أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - تصدع النموذج الأمريكى














المزيد.....

تصدع النموذج الأمريكى


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 6731 - 2020 / 11 / 13 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقاس قوة الدولة عالمياً بمدى تأثيرها على غيرها من الدول، فالدولة العظمى هى من تقدم قدراً من الإبهار والتفوق يفوق قدرات الآخرين بما يجعلهم يدورون فى فلكها أو يكونوا حلفاء لها أو حتى تابعين لسياساتها، ذلك بما تقدمه من نموذج متفرد يضمن لها الصدارة والتأثير على مجريات الأمور فى الساحة العالمية. ولطالما أعطت الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ الحرب العالمية الثانية هذا النموذج الذى جعل منها القوة العظمى الأولى بما تملكته من نواة صلبة فى قدراتها العسكرية الفائقة التى وصفت بـ "بالقوة المفرطة" وتقدمها العلمى والصناعى والتكنولوجى، وقدراتها الاقتصادية التى شكلت أكثر من 30% من إنتاج العالم، وشركاتها الضخمة المتعدية للجنسيات بما يمكنها من التحكم فى حركة التجارة العالمية، وسيطرتها على مؤسسات البنوك والنقد العالمية، وكذا منظمات وهيئات الأمم المتحدة، ثم قواها الناعمة التى تعطى للنموذج القدرة على التأثير والمناورة بقوة الجذب والإقناع، وحشد العالم خلفها والاستجابة لسياساتها.
ولئن كانت القوة الصلبة الأمريكية قادرة بذاتها على إجبار الآخرين للانصياع لسياساتها، فإن قواها الناعمة التى هى البديل الأخلاقى لقوة الردع والسيطرة العسكرية، كانت دائماً هى سلاحها الأقوى الذى يتمثل فى قدراتها الإعلامية على حشد الرأى العام العالمى فى الاتجاه الذى تريده، ومنظومة القيم الديمقراطية التى تتبناها، ورصيدها الثقافى العابر للقارات، وقدرتها على إنتاج المعرفة إنسانيا وعلمياً ومعلوماتياً، ونشاطها الدبلوماسى الواسع والمتراكم، وجاذبية المؤسسات والسياسات المتبعة فى الداخل الأمريكى قبل الخارج العالمى. أو هكذا أسس جوزف ناي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد لمفاهيم القوة الناعمة.
ولقد برعت الولايات المتحدة الأمريكية فى توظيف قواها الناعمة لتشكيل النموذج الأمريكى الذى احتفى دائماً بالحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان ورفاهيته، وأسس للتوازن بين صلاحيات الإدارة الأمريكية والرئيس وبين سلطات الشعب وصناعة القرار فى مؤسسات الكونجرس، فلا يستطيع الرئيس أن يعين وزيراً أو مسئولا كبيراً فى الدولة أو قاضياً فى المحكمة العليا، إلا بموافقة لجان الكونجرس المختلفة، ولا تستطيع الإدارة الأمريكية شن الحرب أو تقديم مساعدات للدول أو إجراء اتفاقات دولية دون موافقة نواب الشعب فى الكونجرس، كذا الحرية المطلقة للصحافة والإعلام، ومفاهيم المواطنة الحقيقية والتنوع العرقى والديموجرافى وسيادة القانون، وقيم الديمقراطية والعدالة والمساواة، التى لا تجعل للرئيس قداسة أو حقوقاً فوق ما يتمتع به أى مواطن أمريكى آخر.
هذا النموذج الجاذب والملهم يتعرض الآن لمحاولة التشكيك فيه وإفقاده مصداقيته وبريقه بما يفعله دونالد ترامب بادعاءه تزوير الانتخابات الرئاسية والإساءة للديمقراطية الأمريكية، إعلاء لمصالحه الخاصة ورغباته الشخصية. هذا الرجل غريب الأطوار لايتمتع بأى قدر أخلاقى أو وطنى ولايتورع عن هدم المعبد على رؤوس الجميع لأنه خسر الانتخابات. وهذا ليس جديداً عليه، فقد مارس كل الصغائر والأكاذيب والشطحات، وحاول تجاوز الدستور والقانون منذ دخل البيت الأبيض فى 2016، مما أضر بصورة أميريكا ومؤسساتها وقزم قدرها فى الساحة الدولية، ما مكن روسيا والصين من تحدى أميريكا واحراجها دولياً، وجرأ دولاً عدة عليها مثل فنزويلا وكوريا الشمالية وتركيا وفرنسا وماليزيا ودول البريكس ومجموعة شنغهاى، وقسم المجتمع الأمريكى بخطاب العنصرية وقدم نموذجاً مغايرا يقوم على التفرقة العنصرية والتهرب الضريبى وابتزاز الدول البترولية، وقدم خطاباً هزلياً يسخر من كل القيم الأمريكية ويحط من قدر الدولة وينال من التنوع الأمريكى واستعدى دولاً أفريقية وإسلامية وأساء إليها، ونال من معظم مساعديه وأركان إدارته ومن كل المؤسسات. واليوم يقوم بعرقلة انتقال السلطة واحداث فراغ مؤسسى والتأسيس لحرب أهلية وتصفية حسابات بإقالة وزير الدفاع بتغريدة على تويتر، كما يقوم بابتزاز الحزب الجمهورى رغم علمه بتهاوى دعاواه القانونية التى ليس لها مردود إلى الإساءة للنموذج الأمريكى الذى تعانى صورته الشروخ والتصدع.
والمتابع للفضائيات الأمريكية والعربية يدهش أن كل من يقف فى خندق ترامب ويؤيده فى موقفه المتردى له مواصفات فى التركيبة الشخصية واللغة المستخدمة والأداء كما تلك التى تحدث عنها "لامبروزو" فى السمات الشخصية للمجرمين. ويالها من مفارقة تضيف إلى تصدع النموذج الأمريكى عبئاً كانت فى غنى عنه لولا الشعبويين الذين انتخبوه.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكرون وخطاب الكراهية والعنصرية
- تسريبات هيلارى: لئلا يرقص البيض مع الحجارة
- د. مراد وهبة .. -فاوست- فى مسوح جديدة
- د. مراد وهبة: عندما تخذل السياسةُ الفلسفةَ
- توفيق الحكيم والبطولة بأثر رجعى: حين تخذل السياسة الفن
- د. مراد وهبة واللص الذى يسرقنا مرتين
- جو بايدن واستعادة المكانة الأمريكية المفقودة
- بيروت والوطن الذى فى حضرة الموت
- ويعيش جمال حتى ف موته
- تأملات حول نكتة - أو العالم فى نكتة
- رئيس من متحف العنصرية القديم
- -فن المسافات- بين فلسفة التراث والمعاصرة
- من قبيل -البيداجوجى-
- ترامب: أسوأ الخيارات للبيت الأبيض -بالإيمان يمكنك أن ترى الأ ...
- عندما يُسَخر الرئيس كل مقدرات الدولة لمصالحه الشخصية
- كورونا: موت النظرية والإنسان الصغير
- هل -كورونا- حرب صينية أمريكية؟
- محمود درويش: وكم نمشى إلى المعنى .. ولا نصلُ
- أزمة سد النهضة: رؤية الأحزاب والخبراء
- المجتمع المصرى والسياسة: مشاهد تنذر بالخطر


المزيد.....




- مصر.. رد من ساويرس على افتراض أحد موظفيه قال -عائلة ساويرس م ...
- الأردن.. الأميرة رجوة والحسين يرزقان بمولودهما الأول والملك ...
- أمير قطر دون عقال بتشييع إسماعيل هنية.. شيخة قطرية تبرز صورا ...
- مشرعون أمريكيون وأوروبيون يهددون مادورو بعزله ومحاكمته إن لم ...
- دعوى قضائية ضد تيك توك بسبب -انتهاك ضخم- لخصوصية الأطفال
- الدفاعات الروسية تسقط 55 مسيرة أوكرانية استهدفت جنوبي البلاد ...
- دراسة: الجمال يطيل متوسط العمر
- أول حالة ولادة عذرية في نوع أسماك قرش مهددة بالانقراض!
- روسيا تمنح تركيا فرصة كبيرة لمساومة الولايات المتحدة
- خيارات رد إيران على اغتيال إسماعيل هنية


المزيد.....

- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - تصدع النموذج الأمريكى