أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - محمود درويش وقصيدته - مديح الظل العالي -














المزيد.....

محمود درويش وقصيدته - مديح الظل العالي -


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 01:28
المحور: الادب والفن
    


من نافل القول أن الشعر الفلسطيني أنتج أهم علاماته الشعرية المضيئة، بمسيرة محمود درويش الممتدة، وبمعانيه للتحولات المفصلية لمسيرة الشعب الفلسطيني وثورته الماجدة. فهو الأكثر إبداعًا والتقاطًا للحظة الراهنة، وتوصيفًا لتلك التحولات، والأكثر تعبيرًا عنها بلغة فنية رفيعة ارتقت بأعماله لتصبح من أكثر الأعمال الإبداعية أهمية في الشعر العربي المعاصر.
وإن كان صوت درويش جاء متأخرًا زمنيًا عن أصوات رواد الشعر العربي الحديث والمعاصر، فإنه بموهبته الاستثنائية قد استوعب تجربة الرواد وأضاف إليها، فضلًا عن أنه عكس غيره من الشعراء المعاصرين لم يفقد الصلة بينه وبين جمهوره.
وكان محمود درويش كتب قصيدته العصماء الطويلة، أو قل ملحمته " مديح الظل العالي" بحبر الدهشة والجمال والصدق التعبيري والشفافية، بعد أحداث بيروت والصمود الأسطوري الفلسطيني اللبناني، والخذلان والصمت العربي، الذي دفع الشاعر خليل حاوي يقدم على الانتحار واطلاق الرصاص على نفسه احتجاجًا، وعلى أثر الخروج من لبنان إلى الهجرة الجديدة كما قال درويش، أو إلى فلسطين كما قال ياسر عرفات.
وهذه القصيدة تحفل بمفردات الحزن والموت، ومعاني الصمود والتحدي والمقاومة البطولية، وتصور الثبات في مواجهة آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية والتصدي البطولي للغزاة والمحتلين.
وهي تكثيف واختصار للمعاناة والتجربة النضالية الفلسطينية، وللتجربة الدرويشية من جهة أخرى، فالعذاب الفردي الفلسطيني أصبح عذابًا جماعيًا، والقتل الشخصي تحول إلى قتل جماعي يشارك فيه الجميع دون استثناء.
وما يسم هذه القصيدة طولها من ناحية ونزعتها التاريخية من الناحية الأخرى، وذلك يعود إلى ما اختزنته ذاكرة درويش خلال فترة الصمود وما نجم عن ذلك، الرحيل عن بيروت.
فلنسمعه يقول:
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ...
بحرٌ للنشيدِ المرِّ. هيَّأنا لبيروتَ القصيدةَ كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ
بحرٌ لراياتِ الحمامِ, لظلِّنا ’ لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ’ للزمانِ المستعارِ
ليديكَ, كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحرِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
واحملْ فراغَكَ...وانكساري
....واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيَّتهُ الأخيرةَ,
واستطاع القلبُ أن يعوي, وأن يَعدَ البراري
بالبكاء الحُرِّ...
بَحْرٌ جاهزٌ من أجلنا
دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً.
ستتَّسعُ الصحاري
عمَّا قليلٍ , حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ,
فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري
من ضحاياك , استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعِ الزلزالِ ,
أَجْمَعُ صورتي من أجل موتكَ’
خُذْ بقاياكَ, اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ. خُذْ قاموسَ
ناري
وانتصرْ
في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموعِ
ومن رغيفٍ يابسٍ, حافٍ, وعارِ
وانتصرْ في آخر التاريخِ...
لا تاريخَ إلا ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري
قُلنا لبيروت القصيدةَ كُلَّها , قلنا لمنتصفِ النهارِ:
بيروت قلعتنا
بيروت دمعتُنا
ومفتاحٌ لهذا البحر . كُنَّا نقطة التكوينِ ,
كنا وردةَ السور الطويل وما تبقَّى من جدارِ
ماذا تبقَّى منكَ غيرُ قصيدةِ الروحِ المحلِّقِ في الدخان قيامةً
وقيامةً بعد القيامةِ؟ خُذْ نُثاري
وانتصرْ في ما يُمَزِّق قلبكَ العاري ,
ويجعلكَ انتشاراً للبذارِ
قوساً يَلُمُّ الأرضَ من أطرافها..
قصيدة " مديح الظل العالي" أكثر من سواها من القصائد التي كتبت في خضم معركة بيروت العام 1982، فهي تعالج اللحظة التاريخية وتلامسها وتخترقها بالشعر.
وإذا كانت الظاهرة الدرويشية اكتسبت أهميتها تاريخيًا بسبب كونها الحساسية القوية التي فاجأت الشعر العربي الحديث في بدايات الستينات، بل وصدمت هذا الشعر لأنها كانت تمثل الصوت الشعري الغنائي الأكثر جمالًا وصفاءً وامتلاءً بالأمل والتفاؤل الثوري، فإن أهمية درويش تتجاوز عامل المصادفة كونه الحساسية الشعرية الأكثر قدرة على التعبير عن الفجيعة العربية والزمن العربي القاتم.
فالقصيدة تنبع من اللحظة التاريخية، لحظة تيقن الفلسطيني من معادلة وجوده الفاجع بلا أرض، بلا وطن، بلا حائط يستند إليه، وتنبع ثانيًا من اعادة التجربة وتسطيرها، وقيمتها هي قيمة تعبيرية وتجريبية، وتظل الحلقة الأبرز في تجربة درويش الشعرية.
ويبقى القول، أن القصيدة تمزج بمشهدية ساحرة، وبلغة ثقافية إبداعية متألقة، ما بين الإنساني والإبداعي، وسيد المشاهد فيها هو الفدائي الفلسطيني المقاتل في الخنادق تحت أزيز البنادق، ذو الظل العالي.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحيلِ وليد المعلم
- إصدار عدد كانون الثاني من مجلة - الإصلاح- الشهرية
- أنات فلسطيني
- إصداران جديدان للشاعر والكاتب د. عامر جنداوي
- كلمات في وداع القيادي صائب عريقات
- ماذا بعد الانتخابات الأمريكية؟!
- إلياس داغر
- ورحل الشاعر والكاتب العبري اليساري المشاكس نتان زاخ
- الانتخابات الأمريكية وخسارة ترامب
- الحرية لماهر الأخرس
- حسن البحيري بلبل حيفا
- الوعد المشؤوم
- نحو الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- - وليمة لأعشاب البحر- للكاتب السوري حيدر حيدر
- في ذكرى مولد الهدى
- اتفاق التطبيع السوداني وأبعادة المشروع الامبريالي الأمريكي
- - أفكار وخواطر - إصدار جديد للكاتب المربي حسني حسن بيادسة
- الأهداف الاسرائيلية من التطبيع مع العالم العربي ..!
- على هامش اتفاق التطبيع بين السودان واسرائيل
- الكاتب والشاعر شاكر فريد حسن عنوان المنارة وشعلة الثقافة وال ...


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - محمود درويش وقصيدته - مديح الظل العالي -