رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 14 - 21:13
المحور:
الادب والفن
سواد الرجل وبياض المرأة في قصيدة
"امرأةٌ كانتْ عتمةْ"
سمير التميمي
..................
أغلقَ بابَ العتمةِ عليهْ
لم يترُكْهُ موارِباَ كعادَتهْ
أسدلَ الستائرَ
أطفأ النورَ
جلسَ وحدهُ يتلمس العتمة بعينيهْ
يناجيها
العتمةُ امرأةٌ تلبسُ ثوبَ السوادِ
والوجعْ
علاقة المرأة بالعتمة، تأخذنا إلى عالم الأزواج، عندما يريدا أن يأخذا حاجتهما الجسدية، أو يريدا أن يعبرا عن حبهما، فتكون العتمة هي الحالة الأنسب لهذا الأمر، لكن الشاعر يفتتح القصيدة بالحديث عن (رجل) مفترض، يغلق باب العتمة عليه، بمعنى أنه رجل (منغلق) على نفسه، وهذا ما نستنتجه من الألفاظ التالية: "أغلق، العتمة(مكررة)، لم، أسدل، الستار، أطفأ، السواد" فكل ما جاء متعلق بالرجل كان أسود ومعتم وقاتم، فالرجل يعيش بعالم غير سوي، هذا ما ترشدنا إليه الألفاظ المجردة، واللافت أن المرأة، عنصر الفرح والتخفيف عندما أقرنت بالرجل جاءت بصورة سوداء أيضا: "السواد، والوجع".
تخبِّيءُ أحلامها وأوهامها في منديلٍ مطرزْ
تجلسُ على حافة سريرِها كلَّ ليلةْ
تغكُّ عُقَدُهُ كلَّ ليلةْ
ولمَّا تصلُ العقدةَ الأخيرةَ
تخافُ
تتراجعُ
إذن هناك رجل يترك أثرا سلبيا على المرأة، نجد هذا الأثر من خلال: "تخبئ، أوهامها، حافة، ليلة (مكررة)، عقدة، العقدة، تخاف، تتراجع" فالألفاظ تشير إلى أن عالم الرجل/الذكر ينعكس سلبا على المرأة، لهذا قدمت بألفاظ معتمة وشديدة، لكن المرأة كالشمس، ما أن تختفي حتى تعود لتظهر من جديد، ولا يمكن أن تستمر في (غيابها)، هكذا هي طبيعة الشمس/المرأة، وما أن نرى أو خيوط البياض حتى يعم النور:
"وتعقدَ المنديلَ من جديدْ
وتحدق فيه برغبةٍ زائدةْ
عطرٌ يملأ الغرفةْ
وخيوطُ نورٍ تتسللُ منْ شقوقِ النوافذِ
والستائرْ
منديلٌ ملقىً على السريرِ
وبقايا حُلُمٍ مطرزٍ
وضوءْ
يتمدَّدُ على السريرِ وينامُ
يحْلُمُ بامرأة.ٍ
كانتْ عتمةْ
وصارتْ خيطاً من نورْ."
فنجد حضورها/ظهورها في الألفاظ: "المنديل (مكرر)، جديد، برغبة، عطر، يملأ، نور (مكرر)، النوافذ، حلم، مطرز، وضوء، يتمدد، يحلم، امرأة" من خلال هذه المستويات الثلاث يمكننا أن نصل إلى حضور المرأة وأثرها الإيجابي في حياة الرجل، فالفاتحة القاتمة جاءت متعلقة بالرجل، ثم نجد أثرها على الفرح/المرأة، وفي الخاتمة كان البياض يعم القصيدة، وكأن هناك (عالم) آخر جعل القصيدة تتجه نحو الشمس/المرأة، وهذا يأخذنا إلى العنوان "امرأةٌ كانتْ عتمةْ"، فالمرأة في الماضي "كانت" عتمة، أما الآن فهي شيء آخر. .
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟