رجل من عالم مظلم

خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 6752 - 2020 / 12 / 4 - 11:51
المحور: الادب والفن
    

رجل من عالم مظّلم
رجل من غيمة سوداء أخصاها دخان رمادي .سد أبوابا كانت قلادات على صدور أمهات ونسيج لامع في أصابع الآباء ولعب أطفال تنام معهم في فراش واحد .هذا الربان العاقر يتسلل في نصف الليل الى مخادع الغانيات. يغازل الكؤوس وينفخ فيهن خمرا فينثرهن ما تبقى من ثياب على الأرائك يترنحن راقصات ،يسقطن على في أحضان المجهول كما تسقط فراشات أغواهن نور فانوس سحري. مؤلم أن تحجب أنوار أقمار السماء ونجومها البعيدة . مؤلم أن تشرق الشمس خلف الغيمة السوداء.مؤلم سقوط الغانيات وهن يرقصن ثملات في حضن لا ينجب ،يملئ الكؤوس بالدخان الرمادي ويعاقر لذته . الأرض تلد أبناءها وتسقيهم من ثدييها وفاء وحب وآلهة تعبدها .
عاد بعد رشف آخر كأس الثمالة متسللا .أوقفه الشارع شم رائحة فمه. أخذه الى زاوية غير مرئية.
رش على وجهه ماء مكحّل بلقاح النخيل ورائحة التفاح . اهتز بدنه وعاد كما كان رجل من غيمة سوداء.
سمسار من سماسرة العاهرات.
سأله الطريق كل المارة يمرون من فوقي رافعي الرؤوس متأبطين فحولتهم أحّملهم ..أحّملهم كما تحمل الأم أبنها البكر وأمكث في غربتي في غيابهم.
أما أنت لم أراك يوما تمر من فوقي. أصدقني القول
رد وهو لازال يترنح، أكرهك وأكره ألسنه الناس ومهابتهم فأنت تذّكني بعمري ورفاق لا يستحقون النوم على فراش.
الخمر لا يزال يدب في جسدك.
ومن قال أني لا أحب الخمر وأعقد معه صلح ،فغريزتي كؤوس أنفخ فيها الدخان
ما هذه الوقاحة ما هذه الغريزة الغريبة،
أنا احمل سلة الرطب وأنت تسرقها وترميها في بركة نتنة.
أعتز بغريزتي وسأعقبك على تطاولك سأجعل السابلة تمر من طريق أسلكه وحدي وأنت ستظل تعيش في الغربة.
حسنا
لننتظر أفواج القوافل ستكون حكما بيننا ولها الاختيار
طالما هذه رغبتك أتركني أذهب من حيث جئت، والأيام بيننا لنري أي مسلك سيسلكون.
لا ...لا سأربطك ..وأعلقك على تلك الشجرة بانتظار القوافل
هل أنت جاد في قولك.
نعم
لكنك طريق ليس إلا ،وأنا دخان وغيمة سوداء ،سأجعلك تتعرى في ساحات المدينة وتتساقط من عينيك دموع حمراء.
ما دمت تدعي أنك دخان يعمي عيون رفاقي، سنقف واحد مقابل الأخر على بعد مسافة تكفي لجموع القوافل، حد فاصل بيننا.
سيختارون سلوك طريق يحمل سلة رطب .
ولكن أنا غيمه سوداء وفي فمي دخان رمادي.
سيختارونك ولكنهم سيسلكون دربي بعيون عمياء وأفواه فاغرة مطأطئي الرؤوس.
فرد علية بتهكم ،كم أنت مغرور،الرياح العاتية عدوّتك أيها الأحمق

#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات