أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - ظاهرة الحنين إلى الماضي تواصل وجداني مع جذور الأصالة














المزيد.....

ظاهرة الحنين إلى الماضي تواصل وجداني مع جذور الأصالة


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 6763 - 2020 / 12 / 17 - 16:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا ريب أن الحنين إلى الماضي بماهو موروث حياة اجتماعي، عشناه، وعاشه جيل الطيبين، بكل تفاصيل مفرداته على طبيعتها، بدون صخب، ولا تصنع ، رغم صعوبة الحياة، وقساوك ظروف المعيشة آنذاك، هو حس وجداني، وشعور مرهف، يتحقق بالتواصل المعنوي الحالم مع ذلك الماضي ، حتى بانقطاع آثار موروثاته المادية، وزوالها من الوجود، بمرور الزمن، وتغير أنماط المعيشة، تناغما مع متطلبات حداثة الحاضر الذي تلاه .

ومن هنا فإن الحنين للماضي، قد لا يكون ( نوستالجيا)  مرضية( هايبرسيميثيا)، كما قد يمكن أن يتبادر إلى الذهن لأول مرة .. وإنما هو تواصل وجداني مع جذور الإنتماء والأصالة، والتعايش معها نفسياً ومعنوياً، حيث يتلاشى حاجز  الانفصال في لحظة التأمل والإستذكار .

ولعل ظاهرة التوجد بالحنين إلى زمن الطفولة، وتمني الشاعر العربي القديم، على الزمن توقف حركته عن مفاعيلها الحياتية، في التأثير في ذات الشاعر، وزميلة طفولته، وسكونه عند حافات هذه الحقبة، دون انسياب للأمام ، عندما قال :

صغيرين نرعى البهم ياليت أننا  ......   ...... إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم

إنما تعكس مدى تجذر ظاهرة الحنين إلى الماضي، في ذاكرة الثقافة العربية عموماً، والشعبية منها بشكل خاص،حتى باتت  تستشعر راهن حاضرها، آنا مستوطنا صلب ماضيها ، رغم زواله، وانقضائه، وبالتالي فإنها تجد نفسها في عمق الماضي باستمرار، حتى وإن لم يكن هناك نكوصا حركيا مجسما إلى الوراء .

ولذلك فإن الكثير ممن باتوا يعرفون بجيل الطيبين،قد لايجدون أنفسهم أحياناً إلا في فضاء ذكريات الماضي الجميل، رغم كل إيجابيات، ومغريات حاضرهم العصرية .. ولذلك تسحرهم العتابة، على سبيل المثال ،ويداعب مشاعرهم الزهيري، وتستهويهم التعاليل، ومجالس السمر .

ولعل في ما نظمه الأديب الريفي المبدع( أبو كوثر) أحمد علي السالم، في التعبير الصادق عن كل هذه الانثيالات الوجدانية، ما يسوغ لنا القول بمثل هذا الانطباع، عن واقع حال موضوعي، حتى وإن تباينت الرؤى بصدده، واختلفت وجهات النظر بشأنه ، عندما يقول :

عسى يا دار لا هب الهوا بيج
زمانج من شهر سيفو هوى بيج
عگب ما جان دلالي هواه بيج
نسى طرد الهوى عگب الإحباب..

وهكذا نجد ذاكرة الثقافة العربية الشعبية عموماً ، تحفل بثراء زاخر في موروثها الشعبي، مما يشكل لها بعراقته الضاربة في القدم ، آصرة أصالة لحاضر تهالكت جذوره، رغم نضارة أوراقه ، وبالتالي فإن تلك الذاكرة الشعبية، لا تفتأ تتغنى به، ولا تجد بدا من التفاعل مع ذلك الماضي باستذكار جياش له، في نفس الوقت الذي تعيش فيه كل معطيات حاضرها الصاخب،المكتض بكل تداعيات العصرنة، وإنجازات الحداثة.

ولذلك فإن العمل على تنشيط حس التواصل مع التراث، وجمع ما يمكن من حكائيته الشعبية بكل اصنافها، وتناولها رواية، وتداولا، ونقدا، وقراءة، وتلقيا، سواء على المستوى الشعبي الدارج في مجالس السمر، والدواوين،كما هو معتاد، او على المستوى العلمي والأكاديمي، يمكنه أن يساهم في إعادة بث الروح فيه، والنهوض بثقافته ، والحفاظ على ما تبقى منه من الضياع، قبل أن تكنسه وسائل العصرنة الصاخبة، المفتوحة في كل الاتجاهات بلا قيود، فيصبح حاضرنا عند ذاك، راهنا مقطوعا، بلا جذور، ووجودا متبلدا، بلا ذاكرة.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيج الماجد وأبو كوثر.. إبداع متوهج واقتدار في التوظيف
- المثقف بين إشكالية الانكفاء على الذات.. ومتطلبات التفاعل الب ...
- برحيل الشاعر الكبير ابو يعرب.. حان الوقت أن نكون مع قصيدته ا ...
- الحفاظ على البيئة.. ضرورة حضارية وأخلاقية
- الملا ضيف الإحميد المصطفى.. راوية تراثي لا يتكرر
- التراث بين متطلبات الحفاظ على الهوية.. وتداعيات الاستلاب بال ...
- نعمات الطراونة.. والتواصل العصري الحي مع التراث
- مجالس السمر.. وتفعيل التواصل الحي بين الأجيال
- جماجم شهداء تحرير الجزائر ليست للفرجة
- التفكك العائلي.. آفة تهدد تماسك الأسرة والمجتمع
- الشاعر ابو يعرب.. طاقة إبداعية متوقدة اطفأها الموت
- حقيقة التوافق الايقاعي بين العلم والدين
- إلتقاط تجليات مشهد اللحظة
- الشاعر أبو يعرب والإبداع المتجدد.. في قصيدته وما أدراك ما كو ...
- ثقافتنا العربية الراهنة.. تحديات المعاصرة ومتطلبات الأصالة
- حضارة مادية صاخبة.. تحتاج إلى بعد أخلاقي
- تعيس عبدالرزاق روضان.. يتخبطه شيطان البؤس في زقاق السوق
- تجديد الخطاب الديني... تحديات العصرنة وضرورات الأصالة
- الكاتب ابراهيم المحجوب.. موهبة إبداعية متميزة
- حول الإهتمام بالزراعة المنزلية والحقلية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - ظاهرة الحنين إلى الماضي تواصل وجداني مع جذور الأصالة