أحمد موسى قريعي
مؤلف وكاتب صحفي سوداني
(Ahmed Mousa Gerae)
الحوار المتمدن-العدد: 6763 - 2020 / 12 / 17 - 01:12
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ديوان السودان.. السودان ما زال يطلب جوار صندوق النقد الدولي
كان للعصر الذي نسميه ظلما "عصر الجاهلية" صفات قلما نجدها في مجتمعاتنا الحاضرة، ومن تلك "القيم" العظيمة "قيمة الجوار" وهي ثقافة كانت سائدة في المجتمع العربي قبل الإسلام، لها حرمتها وقداستها، فكانت العرب وفية لمن يطلب جوارها تدافع عنه أو تموت ولكنها لا تسلمه لمن يطلبه أبدا تقديسا لقيمة الوفاء، التي لا تملكها الآن المؤسسات الدولية، خاصة مؤسسة "صندوق النقد الدولي" التي ما زال السودان يطلب جوارها، لكنه جوار مشروط لا وفاء فيه إلا بإتباع سياسات البنك الدولي التي يدفع فاتورة "جوارها" شعب السودان الطيب الصابر.
(60) مليار دولار هي حجم ديون السودان الخارجية، كأننا "نستلف" ونستدين ونقترض في كل سنة منذ استقلالنا عن بريطانيا في سنة (1956) مليار دولار سنويا أو أقل منه بقليل.
هذه الديوان المتراكمة منذ قبل الإنقاذ ما زالت هي التي تكبل الاقتصاد السوداني بقيود التبعية والهشاشة.
رحبت حكومة الثورة عبر وزيرة ماليتها "هبة محمد علي" بـ "نية" صندوق النقد الدولي الذي أعلن يوم الجمعة الماضية أن خطط الحكومة الأمريكية لاستبعاد السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ستزيل إحدى العقبات التي كانت تواجه الخرطوم في سعيها لتخفيف أعباء الديوان المتراكمة عليها.
هذه الخطوة ليست جديدة، بل تعود إلى العام (1996) عندما طرح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مبادرة "الدول الفقيرة" المثقلة بالديون.
لكن هل يعفي البنك الدولي الدول والشعوب والحكومات الفقيرة "صدقة" لوجه الله؟ أم أن في الموضوع "إن" وأخواتها وبنات عمها وخالاتها؟
بصرف النظر عن متطلبات وشروط البنك الدولي لإعفاء ديون السودان باعتباره دولة فقيرة ويستحق المساعدة، فأنا يشغل بالي سؤالا أخر هو:
هل إعفاء ديون السودان سيعمل على دفع عجلة النمو في الاقتصاد السوداني؟
سأترك الإجابة على هذا السؤال "المهم" لاقتصادي السودان فهم أجدر بالإجابة مني.
ولكني أرى أنه قد آن الأوان أن تقوم حكومة الثورة بدور أكثر فعالية في تحقيق اقتصاد مستدام، ولكن لا يتأتى لنا تحقيق هذا "الاقتصاد المستدام" إلا إذا قمنا ببعض الأمور منها إعادة النظر في سياستنا المالية التي ما زالت بلا ملامح أو خطط واضحة، يجب أن تهدف سياستنا المالية في ثوبها الثوري إلى القيام باستثمارات ذكية تستهدف في المقام الأول الإنسان السوداني "الأغبش"، وذلك باستحداث فرص كافية من العمل اللائق، وزيادة حجم الموارد وحسن إدارتها بشفافية.
ومنها إيجاد حلول للتحديات الإنمائية الحالية، وإعادة تقييم المفاهيم بهذا الصدد، ومنها أيضا أن تكون سياستنا الاقتصادية متوائمة إلى حد كبير مع التدابير اللازمة للقضاء على الأسباب الجذرية لأزمات الاقتصاد السوداني، خاصة الاجتماعية منها فإنها ما زالت تزاد اتساعا في حجم الفوارق.
على حكومة الثورة إعداد المواطن السوداني بوصفه عضو منتج وليس مجرد مواطن مستهلك حتى لطاقاته الخاصة.
#أحمد_موسى_قريعي (هاشتاغ)
Ahmed_Mousa_Gerae#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟