بن مهدي صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 17:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يرى باومان أنّهُ في ظل الاداتية الحديثة، يمكن تبرير الخيانة حتى، فالجماعة الّتي تقوم بأنقلاب على سبيل المثال وتنجح في السيطرة على مقاليد الحكم والتخلص من خصومها، ستعتبر مضحّية من أجل مثال وطني وعظيم وقد تُقدّس، بينما تلك الّتي تخفق في تحقيق أهدافها وتفشل في السيطرة على مقاليد الحكم والقوة، ستعتبر مجرّد غوغاء وستحاكم بتهمة الخيانة العظمى ولن تنال إلا لعنات التاريخ !
إمّا من جانب الجماهير، فهي تميل للأقوى، وتُهمل الضعيف، فتصفيقها للقوة، إنما يُراد به أمران، فالأول، مرتبط بغريزة البقاء، اي أن تصفّق للأقوى -المؤهّل للأنتصار- فتكون ذا حظوة عنده، وتتجنب بطشه في حال أنتصر، والأمر الثاني، فلأن الفضيلة هي وليدة القوة ومع الأقوياء وهم بالتالي من يحددوا ما الفضيلة وما نقيضها، أما الضعفاء فهم مُعرّضين للتهميش والنسيان، وبكل الأحوال لَن يكونوا ذا شأن في السلطة، لذلك الميل إلى القوي والأقوى نزعة غرائزية بحتة.
الأمر نفسه بالنسبة لقتلى هذه الجماعة أو تلك، فأيّما قتيل من جماعة لَم تتمكن مِن السيطرة على الحكم، سيعتبر مجرّد غوغاء خائن ولحومٍ عفنة تخلص النظام منها، (كما مع قتلى الشعبانية) ولكن لو أن القوة أنتقلت إلى الجانب الآخر -أي جانب القتلى- فقد يعتبروا مرةً أخرى شهداء ومناضلين، بعد أن صاروا مادة للسخرية، وكان من الممكن أن يظلوا كذلك، لولا عطف القدر بهم، وعلى أي حال، فيبقى الأمر هنا معتمد على كفة القوة إلى أين تميل .. فما يُعتبر اليوم فضيلة، قد يُعدَّ غدًا رذيلة، ومن هم شهداء اليوم، لرُبّما لن يعتبروا إلا خونة أو سفلة غدًا، والقوة هي الفيصل ..
#بن_مهدي_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟