أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال علي الحلاق - كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ القسم الثاني














المزيد.....


كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ القسم الثاني


جمال علي الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 1610 - 2006 / 7 / 13 - 10:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قلت أن السؤال ليس مكتبيّا ، وهذا يحتّم علينا النزول الى الشارع ، أن نقترب من الناس أكثر ، نقترب من المفاتيح التي صبغت حياتنا اليومية بهذا السواد المتراكم .

نريد أن نبني إنسانا مروّضا ، لكن ، لا بطريقة التنازل عن الذات ، نريد أن نبني إنسانا يتأقلم مع ذاته أولا ، ومن ثمّ مع الآخرين ، فالطبيعة .

القضية أكبر من أن يتمّ سكبها في كلمات قليلة ، ولا أعتقد أنّ فينا من الطوباوية ما يكفي لامتلاكنا مثل هذا الشعور ، فنحن نتحدّث عن علاقة الفرد بذاته ، وعلاقته بمن حوله وبمن معه على سطح الكوكب ، وعلاقته بالطبيعة التي هي بيته الأول والأخير .

أتحدّث عن أبجدية أخرى لحواسّنا اليومية .
وبما أنّنا أفراد أصلا ولسنا مؤسسات ، رغم علمي أن كلّ فرد هو مؤسسة لنفسه ، فما أقترحه هنا لا يتعدّى أن يكون مبادرة فردية تدعو لمبادرات فردية ، وسنكون محظوظين جدا لو أنّ جهة علمانية تبنّت الأمر ، ودعونا لا نشكّ في حصول ذلك حقا .

لكي نعمل بهذا الإتجاه نحتاج الى طاقة هائلة من الأمل ، شرط أن نبادر في أيّ ممارسة يمكن أن تخلق مناخا إجتماعيا يقلّم أظفار يقينياتنا المدبّبة .

لكي نعيش لا نحتاج الى يقين ، بقدر ما نحتاج الى حواس تمتلك من الشفافية ما يجعلها ( تستمتع ) بالتفاصيل اليومية الدقيقة ، هل يمكن إدخال مفهوم الاستمتاع بالحياة ضمن بنية ثقافتنا اليومية ؟

نحتاج الى القدرة على الاندهاش ، كيف نحافظ على هذه النبتة الطفولية – أن نندهش – وأن نعلن عن دهشتنا إزاء الاشياء الجميلة ؟

أذكر مرّة أن خالي الماركسي تحدّث مع أبي المتديّن عن بانوراما القادسية في سلمان باك ، كان يتحدّث بعين هيمنت عليها دهشة طفل ، قال أبي : " لا أحب أيّ شيء يخرج عن طريق نافذة دكتاتورية "، قال خالي يومها : " وما علاقتي بالدكتاتور ، أنا أتحدّث عن فنّ رفيع عليك أن تراه " .

الحياة جميلة ، وتحتاج الى نفوس جميلة كي تتفتّح أيضا وأيضا ، لا تحتاج الى تعقيد كثير ، لكنّها تحتاج في الوقت ذاته الى رغبة في أن تعاش .
السؤال الذي يهيمن الآن : هل نريد أن نعيش حقا ؟

الرغبة نافذة سريعة للتغيير ، وأعتقد أنّ الجرأة على الإفصاح بهذه الرغبة يجعل من عملية التغيير حدثا يوميا .
التغيير لن يكون بين ليلة وضحاها ، ولا يتمّ حتى بسقوط أشخاص وقيام آخرين ، التغيير يشبه تماما إضافة لبنة واحدة - كلّ يوم - لبناء هائل يتكامل .

إذن ، نحن أمام بطء في الحركة قد يكون ثقيلا ، وربما يكون مدعاة لليأس عند أفراد لا زالوا يفكّرون على الطريقة القديمة ( كن فيكون ) .

ما نريد الإنتباه له هنا ، هو أن نعي أنّنا نريد التغيير نحو الأفضل ، وأنّنا نتحرّك وفق هذا الوعي .

وحتى لا نقع في الفخّ القديم جدا ، أقصد فخ ّالإنشغال بالقبح عن الجمال ، وحتى لا نكرّر صيحة الجميل أبي العلاء المعرّي :
كم أردنا ذاك الزمان بمدح
فشغلنا بذمّ هذا الزمان
فلنمنح أنفسنا فرصة التحرّر من تكرارية فجّة تلطّخ وجه أيامنا بروث اليأس ، لنقترب من ذواتنا ، كيف يمكن أن ينتبه كلّ فرد لذاته ؟

إيمان الفرد بذاته خطوة نحو صيانتها ، وخطوة نحو الإنشغال بها عن غيرها ، ينبغي أن نعي أنّ الناس مغيّبة عن ذواتها ، وأنّ الانضواءات المنغلقة لم تحجّم تفكيرها فقط ، بل حجّمت حواسّها أيضا .
لدينا كمّ هائل من الناس قصيري الحواس ، وليسوا بإرادتهم كانوا كذلك ، هنالك ( تنويم جمعي ) تحت مسمّيات عديدة لكنها تجتمع كلّها في تذويب إنشغال الفرد بذاته ، وبالتالي خلقت عند الأفراد هذه القدرة على التنازل والتلوّن .

الإنتباه للذات أوّل خطوة تجاه الإعتراض ، والإعتراض باب الحياة الحقّة .

وعلينا أن نعي أنّ الإنتباه للذات هو انتباه لسلوكيات وممارسات لا تليق بوجودها في العالم ، أو بوجودها كلحظة فاعلة في تاريخ الإنسان على الأرض .

ينبغي الإنتباه الى عدم فائضية أيّ إنسان مهما كانت درجة وعيّه ، لكن ، ما يهمّنا هنا هو كيف يمكننا إنتشال ما نستطيع من الناس الذين توشك حيواتهم على الغرق في أوهام تفتقر الى عقلانيتها ؟

في تقرير حديث أثبت أن قرابة ( 800 ) مليون إنسان في الهند لا يمتلكون مرافقا صحيّة في بيوتهم ، والموضوع ذاته يتكرّر في أماكن كثيرة من أفريقيا ، ذكر لي صديق سوداني أن قريته في السودان كانت بلا مرافق ، وأن الناس تذهب الى العراء لقضاء حاجاتها .

لا زلت أذكر أزمة المجاري في ضواحي بغداد عندما تطفح على الشوارع أمام البيوت وفيها ، ولا أعتقد أنّ الأمر قد تغيّر حتى الآن .
ما أريد قوله ، أنّ الانتباه لبعض التفاصيل يمكن أن يقود الى تغييرات كبيرة ، وبالتأكيد ستكون النظافة جانبا مهما وأساسيا في انتباهاتنا ، وأعتقد أنّ النظافة شعار مرفوع دائما مع وقف التنفيذ .



#جمال_علي_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟
- الى ( صفيحة ) المدى وجاراتها : درس في الأمانة الثقافية
- عوني كرومي : الجاد في لحظة هازلة
- عيسى حسن الياسري : قديس خارج الوقت
- الشعر العراقي الحديث : قراءة اجتماعية
- فلنمت وحيدين بعيدا
- يموت المعنى وتستمر الحياة
- تعليب النساء لمن ؟ محاولة في تفكيك المنظومة الذكورية
- الذات والعقاب قراءة في نمو المستوى الدلالي لمفهومي الغربة وا ...
- دعوة للتضامن مع الصحفيين العربيين عدلي الهواري وعبد الهادي ج ...
- العائلتية نظام حيواني قراءة في ثقافة صدئة
- فايروس حق الاعتراض : الفعل هو الكلام حتى لا يتجرأ أحد على تج ...


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جمال علي الحلاق - كيف نؤسّس جيلا يعرف كيف يعيش ؟ القسم الثاني