|
من يقف وراء التصعيد في مشكلة الصحراء؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6737 - 2020 / 11 / 19 - 15:42
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
وكأن العالم العربي والشرق الأوسط عموماً لا يكفيه ما به من صراعات وحروب ممتدة منذ بداية فوضى ما يسمى (الربيع العربي) بداية عام 2011، لتطفو على السطح مشكلة الصحراء في جنوب المغرب، حين خرقت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والمعروفة اختصارا باسم (جبهة البوليساريو) الترتيبات المتوافًق عليها دولياً في المنطقة المحايدة منزوعة السلاح وعطلت الممر التجاري الكركرات وهو الممر الذي يربط المغرب بموريتانيا ودول جنوب الصحراء، وقد تصرف المغرب بعقلانية وبالحكمة المعهودة عنه لحل المشكلة بهدوء وبأقل الخسائر وأعاد الأمور إلى ما كانت عليه، وهو الأمر الذي أشادت به بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) وغالبية دول العالم المتابعة للمشكلة، إلا أن التدخل المغربي أثار جبهة البوليساريو التي أعلنت حالة الحرب. تعود مشكلة الصحراء لعام 1974 عندما قررت إسبانيا التي كانت تحتل الصحراء منذ عام 1884 كجزء من احتلالها لمناطق أخرى في شمال وجنوب المغرب أن تنسحب من منطقة الصحراء، ولأن المغرب يعتبر أن له حقوقا تاريخية في الصحراء، التي تبلغ مساحتها 266,000 كلم2، فقد تقدم بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الحكومة الإسبانية في 23 سبتمبر 1974 لإحالة ملف الصحراء إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي لتبدي رأياً استشارياً، وقد أعلنت محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري في 16 أكتوبر 1975، وقد رأى المغرب في الرأي الاستشاري للمحكمة ما يدعم وجود روابط تاريخية بينه وبين القبائل التي تسكن الصحراء، وتجنباً لأي صدامات سواء مع الأسبان أو مع جبهة البوليساريو المُشكلة حديثاً فقد دعا الملك الحسن الثاني لمسيرة مدنية سلمية أطلق عليها اسم (المسيرة الخضراء) وزحف يوم الخامس من نوفمبر 1975 مئات الآلاف من المغاربة (350,000) إلى الصحراء دون أي مواجهات مع سكان الصحراء. بعد المسيرة أعلن المغرب أن الصحراء أصبحت جزءاً من الدولة المغربية وباشر في تعمير المدن الصحراوية بإنشاء المشاريع الإنمائية من مصانع ومدارس وجامعات وطرق ومطارات بحيث تحولت من مناطق صحراوية إلى مدن وقرى حديثة كبقية المدن المغربية، أما جبهة البوليساريو مدعومة بالجزائر فقد عارضت الإجراء المغربي وطالبت باستقلال الصحراء، وبعد أن سيطر المغرب على ثمانين بالمئة من مساحة الصحراء اقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته إلا أن جبهة بوليساريو تصر على الاستقلال الكامل للصحراء. تداخلت مشكلة الصحراء مع العداء التاريخي بين المغرب والجزائر، فالمشكلة بدأت في منتصف السبعينيات حيث كانت العلاقات متوترة بين الجزائر والمغرب وهو توتر يعود لحرب الرمال التي اندلعت بين البلدين عام 1963 بسبب صراع على الحدود وخصوصا بالنسبة لمنطقة تندوف، ولأن المغرب كان آنذاك مصنفاً كنظام ملكي يميني تابع للمعسكر الإمبريالي الغربي والجزائر كدولة اشتراكية تقدمية محسوبة على المعسكر الاشتراكي وتناصر حركات التحرر، فقد ساندت الجزائر جبهة البوليساريو ومدتها بالسلاح والمال وأقامت لها مواقع ومعسكرات داخل أراضيها، ومجاملة للجزائر ودون معرفة دقيقة لخلفيات النزاع فقد ساند الجزائر آنذاك في هذا الموقف كثير من الدول الإفريقية بل وتم قبول الجمهورية الصحراوية عضو في منظمة الوحدة الافريقية الأمر الذي أدى لانسحاب المغرب من المنظمة، ولكن الأمور تغيرت بعد اتضاح حقيقة النزاع والعقلانية التي ميزت تصرف المغرب مع النزاع، وتراجعت غالبية هذه الدول عن مواقفها واعترف بعضها بمغربية الصحراء وأخرى وقفت موقف الحياد، وعاد المغرب للمنظمة الافريقية. بعد فشل منظمة الوحدة الأفريقية في حل النزاع تدخلت الأمم المتحدة في عام 1988 وطرحت فكرة الاستفتاء حول مستقبل الصحراء، إلا أنه حدث خلاف حول تعريف الصحراويين ومن يحق له الاستفتاء وعاد التوتر مجدداً وفي عام 1991 وبقرار من مجلس الأمن تشكلت بعثة المراقبين الدوليين (المينورسو) إلا أن الأمم المتحدة لم تتمكن من حل الصراع. استمرت مشكلة الصحراء بدون حل طوال 46 سنة تقريباً، المغاربة شعباً وحكومة وملكاً يعتبرون الصحراء جزءاً لا يتجزأ من المغرب، بينما جبهة البوليساريو التي أسست الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عام 1976 في المنفى في تندوف في الجزائر تطالب بتحرير الصحراء وترفض المقترح المغربي بمنح الصحراويين حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية، وإن كانت تقبل بمبدأ الاستفتاء. قد يكون التصعيد الأخير بين المغرب وجبهة البوليساريو له علاقة بإحساس الجبهة بأن قضيتها لم تعد محل اهتمام العالم وأن الدول المساندة لها تخلت عنها أو منشغلة بقضايا أكثر أهمية، فقررت لفت الأنظار وإحياء النزاع من خلال ما قامت به من استفزاز في المنطقة المحايدة، ولكن أيضاً هناك خشية أن أطرافاً خارجية عن الأطراف المباشرين للأزمة وراء التصعيد الأخير وتريد توتير الأوضاع في المغرب وبينه وبين الجزائر في سياق فوضى (الربيع العربي)، وهذه الأطراف أغضبها الاستقرار في المغرب وما يتم إنجازه على كافة المستويات بحيث أصبح المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذجاً يمكن الاحتذاء به، كما أغضبها قدرة البلدين على امتصاص صدمة الربيع العربي وتجنب شرورها بأقل الخسائر وتريد جرهما إلى صدام موظفة في ذلك جبهة البوليسايو ومشكلة الصحراء. إن ترك مشكلة الصحراء للأمم المتحدة لن يؤدي لأي حل وقد رأينا كيف فشلت الأمم المتحدة في حل أي نزاع دولي قديم أو حديث، وكل ما تفعله الأمم المتحدة من خلال مراقبيها ومبعوثيها أن تسجل ما يجري من صدامات وتحاول منع التصعيد. إن حل مشكلة الصحراء لن يكون إلا بتفاهم جزائري مغربي وتجاوز خلافات وأحقاد الماضي ونحن على يقين بأن الدبلوماسية العقلانية للجزائر وحكمة المغرب ونزعته السلمية كفيلان بحل النزاع، وكلنا ثقة بالملك محمد السادس والرئيس عبد المجيد تيون. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل كيان هش بالرغم من قوته الظاهرة
-
هوامش على الانتخابات الأمريكية
-
في ذكرى قائد أبى أن يترجل إلا شهيداً
-
هل سيكون الشرق الأوسط أفضل في عهد بايدن؟
-
المبالغة في المراهنة على الانتخابات الأمريكية
-
ليس هكذا يتم الدفاع عن الإسلام وحمايته
-
الوجه الخفي والخطير لتدهور العلاقات الرسمية الفلسطينية العرب
...
-
حتى لا تتحول الانتخابات إلى ملهاة جديدة للشعب
-
لماذا هذا التجني على الشعب الفلسطيني؟
-
وحدة المجتمع لا تقل أهمية عن الوحدة السياسية
-
التطبيع بين الأمس واليوم
-
إما انتخابات أو قيادة مفروضة من الخارج
-
المطبعون يُجرِمون العرب ويبرئون الكيان الصهيوني
-
بعد 27 عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو
-
تدهور غير محمود وغير مسبوق للعلاقات الفلسطينية العربية
-
اغتيال السلام باسم السلام
-
حول اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية
-
عندما يتحول بعض العرب إلى مرتزقة في أوطانهم!
-
التباس الخطاب السياسي وبؤس حوامله الإعلامية
-
على الفلسطينيين أيضاً مراجعة مواقفهم وسياساتهم
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|