أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسين - تسعمائة متر














المزيد.....

تسعمائة متر


محمد عبد حسين
كاتب و روائي و مترجم عن الفرنسية

(Mohammed Abed Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 23:51
المحور: الادب والفن
    


تسعمائة متر هي كل تلك المسافة التي قد يستغرق المرء عمره كله و لا يستطيع عبورها.. مسافة الموت التي يخيم فوقها شبح رصاصة قناص.... انها المسافة بين انحناء الطريق عند نهاية سياج المطار و جسر الطريق السريع.... في تلك الامتار المتطاولة جدا لا يستطيع احد أن يتوقف... أن يبطىء قليلا ... تلك المسافة القصيرة جداً بمقياس الطريق و لكنها تطول كثيراً في مقياس الحياة و الموت و انت ترى تلك الاضرار في السياج الحديدي على جانبي الطريق التي خلفها اصطدام رصاصة قناص برؤوس السائقين عندما يفقدون السيطرة بفقدان حياتهم.
هنا اصطدام سيارة بيضاء و هذا واضح من بقايا لونها على السياج و هناك اثار دماء على الاسفلت حين تدهورت سيارة تحمل عائلة كاملة و هنالك اثار دماء جفت على قسوة السياج الحديدي بعد ان نزل السائق مترنحا و اسند راسه الدامي عليه.

في هذه الامتار الطويلة جدا يجب ان تضغط على دواسة الوقود بقوة كما تضغط على جراحك التي تنزف منذ اربعين عاما من الخوف لكي تستطيع فقط ان تتنهد او تبتسم... ابتسامة على شفةٍ أيبسها العطش و سكن الحزن في ثناياها.

تمسك المقود بقوة و كأنك متشبث بحبل النجاة... بكل مافي قلبك من حزن و غضب... تقود بسرعة و انت تسابق رصاصات قناص يجلس في مخبأه و يترصد الجميع بنظره الحاد و ابتسامته البغيضة التي تبدو من تحتها انيابه الصفراء التي لا ترتوي الا بالدماء المتناثرة على مقاعد السيارات المسرعة او الزجاج المتكسر على تسعمائة متر الموت...
لا اعرف ما الذي، قادني الى هناك ذلك اليوم بعد ان تجاوزت المنعطف وجدت نفسي امام ذلك الوحش الذي يبحث عن فريسة... لم املك سوى ان اقود السيارة بسرعة جنونية و انا أحس أنفاس قناصٍ تلفح جسدي الذابل من عناء يوم عمل طويل.... احسست ان فوهة البندقية تلتصق بصدغي الذي بدأ العرق يتصصب منه... احسست ان عيني قناصٍ تخترق المنظار المقرب و سبابته تشير الى نهايتي وهي تضغط على الزناد
لا أدري هل فعلا سمعت ازيز الرصاصة وهي تقترب ام انها هلوسات تثيرها تلك الامتار اللعينة...
و لكن ما سمعته بشكل أكيد هو ارتطامها بالاطار الحديدي لنافذة الباب الذي بقربي و ما رأيته فعلا هو تطاير الزجاج المتكسر من النافذة... يا الله... هل اصبت فعلا؟؟!! لا احس بجسدي.... لا احس بأي ألم.... ما احس به فقط هو ضغطي على دواسة الوقود و المقود... و قطرات من العرق تسيل على خدي
عندما وصلت الى نهاية تلك الامتار كانت السيارة تنطلق بنفس السرعة و كأنها تقود نفسها و تستمر بالانطلاق... لا اعرف كيف وصلت الى البيت و حين ترجلت من السيارة أدركتُ ان الرصاصة كانت تستقر في الاطار الحديدي لنافذة باب السيارة و رأسها موجهٌ تماما الى صدغي.



#محمد_عبد_حسين (هاشتاغ)       Mohammed_Abed_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا زلت جميلة


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسين - تسعمائة متر