|
من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (2- 5):
عقيل الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 6742 - 2020 / 11 / 24 - 02:10
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لكن تطور الفكرة القومية ومن ثم تبلورها إلى حركة في ذاتها وليس لذاتها، ذات تأثير سياسي ملموس وايديولوجية لتفسير واقع البلاد العربية، لم يتم، تاريخياً، إلا أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى"... وإذا امكننا التعميم حول تطلعات أولئك الذين كانو نشطين في الحركة التي سنطلق عليها( العروبة) قبل الحرب العالمية الأولى وخلالها، فلعل من السليم القول أنهم أرادوا تحرير العالم العربي من الهيمنة العثمانية أو اخراج المناطق التي جاؤوا منها من نطاق الحكم العثماني. فقد اعتقد البعض من هؤلاء النشطين وليس جميعهم، أن بريطانيا وفرنسا ممستعدتان لمساعدتهم في تحقيق هذا الهدف. وفي اعقاب التسوية السلمية (1918-1920) التي لم يتمخض عنها أنشاء الدولة المستقلة التي تمناها أو قاتل من أجلها هؤلاء الافراد العرب، بدأ شكل جديد من العروبة أو من القومية العربية بالظهور... وتألف هذا الشكل الذي انتشر من خلال قنوات تطورت بسرعة إلى ما اصبح يمثل التعليم العام، من إعادة اكتشاف شعبية (التراث العربي المشترك) والقول أن الأمة العربية كانت قائمة في السابق ويشكل العراق (أو سورية أو فلسطين) جزء لا يتجزأ منها... ". ومن الملاحظ إن انبعاث الفكرة العروبية لم يكن على ذات المستوى بالنسبة للبلاد العربية، وبالأخص المشرقية منها، إذ قبل نشوئها في العراق، كان هناك قطبان أرأسيان هما: - الأول: في سوريا الكبرى، وبخاصة بيروت، ذات النزعة الشمولية القوية نتيجة التعسف التركي؛ - الثاني: في مصر التي نمت في ظل الاحتلال البريطاني وإن كانت معادية له . وكما اشرنا سابقا إلى ظاهرة إن الدعاة والنشطاء الفكريين والسياسيين الأولين للعروبية لم يكونوا من المسلمين، فالجزء الأكبر منهم، كانوا من المسيحيين، ولربما يُفسر هذا الأمر باعتبار أن التيارات الاسلامية، وبخاصة في مطلع القرن المنصرم، كانت على الدوام أكثر صخباً في عدائها للقومية وهذا مستمر إلى وقتنا الحاضر إلى حدٍ ما، كما اعتقد، رغم محاولات حزب لبعث في آواخر فترة حكمه السابق، من دمج الفكرتين الاسلاموية والعروبوية، لكنه لم يفلح في تحقيق ذلك. وهنالك فرضية بالنسبة للعراق سبق وان تبنيتها وطرحتها في كتبي السابقة، مفادها أن العامل الخارجي للظاهرة العراقية ، كان بمثابة المحطم للقصور الذاتي كما مر بنا، وهي في البدء ( قوى الاحتلال الاجنبي - بريطانيا تحديدا) إذ كان لها الدور الاًرأس والكبير في تكوين الدولة العراقية ككيان جيوسياسي معاصر، حتى يمكننا اعتباره أحد سنن تكوينها وهو يتماثل، في الكثير من الآحيان، مع أغلب بلدان عالم الأطراف، سواءً العربية او غيرها، حيث تم فرضه بالقوة المادية والمعنوية، وحدد مضامين وأشكال مؤسسات الدولة الوليدة وأنساقها الإدارية على وفق مصالح واستراتيجيات قوى الاحتلال. هذه الخصوصيات العامة في نشوء الدولة العراقية كانت ولا تزال تثير الكثير من الإشكاليات السياسية، فيما يتعلق بالهوية الجماعية، لأن هناك اختلافات في زمنية النشوء بين النزعتين القومية ( العروبية) والوطنية (العراقوية). وتأسيسا على ذلك فإن "...الحركة القومية في العراق قد أختلفت عن سوريا ومصر في عدة نقاط، أهمها إثنتان بالنسبة لموضوعنا: - أنها ظهرت ونمت في وقت متأخر نسبيا (1909- 1920) ؛ - وكذلك فإنها تعرضت خلال تبلورها للاضطهاد المزدوج من جانب السلطات التركية والبريطانية على التعاقب. وهذه الحقيقة ميزت الحركة القومية في العراق بسمتين متناقضتين بعض الشيء: فمن جهة لم يأل القوميون في العراق جهداً لإظهار سخطهم على الاحتلال البريطاني . ومن جهة أخرى قبل القوميون في العراق بزعامة الهاشميين تلك الزعامة التي رفضها اشقاؤهم المصريون جملة وتفصيلاً... " ، وذلك بسبب ارتباط الحركة القومية العراقية بما يسمى (الثورة العربية بقيادة الشريف حسين )، والأخيرة بالبريطانيين بصورة مباشرة وسرية، في البدء، وبحلفائهم بصورة غير مباشرة من الفرنسيين والروس بموجب اتفاقية سايكيس -بيكو - سازانوف وزير خارجية روسيا القيصرية . ومن خلال قراءة تاريخ الحركات والتيارات القومية في العراق، فإن لها سمات من أبرزها: - تختزل العراق بإرثه الحضاري منذ فجر التأريخ إلى مجرد قطر من أقطار الدول العربية؛ - ارتباط نشأتها بالشريف حسين وابنائه مع معرفتهم المسبقة بأنهم لا يمتون بصلة للفكرة القومية التحررية، بقدر ما تهمه مصالح أسرته المادية والسياسية ؛ - ومما يزيد من ابتعادهم عن الماهيات التحررية ، استنادهم على نقيض الفكرة القومية ألا وهي مؤسسة القبلية المقترنة بخطاب سياسي ذات اللثغة الدينية ؛ - استجابة للتماثل القسري عند تعاملها مع الآخر وتأكيدهم على التمايز الإثني، الديني والمذهبي ؛ - كانت الحركة القومية عند نشوئها، تعلق الآمال على وعود بريطانية في تحقيق طموحها، المتناقض مع الماهيات التحررية ؛ - تمسكت الحركات القومية بنزعتها المتعالية على الأمم وبصورة خاصة المجاورة للعراق وذلك "... بإزدرائهم التأريخ ووضعوا ظاهرة الأمة والدولة القومية فوق التأريخ نفسه، متقدمين إلى المستقبل بحثاً عن ماض لم يكن، على طريقة الشعار المعروف: أمة عربية واحدة ، ذات رسالة خالدة ... " ؛ - كانن هذه الحركات شديدة العداء للفكرة الوطنية العراقوية وأتهموها بخيانة الأمة ونعتوها بالشعوبية ؛ - تنصلت عن معالجة المشاكل الاجتصادية الناجمة عن ما تطرحه الحياة ؛ - ركزت على اللغة وإتخذوها معياراً مميزاً وحَدّاً ثقافياً مع الآخر. وهكذا كان العراق المعاصر منذ تأسيس حكومته المركزية عام 1921 إلى الوقت الحاضر، يمور فيه تنازع لتحديد ماهية الهوية الجماعية للبلد، نراه خفي تارةً أو معلن تارة أخرى؛ ذو عنف معنوي مرة ومادي في أخرى، متخذأ هذا التنازع أشكالا متعددة، منها دينية أو/و مذهبية أو حجج غير واقعية ليتستر خلفها . وعليه فإن : "... عدم الاستقرار السياسي والحكم التسلطي في العراق بجذورهما (يعودان) إلى تنازع مبدأين على طبيعة المجتمع السياسي في دولة الأمة الحديثة، حيث تطورت رؤيتان متننافستان تاريخياً بصدد هوية المجتمع العراقي. ظهرت الرؤية الأولى مع بروز التوصيف القومي العروبي للعراق في أعقاب الثورة العربية 14-1918، (الأدق 16-1918-الناصري) ومع انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العاليمة الأولى. وهذه الرؤية للمجتمع السياسي تعود بأصول العراق الحديث إلى ماضيه السامي، وبالتحديد إلى العرب في زمان ما قبل الإسلام وحقبة الإمبراطورية العباسية. وطبقاً لهذه الرؤية، فإنه طالما أن الشعب العراقي قد بلغ العظمة إبان فترات التوحد العربي، لذا فإن توحداً كهذا هو من متطلبات التقدم في الحقبة المعاصرة. أما الثانية وهي الرؤية الوطنية العراقوية التي أرتبطت بمعارضة البريطانيين بعد اجتياحهم للعراق 1914 وخلال ثورة حزيران- تشرين الأول عام 1920، فكانت تبحث عن أساطيرها التأسيسية في حضارات العراق القديمة، وفي التراث العربي كذلك، ولكن من دون تفضيل للأخير... "(التوكيد منا- الناصري). هاتان الرؤيتان تنازعتا، منذ وبعد تأسيس الدولة العراقية وإلى وقتنا الحاضر، على الهوية الجماعية والمجتمع السياسي، بعد فشل إستمرار تجسيد الوحدة الوطنية العراقية التي ناضل من أجلها حزب حرس الاستقلال والقوى المدنية في بغداد بالاخص، قبل انطلاق شرارة الانتفاضة (الثورة) الكبرى في عام 1920. وقد أتخذ هذا التنازع شكلاً جديدا كمِنَ تمدده واحتدامه في المؤسسات الحديثة التي استوجبتها متطلبات تأسيس الدولة الوليدة ذاتها، كالاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والتجمعات المهنية والنوادي الاجتماثقافية والصحافة، بل حتى انتقلت لمؤسسات الدولة: المؤسسة العسكرية والتعليمية ومجلس النواب والأعيان وغيرها. وعلى ضوء هذا التنازع أنقسم المجتمع برمته وبخاصة فئة الانتلجنسيا والمتعلمين التي بدورها تخندقت بين مناصر لهذا الإتجاه او ذاك، كما انقسم بدورهم المناصرون الآخرون لكِلا النزعتين، في النظر إلى ماهيات العراقوية والعروبية، كل على وفق مصالحه وفلسفته الخاصة ومنهجه وأدواته التحليلية، وأيضا على عمق الذاكرة التاريخية ومكوناتها ومنطلقاتها في حراكها الاجتماسياسي والفكري. "... ومما هو جدير بالتأكيد في هذا الصدد هو أنه صحيح أن الاستقلال الوطني كان هدف الجزء الأغلب من العراقيين الواعين سياسياً، إلا أن أقلية صغيرة ممن تبنى هذا المشاعر كانت (قومية عربية) بالمعنى المحدد لكونها مؤيدة لدمج العراق بكيان عربي أكبر. غير أن هذه النزعة لم تتمتع بشعبية واسعة في العراق مثلما لاقته على سبيل المثال وفي الوقت نفسه في سوريا تحت الانتداب... من هنا، على الرغم مجازفتنا بزعزعة هذه الفكرة، فإن القومية العربية ونزعة العروبة لم يكن لهما صدى واسع في العراق على الاطلاق. أما شعبية الناصرية قبل ثورة 14/ 1958 في العراق، فلم تكن لها علاقة بمضمون العروبة، بل أنها نشأت بسبب كونها قد مثلت رمزاً للاستقلال العربي عن الغرب، وأيضاً بسبب مضمونها الاجتماعي التقدمي... ".( التوكيد منا- الناصري) ولا بد من التأكيد ثانيةً على أنه لم ينتشر الشعور بضرورة تحديد الهوية الجماعية بصورة جلية إلا أثناء تأسيس الدولة المركزية وإزدادت حدة بعد تشكلها، واشتدت وتائر هذه التساؤلات حول ماهية الهوية الجماعية للعراق بعد الاحتلال الثالث ( 9 نيسان 2003- 31 كانون أول 2010) وإعادة تشكل الدولة وتسلم السلطة من قبل القوى العراقوية. بمعنى آخر يبقى السؤال قائما لحد الآن والى المستقبل المنظور: { لـمــن هــذه الــدولــة ؟ } وللإجابة عن ذلك لابد من الرجوع إلى زمن تاسيس الدولة العراقية الوليدة والإشارة إلى توصيف الحالة التي كان فيها المجتمع العراقي عند تحوله من جماعات زراعية رعوية إلى مجتمع في طور التبلور، حسب وصف الملك فيصل الأول (1885–1933) في مذكرته السرية التي كتبت عام 1933، حيث جاء فيها : "... (أقول وقلبي ملآن أسى، أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء، ميّالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتفاض على أي حكومة كانت، نحن نريد والحالة هذه أن نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه، وندربه، ونعلـّمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف، يجب أن يعلم أيضاً عظم الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل). واليوم وبعد نحو سبعين عاماً، تستعيد هذه الكلمات وهجها من جديد، بعد أن كانت قد خبت إلى حد كبير وصارت تاريخاً مكتوباً فحسب، بفعل النقلات النوعية المستنيرة التي خطاها بناة الدولة العراقية الحديثة في بداياتها، بسعيهم البصير لإرساء قيم التمدن والتعليم والعلمانية والانفتاح الثقافي، بما أسهم تدريجياً بتشكيل هوية عراقية مركزية تجمعت حولها وفيها كل الهويات الفرعية المبعثرة التي أفرزها الاستبداد العثماني وما قبله. لكن هذا التطور الحضاري النوعي لم ترافقه نقلات مماثلة لبناء مؤسسات مجتمعية قوية تحتضن هذه الهوية الفتية وتصونها عقلانياً، لأسباب تتعلق بهيمنة المملكة البيروقراطية الناشئة آنذاك من معطف الاحتلال البريطاني، على المجتمع المحروم والمهَمّـش والمغترب عنها. فكان أن تحَجّر التغير الاجتماعي البـنـّاء بمرور الوقت، وأصبحت (ضروراته) وكأنها لا تستجيب إلا لفظاظة الجنرالات (الوطنيين) الذين لم يواجهوا مجتمعاً يلجم أوهامهم. فركبوا دباباتهم وداسوا مشاعر الوعي الجمعي للعراقيين في أهم مراحل تفتحها، مستبدلين الهوية الوطنية الموحدة بهويات فرعية سياسية متصارعة، ممهدين لوصول الفاشية بـ (قطار أمريكي). فكانت بداية حرب هذا المجتمع ضد نفسه! ". ( التوكيد منا-الناصري). وهكذا كانت حالة صراع واشكالية تحديد الهوية الجماعية العراقية قد بدأت، كما أكدنا سابقاً، بالتكوين والتجسيد مع انبثاق الدولة المركزية المعاصرة عام 1921، بعدما طمستها، إن لم يكن ذوبتها الامبراطوريات الاسلامية في (الكومسبوليتية) منذ القرن السابع ولغاية بدايات القرن العشرين. وعليه "... شكل مفهوم (الهوية الاجتماعية Social Identity ) عنصراً ديناميكياً ضمن بنية أوسع هي (مفهوم الفرد عن ذاته) والذي يتضمن بدوره عنصراً آخر هو مفهوم (الهوية الفردية) محدَّداً بإدراك الفرد لخصائصه الشخصية المميزة التي تجعل منه كائناً متفرداً لا يشبه غيره. فالهوية الاجتماعية هي (وعي) الفرد بانتمائه إلى جماعة تاريخية توفر له إطاراً وظيفياً لإشباع حاجته إلى الأمن النفسي، وإطاراً مرجعياً لصياغة منظومة قيمية– ثقافية تنظم إدراكاته للعالم وتفاعلاته معه وتقييماته له، وإطاراً نزوعياً للسعي نحو إنجاز أهداف جمعية مشتركة، دون أن يتعارض ذلك مع أهدافه الفردية الخاصة. فالهوية الاجتماعية بهذا المعنى هي نتاج للتجارب المشتركة ونمط الحياة المشتركة بين أفراد تلك الجماعة التاريخية ... ". لقد رصدنا في دراساتنا السابقة، أن الهوية الجماعية للعراق كانت تتقاسمها النزعتان (العراقوية والعروبية) وقد كانت جدلياً، من أحد الاسباب المباشرة لتأسيس الدولة العراقية. كما وقد مثلت أحد أهم المعاضل التي وسمت تاريخ العراق المعاصر طيلة القرن العشرين، ولا تزال تتفاعل على ضوء الظروف الحسية الجديدة التي اعقبت الاحتلال الثالث (9 نيسان 2003-31 كانون أول2011)، لان هذه السيرورة غير مكتملة ولم تنته بعد في سياق صيرورات بناء الدولة/الأمة الحديثة وإعادة انتاجها، كما يجري الآن في الجمهورية الثالثة (9 نيسان 2003-وإلى الان) على ضوء المعطيات السياسية المعاصرة، رغم أنها أخذت تسود بعكس مما كان سائداً عند تأسيس الدولة حيث كان (المكون السني المسيطر الأرأس)، وآلان أعتمدت أيضاً على مكون واحد وهو (المكون الشيعي المسيطر الأرأس). كما أنعكست مضامين الحالة الحالية على تشرذم المكونات الاجتماعية من خلال تبني الهويات الأدنى من مستوى الهوية الوطنية، وقد تمثلت وتجسدت في الانتماءات الفرعية والهويات الثانوية : الاثنية والدينية والمذهبية والمناطقية ورابطة الدم (القبيلة والعشيرة والفخذ والعائلة)، مما سوف يهدد العراق ككيان جيوسياسي اجتماعي. علماً أن هذه الهويات الفرعية لا تستطيع من تحقق مآلها ولا مصالح من ينادي بها.. لأن منطق العصر وروحه تكمن في الكيانات الكبيرة وليس في الدويلات الصغيرة (المايكرو دولة) بعد أن اصبح العالم، كما يقال، قرية كبيرة بحكم التطور العلمي العاصف للثورة التقنية والمعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي. واتوقع من نتائج هذا التبني للهويات الفرعية والدعوة (للمايكرو دولة) وجود الحروب العدائية (بشكليها المادي والمعنوي)، أو على الأقل سيادة الصراعات بين هذه (الدول المصطنعة )، لأن هذا التوقع مستند إلى الرغائب تتماشى مع استراتيجية قوى الاحتلال الثالث والمراكز الأمبريالية و تجسد هذا الموضوع في مفهوم الشرق الاوسط الجديد وجسده مشروع بايدن حول تقسيم العراق وسوريا . ونؤكد ثانية، ومن هذا المنطلق الأخير، تتفاعل في الوقت الحاضر ومنذ انبثاق الجمهورية الثالثة، رؤية سياسية ذات ابعاد مصلحية زبائنية تنتمي لرؤى الولاءات الدنيا من مذهبية وأثنية ومناطقية، تهدد ليس الكينونة العراقية حسب، بل ماهيات وجود هذا القوى ذات النظرات العصابية والانوية الضيقة بحد ذاتها، التي اتخذت من هذه الرؤى مطيتها لتحقيق مصالحها الفئوية الضيقة جداً. ويتحمل، كما أعتقد، مسؤولية كل هذا الوضع مجموعة من العوامل ببعدها التاريخي، وهي كل من: - النظم التسلطية الملكية والجمهورية وبخاصة النظام السابق (الوحشية البعثية) ؛ - الرؤية الفكرية الأمريكية التي قبلت بها قوى المعارضة لنظام الحكم السابق ؛ - قوى الاحتلال الثلاث ورؤيتها لواقع آفق العراق القادم ؛ - القوى السياسية الماسكة الآن بالسلطة وبالاخص الإسلاموية وتبعيتها ؛ - صراع القوى الإقليمية والدولية وتدخلاتها في الشأن الداخلي. لقد تخندقت، إلا ما ندر، جميع المكونات الاجتماعية وقواها السياسية وبخاصة الأسلاموية في بوتقة مصلحيتها الفئوية ومذهبيتها ومناطقيتها وأثنياتها الصغيرة. فسياسيو هذه القوى يتحملون المسؤولية الكاملة على تفشي هذه النزعة التفكيكية للكيان الجيو سياسي ومقوماته الاجتماسياسية ذات البعد التاريخي، طالما أن الطرف الأكبر فيها (الاسلام السياسي)، السني والشيعي على السواء، قد فشل في بناء الدولة المدنية المتتوئمة مع روح العصر وعَمَقت الخلافات في البلد ومكوناته الاجتماعية حد الاستنفار المادي والسيكولوجي. إذ إن "... المنظومة النفسية الجمعية لأية جماعة، تتشكل ضمن شوط زمني طويل، ولا تطرأ عليها تغيرات جوهرية إلا ضمن شوط زمني طويل أيضاً، بمعنى أن الحدث السياسي– بسبب سرعته– قد يفرض شروطاً تاريخية معينة على السلوك الظاهري لجماعة ما، دون أن يعني ذلك قدرته بالضرورة على إحداث تغييرات مماثلة لمنطق تلك الشروط في المنظومة النفسية الداخلية لتلك الجماعة... " ومن الجدير بالتنويه إن أنعدام التناغم في السلوكية الحياتية، بمجمل ابعادها، والسيكولوجية، العامة والخاصة، والمستويات الفكرية، التحررية والشفاهية، بين المدينة والريف ذات الانظمة الاجتماعية والثقافية المتبايتة، إن لم تكن متناقضة في بعض مفاصلهما، إذ لكل منهما مفهومه الذاتي للحراك الاجتماسياسي الثقافي، وجملة المفاهيم التي دخلت الحياة الفكرية من قبيل:الدولة المركزية، الدستور، الحزب، الاستقلال ، الحقوق، الديمقراطية ...الخ من جهة. ومن جهة أخرى "... ففكرة سلطة الدولة في نموذج الدولة/القومية، كان لابد لها ان تصطدم مع التوجهات القبلية والعشائرية المتسمة بالطابع الاستقلالي الذاتي (النسبي). وكذلك فإن مفهوم الولاء للدولة يتعارض مع مفهوم الولاءات السائدة في المجتمع العشائري. لذا فمن أجل أن تكسب الدولة ولاء المجتمع العشائري، الذي تختلف عاداته وتصرفاته عن مجتمع المدينة، كان لابد من العمل على خلق ولاءات جديدة وتحديدات جديدة للهوية " ولهذا حاولت الدولة العراقية الملكية احراق المراحل عندما تبنت العروبية وتخندقت بها دون العراقوية لتنطلق منها نحو الأمة العربية من جهة، واخضعت فلاحي العشائر المنتفضة بالقوة المادية، نتيجة تجريدهم من الأرض، ورشوة شيوخ العشائر من خلال تسجيل الأرض كملكية خاصة وليس ملكية تشاركية للعشيرة من جهة أخرى. ومن جهة ثالثة فإن اكتشاف النفط جعل منها قوة مستقلة عن الأمة ومعتمدةً على الاقتصاد الريعي والاقتصاد الأوامري. هذه الحالة كانت على نقيض ما تم من الصيرورات التي شاعت في البلدان الأوربية المتطورة حيث طردت الاقطاع ومنظومة قيمه ومعاييره وفلسفته.. في حين أن المحتل البريطاني والنخبة السياسية الحاكمة ثبتت الاقطاع، كما مر بنا. ولهذا فأن "... الدولة/ الأمة الحديثة نتاج عصر التنوير، والثورة الصناعية، وقد سبق الاثنين ما شاع في أدبيات تاريخ الفكر باسمي عصر النهضة، والإصلاح الديني.. وتخلل ذلك انهيار النظام الإقطاعي. من هنا انتزعت الدولة نفسها من سلطة الكنيسة المتحالفة مع الأنظمة الملكية الإقطاعية، فأصبحت علمانية. والعلمانية من أقانيم عصر التنوير، حيث تدير السلطة الحاكمة المجتمع وموارده بقوانين وضعية، مكرِّسة أسساً راسخة لحرية المعتقد والضمير... ". وتأسيساً على ذلك يمكن التحديد الزمني التقريبي لتأرخة ظهور إشكالية الهوية الجماعية في العراق، هو منذ العقد الثاني من القرن المنصرم بالشكل العروبي منها في البدء، حيث ظهرت في نزاعها ضد سياسة التتريك التي انتهجتها حكومة الاتحاد والترقي العثمانية بعد انقلابها عام 1908. واشتدت وتيرة هذه النزعة بعد اعلان ما يسمى (بالثورة العربية في الأعوام 16-1918) أثناء الحرب العالمية الأولى، وكذلك خلال الاحتلال البريطاني الأول (1914-1932)؛ ومن ثم أثناء وبعد تأسيس الدولة المركزية حيث أشتدت العروبية في نزعتها أثناء تمركزها في قمة السلطة منذ (استيراد) الملك فيصل وتوليه الحكم لأن "... المسألة الوحيدة التي كانت تبرر تواجد فيصل كملك على راس السلطة هي فكرة القومية العربية التي كانت تحدد أسس التمييز السياسي بين الترك والعرب وتشكل الأساس الأيديولوجي للوحدة العربية... ". واستمرت في ذلك الزخم منذ أواسط الثلاثينيات عندما اصبحت المؤسسة العسكرية أحد اجنحة مراكز القرار الأراس في الدولة العراقية .. وبلغت أوجها في خضم حركة مايس 1941. لكن بعدها أنتكست مؤقتاً النزعة العروبية في الاحتلال الثاني (1941-1947)، ثم عادت وانتعشت من جديد في تصاعدها النسبي اثناء الحرب الفلسطينية الأولى عام 1948، وتقوت اثناء فشل العدوان الثلاثي على مصر وتأميم قناة السويس عام 1956. واستمرت بالتأثير السياسي المقترن بالتحليل اللاعلمي للظروف الجديدة في الكثير من الاحيان والمقترنة بتبني العنف، في الجمهورية الأولى (14 تموز 1958-9 شباط 1963 ) ، وسادت نزعتها الانتقامية وبلغت أوجها الاجتثاثي، ليس للعراقوية حسب، بل حتى لبعض فصائل النزعة العروبية ، بعد الانقلاب البعثي-القوماني عام 1963 ، واستمرت إلى نهاية الجمهورية الثانية (9 شباط 1963-9 نيسان 2003).. بخاصة بعد تموز عام 1979 وإغتصاب السلطة من صدام حسين . لكن في زمن الجمهورية الثالثة (9 نيسان 2003- ولحد الآن) انعكست الآية وانهزمت العروبية أمام العراقوية كرد فعل لما مارسته من إضطهاد طيلة القرن المنصرم الملكي والجمهوري.. وحتى العراقوية السائدة الآن تجلت في فكرها الأضيق والمتمثل في عدم الانفتاح نحو الأرحب وهو الانتماء إلى الأمة العربية وهو بمثابة رد فعل معاكس للسياسات العروبية. وهذا الموقف غير صحيح بالمطلق. وبالعودة إلى الموضوع الأرأس.. فقد تمحور النزاع في ماهية الهوية الجماعية للعراق المتمركز في التساؤل الأرأس وهو: { لمن الأولوية ؟؟ لعراقية العراق أم لعروبة العراق ؟؟ } رغم أن أتباع النزعة العراقوية، كما اشرنا سابقا، هي الاكثر عددياً، وتمثيلاً للتنوع الاثني العراقي وأبعد تاريخياً إذ تمتد إلى الحضارات الرافدينية الأولى. وتمثل من الناحية المنهجية الولوج من الخاص إلى العام دون أهمال أو تناسي علاقة الأغلبية السكانية بالانتماء للقومي العربي.. بمعنى دمج الفكرتين الوطنية والقومية في صيرورة حراكية واحدة ومنطلقة من أولويته الخاصة. كما أن العراقوية أكدت، وهذا ما ميزها عن النزعة االعروبية، على الحاجة للعدالة الاجتماعية والتعددية الثقافية ومعالجة الاختلالات فيها، ولهذا فقد جذبت عدداً كبيراً من الأتباع وخصوصاً من النخبة الثقافية العربية ومن القوى الكردية والأغلب من القوى الشيعية المتعلمة والمجموعات الأثنية و الدينية كاليهود والمسيحيون والمندائيين والأيزديين والطبقات الوليدة العمالية والمهنية.
الهوامش: 25 - ماريون فاروق سلكليت وبيتر سلكليت، نزعة العروبة بالعراق، ص. 83، الثقافة الجديدة العد 258، آذار 1994 26 - يطرح السؤال التالي ذاته .. لماذا تم انبثاق الحركة القومية العربية في المشرق العربي (الأسيوي) منذ البداية ؟ اعتقد أن الضرورة المعرفية تستوجب البحث في هذه الموضوعة . ألأن الظروف كانت مواتية في حين كان المغرب العربي (الأفريقي) ضمن خيمة التقسيم الاستعماري الأوربي؟ أم ان هنالك ارتباطات بالتكوين الاجتماعي لتلك البلدان؟ أم بسبب النزعة الأوربية المركزية واخمادها لكل حركة ذات بعد قومي؟ أم بسبب العزالة السياسية عن المشرق العربي والدولة العثمانية التي لم تهتم لهذه المسألة؟ أم كمنت المسألة بسبب نضج الظروف الموضوعية والذاتية في المشرق العربي بسبب قربها من مركز السلطة العثمانية وما لاقته من أضطهاد وتميز ؟ أم بسبب السياسية العثمانية في تأليب الأجزاء العربية الواحد ضد الآخر ؟ وغيرها من الاسئلة المشتقة من ذلك معرفياً. 27 - لقد لعب العامل الخارجي دوراً كبيراً في التأثير على الظاهرة العراقية، فبالإضافة إلى دوره في تشكل الدولة العراقية فكان طيلة المرحلة الملكية، أحد أضلاع مثلث الحكم ( وضلعاه الآخران مؤسسة العرش ورئاسة الوزارة)، كما اجهض العامل الخارجي،على وفق متطلبات مصالحه،الكثير من الحركات المهمة في تاريخ العراق المعاصر منها: اسقاط حكومة الانقلاب الأول عام 1937، وإخماد حركة مايس التحررية عام 1941 ، واجهاض ثورة 14 تموز، ودوره في صعود البعث للحكم في عامي 1963 و1968، والقضاء على حكم البعث عام 2003، ولا يزال التأثير بعد الاحتلال الثالث (9 نيسان 2003- 31 كانون أول 2011) الأمريكي. 28 -بل والأكثر من ذلك أن "... المس بيل كانت مقتنعة بأن على البريطانيين إنهاء الحكم المباشر للعراق وتسليمه للتيار القومي العروبي، إذ كان عمق هذا التيار عربياً سنياً حضرياً...". مستل من علي طاهر حمود، العراق من صدمة، ص. 127، مصدر سابق. 29 - د. وميض جمال عمر نظمي، الجذور السياسية ، ص. 73، مصدر سابق. وقد تجسد ذلك بإنسحاب القائد العسكري عزيز المصري من ما يطلق عليه ( الثورة العربية). لكننا نعتقد بأن الاحتلال البريطاني لم يضطهد القوى العروبية بل ساعدهم على احتلال المواقع الأرأسية للسلطة التي شيدوها وبخاصة بالعراق، من خلال الضباط الشريفيين، ولهذ أشار بطاطو إلى أنهم "...خلال العشرينيات عرّف الكثير من المنتمين إليها أنفسهم بالتماثل مع النظام الملكي...". راجع حنا بطاطو، الطبقات، الجزء الأول ص. 335، مصدر سابق. وهذا ما اكدته دراسة ليورا لوكيز، اعتماداً على التقارير البريطانية ذاتها.. للمزيد راجع كتابها العراق والبحث عن هوية، مصدر سابق. 30- ولد " الشريف حسين بن علي عام 1853 في اسطنبول، أمه شركسية أسمها وسيلة خانم، ينحدر نسبه إلى الهاشميين في مكة المكرمة، تولى الشرافة على مكة بعد إعلان الدستور العثماني عام 1908. كان طموحا فبدأ بتوسيع رقعة عمله، لعدم اكتفائه بما قرر له الباب العالي بحدود إدارة البدو والقبائل الموكلة عادة لمنصب شريف مكة منذ منتصف القرن التاسع عشر، وراح يوسع نفوذه إلى إدارة شؤون المدن الأخرى التي كانت من صلاحيات الوالي العثماني، وتسببت في حدوث خلافات ومشاكل للسلطات العثمانية أدت إلى تغيير خمس ولاة في ثمانية أعوام، كان الشريف حسين مشبعا بروح قومية وحب الزعامة وبدعم من بريطانيا بموجب اتفاقية سرية، قاد ثورته العربية في مكة في 9 شعبان (10 حزيران-1916 م) وأولاده الثلاثة فيصل وعبد الله وعلي ", راجع حامد مصطفى مقصود، ثورة 14 تموز، مدارات الأخوة الأعداءص. 162، موكراني -أربيل2002. وتشير مس بيل إلى أن المكتب العربي في القاهرة, هو الذي خطط لترشيح شريف مكة لزعامة العرب عام 1915, وعلى الأخص الثلاثي الاستخباراتي المتكون من لورنس وهوكارت وبيل. للمزيد راجع: العراق في رسائل المس بيل, ت. جعفر الخياط وقدم له وزاده تعليقا عبد الحميد العلوجي, وزارة الاعلام, بغداد 1977. وكذلك كتاب إليزابيث بيرغوين, جيرتروود بيل, من أوراقها الشخصية 1914-1926, ترجمة وتعليق نمير عباس مظفر, المؤسسة العربية للدراسات, بيروت2002 31 - لكن الروس انسحبوا من هذه الاتفاقية السرية بعد الثورة البلشفية في اكتوبر 1917، بل والاكثر من ذلك افشوا مضامينها وذلك بنشرهم لوثائقها السرية التي تنص على إعادة تقسيم البلاد العربية المشرقية بين هذه الاطراف الثلاثة.. بيد أن العرب أدركوا أنهم خُدعوا، وأن بريطانيا استغلت توقهم للاستقلال عن الخلافة العثمانية لمحاربتها بأيديهم. وأن الشريف حسين، الذي قاد الثورة العربية الكبرى، وتحالف مع البريطانيين لنقل الخلافة إلى العرب، لم يكن إلا أداة لمحاربة الأتراك، تُخلي عنه وانتفت الحاجة لخدماته ونفي إلى قبرص.وقد لعب دورا كبيرا في خداع العرب ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس العرب. 32 - د. فالح عبد الجبار ، إشكالية الوطني والاثني / المذهبي ي العراق، ص.70،مجلةإضافات ، العدد الأول بيروت- شتاء 2008، مستل من علي طاهر حمود، العراق من صدمة، ص. 90، مصدر سابق. 33 - أريك دافيس،مذكرات دولة،ص.29، مصدر سابق. 34 - ماريون فاروق سلكليت وبيتر سلكليت، نزعة العروبة، ص. 85 و86، مصدر سابق. 35 - لقد عبر عن هذه الحالة عام 1946، الجواهري الكبير في قصيدته (ذكرى ابو التمن)، عندما قال: ذُعِر الجنوب فقيلَ: كيدُ خوارجٍ! وشكا الشمالُ فقيلَ: صُنْعُ جـوار! وتنابزَ الوسطُ المُدِلُ فلـم يَــدَع بعضُ لبعضٍ ظِنـةً لـــفخـــارِ ودعا فريقٌ أن تسـودَ عـدالــة فرُ مـــوا بكلِّ شنيعــةِ وشَـــــــار وتســاءلَ المُتعَجبونَ لــحا لـــة نكراءَ: مَـن هُم أهلُ هذي الـدار؟ 36- الدكتور فارس كمال نظمي، الهوية الاجتماعية إلى أين؟ في 23/10/2005 http://www.ahewar.org . وللعلم أن الملك فيصل الأول قد استخدم المؤسسة العسكرية والمنظومة التعليمية، لما لهما من دور حيوي بل وقيادي في عراق تلك المرحلة، بصورة ذكية جداً من أجل سريان قرار الدولة المركزي و توطيد التوجه العروبي . ولهذا سيطر الضابط الشريفيون العروبيون على المفاصل الأرأسية للدولة واناط فيصل الأول مسؤولية التعليم بالعروبي ساطع الحصري، حتى أنه في مرحلة لاحقة، أصبح رئيس أركان الجيش طه الهاشمي مديرا عاما للمعارف، وقد جلبا عشرات المدرسين العرب لرعاية التوجه العروبي في التعليم وكذلك في تـسيس النوادي الثقافية ومنظمات الفتوة بغية محاولة السيطرة الفكرية على الشباب وتوجيههم بالفكرة العروبية. 37 - المصدر السابق. 38 - لقد فرضت أمريكا وحلفاؤها الغربيون على المعارضة المناهضة لحكم صدام حسين، فكرة تقسيم المجتمع إلى الثلاثية اللعينة (شيعة وسنة وأكراد)، بدلاً من الهوية الوطنية الجامعة، منذ مؤتمر بيروت عام 1991 وما بعدها ، وبالأخص مؤتمر لندن عام 2002. 39 - خلقت قوى الاحتلالين الأولين ( بريطانيا) جملة إشكاليات أثارتها والقوى المساندة له وتلك التي إلتحقت بركابها، في وجهة الجمهورية الأولى إلى أن أدى إلى تغيبها القسري. أما الاحتلال الثالث فقد خلق ولايزال"... بتكتيكياته السياسية والاقتصادية والعسكرية العنيفة والمبيّـتة، مناخات مناسبة لاستيراد التطرف الديني الدموي من الخارج، ولعزل التيارات العلمانية (اليسارية والليبرالية) التي نشأت من رحم الهوية العراقية الموحدة، في مقابل شحذ مشاعر التعصب الديني والطائفي والعرقي بين تنظيمات قديمة ومستجدة دافعاً إياها إلى دوامة الخطف والتعذيب والاغتيالات المتبادلة في بعض الحالات، دون أن يعني ذلك بالضرورة أن شرخاً مركزياً مماثلاً قد حدث في مفهوم الهوية الاجتماعية لهذا المجتمع، مع عدم جواز إنكار حدوث شروخ جزئية هنا أو هناك..." مستل من الدكتور فارس كمال نظمي، الهوية الاجتماعية ، مصدر سابق. 40 - المصدر السابق. 41 - ليورا لوكيتز، العراق، ص.88، مصدر سابق. 42 - سعد محمد رحيم، وعود التنوير، ص.21، مصدر سابق 43 - ليورا لوكيتز، العراق والبحث، ص.109، مصدر سابق. وتذكر الكاتبة (ص.112) "... إن استغلال واستمالة العشائر من قبل الساسة البغداديين عن طريق الاحتيال والخداع واستعداد البريطانيين لدعم السنة في الحفاظ على الأمن الداخلي ، أصبح واقعا سائداً مما ساهم في نعزيز موقع الشريفيين السابقين كنخبة سياسية للبلاد وكذلك أدى استغلالهم لموقعهم السياسي هذا إلى ازدياد ثرواتهم الشخصية، حتى الملك فيصل نفسه كان يلجأ إلى اساليب في الحصول على المكاسب المادية لا تختلف عن أساليب الساسة الآخرين ، ففي خانقين مثلاً سجل الملك اراضي شاسعة بإسمه ولم يعط اصحاب الأراضي إلا تعويضاً بسيطاً... ". 44-- للمزيد حول صراع حزب البعث مع فصائل التيار العروبي بإعتبارهم أعداء كما جاء في تقريرهم السياسي المنعقد في عام 1963، راجع : مجموعة باحثين ، تاريخ وزارة العهد الجمهوري، في عشرة أجزاء، الجزء السادس، الطبعة الثانية، صص، 317-320 ، دار الحكمة، بغداد 2004-ى2005.
#عقيل_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (1- 5):
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية :( 8-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية : (7-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية :( 6-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية (5-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية (4-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية :( 3-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية :(2-8)
-
من تاريخية الانتلجنسيا العراقية : (1-8)
-
عن الجيش والعوائل العسكرية في العراق الملكي: (3-3)
-
عن الجيش والعوائل العسكرية في العراق الملكي: (2-3)
-
عن الجيش والعوائل العسكرية في العراق الملكي: (1-3)
-
14 تموز سيبقى عيداً وطنياً
-
إبراهيم الخياط كمثقف عضوي
-
التحليل السياسي والتأريخي لتقارير مديرية الأمن العامة في الج
...
-
التحليل السياسي والتأريخي لتقارير مديرية الأمن العامة في الج
...
-
التحليل السياسي والتأريخي لتقارير مديرية الأمن العامة في الج
...
-
التحليل السياسي والتأريخي لتقارير مديرية الأمن العامة في الج
...
-
التحليل السياسي والتأريخي لتقارير مديرية الأمن العامة في الج
...
-
من ماهيات رفع شعار الوحدة الفورية الاندماجية :
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|