|
مصدر قوة الاسلام السياسي هو فقر الجماهير و هشاشة البديل الحداثي الديمقراطي الحقيقي...
عمران مختار حاضري
الحوار المتمدن-العدد: 6761 - 2020 / 12 / 15 - 10:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
* في ظل انتشار الجهل و التجهيل و إنتشار الخرافة و تسطيح العقول و محاولات تمرير مشاريع " الوقف على التعليم " و إنتشار الكتاتيب و "الجمعيات الخيرية" " صندوق للزكاة " و " الصيرفة الإسلامية" و تدريس مادة "المالية الإسلامية" و إنتشار الإرهاب و ظاهرة الاغتيالات السياسية بخاصة منذ تغول الإسلام السياسي في الحكم و مفاصل الدولة بعد الثورة في تونس... و المساعي المحمومة صوب حرف الصراع والتناقض الاقتصادي والاجتماعي نحو صراعات هووية هامشية ذات بعد عابر للتاريخ على حساب الملفات الحيوية الاقتصادية والاجتماعية و غيرها من الملفات الحارقة... و المحاولات العبثية التفتيش في ضمائر الناس و السعي المحموم إلى ترسيخ ثقافة ماضوية ترغب بالنكوص إلى دهاليز الماضي السحيق ، تعيش الماضي في الحاضر... و تأبى التفتح و مسايرة التقدم التاريخي و العلمي و البشري في كافة المجالات...... ! * كم مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى نشر قيم حداثية تقدمية حقيقية تقوم على قيم العقلانية و التنوير و الحرية... و ضبط استراتيجية شاملة تهدف أساسا إلى دمقرطة التعليم و علمنة المجتمع كي ننهض و نتقدم... !
* فكلما ارتقى الإنسان بعقله ، كلما تراجعت انتماءاته الضيقة للقبيلة و العرق و الدين... ! و أصبح أقرب للإنسانية حيث لا يصنف البشر الا من خلال سلوكهم و مواقفهم الإنسانية الناهضة و العادلة و الراقية ... فالمياه الراكدة تجذب الحشرات و تكون قاعدة لانتشار الأمراض ... و كذلك المجتمعات التي لا تفكر ، فالمجتمع الذي لا يفكر لا يملك أفكاراً معروضة للنقاش ، لأن كل فكرة بحوزته مقدسة أو شبه مقدسة, متكلسة و معلبة كالصناديق المتعلقين بها ...( مثل صندوق النقد الدولي المنتهك لسيادة الاوطان و الناهب لخيرات و مدخرات الشعوب و صندوق" الكرامة" للتعويضات لفائدة الاسلامويين في تونس و تكريس الغنائمية و الزبونية و الارتزاق... و بخاصة الصندوق الإنتخابي المحكوم بالمال الفاسد و المنصات الالكترونية المشبوهة التي زادت من تلوث المشهد السياسي التونسي و دعمت الشكوك حول مشروعية العملية الانتخابية ( أنظر تقرير دائرة المحاسبات في هذا الصدد) ... و صندوق الزكاة الذي يرومون تمريره برلمانيا للنهب و شراء الضمائر وعلى سبيل المثال، نفس الاسلاموي الذي أراد بعث صندوق للزكاة في الدائرة البلدية بالضاحية الشمالية التونسية، هو ذاته من اعتدى على مقر فرع رابطة حقوق الإنسان بالخلع و إتلاف محتوياته تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي لصدور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ... !!! * و في مثل هذه المجتمعات ، عادة ما تكون مناهج التعليم فيها هشة غير عقلانية و غير علمانية و غير تنويرية ديموقراطية حيث توفر الظروف السانحة لانتشار الجهل المقدس و الخرافة و الرداءة و التكلس و الغباء و معاداة بعض المكتسبات المدنية على محدوديتها ...و تشكل فضاءا لتغول أشباه المثقفين و السياسيين الفاسدين و الإعلاميين المظللين و الحداثيين الشكلانيين المشوهين و التجار الدينيين...!!! كما تشكل بؤرة للأفكار الغبية المتسلطة و المتعصبة عدوانية و ما أكثر هذه النماذج في مجتمعاتنا العربية و لعله ما حصل و يحصل من عنف و تهريج في البرلمان التونسي و بخاصة ما صدر مؤخرا من تصريحات موغلة في التخلف من بعض نواب الجبهة الاسلاموية في محاولة التعريض و التشويه للمرأة الحرة المتحررة بصفة عامة و المتمسكة بحقوقها ، المتصالحة مع جسدها و المتسقة مع ذاتها و ما راكمته من وعي و إصرار على درب النضال من أجل المساواة الفعلية و التقدم الحقيقي و العدالة المنشودة و الإنتصار للذات الإنسانية الراقية في كافة مفرداتها لهو خير دليل على ذلك ... !!!
* إذا أردت أن تدمر أمة و تضرب وحدة شعب و تفكك نسيجه المجتمعي و تنسف مكاسبه التي ضحت من أجلها أجيال ... فلا حاجة إلى حروب او ترسانة عسكرية، يكفي فقط أن يتمكن الإسلاميون و حلفاؤهم الداعمين لهم من الحداثويين المشوهين من الحكم... فأينما حلوا يحل معهم الخراب و الدمار... ! حكم الإسلاميون ولا يزالون لعقود لكن أرونا عدلا تحقق على أيدي الاسلامويين قديما أو حديثاً منذ مئات السنين ...!!! فالخلافة العثمانية حكمت لأربعة قرون تقريباً و انتهت إلى علمانية راديكالية...! ولكن كذلك أرونا عدلا تحقق أو تنمية أو ازدهاراً يذكر تحقق على أيدي رواد الحداثة الشكلية الاداتية الزائفة الباهتة من دعاة التوافق مع الإسلام السياسي " المعتدل" و يا له من اعتدال و يا لها من مغالطة ... ! كذلك من الحداثويين الزائفين الذين يزعمونة عبثا عدم الرغبة في التوافق مع الإسلاميين بالتالي لا يجب أن تغركم المناكفات و المشاحنات التي تصدر بين ألحين و الآخر بين منظومة الاسلام السياسي و بعض الاطياف سليلة المنظومة الاستبدادية القديمة المرسكلة بعد الثورة، التي اكتوى الشعب التونسي والاطياف الوطنية التقدمية المعارضة بنار استبدادها و قهرها لعقود... ! فكلهم نيوليبراليون ... مع اقتصاد السوق و مع املاءات صندوق النقد الدولي الكارثية و ضد دولة الرعاية الاجتماعية حتى الشكلية على النمط الأوروبي ... بالتالي في الحالة التونسية و في علاقة بالخيارات الكبرى لا سيما الاقتصادية والاجتماعية منها، لا فرق بين بن علي و المرزوقي و السبسي و سعيد و الغنوشي و موسي و غيرهم من الذين حكموا أو من المتصدرين للمشهد السياسى الراهن من رواد الحداثة الشكلانية الزائفة كما من رواد الإسلام السياسي و لا يملك أي طرف منهم حلولا للشعب المنتفض و ليسوا في وارد توفير أي من هذه الحلول الاقتصادية والاجتماعية أساساً !!! حيث تفاقمت و استشرت ظاهرة البطالة و الفقر و ذبح المقدرة الشرائية للفئات الشعبية الضعيفة و استفحال ظاهرة الإنقطاع عن التعليم و الامعان في التداين الخارجي و التهرب الضريبي و الاقتصاد الموازي و ميزانية في حالة عجز دائم و اقتصاد في حالة إفلاس غير معلن... !!! كلهم يدينون بديانة واحدة هي ديانة السوق الرأسمالية المتوحشة و إعتماد اقتصاد تبعي ريعي خدمي بنكي و منوال تنموي رث في خدمة أقلية كمبرادورية و كلهم منسجمون تماماً في إعتماد سياسات و ميزانيات تقشفية عدوانية و التفكيك القصدي للتعليم العمومي و الرعاية الصحية و الاجتماعية لفائدة لوبيات الاستثمار الخاص... بالتالي لا خلاف بينهم حول الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب... ! و تبقى خلافاتهم غير جوهرية، ثانوية ، هامشية لا تهم الشعب ، و تصب في حرف الصراع و التناقض الاجتماعي الطبقي عن جوهره الحقيقي... !!! و إنما الهاجس الأساس سرقة الاضواء و كسب نقاط للتموقع في المشهد السياسي لإدراك غنيمة الحكم و إنعاش المنظومة الفاشلة الهالكة المتهاوية على عتبات إنهيار اقتصادي وافلاس محتوم ساهمت تداعيات أزمة الكورونا كما ستساهم ميزانية 2021 في تعفن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية و إفلاس التمسك بخيارات عدوانية تبعية متازمة رثة لا مصلحة للشعب و الوطن فيها... ! * و أمام هذه الأوضاع المزرية و الأزمة العميقة الاقتصادية والاجتماعية و السياسية و الأخلاقية المستفحلة التي لم يعد ينفع معها لا التسويف و الحلول الترقيعية الهشة و لا المنوال التنموي الرث و لا الحوارات والتسويات ولا املاءات صندوق النقد الدولي الكارثية... لا خيار أمام الشعب الكادح الذي لا يعد يحتمل التعايش مع هكذا أوضاع مزرية و الذي لا يملك ترف النزول إلى الشارع... غير مواصلة المشوار النضالي بكافة الأشكال النضالية المتاحة و في مقدمتها النزول إلى الشارع و الاحتجاج بطرق موحدة و ممركزة و تجنب عقلية الجهويات و القطاعية لأن الشعب الموحد لا يهزم... !!! * لا خيار أمام الأطياف التقدمية الناهضة و الديموقراطية الثورية المنتصرة للشعب و انتظاراته و الوطن و سيادته غير توحيد الطاقات الذاتية و بلورة البرنامج البديل و التنظم و إفراز قيادات شعبية من صلب الحراك الاحتجاجي و تجاوز العفوية و الانتظارية و الاستعداد الفكري و السياسي و التنظيمي لتوجيه طاقة الاحتجاجات الشعبية صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا و إبقاء هذه المنظومة الفاشلة بمختلف تمثلاتها الاسلاموية الظلامية و الحداثوية الانتهازية الزائفة، خارج دائرة الحكم لأن بقائها لا يعني سوى مزيدا من تعفن الأوضاع و مزيدا من عمر الاستبداد و التبعية و القهر و الاستغلال و الاءفقار و الإذلال ... !!!
#عمران_مختار_حاضري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هي الثورة الدائمة... وهل حان الوقت لوعي حدود العفوية...
-
الأزمة أزمة خيارات لاوطنية و لا شعبية...
-
السلطة في ميزان الكورونا... لا لما يسمى قانون الاعتداء على ا
...
-
حول ما يسمى ب صفقة القرن و مساعي انعاشها... !
-
تونس بين فكي الإرهاب الغذائي و إرهاب الإسلام السياسي بمختلف
...
-
كسر الاستقطاب النيوليبرالي بشقيه الاسلاموي و الحداثوي الزائف
...
-
تونس أخرى ممكنة...
-
أين نحن من التنصيص الدستوري على الطابع المدني للدولة!؟ حركة
...
-
بعد فشلها في تمرير قانون صندوق للزكاة في البرلمان هاهي حركة
...
-
بمناسبة 17 دييمبرغ : عن الثورة و فوبيا الثورة
-
قول حول الانتخابات الأخيرة في تونس: الصدمة و الحقيقة التي تأ
...
-
مسار التطبيع يتفاقم في تونس ... !
-
الشعب يريد... !
-
على هامش الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية في تونس...
المزيد.....
-
العملية البرية المحتملة في لبنان.. متحدث الجيش الإسرائيلي يع
...
-
بايدن يصف مقتل نصرالله بـ-العدالة لضحاياه-.. وإدارته تأمر ال
...
-
نتنياهو: -لا يوجد مكان في إيران أو الشرق الأوسط لن تصل إليه
...
-
أزمة سياسية ليبية.. انقسام وتدخل خارجي
-
لحظة سقوط صاروخ أطلقت من لبنان تجاه مستوطنة إسرائيلية في الق
...
-
-الغرب عاجز وإسرائيل تزعم بتحقيق أكبر انتصار لها على حزب الل
...
-
سكان تل أبيب يتوجهون إلى الملاجئ بعد دوي صافرات الإنذار
-
80 قنبلة خارقة للتحصينات بزنة طن لكل واحدة وتفاصيل يرويها قا
...
-
الإعصار هيلين يخلّف عشرات القتلى في الولايات المتحدة ويترك ا
...
-
وسائل إعلام عبرية: سماع دوي انفجار كبير في القدس وتفعيل الإن
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|