أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - فن مواجهة أزمات الحياة .. فن العيش















المزيد.....


فن مواجهة أزمات الحياة .. فن العيش


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 15:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل أية مواجهة ينتاب الكثير منا قلق، وأي قلق هذا؟ أنه قلق مشروع، قلق وجودي، قلق به من المخاطر إذا ما فشل أحدنا في السيطرة فسوف يتحول حتمًا إلى الاضطرابات النفسية، وأولها الإضطرابات النفسية الجسمية" اضطرابات السيكوسوماتيك" ، ونحن نغور في هذا الحديث لابد لنا من وقفة العارف بما يجري بدواخلنا، وما نحمله من قدرة على المقاومة والتحمل والصبر الجميل، وليس نقيضه، الصبر المفروض علينا مثل حالة فقدان عزيز غادرنا قريبًا وما زالت ذكراه تنخر في افكارنا وأفئدتنا، ونحن نحاول سبر هذه الفنية نتذكر دائمًا أن القلق هو القاسم المشترك في خيالاتنا، وأفكارنا ودواخلنا، وهو المادة الخام لكل الاضطرابات النفسية والعقلية، كيف نشعر به؟ نشعر عندما يضايقنا في أية لحظة ونحن نخطو نحو تبديل حالة الاستسلام، أو قل على الأقل تعديل اسلوب واحد فقط للإنطلاق نحو المواجهة الكبيرة، هي حقًا مواجهة، كيف استبدل شيء في نفسي بشيء آخر، تآلفت نفسي مع الاستسلام والخنوع، وقبول ما هو مسيطر على داخلي، وأنت أيها القارئ الكريم قد تكون معي وربما عانيت من فكرة تملكتك وسيطرت على معظم طاقتنا المهيئة للعمل الطبيعي، وأولها ساورك الشك في أن من ستقابله سيرفض حتمًا ما تريد وهو طلب مشروع وقانوني، وهو صاحب القرار، وهو الضعيف والذي استقوى بالكرسي، وبدونه، فهو ممزق من الداخل، هذا القلق إذا ما فتك بصاحبه فإنه سوف يعبث بكل مقدراته النفسية والعقلية ويحول يومه وليله، واسبوعه، وربما شهره بأكمله إلى جحيم من متاهات الوساوس، وينتقل إلى أضعف نقطة في جسمه ويستهدفها فتفتك النفس بنفسها، فربما يضرب المعدة ويحدث فيها القرحة، أو يرتفع السكر في الدم، فيكون مرض السكري، أو يرتفع ضغط الدم ويبقى عالق في أعلى درجاته، أو يضرب أي مكان آخر في جسد الإنسان فينهيه، ألا لعنة الله على القلق غير المشروع الذي يبعثر طاقتنا ويقتل معنوياتنا من الداخل ونحن في أدق مرحلة من المواجهة الخارجية مع الاضطرابات النفسية والعوامل المهيئة للاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب العقلي الميلانخولي، وهو أشد أنواع الاضطرابات الذي يؤدي بصاحبه إلى الانتحار الحتمي، وليس محاولة الانتحار، بل فعل الانتحار المميت، بعد أن يشعر الفرد بالهزيمة والخيبة في كل مجالات الحياة، أو لمواجهة الأوبئة المصنعة أو المنطلقة من جحور غرف التاريخ والمعالجة وراثيًا لإبادة البشر أو إيقاف طاقات البشر ومصالحهم الاقتصادية والعلمية التكنولوجية. لكي نتوج هذه المناقشة وهذه الافكار في قدرة الإنسان وعبقريته وثقته بنفسه بأن معرفة الإنسان بنفسه هي أولى خطوات فن القدرة على المواجهة، وهي التي ميزته بنرجسيته عن باقي الكائنات الحية الآخرى، لأنه أكتشف قارة بأسرها من الحياة النفسية له لم يرتدها من قبل. نحن لا نفطن لمعارف جديدة دون جهاد ضد معارف سابقة ربما انهكتنا وخلقت فينا الاستسلام، ويصدق ذلك أكثر ما يصدق على العلم بأحوال النفس، لأن إدراك الجديد عنها تقويض لألفتنا بها كما يقول "العلامة الدكتور مصطفى زيور" رحمه الله حتى لنكاد نمسي غرباء عن أنفسنا. لا بل سوف يفقدنا هذا الاغتراب احساسنا بالوجود في الحياة ونحن بين أحبتنا وأهلنا ويذيع في النفس إشفاقًا يهز كياننا من داخل نفسنا.
علينا أن نفطن إلى أن مقاومة ومجاهدة النفس والكشف عن أعماقها لا تأتينا من الخارج، وإنما تأتينا من داخل أنفسنا، ويبدو أن الناس في حقيقة الامر يرغبون بالسعادة والسلام والتوازن والصحة ولكنهم خائفون من الفشل في المواجهة لذا تكون العصبية والتوتر والعدوانية والانهاك النفسي هو السائد على السلوك اليومي في التعامل مع الابناء ومع أفراد الأسرة ومع المحيط الخارجي في المجتمع، فنلاحظ الشارع يعج بالتوتر، وصاحب المحل يعيش التوتر بكل صوره، وكذلك المدرس، والطبيب، والفلاح، والبائع البسيط، وسائق سيارة الأجرة، وجميع افراد المجتمع، إنه عالم متوتر وزاد ذلك التوتر في الحضارة والسعي في اللحاق بها، عامل الأوبئة وإنتشارها السريع وغير المسيطر عليه رغم ادعاء التطور العلمي والتكنولوجي والحضاري.
كيف يصبح الإنسان واعيًا؟ الوعي هو الكمال، والوعي هو الذي يقود الإنسان العارف بما يجري في عقله وتفكيره ومن حوله إلى تغيير قسري مع مجاهدة النفس للخلاص من اقذر الافكار التي تثقل كاهله.
يقول "بيير داكو" لكي نغير الظروف، علينا أن نفهمها، ويضيف "داكو" يعتقد الكثيرون أنهم يفهمون الامور في حين أنهم يقتصرون على رؤيتها عبر ذات"أنا" مشوهة، ومن ثم يقررون أن ما هو صحيح وفي الحقيقة ليس هو كذلك، والصحيح هو علينا أن نتحرر من تصوراتنا الخاطئة حتى نحقق الفهم الصحيح، وإلا فإن معارف جديدة تنبني على قواعد خاطئة، وهذه الأفكار تنتشر اليوم في معظم المجتمعات العربية والاسلامية والعالم الثالث، إنها كارثة حقيقية، الكل متعلق بالكل، الكل يصر على الصح وهو في الحقيقة ليس كذلك.
ان الإنسان اليوم في غفلة من الوعي، بين هجمات غرائز الحضارة ومتطلباتها، وبين قدراته الذاتية التي لا ترقى على مواكبة هذه الفجوة التي فجرتها جائحة العالم اليوم، فلم تعد حضارة متقدمة، وأخرى متخلفة بقدر ما هو سلوكنا جميعا في العلاقات الإجتماعية، وفي استعدادتنا العاطفية، وخلقنا الغالب أي طبائعنا بين التوحش والتحضر، والاكثر في التوحش والهمجية، لأن سلوكنا تابع لأمزجتنا وجملتنا العصبية الإنفعالية واستعداداتنا النفسية، حتى أن الحرية المتزايدة بشكل مطرد تتيح أكثر فأكثر للنزعات الخبيثة التي كانت تكفها القيم الثقافية واليوم تتبدى صريحة في سلوك مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وعوالم العالم الاليكتروني الخفية، أنها لم تتطبع في الطفولة تطبيعًا إجتماعيًا صحيحا، فبقيت غرائزنا تحرك رغباتنا، والرغبة هي الدافع القوي نحو السلوك بكل أشكاله، والحافز نحو الفعل، والحفز كما يقول "دانيل لاجاش" عالم التحليل النفسي الفرنسي حالة من التفكك والتوتر تحرك الكائن الحي الذي لا يهدأ إلى أن يخفض التوتر ويستعيد تكامله وهو ما يسمى بمبدأ الثبات.
إننا أزاء معضلة الوجود السوي، وجود الصحة المقرونة بالأمن، وهذا صلب فن العيش، ويعتمد ذلك على أعتراف الإنسان بالاخفاق أولا رغم أن غالبية الناس لا يعترفون بذلك ويصرحون به، لأن هذا الاعتراف كما يعتقد البعض بأنه ضعف أو الشعور بالمهانة والدونية، لذا فانهم بنوا لأنفسهم واجهة من الحماية التي تمنع مشكلات من أن تمسهم ولكن هذا غير صحيح أطلاقًا، مثل المصاب بمرض السرطان الذي ينخر في جسمه ولا يعترف بوجوده وانتشاره، إنهم يخشون الظروف الجديدة التي لا يتحملها ضعفهم ، وموقفهم واحد هو التصلب.
وتبين الدراسات النفسية أن غالبية المخاوف والشك والوساوس والصراعات النفسية الداخلية، أنها توقف التطور النفسي الإنساني، وتوقف التغيير في السلوك والتعامل اليومي، أنهم إذن اشخاص أصيبوا بالعطل النفسي والمجهلة بما يحيط بهم.
يقول عالم التحليل النفسي" صلاح مخيمر" أن السوية تنحصر في هذا التعايش السلمي القائم على الاحترام المتبادل للحدود الفاصلة بين العالمين، بينما تكون العصابية "الاضطرابات النفسية" في هذا التسلل غير الشرعي لبعض عناصر العالم الداخلي، فإذا ما بلغ التسلل حد الاجتباح الشامل أو ما يقترب من ذلك لعالم الخارج فعندئذ تكون الذهانية" الاضطرابات العقلية". وقولنا في الأخير ما أكثر الشخصيات في الشخصية الواحدة وبالاخص في مواجهة الأزمات والكوارث والاوبئة، نتمنى في أن يستطيع أي منا أن يوحد شخصياته المتعددة في داخلة في شخصية واحدة لمواجهة أزمات الكون الداخلية والخارجية من أجل حالته السوية.
* استاذ جامعي
* باحث في علم النفس والصحة النفسية



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المثقف في العالم الثالث أزمة وجود
- شخصياتنا في مواجهة الأزمات
- الحياة والموت رؤية نفسية إجتماعية فلسفية
- العالم بين العُصاب والإغتراب
- محنة -فايروس الكورونا-ِ بين تأثير إيحاءالإعلام ووساوس الناس
- كورونا حالة ذعر جمعي عالمي مبحث نفسي – إجتماعي
- اتجاهاتنا ..وإنفعالاتنا وسلوكنا!!
- الصراع وقبول الآخر..مبادرة السيد عمار الحكيم
- للمواطن حقوق
- شخصية الإنسان .. والارادة
- سلوك الإنسان..بين الربيع والخريف!!
- دولة المواطن..متى تبدأ؟
- نحنُ والمواطن..إلى أين؟
- من أجل المواطن..إشكالات وطنية!!
- عمل وأداء ومناسبة عظيمة في كلية الفنون الجميلة بجامعة واسط
- الرضا النفسي ..حجر الزاوية في الصحة والإضطراب النفسي
- التكيف النفسي ..الشعور بالقدرة!!
- دراسة عن تربوية إمتحان الدور الثالث لطلبة السادس الاعدادي
- الدولة والبناء النفسي للإنسان!!
- الدين ..وتربية الذات


المزيد.....




- أول تعليق رسمي جزائري على سقوط الأسد والموقف من الاعتراف بال ...
- كييف تحث دمشق على طرد القوات الروسية، واشتباكات بين -قسد- وف ...
- العذابات تكمن في التفاصيل.. شهادات مرضى مستشفى كمال عدوان عم ...
- عرَاب كامب ديفيد ووصمة إيران.. إرث كارتر في الشرق الأوسط
- تونس.. تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات وإلقاء القبض على 3 ...
- العراق.. تنفيذ عملية نوعية ضد -داعش- بين صلاح الدين وكركوك و ...
- السعودية.. ضبط شبكتين لتجارة المخدرات فيهما مسؤولون من جهات ...
- ماسك يصف زيلينسكي بأنه -أكبر محترف نهب وسلب- للولايات المتحد ...
- مزاعم تفيد باتصالات أردوغان مع تل أبيب حول هجمات إسرائيل على ...
- عائلة أقدم سجين سياسي في العالم تكشف عن ضغوطات أمريكية على ف ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - فن مواجهة أزمات الحياة .. فن العيش