أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 4














المزيد.....


زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6734 - 2020 / 11 / 16 - 18:24
المحور: الادب والفن
    


وضعت بيان طفلها الحادي عشر، وكانت في السادسة والثلاثين من عُمرها. قبل ذلك بنحو شهر، أنجبت ابنتها طفلها الأول. إنها نفس الابنة، التي سبقَ أن طلبها ابنُ عمها وتم رفضه من لدُن والدها. هذا الأخير، كان آنذاك قد تحسّن وضعه الماديّ نوعاً ما بعمله كملاحظ لحديقة عامة في غرب الحي. دوامه، كان يبدأ بعد الظهر وإلى ساعة متأخرة ليلاً. كان يقضي الصباح في الاعتناء بحديقة الدار، أو بحديقة بيت صديقه بديع. وكان صديقه قد استقر في بخارست، أين مقر عمله التجاريّ. كانا يتواصلان عبرَ الهاتف، وأحياناً من خلال البطاقات البريدية. ذات مرة، طلب الصديقُ من جمّو أن ينتقل مع أسرته إلى بيته. لما عُرضت الفكرة على بيان، فإنها ردت باستنكار: " أنترك بيتنا كي نعيشَ في بيت الغرباء؟ ". صديق آخر، هوَ المحامي خليل، علم بالموضوع؛ فأبدى استعداده للسكنى هنالك. منذئذٍ، ولحين عودة بديع للوطن في أواخر السبعينات، انقطعت صلة جمّو ببيت الذكريات الجميلة.
في ذلك العام، الشاهد على مجيء الطفلين للعالم، رجعت رابعة مع أسرة أبنها من حوران. أقام الابنُ مع أسرته في بيت للإيجار، وكانت خدمته قد انتقلت إلى سجن القلعة. والدته، سرعان ما سعت لدى شقيقها فَدو: " أرغبُ بمنحي منزلك ذاك، الكائن في الحارة العليا، وأتنازل لك في المقابل عن حصتي بمنزل والدنا ". تمت الصفقة، وما لبث خلّو أن ترك بيت الإيجار. عدا عن تنكيد حياة الكنّة، فإن رابعة تفرغت للتدخل في شئون أشقائها. وقد ركزت مراقبتها على بنات جمّو، اللواتي أضحين في سنّ المراهقة، وكانت تعزو تحررهن لما تدعوه " استهتار أبيهن الشيوعيّ ". كانت تحرّض عليهن عمهن فَدو، الذي أصبحَ متزمّتاً عقبَ عودته من الحج وتوبته. قالت لها بيان ذات مرة: " حفيدتك أول من لبسَ بنطال الشورت في الحارة، وكل أسبوع في المسبح ". كان رد ربيعة، طريفاً وأخرق في آنٍ معاً: " إنها ليست عرضي. بينما بنات أخوتي هنّ عرضي! ".

***
ثم جاء الدورُ على نزهة الاصطياف السنوية في الزبداني، لتنقطع أيضاً. جرى ذلك في ثالث صيف، أعقبَ انتقال رابعة وأسرة ابنها إلى دمشق. وكانت هيَ قد اصطحبت حفيدتها تلك، المتحررة، إلى بلدة الاصطياف مع بقية الأسرة. أعجب بالفتاة حفيدُ شقيق المرحومة سارة، وكان والده من الملّاكين الأغنياء في الزبداني. فطلبَ من أبيه أن يخطبَ له الفتاة من والدها. لما رفضَ خلّو طالبَ القُرب، معتذراً بمواصلة ابنته الدراسة، دبّ البرود في العلاقة بين الطرفين. والدة الفتاة، قالت لبيان تعليقاً على الموضوع: " أجزمُ بأنّ لحماتي يداً في الخطبة، وأنها هيَ التي سعت فيها ".
وجهة أخرى للاصياف، ما أسرعَ أن أضحت بديلاً عن الزبداني. على الطريق إلى هذه البلدة الجبلية، كانت تقع قرية بسّيمة، المشهورة بسبب قربها من منتزه " عين الخضرة ". فَدو، كان صديقاً حميماً لأحد مواطني القرية. وكان قبل توبته قد أعتاد على زيارة المنتزه مع صديقه ريسور، لمقارعة الراح على أنغام الموسيقى ومشهد الراقصة الشرقية. عقبَ توبته، كان العمُ يواظب زيارة المكان مستبدلاً الخمر بالنرجيلة. هكذا انتظم حضورُ الأسرة إلى قرية الاصطياف كل عام، مستأجرين حجرتين من منزل مواطنها ذاك. أولادُ جمّو، كانوا غالباً ما يرافقون أسرة العم إلى بسّيمة، لكنهم يقضون وقتاً أقصر.

***
موقفٌ طريف، حصلَ لكاتب سطور هذه السيرة، ثمة في قرية الاصطياف.
ذاتَ ظهيرة، كنتُ جالساً لوحدي على ضفة النهر، لما حضرَ العمّ مع صديقه ريسور. كان برفقتهما امرأة جميلة، أنيقة المظهر. سذاجة تفكيري آنذاك، أوحت لي أنها زوجة ريسور. لكنني عجبت من مظهرها المنطلق على سجيّته، علاوة على تدخينها للسيجارة في حضور العم المتزمّت. هذا الأخير، ما لبثَ أن طلبَ مني الذهاب إلى امرأته كي تحضّر الغداء بسرعة وتحسب حسابَ الضيوف. فعلتُ ذلك، فسألتني الخالة ثمة عمن هم الضيوف. لما ذكرتُ لها أنهما ريسور وامرأته، فإن الانزعاج بان على ملامحها: " امرأته؟ "، دمدمت من بين أسنانها.
مساءً، شاء العم أن أرافقه مع شقيقي الكبير إلى المنتزه. طلبَ من النادل نرجيلةً، فيما كان هذا يضع أمام ريسور زجاجةَ عَرق. بعد قليل، أفتتح برنامجُ السهرة بالموسيقى وما لبثت راقصة شرقية أن ظهرت. بانت لي ملامحها مألوفة، فلما دققتُ النظرَ عرفتها. قلت لشقيقي بصوتٍ منخفض: " يا الله، الراقصة هيَ زوجة ريسور! "
" صه، ماذا تقول؟ هل جننت؟ "، هتفَ بي أيضاً بصوتٍ كالهمس. عدتُ أقول في عناد وتصميم: " أقسم لك أنها زوجته، وقد تناولا الغداء هذا اليوم في بيت العم!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل التاسع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل التاسع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثامن عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثامن عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السابع عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السابع عشر/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل السادس عشر/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: مستهل الفصل السادس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الخامس عشر
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس عشر/ 2


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل العشرون/ 4