|
خطاب - بمناسبة الذكرى الثانية لميلاد ثورة ديسمبر المجيدة
سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي
الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 14 - 22:39
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
طلوا كأنهم سُحُبً • علي الفضاء تناثرت وكأنهم حٍس الشتاء • لهم النسائِم أنشدت
شعبنا العظيم المنتصر:
أحيكم جميعاً بلغاتكم الأصلية الأصيلة الممدودة حباً كما النيل الشاهد علي تاريخ حضارات شعب السودان العظيم، واللغات هي وسائل تواصل المجتمعات منذ فجر التاريخ البعيد إلي يوم الناس هذا والغد الآتي، وتمثل أيضاً أعمدة أساسية لبنيان الثقافات الإنسانية، وتعتبر مرأة لامعة للسودان الجديد، ويجب أن نرى فيها أنفسنا أولاً قبل أن نخاطب بها العالم من حولنا، ونحن نستشرف فجر جديد للإحتفاء بميلاد ثورة ديسمبر المجيدة الهادية لدولة الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية والمنادية جهراً بضرورة الإعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر وضمان الحقوق والحريات الثقافية المتساوية وتعزيزها باعتبارها ثروة ضخمة للسودان؛ ينبغي أن نجعل ذلك مادة إنسانية لبناء أعظم حضارة في العالم المعاصر كأمتداد لما كان في سالف العصور؛ فثورة ديسمبر أظهرت التنوع اللغوي شعوراً وشعراً وشعاراً يمجد الإنسانية وينبذ العنصرية، وقد تشكلت "فسيفساء السودان الجديد" عاكسةً "السودانوية" في أرفع معانيها بالقيم الثورية الراسخة فينا والعابرة للإثنيات والجهويات والمعبرة عن ضمير الشعب الحي الذي نطق قائلاً "لا للظلم ولا للتمهيش والشعب يريد بناء سودان جديد" سودان للشباب والنساء والشيب والأطفال والشهداء الباقون في حياتنا اليومية وذاكرة التاريخ بأحلامهم النبيلة وهم النواة الحقيقية للتنويير والتغيير، وبذكراهم سنعيد رسم خارطة السودان من جديد طبقاً للمعاهدة الثورية التي كتبناها سوياً بمداد النور "حرية سلام وعدالة" هاتفين لسودان ديمقراطي لا حرب فيه ولا سجون، ودوماً نظل نردد "شهدائنا ما ماتو عايشيين مع الثوار" لنقول للعالم أجمع أن السودان أرض المناضليين الصامديين الحالميين بوطن يسع الجميع، والشعب المتسلح بارث من الثورات والبطولات الكبيرة لا يسعه إلا الإنتصار علي ظلم الأنظمة الظلامية والمضي نحو بلوغ الغايات المرجوة من المصالحة الوطنية الشاملة وترسيخ قيم العيش السلمي المشترك في سودان السلام والوحدة علي أساس التنوع وصولاً للحكم المدني الديمقراطي.
لحظات ميلاد ثورة ديسمبر المجيدة:
كانت لحظات إنطلاقة الثورة الحاسمة علامة بارزة نقشت في تاريخ السودان المعاصر بجسارة الشعب السوداني، وثورة ديسمبر المجيدة ولدت في وقت الشدة بعد مخاض سنوات من الحراك الثوري التحرري المتواصل حتى لحظة إنبلاج الضوء من صرخات حناجر أطفال بلادنا الصغار وهتافات داوية للفتية البواسل وزقاريد من فتيات باسلات خروجوا من باطن الأرض في السادس من ديسمبر عام 2018م في منطقة مايرنو جنوب سنار للتعبيير عن رفضهم لسياسات القهر والتفقيير المتبعة من قبل النظام الإنقاذي الفاسد والمستبد الذي دمر البلاد وشرد الشعب قسراً من الريف إلي المدينة ثم هجرهم إلي العالم الخارجي، وفي ذلك اليوم الخالد نغني للحرية والسلام والمستقبل الآتي "أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقٍ" وفٌتح باب التاريخ، وعبرت طلائع الشعب الجسور إلي السودان المدني الجديد بثورة مهرت شهادة ميلادها الذهبية بدماء الشهداء الأحرار الأبرار من بينهم إبن مايرنو البطل جعفر تاج الدين والعشرات من الشابات والشباب السناريين والسودانيين الذين خاضوا معارك تحرير السودان من مليشيات النظام الإنقاذي الغازي الذي حول هذه البلاد إلي مستعمرة ظلامية مستبدة يٌحكم شعبها بقانون النظام العام وخطط وسياسات التهميش وتشويه التاريخ بشكل ممنهج، ونحن اليوم نفتح سجلات تاريخ جديد لشعوب سنار الباسلة وهي سليلة مكوك وسلاطيين وقادة صنعوا أمجاداً نعتز بها داخل وخارج السودان؛ لندون الآن نضالات شباب ونساء سنار؛ ولنضيف لتاريخ سنار بطولات فرسان جيل جديد قاد ثورة ديسمبر من مايرنو ومدن وقرى السودان بثقافات "متعددة الألوان" في لوحة ديسمبرية ملحمية مثيرة وملهمة جعلت العالم أجمع يرفع لشعب السودان الصامد شارة الإحترام والتقدير؛ فقد ترجم هذا الجيل العظيم أنشودة "جيل العطاء" التي تقول في مطلعها "من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر"، وقد إنتصرت إرادة شعبنا الظافر الذي يؤمن بالحرية والسلام والعدالة ورسخها في معركة ديسمبر الفاصلة التي خاضها الجميع بصبر وصمود من أجل السودان الجديد.
الثورة في عامها الجديد:
لقد عبرت مواكب الثورة العام الثاني باصرار الثوار علي إحداث التغيير رغم الصعوبات التي مر بها السودان من العثرات والمخاطر الداخلية والخارجية كتحديات الثورة المضادة وتصفية فساد النظام المباد وخوض مفاوضات السلام وتجديد بناء العلاقات الإقليمية والدولية ومناقشة بعض قضايا الأرض والملفات الحقوقية والسياسية والمدنية وكارثة التهمييش وخطاب الكراهية والعنصرية وإرتباطها بمعادلات التغيير ومسألة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مع معالجة المشكلات الأمنية وبناء جيش وطني ومهني غير مسيس، وعلي خضم هذا الواقع المتشابك طفح علي سطح المشهد الوطني العام جدل سياسي وإقتصادي وأمني أخذ مساحة واسعة في نقاشات السودانيين الذين يعملون ويأملون لتحقيق تغيير شامل، وقد تمكنا من حسم وتطي بعضها بعد أن تم التوقيع علي إتفاقية جوبا لسلام السودان بين مكونات الجبهة الثورية السودانية وحكومة السودان الإنتقالية؛ بينما عملية إستكمال أهداف الثورة ما زالت مستمرة بغية الوصول للسودان الجديد، وكانت التحديات خلال الفترة الماضية كبيرة جداً؛ حيث فقد السودان عدد من الأباء والأبناء والبنات بسبب تفشي فيروس كوفيد١٩ الذي وضع شعب السودان علي خطوط المواجهة وفي قلب المعركة الكونية ضد خطر كورونا الذي لم يتوفر له لقاح ناجع إلي الآن مما يجعلنا ندعوا شعبنا لأخذ الحذر اللازم والإحتفاء بعيد ميلاد ثورة ديسمبر المجيدة دون تجمهر، وإن حدث التجمهر يتوجب الحرص علي التباعد وإستخدام الكمامات، وفي هذا المقام نجدد العزاء لكافة الأسر التي فقدت أعزاء لها بسبب فيروس كورونا، ومع هذه الظروف الصعبة وبلادنا في طور تشكلها البنيوي والنهوض يتوجب علينا أن نتماسك جميعاً ونمسك بخيط الصبر ونتحمل المسؤلية الوطنية كاملة حتى نتجاوز هذه المرحلة ونعبر بالبلاد نحو ضفة الحياة السعيدة المنشودة وبناء مجتمع إنساني تعاوني يعيش بسلام في دولة المواطنة بلا تمييز.
أهلا بنور الفجر • وليلة النار إنتهت جاء يوم النصر • والشمس حباً أشرقت
المجد لسودان السلام
#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميلاد كتاب لصديقي معالي السفير عبدالرحمن بسيسو
-
رسالة عزاء في وفاة الإمام الصادق المهدي
-
دفتر ذكريات
-
العودة إلي جوبا
-
قصيدة - الوداع
-
الذكرى الرابعة لإغتيال الرفيق وليام قوبيك
-
رسالة تهنئة لزملائي وشعب سنار بعد إستعادة مدرسة سنار الثانوي
...
-
الرسالة الثالثة للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب ا
...
-
إعتصام نيرتتي - الثورة وقضايا الحقوق السياسية والمدنية
-
الرسالة الثانية للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب ا
...
-
رسالة تضامن للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحد
...
-
مفاوضات السلام والمفوضية المستقلة للحريات الدينية
-
العم منصور خالد مصباح خطاب التغيير والتحرر
-
رداً للبوشي
-
رحيل القائد الثوري والشاعر الملهم إدوارد لينو
-
نحو مجتمع إنساني تعاوني في عالم خالٍ من ضجيج الرصاص
-
وقفة مع القائد فاروق أبو عيسى
-
أبريل موقد الثورات وعيد ميلادي الثاني والثلاثون
-
أياك الماظ - هل ينطفي بريق الماس
-
حملة ضد فيروس كورونا
المزيد.....
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|