حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 1612 - 2006 / 7 / 15 - 05:30
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الكتابة هَمٌ ثقيل، الحروف متباطئة، القلم يحاول، مَرة بعد مَرة، الموضوعُ ملتهبٌ، نهايتُه غير سعيدة، يستحيل أن تكون. القصة تبدأ بنفس السيناريو والإخراج، في غزة وفي جنوب لبنان، اختطاف جنود اسرائيليين. اسرائيل تحترم قيمة مواطنيها، ترد بعنف، الدول العربية والإسلامية لا تعرف للروح الإنسانية احتراماً، تطالب بالتهدئة وضبط النفس، تطالب غيرها بردود أفعالها، بنفس تخاذلها. من ارتكبوا الاختطاف يتحدثون عن القوة، عن تأديب العدو، المواطن البسيط يدفع الثمن، يُقتل، تُدمر المرافق والمنشآت، ما بُني من عرقه يلتهمه التراب، يستوي به.
كالعادة، تنطلق ميكروفونات المشيدين بالاختطاف، إنه البطولة، طائفية، مذهبية، لم تعد عربية، إنهم الصائدون في المياه العكرة، المحركون الحقيقيون، خارجون دوماً عن أي منطق متعارف عليه، يهددون، لن ينفذوا، يحركون دمي صنعوها، لأهدافهم، لتحليل وجودهم. القصف الاسرائيلي يتوالي، تزداد الخسائر فداحة، تُعلن الميكروفونات الاستعداد للتفاوض، خرج الأمر من يدِها، تطالبُ العالم بالتدخلِ، تلومه. عالمٌ لم يُستشر في الاختطاف يُستغاث به، شعارات القوة ضد العدو ترتد بعنف، قوة وهمية أعلي منها الصراخ والشعارات.
من يشعل حرباً لا بد أن يواصلها، أن يقدر عليها، أن يدفع ثمنها من جيبه، لا من حياة وجيوب الأبرياء، عليه أن يظل في الساحة، المخابئ مزدحمة، بمن وصفوا بالأبطال قبل غيرهم. خسائر بطولاتهم تعيد المجتمع للعصور الحجرية، لم تردع عدواً ولم تحقق مغنماً، بحساب الأرباح والخسائر لا طائل منها. يستحيل أن يكون خطف جنديين أو أكثر هدفاً استراتيجياً فخسائره خارج الحصر، إذا كان مجرد فرقعة إعلامية فلم يكسب تعاطف العالم، الميكروفونات لا تخلو من صراخ طلب النجدة.
ما أقسي ما في النفس من مرارة، ما أسهل الشعارات، ما أكثر المتاجرين بها، ما أيسر جر الغوغاء لترديدها ولِكَر سبابٍ لا يجيدون سواه. كالعادة، تُرِكَت للآخرين ساحة العلم والعمل والتخطيط والتدبير للمستقبل، تفرغت ميكروفونات وشاشات البطولة لاتهامات العمالة والجُبن والتخاذل، لمحاربة طواحين الهواء، للأهازيج وفبركة التاريخ السحيق وتلوين كَرب الحاضر،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟