، هذا فضلا عن المتعة التي يوفرها السرد كموروث شعبي تعارفتْ عليه المجتمعات كأحد أجناس الأدب في الحكي والروي، فعشقته عندما اِلتمستْ ضالتها منه لتشبع فضولها.. والشواهد كثيرة في الأدب العربي واللاتيني.
ويد القمر- بطلها (قمريد)- هي جولة في تفكيك الرهاب السيسيولوجيي الذي خلّفَه العنف السياسي والتسلط الدكتاتوري على سيكولوجية الشعوب ورعايا الحاكم المستبد وطبقته السياسية.
قسوة الحاكم، في رواية (قمر يد) لم تعطِ فرصة لحرية الرأي وتقرير المصير فحسب، بل حوَّلت الرعية إلى شخصيات منهارة ممسوخة، يصعب عليها بمكان أنْ تبني نفسها مذ أنْ نشأت على أرض تلك المملكة المظلمة، والصراع الجدلي الذي يدور داخل تلك المسوخ دائما تنتهي جولته لصالح الملك الجائر؛ لذلك يصوّرها الراوي محمد الشمسي، بأنَّها مملكة لا تحظى بأدنى مقومات الكرامة كي تنتفض إلاّ بمعجزة سماوية، أو هاتف من السماء يرسم لهم خارطة طريق جديدة...
أخذنا الراوي بخياله مع البطل إلى غابة لعلل قاطنيها وحكامها من الحيوانات البريئة يكونون أكثر اِعتدادا بشخوصهم، وقد نلتمس العدل في مملكتهم أفضل ممّا نجدهُ من عيشٍ في مملكة بشرية لا تمت أخلاقها وحقوقها بصلة إلى أبشع المخلوقات على وجه الطبيعة، كمفارقة عجيبة.
صراع في الأفكار، وجدل يحتدم بين الحق والباطل، وبين الفطرة الإنسانية والتطبع على الخنوع والاِستكانة التي يرفضها أحيانا صاحب ضمير حر هو في الأساس جزء من أسرة الحاكم الظالم ووريث عرشه- قمريد، ووالده المسفوح دمه من أجل الحرية والعدل، أو شاعر الملك الأول الذي مزَّقتْ جسده العامّة.
"الخوف الذي يحلو لهم" جعل منهم حشودا لا قيمة لها ولا روح فيها... بل مجرد دُمى تعتدي على كرامتها وتقتل نفسها من أجل إرضاء الحاكم وطبقته السياسية، لا يحق لهؤلاء المسوخ حتى أنْ يسمّوا أنفسهم بأسماء تخص طبقة النبلاء والحاكمين، وسلالة الأيدي الغليظة.
انشطارهم الذاتي والمجتمعي كان مصدر ضعفهم إلى الحد الذي لا يؤمنون بما تنازعهم عليه بذرة الخير الفطرية في داخلهم ولو سرّا، فكانوا منقسمين ذاتيا على أنفسهم، ويعيشون التناقض حتى في دواخلهم... هذا التناقض الذي ينتهي بإذابة أنفسهم كما يذيب التيزاب اللحوم الطرية والأشياء الهشَّة.
شاهدنا هذا الرعب والأيدي الغليظة في رواية (يد القمر) في ظل حكومة صدام، ونشاهده في حكومة كيم جونغ... وربما لا ينتهي في ممالك وجمهوريات أخرى في أزمان أخرى، إنْ لم يكن هناك حافزا يعيد بناء الشخصيات المستلبة أروحها وعزتها وكرامتها وعقولها.... قد تكون النهايات مفتوحة... كما في يد القمر، غير أنّه لابد من وجود (قمريد) ثائر أو على أقل تقدير طيور مرسلة من عالم ما وراء الغيب والحُجُب للشعوب المستضعفة كحل أخير يطمئننا بوجود الخلاص لأناسٍ بائسة لا فضل لها حتى على أنفسها.
وكأن بالراوي يقول " الحرية لا تُعطى لأحد؛ إنمّا يأخذها ويطلبها الأحرار من عند أنفسهم فقط".
طرقتْ الرواية فلسفة الخوف والرعب بأسلوب أدبي شيق تضمن دلالات ومعانٍ سياسية واجتماعية وتربوية كثيرة خالية من وعورة المفردة وعسر التفكير؛ فاِرتقتْ فوق اِنزياحاتها الأدبية المحضة إلى عالم رحب من التفكّر والتفكير الأيديولوجي في العمل السياسي، وتداعيات القيم الإنسانية التي قد تشوب المنظومة التربوية والأخلاقية لمجتمع ما، وقد لاحظنا ذلك من خلال الحوارات التي أثارها الراوي مع الأم والشاعر الصغير والبديل الذي اِعتذر عن مواصلة التغيير.
القصة تفوح منها رائحة الخجل الإنساني، بكل ما تحمله من مكاشفات خطيرة وصريحة، بعيدة عن المجاملات الزائفة التي تتسترُ بها الإنسانية المعذبة، والمخادعون لأنفسهم تحت عناوين الولاء والطاعة للحاكم المستبد خشية بطشه، أو تحت ذريعة خوف الآباء والأمهات على أولادهم من سطوة الجور والإعتقال والاِستشهاد الذي قد يلاقي مصيرهم، ولعل أسلوب جلد الذات الذي اِتخذته القصة في معظم فصولها كان بمثابة صعقة كهربائية للأرواح الميْتَة والمستكينة.



#ياس_خضير_الشمخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متعة النقد بين شلبي وهلباوي
- دانيال ايقونة محبة
- الحزن والوجد والنوى في قصائد بشرى
- قراءة نقدية ، في قصيدة موفق ساوا الضوئية
- إنجيل ساوا ...
- صلاح القصب ؛ للتاريخ يشهد
- الأعياد بين داعش والحاخام
- القمل ثروة حيوانيّة !!
- أكو جعجعة ... بس ماكو طحين !
- فاجأ العالم بفوزِهِ فهل يُفاجِئهم بسياستِهِ !؟
- أنتِ مولاتي ... رحلة في ذاكرة مغترب شيوعي
- وهل خلت يثرب من أهلها !؟
- لن يستقيم الظلّ وربّ الكعبة
- الدين بشاربٍ محفوف وثوبٍ قصير
- آخر ورقات المقبور
- أغتصاب فتيات بريطانيات
- محمود الحفيد البندقية الغاضبة
- عشيّة الرحيل
- منْ منّا يقتل أبنه لو زنى !؟
- تركيا ... حرملة العصر


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياس خضير الشمخاوي - تأملات في رواية يد القمر