أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - جمرة ملتهبة















المزيد.....


جمرة ملتهبة


محمد الدرقاوي
كاتب وباحث

(Derkaoui Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 6730 - 2020 / 11 / 12 - 03:28
المحور: الادب والفن
    


كزفرة ريح كان يحسها خلفه،تقتفي أثره ، تشق خفاياه باحثة عن حقيقته كرجل قد أذاب صقيع ايامها ، أو ربما كان اقرب الى اهتماماتها كبقعة من خارج زمانها قد تهديها أملا ولو كان افتراضيا ينتشلها لحظات يومية من محنة وطن قد اختنق بين لعلعات الرصاص واختناقات الأتربة ، كانت وهي تستسلم لعبارات غزل لايتقنها غيره ،تدرك أنه لن ينقد آمالها الموؤودة مذ سقطت ورقة شبابها خريفا في ربيع عمرها ، لحظة ضعف، وبيعت تخلصا من عار الفقر وخوف المصير :كانت تدرك أن لحظات الهروب لن تكون منجاة من حياة صارت مثقلة بوتد وتبيعين...
تفاجأت حين وقفت على حقيقة ما كانت لتخطر لها على بال ،حقيقة كدمعة جُرحت لتفتح عيونها على انارة نهار ، فمن تعلقت به وركضت خلفه كأنس وفتوة ووسامة محيا قد كسر اطمئنانها وصبها في وجع غير منتظر ، حنطها في ألم داخلي وعلى عينيها صار نظارات سميكة من غشاوة سوداء .. من كانت تقتفي له الأثر لم يكن هو الشاب الوسيم الذي تملته في صور ، وله كم أهدت من صور ، وواكب معها ليالي السهر ، وارتوت من فكره وأحاديثه ومعارفه ، وكان سدا بينها وبين زوجها فاصلا من خيالات تعيش معه وتزفر هواها في مسامعه ، وتحس عرقه بللا كلما ضمها زوجها بين يديه .. كيف تجده اليوم نابا حادا يمزق بلا رحمة كل خيالات العشق ، وغلالات السكينة ، ولحظات ولو كانت سرقة من غفلة واعية؟..
تفاجأت أن من افنت عمرا وصارت له تبيعا لم يكن غير رجل في الستين كسرالضوء في عيونها بعد أن تقمص دورا ليقوم ببحث دقيق ومتكامل لاحدى المنظمات حول المنتديات العربية وما يمور فيها من تحكمات مرضية ،وزيغ ممقوت ،وأوامر تسلطية، وسلوكات هي الظلامية، يحموم معاني ،وأعشاش عناكب مما طوح المنتديات عن غائيتها التربوية التي لم تكن غير هدم الرميم واطلاق نسائم التلاقح بين الشباب العربي ،وفتح مجال رحب للانثى الخليجية خصوصا كمتنفس ثقافي اجتماعي يفك عنها الضغط تدريجيا بعد أن تعالت صيحات قيادات متحررة ومنظمات حقوقية دولية عما تعانيه المرأة في دول لازالت تؤمن بالكفيل، وفرض الحجر والوصاية ،وهو ما ولد بيوتا يعشعش فيها ابليس بكل حواريه وجنوده ومكره..
وبقدر ما أتقن دوره كشاب لف حاضره وماضيه في قصة محبوكة مثالية تثير الشفقة والعطف والانجذاب وتوهيمات الأماني، والاغراءات المادية،فقد استطاع أن يتحكم في فصولها وأجزائها الدقيقة ،هيأته لها ثقافة عالية ولغات يتقنها كتابة وحديثا، ودربة مسرحية استطاع من خلالها ان يختلق مواقف تبهر، وإغراءات تدغدغ الإحساس بمهارة تنفيذ لايمكن أن توحي بالشك في شخصيته. .
كانت تبيعته تزداد به تعلقا وهياما، شعلة نابعة من عيونها حين تضحك له عبر النت ، وآهات تزفر من صدرها وهي تهفو لعناق وضم ، محامية بارعة وهي تتدخل كدفاع قوي عن كل معارضة في المنتديات تقف ضد أفكاره حول الحرية ومتع الحياة، وكيفية الردود ومحاربة التقليد و منع التراسل بين الجنسين .... وكثيرا ماكان يتعمد خلق معارضيه عمدا و بعد نهاية مهمته في منتديات كانت واجهاتها حرمات الدين وقيم الإسلام ، وحرية التثاقف والتسلية ،وخلفياتها عشق موهوم،وتحرش مذموم، بفجور لفظي وجنسي متخيل عبر الكام يزدهر في ليالي السهر ، السبق والحظ فيه لأصحاب المنتديات وحوارييهم من مرشدين واداريين ومتملقين هؤلاء الذين كان يتم اختيارهم بدقة ،قابلية الخضوع والطاعة العمياء وتنفيذ الاوامر في استسلام ،ولصويحبات ممن أعطيت لهن المنتديات هدايا كجزاء عن متعة حرام ومن المثليات اللواتي تثيرهن كلمات الهمس والوشوشة فينفسن عن غرائز مكبوتة، والكل يطمع من خلال الدس والتغرير بمناصب وهمية ، تخيلوها كمناصب الدولة تفجر فيها فتيات بريئات غبنهن وقد انفتح أمامهن كل منغلق محروس خارج اقفاص أسر متزمتة ،الأب فيها سيد القرار ، غضنفر ، حر يمارس الحياة بالطول والعرض والأنثى حرمة محكومة بتقاليد زجرية ونهار بشمس مفقودة ، ولا غرابة فمن عاش الانغلاق المجتمعي والحصار الثقافي وتربية الزجر والعقاب ، ماوجد كوة صغيرة في سجن الحياة الاسمنتي الا و انبهر من أنوار وهمية بعالم جديد واندفع مكسرا دياجير ظلمات بيوت لا تنشر الا ثقافة السلطة والوهم ووصايا الفقهاء الظلمة الذين يتعارض فيهم المظهر مع الحقيقة ..ويمارسون التخويف والترهيب بعذاب الآخرة...
هكذا سارت تبيعته خلفه تعيش معه أحلام اليقظة ويستغلها في تنفيذ أكثر من أمر يحقق له اثارة وغيرة نساء عازبات ، مطلقات ،عوانس ومتزوجات كن يتهافتن على ما يكتب فرارا من قهر الرجال، وحياة الضرات، وسطوة الذكور على الإناث ،وضربات الزمن لكل من غابت عنها مسحة من جمال، جميعا صار لهن استشارة رأي وصدر حنان وكلمات من فن الإثارة بلغة جذابة وإحساس مرهف لم يتعوّدنه في بني جلدتهن ، فهي كانت بغيرتها عليه وتحسيس الأخريات بقربها منه سنارة وطعم لكل سمكة لعوب، تركض وراء لذة محرمة في ستر لا يتمزق له حجاب بين الأبناء وأهل البلد ، ولكل مكبوتة مقيدة بزوج مهمل وأبناء جحود تتعطش لأذن تسمعها وتفجر فيها من كدمات القهر والإذلال ... وكانت غايته أولا وأخيرا وأقصى ما يريد بلوغه أن يتغلغل في مجتمع ذكوري مغلق من خلال إنصات واع لحكايا نسائه وهن يعشن لحظات حميمية بلا رقيب ولا خوف من رجل أو ابن او ذكر من أهل..
ذات صباح وبعد غياب عنها طويل ألحت في مقابلته عبر النت ، الحاحها كان يوحي ان في جعبتها أمرا ملحا ، وهو أمر لن يتعلق بمنتدى فما تعودت أن تحرقها رغبة لذلك مثل حرقتها الآنية ، وانما هي حرقة لم تغب عنه ابعادها ، وحيث انه حريص متيقظ ، فقد وضع أكثر من احتمال يمكن ان يدعوها لهذا الالحاح...
قالت في لهفة : كم لك من ابن ؟واحد أم اثنين ؟
لم تداهمه بمفاجأة ، فسؤالها قد أتى انطلاقا مما كان يروجه حول حياته الوهمية..فقد أدرك انها حفرت عن مصدر ضوء من صوره وعن وجوده عبر بوابات النت ..
بسرعة اتى رده بلا اضطراب:
وماذا يهمك؟ عندي ثلاثة...
قطع الخط عنها وفي نفسه قرر : أنثى حرقت ضرورتها فلن يعود لها وجود في مهمتي. وحياتي ...
لم يقف بحثها عنه كإنسان يمكن ان يلعب اكثر من دور في معترك حياته ،بتلوينات مصلحية نفعية وبتطلع الى فتق بالون ظاهره ألوان تغري العين وقلبه هواء نتن ،عقد ،وكراهية وغيرة قاتلة من كل من يبدي معرفة او رأيا مغايرا للنتانة المكبوتة..لقد كانت أدواره كلها غير ادوار من كانوا يدخلون المنتديات بلا سراويل مهرولين الى معرفات بنات صرن مشتهرات بما يبدلن بالليل عبر غرف الدردشة و ممن لوثوا المنتديات العربية فصيروها بؤر تفاهات وتضليل وتغرير ،دخل المنتديات ليراقب ويتابع ويخترق مواقعها، يقرأ ما يكتب على الخاص ،فلم يتحرش ولم يفتق صرة حدوده كرجل يعي مهمته، أو يخون الانسان الساكن فيه، ،وما كانت تبحث عنه تبيعته هو حقيقة الشخص ،كيف لعب كل تلك الأدوار دون ان يرتكب هفوة تشكك في غاياته الخلفية ..
هكذا شرعت بعد ان انقطع عن كل المنتديات وأعلن وفاة مهمته اسما ووجودا ،شرعت تجوب كل فضاء قد تجد له فيه أثرا ،تتشمم كل حرف يهب بنسيم او ريح منه ، وتتواصل مع كل انثى تشم فيها روائح علاقة قربى او صحبة معه ، لكن ما لم تستطع ان تدركه هو أنه في حقيقته ليس من كانت تحب وبه تتعلق، ولا هو الرجل الستيني الذي توهمت أنها قد كشفته ، وانما هو غير هذا وذاك فهو الانسان الذي اذا بنى صومعة عرف أين يدفنها وكيف يغيبها عن كل طفيلي يقتفي أثره بتجسس مفضوح.. ..
غاب عنها أن العالم كله يسير بفرضية قضية ونقيض ،وما يمور فيه هو في حد ذاته متناقض وهذا ما لم يدركه فكرها ،وعلى مبدأ التناقض كان يشتغل الرجل الذي تعلقت به وبالتناقض حقق أهداف مأموريته . .
ان تبيعته أبدا لم تنتبه ولو انتبهت فلن تستوعب كيف أن أنثى غيرها كانت تناقض خطاها وخطى غيرها بأمل ولا أطماع ، بحراسة دقيقة تضحك من سلوكها كما سلوكات غيرها ممن تهاوين عاشقات تحت محراب أفكاره وأحاسيس كلمات لا تملك كل من سمعتها الا ان تعشقه، وحارسته كانت له عاشقة و هو بها متيم ، بينهما لملما كل متناقض هي رواء وجوده، وهو بهاء عيونها، صدقا وثقة، كلاهما تعرف حقيقة الآخر منطلقا ومنتهى ، فهي له حبيبة وزوجة وصديقة وهو لها ثقة ووفاء وهذا ابعد مما تدركه انثى ظلت تقتفي الأثر بلا عقل ، وتسبح في المجهول بلا وعي ،أنثى كم فركت العين وحكت الصدر ،وحرثت العقل بنورج ،ولم تكن في آخر اكتشافها غير طفلة غرة لم تميز بين ثمرة وجمرة فالتهبت لها يد ،حرقت فؤادها بقهر ، فصارت تدعي انها منه قد نجت بكرامتها.. !! ....
صدقت !! ..منجمة لم تكذب !! ..وعند جهينة الخبر اليقين .. !! .. فربما ذات زمن آت سيلد عقلها قراءة سليمة تقتحم الدواخل بحدس بليغ وتشارك في حقيقة الحدث من باب الفاعلية الظاهرة لا المتوهمة ، فتكون حليمة الصادقة.. إذا قالت فصدقوها ..



#محمد_الدرقاوي (هاشتاغ)       Derkaoui_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة ومرآة
- خيبة
- فراشة الضوء ملعبها
- بلاكرامة(2)
- بلا كرامة
- اليك تابع بحقيقة وجد
- كفى ! .. ذبت مايكفي
- الصخرة
- منجزات
- لو ...
- عقول استفحل جفافها
- عشقك طهري
- إنسان أنا
- غيرة
- وجهك وحده الباقي
- الربيع من عرصاتك بكى ربيعه
- في عيونك اقرأها ذكرى
- جسدي
- ملحمة الذبيح
- سر الرائحة


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الدرقاوي - جمرة ملتهبة