|
الاحتكار المعولم للعولمة
روژين احمد سليمان
باحثة
(Rozheen Ahmed Sulaiman)
الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 23:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من خلال التتبع لمفهوم العولمة كتعريف، بالإضافة الى ابعاد و مستويات العولمة سيتضح لنا ان موضوع العولمة لا يرتبط بدولة معينة أو بجنس معين رغم ان بعضهم يطلق عليه اسم الامركة أو الاوربة، وهذا يعني أن هناك مجال امام الاخرين ايضا ان يطلق اسماء و مصطلحات على العولمة مثلا اليأبنة أو العوربة وغيرها. فالسؤال عن هل احتكار العولمة يجعلنا نقف ونفحص اراء الباحثين الذين يؤيدون فكرة الاحتكار.
الكثير من الكتب والمؤلفات تصف العولمة على انها عملية احتكارية تقوم بها الشركات الامريكية من اجل فرض نمط اقتصادي معين متمثل بالرأسمالية الليبرالية ونشر الثقافة الديمقراطية في بلدان العالم، بينما جانب اخر من المفكرين يعتقدون ان العولمة ليست سياسة تحتكرها امريكا فقط بل هي سياسة تحتكرها مجموعة من الدول الكبرى و القوى الاقتصادية الفاعلة خاصة الشركات المتعددة الجنسية التي تتحكم بالاقتصاد العالمي، فمثلا شركة مايكروسوفت لصنع الحاسوب تأثيرها ووجودها واضح جدا، فكلنا نمتك اجهزة حاسوب من صنع شركة مايكروسوفت في منازلنا اليوم.. طبعا هذا على سبيل المثال للحصر.
هنا لا بد ان نشير الى شيء في غاية الاهمية وهو أن السياسة الدولية و الاستقرار العالمي على صعيد الاقتصاد مرتبط بمقررات وبدائل تكتلات اقتصادية عالمية مثل( G20 )، أو الدول الثمانية الصناعية(امريكا، المانيا، بريطانيا، ايطاليا، فرنسا، اليابان، روسيا، كندا) و الذي يمثل اقتصادهم 65% من اقتصاد العالم، فمثلا لو ارادت هذه الدول الثمانية ان تفرض نمط اقتصادي معين فلا يمكن ابدا ان يتم محاربة او عدم قبول ذلك النمط لأنها تمثل ثلاثة ارباع الاقتصاد العالمي الذي يعتمد علية غالبية الدول، أي بمعنى يمكننا ان نقول أن العولمة قد تكون بهذا المفهوم سياسة احتكارية تديرها مجموعة من الدول المتنفذة، على صعيد اخر، لو أردنا ان نسال انفسنا سؤالا مفاده هل العولمة تطور وتجسيد للقيم الحضارية ام لا ؟ سنرى أن شعوب العالم في العقدين الاخيرين من القرن الحالي انصهرت بوضوح مع معالم العولمة الثقافية، والاجتماعية، وحتى الاقتصادية، التي فرضت نمطاً معيناً من الثقافة على الشعوب المنتمية لدول العالم الثالث او دول الجنوب، حيث زالت الكثير من العادات والتقاليد من الوجود واثرت حتى على الإرث الحضاري وفلكلور الشعوب لتتحول الى تقليد اعمى للحضارة الغربية بملابسها وموسيقاها و ثقافتها و طبيعة التعامل الاجتماعي على مستوى الافراد ثم الاسرة الواحدة ثم مؤسسات الدولة انتهاءً بالنظام السياسي الذي يدير الدولة.
في اعتقادي أن المشكلة الاساسية هي طبيعة ونمط التفكير لدى المجتمعات أي العقل الجمعي والفضاء الفكري الذي يعيشون فيه، اذ توجد مجتمعات تقف بالضد من تغلغل اي ثقافة او قيم اجنبية الى مجتمعاتها لتحافظ على قيمها و حضارتها وتحميها من عولمة حضارة معينة، ولكن هذا لا يمكن ان يظهر الى الوجود بدون ارادة سياسية متمثلة في اتخاذ صانع القرار السياسي للخطوات اللازمة لمواجهة خطر الحضارة المعولمة، فعلى سبيل المثال قام صناع القرار السياسي في فرنسا بإجراءات للحد من تدفق الثقافة الامريكية ونمط الحياة الامريكية في المجتمع الفرنسي، فقاموا بالرقابة على الأفلام والبرامج التلفزيونية الامريكية ومنعوا تدفق الاعلام الداعي للثقافة ونمط الحياة الامريكية الى داخل المجتمع الفرنسي. لكن كلنا نعرف ان فرنسا دولة صناعية كبرى، وان فرنسا عضو دائم في مجلس الامن الدولي، وهي دولة تقود مع المانيا الاتحاد الاوروبي، بمعنى لديها كل الإمكانات للتصدي والوقوف بوجه العولمة السلبية والمحافظة على القيم والحضارة الفرنسية... المشكلة فينا نحن شعوب الدول النامية او الدول الفقيرة التي لا تملك الامكانات والميكانزمات اللازمة للوقوف امام الأفكار والثقافة التي لا تتلاءم مع مجتمعاتنا. طيب الان ما العمل؟؟ كيف نتعامل مع العولمة في كلا الحالتين...؟ في اعتقادي أولا وقبل كل شيء، يجب ان نكون واقعيين في هذا الموضوع فالعولمة تحصيل حاصل لا نستطيع انكاره. ثانيا، العولمة لا يمكن ان نحدد طبيعتها الاحتكارية او الحضارية من خلال التعاطي مع مشاكل مجتمع بعينه اذ ما قد نصفه نحن بالاحتكار سواء من الجانبين الاقتصادي او الثقافي الحضاري قد يكون تحضرا في مجتمع اخر. لذلك علينا كباحثين ان ننظر بمنظار الحيادية تجاه الموضوع وان لا نتأثر بالجانب الروحي او الديني الرافض لكل معالم العولمة، علينا ان نرحب بالإيجابيات وان نقف بوجه السلبيات وان نقبل بالعولمة كتحصيل حاصل.
#روژين_احمد_سليمان (هاشتاغ)
Rozheen_Ahmed_Sulaiman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشافعي شاعرا وفيلسوفا
-
ارضاء الناس غاية لا تدرك
-
فيروس كورونا في إطار نظريات العلاقات الدولية
-
الامم المتحدة مبادئ رائعة وتطبيقات مرة
المزيد.....
-
مصدر سعودي: الرياض حذرت ألمانيا 3 مرات من المشتبه به في هجوم
...
-
تفاصيل جديدة عن هجوم الدهس في ألمانيا.. هذا ما رصدته كاميرا
...
-
طبيب ولاجئ وملحد.. من هو السعودي المشتبه به تنفيذ هجوم الدهس
...
-
ارتفاع حصيلة هجوم ماغديبورغ وشولتس يتعهد -بعدم الرضوخ للكراه
...
-
وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران
...
-
زاخاروفا: صمت الغرب عن الهجمات الأوكرانية على قازان مثير للغ
...
-
جائزة خالد الخطيب الدولية لعام 2024
-
سعودي ومعاد للإسلام... ما نعرفه عن منفذ الهجوم على سوق لعيد
...
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|