أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رجاء غانم دنف - معبر إيرز ..معبر القلب














المزيد.....

معبر إيرز ..معبر القلب


رجاء غانم دنف

الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 09:15
المحور: القضية الفلسطينية
    


كان لا بد من الذهاب إلى حاجز إيرز على الرغم من كل شيء .لا بد من الحصول على تصريح أعمى يقول أن باستطاعتي البقاء مع عائلتي لمدة أخرى قد تمتد وقد تقطع في أية لحظة ،هذه الرحلة التي لا أمقت شيئاً في الكون مثلها، لم تسعفني الظروف للهرب منها ومن جحيمها .
وصلت باكراً لأجد مكاناً مختلفاً تماماً عما رأيته في المرة الاخيرة قبل أشهر قليلة فقد بنى الاسرائيليون مبانٍ ضخمة واستبدلوا الممر المُذل السابق بآخر أكثر حداثة وإذلالاً بالطبع .
لا يوجد جنود على المعبر استبدلوا كلهم بأفراد من الوحدات الخاصة مزودين بأسلحة قد تقتل أي نملة يشكون في سلوكها وهذا تم بعد اختطاف الجندي الاسرائيلي قدمت هويتي ..كنت الوحيدة هناك لا أحد يخرج ولا أحد يدخل ..صمت مخيف يذكر بالقبور المنهكة تحت قيظ شمس لا ترحم .
وقفت وكانت عيناي كما دائماً كاميرتي المتجولة على البعد قليلاً بيوت فلسطينية لمنطقة بيت حانون بدون كهرباء أو ماء على الاغلب .كان يمكن أن أصل لهذه البيوت خلال دقائق لو مشيت، لكنها تبدو أبعد من كوكب آخر، ولو كان الهدف إلقاء تحية بسيطة على بيوت غزة الحبيبة المنهكة من الحصار والقصف .
ثوانٍ قليلة وبدأ القصف وبدأت أتخيل جهته في الناحية الاخرى من غزة في الجنوب
اسم الاصوات قريبة لدرجة فظيعة وأتخيل بيوتاً وأطفالاً قد يفارقون الحياة الان وقد يفارقون لحظات لعب أو شغب لذيذة .
القصف يعيدني دائماً إلى طفولتي وإلى بيروت وإلى تلك الرائحة التي أحاول دائماً الهرب منها :رائحة الركام المختلط ببقايا البشر والدخان والرماد ،رائحة الملجأ الرطبة المزعجة ،والخوف الذي لا يعرف طعماً آخر له ، رائحة الوجوه وهي تنفرج عن مشاعر غريبة .
العصافير هي الكائنات الوحيدة الموجودة حولي هنا كيف أفلتت الطيور من الحصار؟؟ تحط على الأسلاك الشائكة تلتقط طعامها هنا وهناك فوق المبنى الحديث الضخم الذي يشبه إلى حد كبير ذلك الجدار العنصري الذي بني في الضفة الغربية وقطعها إلى آلاف القطع .
غزة الان بعيدة جداً ..مكان قصي حتى على أحلامي أنا التي تحب هذه المدينة وتشذُّ في حبها عن الآخرين لازالت ببحرها وناسها وطيبتها تمثل تذكرتي الاولى الى الوطن التذكرة الوحيدة المتاحة لرؤية فلسطين عام 1995 كنت يومها أمشي ساعات على الشاطئ مفعمة بحماس وفرح لا يحده حد للمرة الاولى أشعر بأن البحر بحري والشاطئ ملكي بالكامل . هذا الشعور الغر والبدائي ما زال يسكن قلبي ويحرك هواه اتجاه غزة .
أفكر فيمن أعرفهم في الاقرباء والاصحاب ،أتأمل سيارة الاسعاف الاسرائيلية التي جاءت وانتظرت بجانبي والاتصالات الكثيرة التي تمت لنقل "شخص" ما من داخل غزة إلى هذه السيارة .من هو هذا الانسان ؟؟ ومم يشكو ؟؟قد تكون آية الطفلة التي التقيتها وأمها في أكبر مستشفى في اسرائيل "صرفند" المقام على أنقاض قرية عربية مهدمة من عام 1948 ،آية التي أتت للعلاج من السرطان والتي حلفت لي أمها أنها لم تغير ملابسها منذ حوالي الشهر ولكنها سعيدة لأنهم يتركونها تنام بجانب ابنتها . آية التي ستعود إلى غزة قريباً ولا أحد يعرف مصيرها ومصير علاجها ومستقبلها .
غزة تنام على ضوء الشموع ..وعلى ضوء جراحاتها الكبيرة .وأنا أقف على الحاجز أرقب أنبوب ماء يتدفق بدون حساب بجانب الحاجز ويملؤ الوادي ،وأتمنى أن تصل هذه المياه للبيت القريب جداً الذي أرقبه من هنا .
لا أحد يأتي . لا أحد يطل وكأن غزة تدخل متاهة في التاريخ أو غيبوبة طويلة ،لا يعرف عنها شيئاً أي كائن .
كم من الآلام عليها أن تمر حتى تصل إلى نقطة النور؟؟درب آلامها امتد وشسع حتى ضاق عن الروح والبدن .
وهؤلاء البشر المسجونون في سجن كبير لا يدخله أحد كم سيتحملون قبل أن تصل النهاية ؟؟
ومن سيدفع ثمن الفاتورة الباهظ من حياة الناس وآمالهم وضحكاتهم ودموعهم ؟؟
ما زلت أحبك يا غزة برغم كل شيء وأخاف عليك كثيراً .

/فلسطين



#رجاء_غانم_دنف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنيسة ذاكرة تتوهج
- تشي غيفارا مؤنثاً
- فوقَ رصيفٍ محايدٍ
- كما أسميهِ :خريف
- في معبد ايروس
- الأسرارُ ترقصُ عارية
- الشعب الحضاري وتحديات الثقافة
- احتفالية حقيقية ووقفة


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - رجاء غانم دنف - معبر إيرز ..معبر القلب