أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضريف - كيف يغير الناس العاديون مدينة الخميسات؟














المزيد.....


كيف يغير الناس العاديون مدينة الخميسات؟


محمد ضريف

الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 19:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التغيير المقصود هنا لا يعني بالضرورة أن يكون إيجابيا، ولا يعني أن وراءه فاعلين سياسيين أو مدنيين بل التغيير الذي تركز عليه هذه الورقة، هو ذلك الذي يصنعه الناس العاديون، الذين وسمتهم أدبيات العلوم الاجتماعية ب"المهمشين"، أي أولئك الذين لفظتهم السياسات التنموية من حساباتها، فأصبحوا يخلقون فضاءات للحياة وللعيش بأنفسهم، والتي تكون أحيانا في تعارض مع منطق التحديث السياسي والإداري الذي تنشده الدولة.

يطرح الوضع التنموي البائس الذي تعيشه مدينة الخميسات الكثير من الأسئلة حول هشاشة الخيارات التنموية لصانع القرار المحلي، ومدى انعكاسها على جودة حياة الساكنة التي تتزايد باستمرار، سواء نتيجة التحولات الديمغرافية التي عرفتها المدينة خلال العقود الماضية أو بسبب الهجرة القروية التي أرخت بظلالها على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمدينة بقوة. في ظل هذه السيرورة المعقدة والمركبة من الفشل التنموي بالمدينة-التي يُجمع الكل على واقعها- كيف يعيش الناس العاديون الذين وجدوا أنفسهم خارج حسابات التنمية حياتهم اليومية؟
في الوقت الذي تكتب فيه عشرات الصفحات، والعديد من اللقاءات الرسمية ذات الطابع المؤسساتي وغير المؤسساتي حول الأوضاع التنموية المزرية التي تعيشها المدينة، فإن هناك في الطرف الآخر أناس عاديون، يبحثون عن فرص للحياة خارج أي مراقبة أو تعاقد مع الدولة، فمنهم مثلا الباعة الجائلون، الذين يفترشون الشارع العام، أو الذين يحتلون الملك العام والخاص لعرض سلعهم ومنتجاتهم دون اهتمام بأثر ممارساتهم على البنيان الحضري والجمالي للمدينة.
إن البحث عن فرص للعيش في هذه المدينة، لم يعد يرتبط فقط بالرجال، بل أضحت حتى النساء تخلق فضاءاتها الخاصة، فالكثير منهن أصبح يتعاطى بيع كل أنواع الخبز سواء في عرباتهن المتنقلة أو داخل منازلهن أو على عتباتها، فالمرأة في مدينة الخميسات اكتسحت الفضاء العام الذي طالما احتكره الرجل، فهي اليوم توجد في قلب التحولات الاجتماعية والثقافية التي تعرفها المدينة؛ وهو ما سيؤثر على الأدوار الكلاسيكية التي رُسمت لها من قبل النزعات "الذكورية" عبر قرون من الزمن والتي أسهمت صيرورة التحديث في إبرازها وتعميقها.
فهذا التغيير الذي يقوده الرجال والنساء العاديون، كثيرا ما يترك هوة كبيرة بين الدولة وبينهم، فهم يحسون بكونهم خارج الحسابات التنموية، وهو ما يعطيهم كل الشرعية لاجتياح الأملاك العمومية بما فيها السيطرة على الشوارع والأزقة لعرض سلعهم وبضائعهم دون اكتراث بالقانون أو أي إحساس أخلاقي اتجاه أصحاب المحلات التجارية الذين هم أكثر تعاقدا مع الدولة منهم، فالكثير من أصحاب هذه المحلات يدخلون وبشكل يومي في شجارات وصراعات معهم، دون اهتمام السلطات بذلك فهي في أحسن الأحوال تكتفي بفك هذه النزاعات دون وضع برامج تنموية قادرة على امتصاص هذه الشريحة الكبيرة داخل المجتمع من براثن الفقر والحاجة.
فهؤلاء الناس الذين يصنعون التغيير في المدينة، ينتمون إلى ما يسميه عالم الاجتماع السياسي الأمريكي "Asef Bayat" بؤس بـ "اللاحركة" no movement لأنهم لا تحركهم خلفيات سياسية، أو عضويات داخل جمعيات المجتمع المدني، بل محركهم الوحيد هي لقمة العيش والبحث عن فرص للحياة، في ظل بؤس تنموي يجثم على المدينة بقوة يوما بعد يوم؛ لذلك سيشكل وضعهم في المستقبل قلقا للدولة التي بدأت تستشعر بقوة هذا "الزحف الهادئ" الذي من شأنه أن يقوض كل التراكمات الإصلاحية التي قامت بها السلطات المحلية منذ نشأة المدينة إلى الآن.
إن هذا الزحف الهادئ للناس العاديين على الشوارع والهيمنة على الأملاك العامة والخاصة والذي تغذيه الهجرة القروية من جهة، وانسداد آفاق التنمية بالمدينة من جهة ثانية؛ سيدفع السلطات المحلية في المستقبل إلى التفكير الجدي في محاصرته بحلول وبرامج من شأنها أن تفتح فرصا تنموية لشريحة كبيرة من الناس، لكنها ستبقى حلولا ضعيفة في آفاقها وأبنيتها، مادام النموذج الاقتصادي والتنموي المعتمد يعيد إنتاج نفس البنيات الاجتماعية والاقتصادية.



#محمد_ضريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماعة العدل والإحسان وحركة 20 فبراير: اللقاء الملتبس
- هكذا تعزز دولة الصين وجودها في السوق المغربية بفضل وباء “كور ...
- النظام السياسي المغربي وجمود الانتقال
- موجز تاريخي عن حالة الاستثناء
- السلطوية الانتخابية
- لماذا الديمقراطية؟
- الأنظمة السياسية الهجينة
- لماذا وكيف يتمرد اليشر؟
- تونس، مصر...أية علاقة؟
- في ماهية العلمانية
- نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون
- الشباب و سياسة التمييع


المزيد.....




- السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته ...
- نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف ...
- -الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر ...
- السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
- نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران ...
- نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب ...
- كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
- تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
- -مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت ...
- مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ضريف - كيف يغير الناس العاديون مدينة الخميسات؟