أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصعب قاسم عزاوي - هل ختامها حرب؟















المزيد.....

هل ختامها حرب؟


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6744 - 2020 / 11 / 26 - 19:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قد لا يختلف عاقلان محايدان على أن نظام الملالي في إيران يحركه ميل توسعي أيديولوجي أفرز الكثير من القيح والمآسي في غير موضع عربي، أقله المتاجرة بحيوات بعض الأعراب لمقارعة الكيان الصهيوني بدمائهم كوسيلة لتعزيز نفوذه الإيديولوجي، وأكثره تراجيدية احتلال الهشيم السوري وتهجير أهله من أوطانهم في نهج عنصري لا يختلف عن أي قوة احتلال غاشمة عرفها التاريخ، وبغض النظر عن أي تلفيقات لتبرير ذلك الفعل المنتهك لكل المعايير الأخلاقية والدينية و كل أعراف وقوانين الحرب التي تنظر إلى ترويع المدنيين و التطهير المجتمعي على أسس مذهبية أو عرقية بأنه جريمة عارية ضد الإنسانية.

وعلى المقلب السياسي العياني المشخص من تفاصيل تلك المآسي الجللة التي خلفها الإيرانيون في غير موضع عربي فإن هناك صخباً وقعقعة تدور في كواليس الولايات المتحدة السياسية للقيام بعملية عسكرية جراحية موضعة أو موسعة لاستئصال قدرات إيران النووية قبل إسدال الستارة على حقبة الإدارة الأمريكية الآفلة. وهي عملية غير واضحة المعالم حتى لمن قام باقتراحها لعدم وضوح الحدود بين ما هو مدني وعسكري في نظام دولة أمنية بامتياز كإيران يسيطر فيها الحرس الثوري على كل مفاصل الحل والعقد فيها. وهو ما يجعل من مآلات أي عملية عسكرية تستهدف القدرات العسكرية الإيرانية على أي صعيد مفتوحة على الكثير من المنعرجات التي قد تفضي إلى تعقيدات وتشابكات أكثر مما كان متوقعاً لها في خطتها النظرية.

وهنا لا بد لحصيف من التساؤل عن مصالح العرب في تلك المعركة المحتملة، التي قد يرى فيها الكثيرون تلبية للرغبة الجامحة والمحقة بإحقاق قصاص عادل وفق شريعة حمورابي للملايين من بني العرب الذي فقأت عيونهم مرتزقة المليشيات الإيرانية عرباً وعجماً، واقتلعت جذورهم من منازلهم وأوطانهم، وحولت حيواتهم إلى سعير كلياني أنتج الملايين من المهجرين المظلومين.

وعلى الرغم من ذلك كله فقد يستدعي الرشاد نظرة ثانية إلى مآلات مثل تلك الحرب الموضعة على إيران، التي قد تكون في أحسن أحوالها مثل حرب الخليج الأولى حرباً جراحية محدودة الأهداف، تتم بقصف جوي أو صاروخي يضعف النظام، دون أن يتمكن من إسقاطه لأرجحية عدم وجود قوات مشاة أرضية لتحصد نتائج القصف الجوي على الأرض، و خاصة في ضوء تمترس الدولة الأمنية العسكرية في كل تفاصيل المجتمع الإيراني عمقاً وسطحاً وعمودياً وأفقياً وهو ما قد يتطلب محو المجتمع الإيراني بأكمله لاستئصال نظام غوغائي مؤدلج مثل نظام الملالي في إيران الذي لا غريم سياسياً له في لج حالة التصحر السياسي التي أفرزتها هيمنته المطلقة على حركية المجتمع، والتي تأسست على أرضية الهشيم السياسي الذي أنتجته المخابرات الأمريكية والإنجليزية في انقلابها على نظام محمد مصدق العلماني الوطني المعتدل في العام 1953، منتجاً عودة نظام الشاه إلى سدة الحكم، ليقوم بعدها بالانتقام من كل الفئات الوطنية والعلمانية والمعتدلة التي كانت في صف مصدق، ومخلياً الساحة المجتمعية من كل التيارات الفكرية و السياسية التي كانت تعتمل فيها، و من جل إمكانيات المقاومة لجور الحاكم الذي تفنن الشاه بإيصاله إلى مراحل بزت الكثير من أباطرة الاستبداد ممن سبقوه، مفسحاً المجال لأصحاب العمائم لملء الفراغ السياسي، و تصدر واجب المقاومة الذي أصبح خياراً لا بد منه بعد أن تحولت حياة المجتمع الإيراني بأكمله إلى جحيم راقد تحت البسطار الأمني لدولة الشاه، و هو ما أفضى في المآل الأخير إلى ثورة الخميني وأتباعه فيها، وأدى إلى تحول المجتمع المدني العلماني في إيران، الذي لم يكن هناك ارتباط بين هويته الحضارية والتاريخية وتلك الدينية سوى خيوط هشة قبل تلك الثورة، إلى مجتمع ذي هوية دينية مؤدلجة بامتياز.

وهو واقع الحال الذي قد يستتبع في حال تعرض النظام الإيراني بشكله الراهن إلى هجمة جراحية موضعة رد فعل يتناسب مع حجم صلف رجالات النظام نفسه، ومع ما قد يحصلون عليه من دعم ممن يريدون إيقاع الأمريكان في مستنقع يشبه ما وقعوا فيه سابقاً في أفغانستان وكان المقدمة لانهيار الاتحاد السوفيتي و امبراطوريته، منتجاً جل ما يخشاه كل عاقل يرى واقع الحال البائس الذي آلت إليه جل المجتمعات العربية التي يئن معظمها من أزمات بنيوية عميقة حولت جل حيوات مواطنيها إلى جحيم سرمدي وموات مقيم مع وقف التنفيذ المؤقت بين الفينة والأخرى. إذ لا يحتمل أن ينتج رد فعل النظام الإيراني على أي هجمة عسكرية عليه إلا إلى مفاقمة ذلك الحال المزري، حيث من غير المرجح أن يستطيع الإيرانيون الرد على الولايات المتحدة بشكل مباشر، ويرجح أيضاً أن يتكئوا على ذرائعيتهم المهولة لتفادي أي اشتباك مع الكيان الصهيوني بشكل مباشر، سوى ذلك الذي يمكن أن يتم عبر ميلشياتهم العربية، والذي سوف يدفع ثمنه أيضاً المجتمعات العربية التي تنطلق منها تلك الميليشيات كما كان في حرب تموز من العام 2006 وما كان على شاكلتها، وهو ما يبقي احتمالاً واحداً هو أن يلجأ النظام الإيراني لاستخدام ترسانته الصاروخية للنيل من مجتمعات دول الخليج العربي، التي تعاني من أزمات بنيوية خانقة أقلها تلك المتربطة ببنيتها الريعية الهشة التي تكاد تتهالك تحت وطأة تراجع أسعار النفط وانخفاض الطلب العالمي عليه، جراء إدراك البشرية لكارثية الاعتماد على النفط ومشتقاته كمحرك أساسي للاقتصاد العالمي. وهو واقع اجتماعي واقتصادي قلوق لا يحتاج صواريخ إيرانية للإطباق على بناه الواهنة، وأبراجه المشيدة التي أصبح الكثير منها خاوياً، في حال من الاحتضار المزمن منذ التراجع الاقتصادي العميم في العام 2008 والذي لما يخرج الاقتصاد الكوني منه، وهو ما يظهر بجلاء أكبر في حالة الاقتصادات الخليجية.

ومن ناحية أخرى لا بد قبل قرع طبول الحرب والسير في ركابها من استذكار ملايين العرب الذين يعملون كعمالة وافدة في دول الخليج العربي، ويقتات مما يحولونه الملايين من العوائل في المجتمعات العربية الأخرى، والتي قد يكون سقوطهم إلى قعر الفاقة خياراً حتمياً في حال حدوث زلزال اقتصادي في دول الخليج لا يحتمل أن يدفع ثمنه إلا المستضعفون المنهكون من مكابدتهم السرمدية لعسف لقمة العيش المرة مرغمين على استمرائها بقوة وجور الأكثر مرارة منها.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عُجَاب الإرهاب مفهوماً ونهجاً
- لغة الفساد والإفساد
- أسباب وأعراض سرطان العظام
- إعدام العراق العظيم نووياً
- كشف المستور في الحادي عشر من سبتمبر
- الموات النخري للإعلام العربي
- مقصلة الوعي الاستهلاكي
- صناعة الشواش الاصطلاحي
- سلس البول عند الأطفال
- صيرورة الإنسان العاقل (منعرجات تطور الجنس البشري)
- جدلية الداخل والخارج في الميدان الإعلامي
- كيف تحافظ على ذاكرتك
- بصدد رؤية عقلانية للصراع العربي الصهيوني
- أسباب وأعراض سرطان القنيات الصفراوية
- الجانحون الصغار والمجتمع القاصر الضِنِّين
- المرأة الخلاقة المبدعة وزمار الحي العربي الكسيح
- هل يسيطر الصهاينة على الإعلام الكوني؟
- أسباب وأعراض سرطان المثانة
- آفاق واعدة لعلاج سرطان الدم
- إكسير المناعة المعرفية


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مصعب قاسم عزاوي - هل ختامها حرب؟