ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 15:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما يقف مواطن مقهور ، ما ، أمام المرآة ، و يشدّ شعره غيظا ، و يُجَرّح وجهه بأظافره غضبا ، ثم يشق ثيابه تعبيرا عن رفضه لما يتلقاه من قهر ، و يجمع قبضته بغضب عارم ليوجه لكمة لصورته في المرآة ، فينقطع وريده ، و عصب يده ، فيسيل دمه بغزارة .. اعلم أنه يحاكم ذاكرته ( ذاته ) ، و ينتقم منها ، لا ممن كان سببا مباشرا في قهره . هذا الشخص و ردة فعله تنسحب على فعل الجماهير المغدورة ، التي لا تستطيع أن تقوم بردة فعل على من قهرها ، من سلطات سياسية ، أو دينية ، أو اجتماعية ، أو اقتصادية . فتقوم بقطع وريدها و التشفي بذاتها بلذة مشاهدة الدماء تنزف منها . و كأنها بفعلها تستنهض العطف من المغتصب القاهر . فهل يفعل المواطن المحتاج ، عندما يسرق جاره ، أو يقتله لينهبه ،غير كما فعل من وقف أمام المرآة بعجز من لا إرادة و لا وعي لديه ، ليوجه للمرآة لكمة كي يقطع زجاجها وريده .؟؟ كل ما يقوم به المواطن ، العربي ، المقهور من سلطته السياسية ، و الاقتصادية أن يقوم بما يؤذيه شخصيا و يؤذي من يشاركه المكان من الجماعة التي لا ذنب لها فيما يحصل له .. فيقوم تارة باللجوء ، هربا ، إلى إيذاء الآخرين ، و إلى الخمر ..أو إلى الحشيش ، أو الحبوب المهلوسة التي يروجها أولئك الراغبين في حرف مسار غضب الانسان عن قصورهم المترفة بدماء هذه الجموع الضائعة ، فيوجهونه نحو المرآة ليقوم بتحطيم صورته ، و طاقته . هذه الظاهرة من اغتيال إرادة فعل المواطن ، و وعيه ، ليست ابنة اللحظة ، أو فترة تاريخية قصيرة الأمد ..إنها ابنة تاريخ طويل ، من تعاقب أنظمة الطغيان الموغلة في قهر الانسان ، و قتل حريته ، وتحويله إلى كائن مسخ مسلوب الإرادة أشبه بحيوان أليف لا حول له غير التقبل و الرضوخ لكل ما يُفعل به ..فهل يتلقى انسان على هذا الكوكب ، من عذاب ، كما يتلقى ابن هذه المنطقة المنكوبة بالأمراء : الديني و السياسي ، و من خلفهما الاقتصادي القابض على لجام من يجران العربة.؟
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟