أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - قالت اليمامة














المزيد.....

قالت اليمامة


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 1612 - 2006 / 7 / 15 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


المقبرة موحشة ذاك الصباح، شعرت ببرودة التربة، تمشي حافية بين القبور..تنظر بحسرة
تقرأ أسماء كتبت من زمان على قبور منسية وأخرى حديثة الكتابة، تترحم بصوت خافت ،تتابع سيرها نحو قبره، يرقد بهدوء بعد أن كان ممتلئا بالحياة.. تتذكر بسمته المشرقة، طيبوبته، أنفته،حبه الكبير،صدره العريض وهو يضم رأسها الصغير إليه ،يربت عليه،لتطمئن نفسها،تتذكر حضنه الدافئ مؤلم رحيلك.. تتمتم البقاء لله، تتساقط دموع على خدها منسابة، تمسك إناء الماء ترش على زهرة برية نبتت على القبر عّلها تنمو، تجلس أصابعها تتشابك فوق ركبتيها تحدثه قائلة:اسمع "م"أصبحت تتقن لهجتنا أم الصغيرة"ل"تظن أنك في سفر طويل، تسأل عنك بإلحاح..تبتسم بسمتك المعهودة ، أمر أخر؟ لكنه محزن ،عمتي الطيبة رحلت لاتحمل معها إلا زاد التقوى..الوطن..؟لازال مدفونا في رمال الصحراء ..العالم..؟ لاتسأل دما ودمارا..، لاتسأل عن شيء، زمن الهزيمة والخذلان هذا ...الأمطار..؟ الحمد لله تهاطلت بغزارة، الحرث..؟ لا، لم نحرث هذه السنة أصرت الأم أن تمنح الأرض إكراما لمثوى صاحبها....تصمت لحظة ثم تتابع حديثها:
غرفتك أرتبها كل يوم، أشم رائحة عطرك في أرجائها..مذياعك لازال على الموجة التي كنت تنام على سماعها..جرائدك، كتبك، نظارتك الطبية، علبة سجائرك تنقصها سيجارتك الأخيرة، أنام أحيانا في غرفتك بحثا عنك...تصمت،ترفع رأسها عن ركبتيها ،تبلع ريقها تشعر بغصة وهي
تتذكر بيتا للخنساء:
فيا لهفي عليه،ولهف نفسي أيصبح في الضريح وفيه يمسي.
تحس بروحه الجميلة مابك..؟المرارة والغصة تخنق صوتك الطفو لي.. ماالذي حدث..؟
الغصة كبرت من يوم الجمعة الحزين، اليوم العاصف بعيد أنت لم تشاهد كيف انتزعوه منا.؟ أشعر أن الزمن يسخر مني..؟لم أبكه بعد ..؟ولم أعزى فيه..؟ يريدونني أن أصالح، من أصالح..؟يعتذرون بكلمات عن اختطافه فجر الجمعة العاصف..؟ببساطة يلقون في وجهي بخبر بسيط :
قبره وجد منسيا في" قلعة جحيم مكونة". بعد أن لفظ أنفاسه في غياهب الظلام..كيف بالله عرفوا قبره..؟لا أصدق أنا أعي كيف وري جثمانه الثرى تحت جنح الظلام خوفا..القتلة جبناء يتسللون تحت غطاء الظلام ..ألم يطمسوا معالم قبره ليلتها دون ترك أثر لأقدامهم القذرة..؟ تراودني رغبة في الذهاب لقلاع الجحيم المرعبة أحمل بعضا من تربة مدينة الوجع،مدينة الألم والحب ،مدينة عشقها رغم الجراح وأورثني عشقها، مدينة بكته بحرقة وألم، مدينة تفتقده شوارعها البسيطة ،مدينة توشحت سوادا على انتزاعه من حضنها ذات فجر ضبابي القسمات ، سآخذ بعضا من ماء أبار "طنطان" العذب،ماء طالما روى ظمأه..أتعرفا انه لفظ أنفاسه دون جرعة ماء في لحظته الأخيرة..؟تبا لهم يطلب جرعة ماء ولا يجدها..؟ الحرقة في القلب عليه تزداد اشتعالا،الدمعة أقسمت لن تقبّل الخد الشاحب حتى ترى جلاديه يعانون معاناته،البسمة المشرقة غابت عن الشفاه،سنين العمر احترقت بحثا عن حقيقة اغتيلت في مهدها..تأكد لن أسامح،لن أصالح، لن أغفر حرماني منه،لن أغفر كيف أرغموني أن أكبر قبل الأوان،وأرغموه أن يقول وداعا ذاك الفجر الضبابي وهو يكره الوداع ،لم يتركوا لذاكرة طفلة صغيرة غير صورة يدين مكبلتين وعينين بنيتين تحجب عصابة بريقهما أمام أعين بريئة ..لن أسامح أبدا و لن أصالح...بل أقول لهم ماقالت اليمامة يوما:"أريد أبــــــــي حيــــــــــــا"

البتول المحجوب- طنطان-المغرب
[email protected]



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - قالت اليمامة