أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج2














المزيد.....


الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6764 - 2020 / 12 / 18 - 20:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ويبقى موضوع خروج أو إخراج النبي محمد من مكة المدينة التي شكلت أولى ملامح العالم الجديد الذي ولد مع الرسالة وفيها، بحاجة إلى الكثير من إعادة القراءة وطرح الأفكار التي تتساوق وتتسق مع مجريات البعث والقرار، سواء أكان ذل بموجب تخطيط وأجتهاد النبي لوحده أو من خلال فروض أداء الرسالة ونجاحها من قبل الرب الذي بعثه، في النهاية أرى الرأي الأول أكثر رجاحة وأهم بالنسبة لفهمنا لحقيقة أن الإنسان بعقله وتدبره للأمور ملزم مع سياقات الفكرة أن يفعل ويترجم ما يجب أن يفعل دون الأعتماد الكلي على مصدر الوحي، فقد يكون الإلهام وطبيعة فهم النبي لحقيقة الزمان والمكان والحال التي عليها الناس هي من دفعته للإستجابة للخروج حتى يتحرر أولا من هيمنة قريش وتسلطها وثانيا ليزرع في تجربة ثانية تلك البذرة في أرض أكثر تهيؤا وقابلية للنمو نظرا للطبيعة الدينية المتنوعة ليثرب وما فيها من عدم مركزية تحكمها كما هو الحال في مكة.
وتبقى النتائج هي المعيار الدال على نجاح أو فشل الحدث والفكرة، وطالما أننا ومن خلال التتبع التأريخي لما جرى، نرى أن هذه الحركة كانت مفتاحا مفصليا في تجديد الدعوة وبعث الروح المعنوية العالية في صفوف الدعاة وعلى رأسهم النبي من خلال ما أنجز ومن خلال ما فرضه الواقع الجديد من قوة وبناء تنظيمي لجماعة الدعوة ومنها تحركوا لتجسيد مرحلة الدعوة المكية الأولى، والتحول من التشريع الفردي والأخلاقي في الدعوى إلى العمل التشريعي التفصيلي ووضع ملامح وأسس لما سيكون عليه الناس بعد الأن من قواعد بناء وإرشاد ومحاولة مقارنة ما هم عليه بما جرى من أحداث مع أصحاب الديانات السابقة، وهذاما نلاحظه جديا في كيفية بناء نسق النص الديني المدني، خاصة وأن يثرب التي تحولت بتسميتها إلى المدينة تعج بأصحاب الديانات السابقة، وهو ما يعطي قوة ومساحة كبيرة للنص في المقارنة والشاهد موجود.
يطعن الكثير من الدارسين لحركة الفكر الديني المحمدي بالتغير النوعي والدلالي للنصوص المدنية مقارنة بالنصوص المكية، على أساس أن هذا التحول هو مفارقة لروح الدعوة السلمية والأخلاقية التي تميزت بها سابقا، أولا من حيث طول وقصر النصوص وطغيان السجع والتكثيف في مبنى النص، وثانيا من طبيعة أتجاهات النص ومراميه الكلية في مرحلة المدينة، وقد شككوا بذلك على أعتبار أن المرحلة المدنية أشعرت النبي محمد بالقوة وبالتالي فهذا الشعور الطاغي حول طبيعة مجمل الدعوة الدينية من الدعوة بشكلها الأسترضائي والحث على تنمية الروح الفردية الإيمانية إلى مدار التحدي والمجابهة العلنية، خاصة مع تشريع أحكام العلاقة مع القوى الدينية المنافسة خاصة أو مع الأخر المختلف فكريا وعقائديا، والحقيقة أن هذا التحول ليس متعلقا بالهجرة أو تغييرا في بوصلة الدعوة بقدر ما هو إفصاح حقيقي عن قيم الدين الجديد ورؤيته لعالم كله.
الأمر مرتبط إذا بما كان ممكنا وغير ممكن خاصة وأن الحرية والتجربة الجديدة أعطت للنبي المجال الكامل لشرح وتوضيح ما مكلف به أو ما يريده من قواعد ومسارات للمجتمع الجديد وفق رؤية واحدة، لم يعد يكفي أن تستمر الدعوة الدينية في البناء الفردي الإيماني لآن هذا الأسلوب فرضته طبيعة مكة وطبيعة العلاقة ما بين المسلمين وعموم سادات مكة وزعمائها وليست خيارا متاحا لهم أن يكشفوا عن كل مؤديات الفكرة التي يحملونها، يثرب والمدينة اللاحقة لم ولن تستغرب الخطاب الجديد عن تلك العلاقة وذلك لوجود خطاب مشابه وقريب له وشائع فيها بوجود اليهود والنصارى الذي يلتقون مع الفكرة الجديدة بالكثير منها.
إذا الموضوع ليس موضوع تغير أو أنتقاله في الجغرافية تبعها أنتقاله في الفكر بقدر ما هي تحول نوعي في الخطاب من القشرة إلى العمق الذاتي للدعوة، ما كان أمام النبي محمد محرما أو ممنوعا التصريح به أو إعلانه قد زالت أسبابه ومبرراته مع بداية تكوين المجتمع الجديد، فبدأ بالمصالحة المجتمعية عبر طريقين، الأول مصالحة بين القاعدة الحاضنة له وهم الأوس والخزرج من جهة والثانية مع زعماء اليهود ورجالات يثرب ليؤمن أساسا المجال الحيوي للدعوة، والخطوة الثانية هو م يعرف اليوم بعملية الدمج الأجتماعي بين أهل المدينة من الأنصار وبين الوافدين الجديد، كان الهدف من هذه الخطوة ترسيخ وحدة إيمانية أجتماعية يسهل لها أن تتعامل مع مجتمع موحد وليس مجتمع أقلية وأكثرية، كانت الخطوتين مهمتين وأظن أنهما أجتهاد شخصي من النبي لبناء نواة صلبة لمجتمع متشكل حديثا فيه من النقائض ما يهدد أصل الرسالة لو بقيت على حالها.
إذا عملية الأنتقال أو ما تسمى بالهجرة أو الإخراج كما جاء في النص الديني شهدت أول أنتصار نوعي لمحمد على خصومه، وخسارة كبرى لقريش ومكة ومنهجها التسلطي، هذا الأمر قد عرفته لاحقا وندمت حين فرطت أو فكرت بإخراج العصفور من القفص، لذا بدأت أتصالاتها مع حلفائها في يثرب وهم كثر بين حلفاء مصالح أو حلفاء مصير للتضييق على محمد وجماعته، لكنها أيضا فشلن في ذلك ليس لقوة محمد وجماعته ولكن وسائل الضغط التي مورست وعلى مراحل زمنية تتشابه في أدائها ودوافعها وقد أضرت أولا بحلفاء قريش وجعلت الخنادق واضحة، من كان مع محمد ومن كان مع أعداءه ولم تؤتي أكلها كما تمنت سفن قريش.
كانت عملية إدارة الصراع بين النبي وخصومه تسجل حالات أنتصار كبرى ومحورية له، مقابل أنتصارات جزئية وهامشية تمثلت بالأذى البدني والنفسي فقط دون أن تمس جوهر وأصل الصراع، لذا كان يسجل النقاط ويراكمها مما قوى موقعه في خارطة الصراع وتحول من مظلوم منتهك إلى فارس ومقاتل بكل قوة لوقف عملية الطغيان والهيمنة القرشية على وسط الجزيرة ومحورها الديني والأقتصادي والقبلي أيضا.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة من خلف العدسة القاتمة
- الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج1
- الدين بين مفهوم الرشد وتطبيقات الفرض.
- لماذا لا نلوم فرنسا ولا ندين ماكرون؟.
- الى الشهيد العريس صفاء السراي
- فقراء بلادي
- جيب أحلامي
- إيران ومستقبل المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة.
- الدين بين حاجة الإنسان وشكل الفهم ح1
- في ذكرى تشرين وكل أيام العراق المشرقة ح2
- في ذكرى تشرين وكل أيام العراق المشرقة ح1
- في ذكرى الفاتح من تشرين ... الوطن يريد وطن
- قيم الأخلاق وصنع السلام والحرية
- الدولة وأدواتها القانونية لحماية وجودها
- من المسؤول؟
- رسالة إلى الأنام
- الإسلام في مكة ج 2 _ من سلسلة تاريخ محمد الصحيح
- الإسلام في مكة ج 1 _ من سلسلة تاريخ محمد الصحيح
- الخطوة الأولى _ من سلسلة تاريخ محمد الصحيح
- الأعداد النفسي لمرحلة البعث


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج2