|
أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 2
محمد كشكار
الحوار المتمدن-العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 09:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
4. يقولون: "يحب الإنسان بقلبه ويفكّر بعقله". أقول: الحب والتفكير، الاثنان ينبثقان من المخ ولا دخل مباشر للقلب في المشاعر والأحاسيس إلا كعضو مثل باقي الأعضاء يتفاعل إيجابيا مع المخ، يمدّه بمعلومات ويأخذ منه معلومات. المخ ليس قائدَ فرقة متسلط على أفراد جوقته المتكونة من باقي الأعضاء، المخ قائد ديمقراطي يستشير باقي الأعضاء في الصغيرة والكبيرة ولا يعطي أوامر إلا في كنف التناغم والتنسيق مع باقي أعضاء الجسم، يتساوى في هذا صغيرهم مع كبيرهم. ومن قال: "أحب بقلبي"، مثله تقريبًا كمَثل مَن قال: "أحب بعضلة ذراعي". والدليل المادي التجريبي على وجاهة هذا الطرح الأخير هو الآتي: لو قام طبيبٌ بعملية زرع قلب، من شخص ميت حديثا (المانح بموافقته المسبقة أو بموافقة عائلته بعد موته) إلى شخص مستفيد، فمشاعرُ المانحِ وعواطفه وأحاسيسه لا تنتقل مع قلبه إلى المستفيدِ الذي يحافظ على نفس مشاعره التي كان يملكها قبل تعويض قلبه المريض بقلبٍ سليمٍ. لننتظر قليلا عملية زرع المخ المستقبلية حتى نتكلم وبتحفظ عن انتقال المشاعر والتفكير من المانح الميت إلى المستفيد الحي.
5. يقولون في المسيحية: "ما لقيصر لقيصر و ما لله لله". أقول: نسوا أو تناسوا أن الله لا يأخذ شيئا ولا يحتاج شيئا من الأرض أو من البشر. كل ما أخذه رجال الدين زورًا باسم الله، أخذه قيصر أيضًا ولم يترك للمعذبين في الأرض شيئًا.
6. ثقافة القوالب الجاهزة (الكليشيهات) تقول: "الاعترافُ سيد الأدلة". أقول: أما ثقافة العلم الحديث فتقول: "البصمات الجلدية (Digitale) أو الجينية (ADN) هي اليوم سيدة الأدلة تقريبًا". قد يعترف المتهم تحت التهديد أو التعذيب بجريمة لم يقترفها لذلك قد يتغير الاعتراف بتغيير المحقق أو قد يأتي اعتراف إرادي متأخر يبطل اعترافا سابقًا بالإكراه، أما الدليل الجيني فهو ثابت لا يتغير ولا يأتي بالإكراه بل نحصل عليه باستعمال المجهر الألكتروني(Microscope électronique) ، ولا يمكن أن نتهم المجهر بممارسة التعذيب أو الانحياز لأحد. أنا أناهض ممارسة التعذيب مهما كانت الجريمة المقترفة ومهما كانت إيديولوجية المجرم حتى لو كان إرهابيًّا معترِفًا. بعد القبض على الإرهابي وتجريده من سلاحه، يبدو لي أنه يجب على الأمن -أثناء التحقيق معه وأثناء سجنه- أن لا يدوسَ على كرامة المتهم و يجب علىه أن يحترم انتماءَه للجنس البشري. الدولة لا تثأر من المجرم مثل ما يفكر في فعله أي مواطن -لا أستثني نفسي- بل تسلط عليه عقوبة عادلة.
7. يقولون: "بدون مجاملة" عندما يخاطب الصديقُ صديقَه. أقول: أطرح هنا سؤالا على محدثي وصديقي: لماذا يا صديقي لا تجاملني دون أن تنافقني، ولماذا تحرمني من كلمات رقيقة تقولها لي صدقًا عوض أن تقولها نِفاقًا لغير الأصدقاء.
8. يقولون: "العمليات الاستشهادية تمثل قنبلة الفقراء النووية. أتكلم عن العمليات التي تستهدف المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ في الطائرات والمطارات (قام بها بعض اليساريين الفلسطينيون واليابانيين والأوروبيين في السبعينات) أو في المقاهي والملاهي والمتاجر والحافلات والطرقات والشواطئ (قام بها بعض الإسلاميين الفلسطينيين في التسعينيات)". أقول: لو كانت العمليات الإستشهادية كذلك (قنبلة الفقراء النووية)، لاستعملها حزب الله في نضاله ضد العدو الإسرائيلي. عدوّنا كان أحذق منا وردّ سهامَنا إلى نحورِنا حين استغل نتائج هذه العمليات وكسب من ورائها الكثير من تعاطف الرأي العام العالمي مع دعم أمريكي غير مشروط وبلا حدود، وفاز السفاح شارون في الانتخابات الديمقراطية بتأييد شعبي جرّاء الدعاية التي كسبها من وراء استغلال الآثار السلبية التي تركتها العمليات الإستشهادية لدى الصهاينة الإسرائيليين والصهاينة الأمريكيين والغرب أجمعين.
9. يقولون: "هم صهاينة إرهابيون". أقول: كلام صحيح مائة بالمائة لكن هل نواجه الإرهابَ بالإرهابِ فنفقد قوة الحجة بعد ما فقدنا حجة القوة؟ هم إرهابيون، لذلك أناضل ضدهم بالأساليب المشروعة ولا أعمل مثلهم ولا أستعمل أساليبهم الإرهابية. هم مغتصبي أرضنا وقاتلي أطفالنا، ونحن أصحاب الأرض ولسنا مجرمي حرب مثلهم.
10. يقولون: "لا أخلاق في الحرب". أقول: لو قالها غير مسلم لعَذرته. أذكّر المسلمين بوصية تُنسَبُ غالبًا لأبى بكر الصديق رضي الله عنه، أول المسلمين وأول خليفة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، أوصَى "أبو بكر" جيش "أسامة" قبل انطلاقه لفتح بلاد "الكفار" فقال: "أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعقروا نحلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تَمُرّون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له. وسوف تُقْدِمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئا فاذكروا اسم اللّه عليها. وتلقون أقوامًا قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقٌاً. اندفعوا باسم الله".
11. يقولون: "عدونا لا يفهم إلا بالقوة". أقول: جيد لكن ماذا في حوزتنا من أسلحة؟ عندنا صواريخٌ بدائيةٌ وجيوشٌ عربيةٌ أسودٌ على مواطنينا وأشقائنا، نعاجٌ أمام العدو. مقاومتُنا، مقاومةٌ إيديولوجيةٌ موسميةٌ، مقاومةٌ تبحث عن موقعها السياسي في الداخل قبل أن تبحث عن تحرير الأرض المغتصبة.
إمضائي: "المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العموميةِ" فوكو "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر" (جبران)
تاريخ أول نشر على الفيسبوك: حمام الشط في 21 أوت 2010.
#محمد_كشكار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي أسباب إقبال التونسيين على المسلسلات التركية؟
-
طُرفةٌ معبّرةٌ بلسانِ حلاقٍ جريدي مُقِيمٍ في المتلوّي؟
-
الوجه الإنساني للمناضلة الشيوعية روزا لوكسمبورﭬ: الرف
...
-
حوارٌ حولَ عقوبةِ الإعدامِ، حوارٌ دارَ داخلَ مواطنِ العالَمِ
...
-
ثلاثة تعريفات مقتضبة لثلاثة مفاهيم معقدة: اللائكية والدين وا
...
-
العَلمانيون العرب المستقلون مضطهَدون من قِبل الغربِ والعربِ
-
استوردنا من فرنسا أسوأ ما فيها، وأهملنا أهم ما فيها؟
-
يبدو أن جل المدوّنين الفيسبوكيين (لا أستثني نفسي طبعاً)، قد
...
-
مقتطفاتٌ مُختارةٌ من كتابٍ مختارٍ
-
ملاحظات في محلّها حول فعل -تَرْجَمَ-؟
-
مسرحية محاكمة الرب والفرد والمجتمع بتهمة الفساد في الأرض
-
مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم لكن لي
...
-
تلميذُ السنة أولى ابتدائي مخاطِبًا معلّمَه: -إرثي الجيني وحد
...
-
مَن هُمُ المحتالونَ في مجتمعِ الحداثةِ مَصنعِ المحتالينَ؟
-
عشرةُ مبادئَ ساميةٌ، لو كنتُ ماركسيًّا ملحِدًا وأردتُ تأسيسَ
...
-
ما أحلى الرجوع إلى مدرّجات الجامعة بعد الأربعين؟
-
يساريان منفردان في مقهى يتناقشان حول العرب والإسلام
-
معالِمٌ فلسفيةٌ على الطريق
-
فلاسفة أوروبيون غير مسلمين قالوا كلاماً موضوعيّاً في الإسلام
...
-
قصة -الطالب- الذي أبرَمَ صفقةً مع الشيطانْ؟
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|