أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - بين التمرد والعبث














المزيد.....


بين التمرد والعبث


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6749 - 2020 / 12 / 1 - 13:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن العبث والحرية
١١ - ميرسو ليس شخصية عبثية
لقد أراد كامو أن يرسم لنا شخصية عبثية تعيش موقفا عبثيا، غير أنه لم ينجح في ذلك النجاح الذي بالغ فيه النقاد. للوهلة الأولى يبدو أن الحكم بالإعدام على ميرسو لأنه قتل عربيا هو إدانة عبثية لا معنى لها وغير ضرورية، لأن الفرنسي يستطيع أن يقتل عربيا، وبالذات إذا كان هذا العربي يحمل سكينا بدون عواقب وخيمة. فلو كان العربي هو القاتل وميرسو هو الضحية، فلا شك أن الحكم بالإعدام على العربي شيء طبيعي، ونفس الشيء لو أن ميرسو قتل فرنسي آخر على شاطيء البحر بدون مبرر آخر غير حرارة الشمس، فلا شك أنه سيحكم عليه بالإعدام بطريقة طبيعية ومنطقية حسب القانون الفرنسي الساري في ذلك الوقت. غير أن إرادة كامو بإضفاء صبغة عبثية على الموقف أجبره أن يختار عربيا بدون هوية كضحية. العبثية تبدو إذا في عملية القتل بدون سبب سوى الشمس المحرقة والعرق الذي يتساقط في العينين، بغض النظر عن هوية الضحية، باعتبار أن ميرسو غير مبال بهذه التفاصيل الإجتماعية. غير أن تفاصيل الجريمة عندما ننظر إليها من منزاوية أخرى، ومن خارج الصندوق الزجاجي الذي يعيش فيه ميرسو، سنكتشف أنها جريمة إجتماعية عادية تتعلق بالدعارة والإنتقام والشرف .. وأيضا بالعنصرية، الموضوع الذي لا يتطرق إليه كامو نهائيا ولم يذكر في تفاصيل المحاكمة. والعبثية واللامبالاة تبدو هنا مجرد غلالة شفافة لإخفاء حقيقة ميرسو كإنسان نرجسي وإن كان ينتمي إلى الطبقة الحاكمة والمسيطرة على المدينة وشاطيء البحر. وربما يصبح الموقف عبثيا حين إدانة ميرسو والحكم عليه بالموت لأنه قتل عربيا، لأن الموقف "الطبيعي" هو ألا يدان الفرنسي الذي يقتل عربيا، وحتى إن أدين لا يمكن الحكم أن يصل إلى الإعدام. غير أن المشكلة الأساسية التي تهدم بناء كامو كله هو أن ميرسو لم يدان لأنه قتل عربيا، وإنما لأنه لم يبك وفاة أمه ولم يبد مشاعر الحزن والأسى التي من المعتاد ومن الواجب إظهارها في مثل هذه المناسبات الحزينة. ميرسو يموت من أجل العادات الإجتماعية التي لم يخضع لها، فهو متمرد ولا مبال ولكنه ليس عبثيا. جريمة ميرسو إذا لا علاقة لها بالعبثية، إنها جريمة إنسان يمتلك نوعا من السلطة ـ مسدس وحماية إدارية وسياسية لكونه فرنسيا في مستعمرة الجزائر - حدث مثلها العشرات دون أن يدان مرتكبيها. الفرنسي في الجزائر المحتلة يمكنه أن يقتل عربيا بدون مبرر ودون أن يخشى حكم الإعدام. غير أن ميرسو حكم عليه بالإعدام لأسباب إجتماعية تتعلق بالمجتمع الفرنسي وعلاقته بالموت وطقوس الدفن والعلاقة بالأم. القانون الفرنسي لا يمنع المواطن من ألا يبكي عند موت أمه ولا يمنعه من تدخين سيجارة وشرب القهوة بالحليب أمام جثمان الميت في إنتظار مراسم الدفن، غير أن القوانين الإجتماعية تدين ذلك، لذلك وجدت المحكمة في جريمة قتل العربي مبررا كافيا وإن كان غير منطقي لإصدار حكم الإعدام في حقه.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصياد وجنية البحر
- القفص الزجاجي
- براءة الغريب
- الطفو على سطح الأحداث
- المحاكمة
- ميرسو وإغتيال الشمس
- ميرسو - اللامبالي
- المسامير والعودة المضنية
- الغريب .. والسرد العبثي
- نهاية كامو العبثية
- ألبير كامو وأسطورة العبث
- عن الحرية والعبث
- فردة الحذاء والكورونا
- عدو الوطن
- جففوا المطر
- تحب تفهم تدوخ
- الشاعر لا يحب الأزهار
- الله غني عن الكينونة والوجود
- الله والخياط
- قط شرودنجر


المزيد.....




- الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
- انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
- فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
- ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر ...
- -مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
- سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء ...
- شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
- انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
- سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - بين التمرد والعبث