أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - لينا صلاح الدين - الإرهابُ الديني وكارثةُ تسويغه—تحليلٌ تأصيليٌ وسايكولوجيٌ لأزمةِ العقلِ الإسلامي














المزيد.....

الإرهابُ الديني وكارثةُ تسويغه—تحليلٌ تأصيليٌ وسايكولوجيٌ لأزمةِ العقلِ الإسلامي


لينا صلاح الدين
كاتبة

(Lena Saladin)


الحوار المتمدن-العدد: 6719 - 2020 / 10 / 30 - 00:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الجابري في قِراءتِهِ النقديةِ للعقلِ العربي في مشروعِه الفكري (نقدُ العقل العربي) كان قد حاولَ عصرنةَ هذا العقلِ الذي ما فَتئ يعاني من التحجر الفكري، والانقيادِ الوجداني، وعدم الاستقلاليةِ بسبب استناده على المنصوصِ والموروثِ حتى في قضاياه السياسية. وبعيداً عن اختلافي مع الجابري في مسألةِ إحالةِ استقالة العقلِ في الإسلام لمسبباتٍ خارجية، واختلافات هامة أخرى لا تَشمل هذا الموضوع، لكن الأوْبَة إلى المحاولات الفكرية التي تبتغي فهم تركيبة العقل الإسلامي -وليس العربي فقط- تعدُ واجباً إن كنا نود اليومَ التحكم في حدةِ التعصبِ الإيديولوجي ومعالجة أزمة هذا العقل الذي لا يزال متوعكاً، تبيعاً، نابذاً لأدوات التفكير النقدي. لذلك قمتُ هنا بعملٍ تحليلٍ تأصيليٍ من أجل أن أتتبع نشأة الموروث الإسلامي وما طرأَ عليه من تغيرات.

بعدَ المرحلة الأولى التي انبلجَ فيها الفكرُ الإسلامي والتي اتسمتْ باعتمادها على نشره ومقارعةِ من عاداه، أهلَّتْ مرحلة علم الكلامِ الذي نشأتْ كحركةٍ مضادةٍ للمبتدعة، لكنها اقتصرت فقط على الأخذ بما هو نقلي ومن ثم إيجاد الحجةِ والمطيَّةِ من أجل عقلَنَته. ثم لحِقَ ذلك ظهور المعتزلة الذين وضعوا الأولوية للوعي على الوحي، وللفِطنة على المُهجة، وللنقد على النقل، فشهد العهد العباسي الذي أخذ بهذه المنهجية أجْدى مراحل التمدُّن الحضاري الإسلامي بكل ما شهده من نَهْضَةٍ على الصعيد العلمي والفكري. لكن التفنيد الذي استهدف فكر المعتزلة تم حينما أسقطوا الحرية من منهجيتهم بفرض أفكارهم، وحينما تمادوا في اقتحام شؤون الدولة الإدارية. فمهما بلغتْ كِياسَةُ فكرهم العقلاني لكنه يظل منهجاً عَقَدياً لا سِياسِياً.

إن المرحلةَ التي تلتْ ذلك -والممتدة إلى اليوم- هي مرحلةُ تغييبِ الفكرِ في مقابلِ تَمْتِينِ العاطفة. لكن وُعُورة هذه المرحلة تنعكسُ في أنها لم تقتصرْ على العقيدةِ بل أقحمتها في كل شؤون الحياة. فلم يعد المسلم يتقبلُ التفكيرَ النقدي في تناول مشاكله، حتى الشخصيةُ منها والسياسية، بل يتعاملُ بالعاطفة كالغضب والشِدَّة، في حين يَعُدُّ كلَّ مفكرٍ كافراً وكل منتقدٍ عدواً. إن الأزمةَ التي يمر بها المسلم هي أزمةُ عقل، وهذا التعنيف والإنفلات الانفعالي الناتج عن سقوط المنطق ينعكس على كافة الجوانب الحياتية؛ فالنقد المُستَنْكَر من قِبل المتدين هو نفسه النقد المُستنكَر من قِبل الساسة منهم، والإرهاب الديني يتزامن مع وجود التعنيف الأسري والإرهاب السياسي.

على الصعيدِ النفسيِّ فإنني يمكنُ أن أستنتجَ واحدةً من مسببات هذا الشَظَفِ الفكري، وهو الفجوةُ المتباعدةُ بين ثقافة المسلم المتعصب وبين غيره. فالإسلام لدى المسلمين كافةً ليس مجردَ دينٍ بل طبيعة، وهو الهوية الأولى قبل اللغة والدولة. أما المتطرف فإنه يتُوَلَّدُ ضَغْطٌ لديه عند الدأب بُغية تفهم وتقبل أسباب الاختلاف العَقَدي يقوم بالتَّفريجِ عنه بالعنف أو بتبرير ارتكابه، مُتعامياً عن تلك السمات البايولوجية والنفسية التي يتشاركها مع غيره، فالأولوية لديه أن تكون مسلماً قبلَ أن تكونَ إنساناً.

إن الغضب الحادث هذه الأيام من الرسوم المسيئة، وعلى صعيدٍ نفسي، لا يتصلُ بالإساءة للإسلام؛ فأقصى درجات التبْشيعِ الفِعلية أتتْ بها الجماعاتُ التكفيريةُ من تصرفاتٍ همجيةٍ متكررةٍ اسْتَحدَثَتْ ثقباً يصعب ترميمه في سمعة الإسلام وربما للأبد، لكن يظلُّ أفرادُ هذه الجماعاتِ عربٌ أو مسلمون (أي منهم وفيهم) لا كالغربي الذي ما أن يأتي بشيءٍ، مهما بلغ نَزَقُهُ وتفاهته، حتى تُستثار عقدة الدونية لدى المتطرف، فيخال إليه بأنه ودينه مستضعفان في الأرض. إن الإجْحافَ والشَطَط الذي يعاني منه المسلمون في الهند والشيشان والصين، والتفزيعِ الذي يشهدُهُ السوريون والعراقيون وكافةَ المجتمعات بسبب التنظيمات الإرهابية هي الأزمات الأكبر التي تستدعي أن يتمَ التعاطي معها بالمنطق عن طريقِ وضعِ حلولٍ براغماتية، لكن ذلك يتطلب تفكيراً وتوظيفاً للنُهيَة وهو ما تعجز عنه الكيانات العربية. في المقابل فإن السخرية وكل ما يستهدفُ تأجيجَ المشاعرِ يجد إقبالاً واسعاً من أمةٍ تتفننُ في لفظِ عاطفتِها.

إن العاطفة الدينية تعمل على إقصاء العقل من المعادلة الوجودية، فتحوِّل المتديِّنَ إلى كائنٍ همجي يستخدم أدوات الإِبَادة والإِبَارة عوضاً عن الرزانة والإتزان، وإنني سبق وأن ذكرت في عددٍ من المناسبات بأن ترميم العقل العربي لا يتم إلا من خلال إحداث ثورةٍ فكريةٍ تعمل على الجانب النفسي من أجلِ إعادةِ تشكيلِ مفهوم الهوية لتختزلَ الفجوةَ الحالية، وتقومُ بمُفَاتَلَةِ التبعيةِ والنقلِ في مقابل الاستقلاليةِ والتجديد، حتى يتعلَّمَ العقل الإسلامي المُتطرف أن يُخصِّصَ الأولويةَ للإنسانِ على الدينْ.



#لينا_صلاح_الدين (هاشتاغ)       Lena_Saladin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بايدن ليسَ اشتراكياً كما يزعُمُ ترامب وبعضُ وسائلِ الإعلامْ
- -ندالة- الجمهوريين قد تدفعهم إلى تعيين خلفٍ ل-غينسبيرغ- قبل ...
- خطايا الآلهة
- لماذا يُخفي الشُّيُوعيُّون أنفسهم؟
- علاقة الفيزياء الحديثة بالفلسفة
- وأخيراً قرأت كليلة ودمنة
- لهذا أنا أشُك
- الإسرائيلو-فوبيا وعَدَاءُ الشَّرْقِ -الطُفوليّ- لإسرائيل .. ...
- مسرحية -خاشقجي-
- نَقْد الفَلْسَفة المِثالية
- مؤسسة معز مسعود والكذب بإسم العلم
- الديمقراطية ثقافة قطيع !! وما البديل؟؟
- السيسي ... العسكري الشُؤْم!!
- حكمة الجدة !!
- الأخلاق ..... تأريخ مسروق !!
- الحكومة الدولية وسقطة آينشتاين
- العلمانية ... ضرورة أخلاقية، لا سياسية !


المزيد.....




- 3 أمور تهم واشنطن في سوريا بعد سيطرة الفصائل.. نائب أمريكي ي ...
- محلل CNN يبرز رسالة بعثتها إسرائيل إلى -تحرير الشام- وعلاقته ...
- مكان بشار الأسد في روسيا.. إليك ما نعرفه مع تزايد الغموض
- أردوغان يعلن عن اتفاق تاريخي للمصالحة بين الصومال وإثيوبيا
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يبرر -الأحكام العرفية- ويرفض دعو ...
- منتجات موسكو الغذائية تلقى رواجا في الشرق الأوسط وآسيا الوسط ...
- خطوط القطارات المركزية في موسكو تعد الأحدث في أوروبا
- الصين تعقد اجتماعا للدول الخمس النووية في دبي
- إصابة 4 أشخاص في حادث اصطدام طائرة بعدة سيارات في ولاية تكسا ...
- -قنبلة الإنفلونزا-.. ما حقيقة قدرة هذه الوصفة المنزلية في ال ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - لينا صلاح الدين - الإرهابُ الديني وكارثةُ تسويغه—تحليلٌ تأصيليٌ وسايكولوجيٌ لأزمةِ العقلِ الإسلامي