|
الأسلام بين الوطن والخلافة
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6752 - 2020 / 12 / 5 - 20:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأستهلال : أرى من الضروري ، قبل الولوج في الموضوع ، أن نعرف المفردتين أعلاه - * فكلمة " وطن " في اللغة : وفق ابن منظور في لسان العرب ، الوطن : هو منزل تقيم فيه ، وهو موطن الإنسان ، ومحله يقال : أوطن فلان أرض كذا ، وكذا أي اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيه . وقال : الزبيدي : الوطن منزل الإقامة من الإنسان ، ومحله وجمعها أوطان . أما تعريف الوطن اصطلاحا : عرف الجرجاني الوطن في الاصطلاح بقوله : الوطن الأصلي هو مولد الرجل ، والبلد الذي هو فيه .. / نقل من موقع قبائل الجزيرة العربية . * أما مفردة " الخلافة " : فتعرف بأنها ( الخلافة - هي الإمامة الكبرى ، وهي أصلٌ استقرت عليه قواعد الملة ، وهي رئاسة تامة ، وزعامة عامة ، وخلافة للنبوة لحراسة الدين وإقامته ، وسياسة الدنيا بتطبيق الشريعة ، وسياسة الرعية ورعاية شئونها ، والقيام على مصالحها ، وإظهار شرائع الدين ، وإقامة حدوده ، والائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه .. / نقل بأختصار من موقع الخلافة نت ) . الموضوع : 1 . بداية يجب أن نقر ونعترف بعدم وجود وطن في الأسلام ، لأنه أصلا لا يؤمن به ، ولا يقره ، وما يقوله شيوخهم بأن النص التالي يعبر عن حب الوطن ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ.. ٌ (40)/ سورة الحج ) ، لا أراه صحيحا ، لأن كلمة ديار ليست وطن ، ولو كان مفهومها أيضا يدلل على السكن – لأنه من الممكن أن تكون قد نزلت بديار وسكنتها لفترة ولكنها ليست موطنك ! ، أما الوطن هو مولد ونشأة وسكن ومواطنة وأخاء .
2 . الأسلام يؤمن بالخلافة ، لأنها من صلب العقيدة ، ولأنها تمثل لهم مبدأ ( خلافة للنبوة لحراسة الدين وإقامته ) ، وهذا المبدأ عمل به منذ دعوة رسول الأسلام محمد من أجل توسيع خلافته وملكه ، حيث أرسل نبي الأسلام / عندما أستقرت أموره وقويت شوكته رسائل الى الملوك والقادة في زمانه منهم يدعونهم للأسلام من أجل توسيع ملكه وتوسيع خلافته على الأرض ( حيث كتب إلى هرقل قيصر الروم - ملك الروم - وكتب إلى كسرى ملك فارس ، وكتب إلى ملك الإسكندرية ، وإلى النجاشي في الحبشة ، وإلى ملك عمان ، وإلى ملك البحرين ، وغيرهم / نقل من موقع الألوكة ) . والرسائل أصلا مشكوك في صحتها ! .
3 . وربطت الرسائل أعلاه ب ( أما الأذعان والأستجابة للأمر أو الحرب ، وهذا نموذج مختصر من رسالته الى هرقل الملك الروماني ، وكان نصها كما ثبت في الصحيحين : " من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، السلام على من اتبع الهدى ، أسلم تَسْلَم ، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، وإن أبيت وإن تولَّيت ، فإن عليك إثم الأريسيين .. " ) ، أي في حالة الرفض هناك حرب وأحتلال للبلد وما يلحقها من قتل ونهب وسبي .. وهكذا بدأت الفتوحات الأسلامية ، والتساؤل : هل هناك من مواطنة بين أمير جيش غاز وبلد مهزوم ! . 4 . أن الأيمان بالخلافة هي عملية سرق ونهب للأوطان ، وذلك لأن ما يسمى ب الفتوحات الأسلامية ، هي أحتلال للأوطان ونهب للخيرات وتدميرا للشعوب وبالنتيجة هي ألغاء للأوطان وأحلال للخلافة بدلا عنها ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، أورد في التالي بعضا مما أقترفه عمرو بن العاص في فتح مصر عام 21 هجرية .. } يذكر حنا أسقف نقيوس - يوحنا النقيوسي - الذي عاصر دخول العرب إلى مصر في الفصل (113) احتلال العرب لمنوف ولأتريب ( أن عمرو بن العاص قبض على القضاة الرومانيين وقيد أيديهم وأرجلهم بالسلاسل والأطواق الخشبية ، ونهب أموالا كثيرة وضاعف ضريبة المال على الفلاحين وأجبرهم على تقديم علف الخيول ، وقام بأعمال فظيعة عديدة . وحدث الرعب في كل المدن المصرية وأخذ الأهالي في الهرب إلى مدينة الإسكندرية تاركين أملاكهم وأموالهم وحيواناتهم . ودخل الغزاة المدن واستولوا على أموال كل المصريين الذين هربوا .. ). وفي الفصل (121) يقول النقيوسي : ( ويستحيل على الإنسان أن يصف حزن أوجاع المدينة بأكملها فكان الأهالي يقدمون أولادهم بدلا من المبالغ الضخمة المطلوبة ) / نقل بأختصار من موقع المعرفة {. * ويقول المؤرخ المصري المسلم ابن عبد الحكم في كتابه فتوح مصر (ص153) " أن بعض الأقباط ذهبوا لعمرو بن العاص طالبين أن يخبرنا ما على أحدنا من الجزية فيصير لها " ، فأجاب عمرو : " لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ما عليك . إنما أنتم خزانة لنا إن كُثّر علينا كثّرنا عليكم وإن خُفف علينا خففنا عليكم". . * هذه أدلة دامغة بأن المسلمون في توسيع خلافتهم ، كان من أجل نهب خيرات الأوطان والسبي ، تحت عباءة نشر الدين .
5 . وأفظع مثال على ذلك هي داعش – الدولة الأسلامية في العراق والشام ، وخليفتها أبو بكر البغدادي / المقتول في عام26.10.2019 ، وهي أشنع خلافة أسلامية في العصر الحديث ، لما مارسته من قتل وحرق وصلب وسحل ونهب وسبي ، فهي دمرت أوطان من أجل بناء خلافة على غرار السلف ! . خاتمة : الأسلام كعقيدة أعتمد على نهج مبدأ الخلافة ، وسخر لهذا المبدأ الجهاد وفق النص القرآني ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .. / سورة الصف 10 – 13 ) ، وتحدث رسول الأسلام أيضا بهذا الصدد ( وعن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله يقول: أذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القطان ، وقال الحافظ في البلوغ : رجاله ثقات / نقل من موقع بن باز ) ... ونلحظ أيضا أنه في الأسلام هناك تشديدا على فتح البلدان وفق " جهاد الطلب / وهو جهاد لفتح أراضي جديدة لا تعرف شيء عن الإسلام ويندرج تحته جهاد الدعوة وجهاد التعليم " ، كل هذا من أجل توسيع أرض الخلافة . من كل ما سبق نلحظ أرتباط الأسلام بالخلافة دون الوطن كمفهوم ، وبذات الوقت هناك عروة بين الخلافة من جهة وبين الجهاد وفتح البلدان من جهة أخرى ، وهذا لا يتم ألا بالحرب " السيف " ، ولم يعر الأسلام كمعتقد أي أعتبار للوطن وذلك لأن الوطن غير مهموم بالدين والشريعة ، فالأوطان راية مقدسة تضم مكونات الشعوب .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضاءة بين الداعية والمفكر
-
أضاءة في - تحديد عدد الصلوات في الأسلام -
-
حكام العراق - بعد 2003 / أضاءة في جلد الذات
-
الصراع الدموي على السلطة في الأسلام – واقعة الحرة 63 هجرية /
...
-
أضاءة بين الجاهلية والأسلام
-
أضاءة بين تحرير العقل وتحجيره
-
الرسول ونسائه بين المعلن والمخفي
-
أضاءة حول أستبداد الموروث الأسلامي على عقلية المسلم
-
قراءة لحديث - من أطاعني فقد أطاع الله .. -
-
مريم العذراء .. والتقاطع التأريخي للقرآن
-
أضاءة حول بناء النص القرآني
-
معجزات رسول الأسلام بين المنطق والخرافة
-
أضاءة أولية في كتابة التأريخ الأسلامي
-
الأستخدام السياسي للقرآن
-
أنفصال الأسلام عن العقل الأنساني
-
أضاءة لحديث - من بدل دينه فأقتلوه -
-
قراءة لعملية التطبيع بين الأمارات وأسرائيل
-
في الشخصية المحمدية - الجزء الرابع / الأخير - محمد .. الشخصي
...
-
في الشخصية المحمدية – الجزء الثالث
-
في الشخصية المحمدية – الجزء الثاني
المزيد.....
-
تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
نفيسة خويص مرابطة مقدسية يلاحقها الإبعاد عن المسجد الأقصى
-
وادي الجوز.. حي تحيط به المعالم التاريخية والدينية بالقدس
-
أجدد أغاني البيبي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي عبر أقمار النا
...
-
رفض اسلامي وتنديد أممي وانتقاد أميركي لاقتحام الأقصى
-
الخارجية الفرنسية تدين تصريحات بن غفير واستفزازته بشأن المسج
...
-
فرح طفلك NOW.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نايل سات
...
-
زعيما المعارضة الإسرائيلية وحزب -شاس- يتحدون ضد بن غفير ويسع
...
-
بوريل يدين اقتحام بن غفير المسجد الأقصى ويدعو للحفاظ على وضع
...
-
الخارجية الأمريكية: اقتحام المسجد الأقصى ينتقص من فرص التوصل
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|